اليابسة تواجه ارتفاع مستوى سطح البحر

سمحت قياسات جديدة قادمة من قمر صناعي تابع لوكالة ناسا للباحثين وللمرة الأولى بقياس وتحديد تأثير الزيادة في مخزون المياه السائلة على اليابسة،والتي نتجت عن تغيرات المناخ وتأثيرها على معدّل ارتفاع منسوب مياه البحر. 

 


أظهرت دراسة جديدة أجراها العلماء في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا (JPL) في باسادينا، كاليفورنيا، وجامعة كاليفورنيا، إيرفاين، أنه في الوقت الذي تستمر فيه الصفائح والأنهار الجليدية في الذوبان فإن تغيرات في الطقس والمناخ على مدى العقد الماضي قد دفعت قارات العالم لامتصاص وتخزين 3.2 تريليون طن إضافي من الماء في التربة والبحيرات ومكامن المياه الجوفية، وهذا ما جعل معدل ارتفاع مستوى سطح البحر يتباطأ حوالي 20 في المئة.



شملت غلبَةَ المياه على حساب اليابسة جميع أرجاء الأرض، فالكمية الإجمالية لهذه الزيادة تساوي حجم بحيرة هيورُن، سابع أكبر بحيرة في العالم. نُشرت هذه الدّراسة في شهر شباط/ فبراير 2016، العدد 12 من مجلة ساينس Science.



خزّنت القارات كمياتٍ متزايدة من الماء في العقد الماضي، مما سبّب في تباطؤ وتيرة ارتفاع مستوى سطح البحر.  في الصورة: الحديقة الوطنية في الولايات المتحدة.
خزّنت القارات كمياتٍ متزايدة من الماء في العقد الماضي، مما سبّب في تباطؤ وتيرة ارتفاع مستوى سطح البحر. في الصورة: الحديقة الوطنية في الولايات المتحدة.
تتبخّر كميات ضخمة من الماء من المحيطات في كل عام، ثم تتساقط على الأرض على شكل أمطار وثلوج، وتعود إلى المحيط عبر الجريان السطحي وتدفّق الأنهار، وهذا ما يُعرف بالدّورة الهيدرولوجية العالمية. يعرف العلماء منذ فترة طويلة أن التغيّرات الطفيفة في دورة مياه الأرض قد تؤدّي إلى تغيّرات كبيرة ولو مؤقتة في معدّل ارتفاع منسوب مياه البحر، لكنهم لم يعرفوا مدى ضخامة هذا التأثير بسبب عدم وجود الأدوات اللازمة لقياس هذه التغيرات على نطاق عالمي.



أمّن إطلاق القمرين الصناعيين التوأمين لصالح مشروع ناسا لقياس تغيرات الجاذبية واختبارات المناخ (GRACE) في عام 2002 أول أداة قادرة على قياس هذه التغيرات. من خلال قياس المسافة بين القمرين الصناعيين أثناء دورانهما حول الأرض بدقة تصل لعرض شعرة إنسان قياسية، يستطيع الباحثون تسجيل تغيرات قوة جاذبية الأرض الناتجة عن حركة الماء على سطح اليابسة. سمح تحليل دقيق لهذه البيانات للباحثين بقياس تغير تخزين المياه ضمن اليابسة.



قال جي تي ريجر J.T. Reager، المؤلف الرئيسي في مختبر الدّفع النفّاث الذي بدأ هذا المشروع البحثي كطالب دراسات عليا في جامعة كاليفورنيا، إيرفاين: "لطالما اعتقدنا أن اعتماد النّاس بشكل متزايد على المياه الجوفيّة لأغراض الرّي والاستهلاك يؤدي بالمحصلة إلى انزياح المياه من اليابسة إلى المحيط. ما لم ندركه حتى الآن أن تغيرات في دورة المياه العالمية قد عوضت بشكل أكبر المفاقيد الناتجة عن ضخ المياه الجوفية مما جعل اليابسة تتصرف مثل الإسفنجة". 



و أضاف ريجر: "هذه البيانات الجديدة حيوية لفهم اختلاف تغيرات مستوى سطح البحر، وهي تشكل عاملاً أساسياً مكملاً لتوقعات طويلة الأمد بشأن ارتفاع مستوى سطح البحر والتي تعتمد على ذوبان الجليد وارتفاع حرارة المحيطات".



وقال جاي فاميغلييتي Jay Famiglietti، أستاذ علوم منظومة الأرض في جامعة كاليفورنيا، إيرفاين وكبير علماء المياه في مختبر الدفع النفاث والمساهم الأكبر في البحث: "هذه أول دراسة لمراقبة الأنماط المتغيرة لتخزين المياه على اليابسة وأثرها في تعديل النسب الحالية لارتفاع مستوى سطح البحر. بدون شك، سوف يدقّ عملنا ناقوس الخطر حول تأثيرات تغير المناخ المحتملة على تعديل أنماط توفر المياه العذبة، فضلاً عن إمكانية تعديل النسب المستقبلية لارتفاع مستوى سطح البحر عن طريق إدارة كمية المياه المخزنة على اليابسة".



و أشار فاميغلييتي إلى أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها لمراقبة الأنماط العالمية من التجفاف والترطيب على اليابسة، حيث تزداد المناطق الرطبة رطوبة وتزداد المناطق الجافة جفافاً، وقال: "إن هذه الأنماط تتفق مع التوقعات في ظروف ارتفاع درجة حرارة المناخ، لكننا سنحتاج إلى سجل أطول من البيانات حتى نفهم بشكل كامل السبب الكامن وراء هذه الأنماط وفيما إذا كانت ستستمر".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات