الرخويات العملاقة تدلنا على كيفية تطوير خلايا الطاقة الشمسية وشاشات العرض اللوني

اكتشف باحثون في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا University of California, Santa Barbara أن بعض أنواع الرخويات العملاقة تصنع لونها الأبيض بطريقة مشابهة إلى حد كبير لعمل شاشات التلفاز والهواتف الذكية، وذلك عن طريق دمج الضوء الأحمر والأخضر والأزرق.


سيسهم هذا الاكتشاف حديث العهد، الذي نشرته مجلة البصريات Optica عالية التأثير، في تحسين أداء خلايا الطاقة الشمسية وسيوفّر طريقة بيولوجية جديدة لإنتاج أنواع جديدة من وسائل العرض اللوني.


استخدام الطبيعة لتطوير خلايا الطاقة الشمسية

تُعد الرخويات العملاقة الموطن الأصلي للشعاب المرجانية في المحيطين الهندي والهادي، ويمكن أن تعمّر بحدود المئة عام في بيئتها. ورغم أنها تعيش في مياه فقيرة بالمغذيات، إلا أنها تواصل استطالتها لحوالي 47 إنشاً بفضل عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها طحالب تكافلية موجودة ضمن أصداف الرخويات. في هذه العلاقة التبادلية النافعة للطرفين، تحصل الرخويات على الكربوهيدرات الناتجة عن عملية التركيب الضوئي، بينما تشكل فضلات هذه الرخويات الغنية بالنتروجين المغذيات الضرورية لنمو الطحالب.



تم التركيز في هذه الدراسة الجديدة على السطح الفاصل بين هذه الرخويات والطحالب المتصلة بها، في مجموعة خلايا مطلقة للضوء تنتجها هذه الرخويات على حافة صدفاتها. وتصدر هذه الخلايا مجموعة باهرة من الألوان من ضمنها الأزرق والأخضر والذهبي وفي مرات نادرة اللون الأبيض.



يقول أميتاب غوشال Amitabh Ghoshal باحث في دراسات ما بعد الدكتوراة، في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، والمسؤول الأول عن الدراسة: "نقوم الآن بدراسة الرخويات لنرى كيفية تفاعل خلاياها المضيئة مع الطحالب لدعم عملية التركيب الضوئي. على غرار خلايا الطاقة الشمسية، تقوم عملية التركيب الضوئي على تحويل الضوء إلى طاقة. وإذا تعرفنا أكثر على نظام الرخويات في تجميع الضوء يمكننا المضي قدماً اتجاه إنتاج خلايا شمسية تحول الضوء إلى طاقة بكفاءة أعلى".

رخويات الزعفران (Crocus) العملاقة.  حقوق الصورة: "تريداكنا كروسيا" التقطت من قبل نوب غود نك هوب غود Nhobgood Nick Hobgood
رخويات الزعفران (Crocus) العملاقة. حقوق الصورة: "تريداكنا كروسيا" التقطت من قبل نوب غود نك هوب غود Nhobgood Nick Hobgood
يعمل فريق البحث بكل تنظيم على دراسة الألوان الصادرة عن هذه الرخويات لكي يصلوا بالنتيجة إلى معلومات مفصّلة عن الطبيعة الحيوية والآلية المستخدمة في إنتاج الألوان. كما اشترى الباحثون رخويات حية من نوع تريداكنا ماكسيما Tridacna maxima وتريداكنا ديراسا Tridacna derasa، كلاهما إما تمت زراعتها في مزرعة أو جُمعت من موطنها الأصلي بعناية، وذلك لدراسة التلون بالأبيض النادر الحدوث.
 

فوجئ الباحثون بأنّ كلا النوعَين تستخدم آلية مختلفة عن الأخرى في مزج الألوان لإصدار اللون الأبيض. إذ ينتج الأبيض في تريداكنا ماكسيما عن الاصطفاف المتراصّ للخلايا المضيئة الملونة، في حين ينتج الأبيض في تريداكنا تيراسا عن خلايا إفرادية متعددة الألوان تظهر بيضاء للعين.


يعلق غوشال على هذا: "على حد علمنا، فإنه لا يوجد سبب أو فائدة وراء الفرق بين خلايا منفصلة مختلفة الألوان، وخلايا مفردة كل منها متعددة الألوان. ربما تملك إحداهما مورثات تمنحها تكوين لون واحد، بينما تسمح مورثات الأخرى لها بتشكيل الألوان الأخرى، ولكننا لسنا على يقين بذلك".

القدرة على العرض الانعكاسي للّون

بغض النظر عن اختلاف طريقة تشكيلها للون الأبيض، فإن كلا صنفي الرخويات يُنتج الضوء الأبيض عبر مزج مجموعة ألوان، على غرار أجهزة العرض الإلكترونية الموجودة في شاشات التلفاز والأجهزة الذكية ولوحات الإعلان الإلكترونية التي تقوم بدمج الضوء الأحمر والأزرق والأخضر لعكس اللون الأبيض. وعلى أي حال، فإن معظم شاشات العرض في الوقت الحاضر تقتضي توليد الضوء بنظام LEDs أو من مصدر آخر للضوء، بينما تحتاج هذه الرخويات إلى ضوء الشمس فقط. إذ تحتوي خلاياها المضيئة على تركيبة بروتينية صغيرة ومتعددة الطبقات تعمل كالمرآة فتعكس الضوء بأطوال موجية متعددة لإنتاج الألوان.



يقول غوشال: "إذا استطعنا إنتاج وتوجيه بنى تولد الألوان شبيهة لتلك الموجودة في الرخويات، فقد نتمكن من بناء أجهزة عرض عاكسة للألوان تعمل بدعم من مصادر الضوء المحيطة مثل ضوء الشمس أو الإضاءة الطبيعية المحيطة في الأماكن المغلقة. يمكن أن يسهم إنتاج الضوء بالطريقة نفسها التي تنتجها الرخويات العملاقة في توفير هواتف ذكية وأجهزة لوحية وشاشات تلفزة تعمل بطاقة أقل وضرر أقل على العيون".



تحليل موضعي دقيق


درس الباحثون هذه الرخويات باستخدام التقنيتين المجهرية والمطيافية (التحليل الطيفي) بهدف إجراء قياس دقيق لكل من لون وكمية الضوء المنعكس من الخلايا الإفرادية. وبهذه المعطيات يمكنهم مثلاً معرفة ما إذا كان ظهور الرخويات في مكان ما باللون الأبيض الناصع ناتجاً عن خلايا قليلة العدد ذات انعكاسية عالية للضوء أو عن عدد كبير من الخلايا بانعكاسية منخفضة للضوء. لتطبيق الدراسة المطيافية على نطاقات خلوية وأخرى تحت خلوية، استخدم الباحثون مقياس الطيف الضوئي عالي الدقة، الذي صُمم في الدراسة السابقة عن البنى الانعكاسية في الخلايا الجلدية للحبار.



يقول غوشال: "إن من الصعب تعيين طيف ضوئي إفرادي في خلية صغيرة تعكس عدة ألوان، رغم المحاولات المُلحّة وتجربة الوسائل المختلفة".



يحاول الباحثون الآن إنتاج خلايا شمسية ببنى شبيهة لتلك الموجودة في الرخويات لمعرفة فيما إذا كان بالإمكان تحسين كفاءة الخلايا الشمسية الاصطناعية. 



يتابع غوشال: "إذا استطعنا الاستفادة من هذه الرخويات في بناء نظام منتشر، وجامع للضوء بكفاءة عالية، سنتمكن من إنتاج خلايا شمسية ثلاثية الأبعاد تحتاج مساحةً أقل مقارنة بمزارع الطاقة الشمسية الحاليّة المنتشرة على اليابسة أو فوق السطوح."

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات