الكلمات المستخدمة في الآثار الأدبية وعلاقتها بقيم الأمم

دراسةٌ تقودها جامعة كاليفورنيا تحلل أكثر من 270,000 كتابٍ نُشِرت على مدى أربعة قرون.


 قالت البروفيسورة باتريشيا جرينفيلد من جامعة كاليفورنيا أن الدراسة أظهرت "دليلاً على زيادة التوجه نحو مذهب الفردية، وذلك في انسجامٍ مع الزيادة في التحضر، وزيادة الثراء، وزيادة مستويات التعلم".



في الوقت الذي مرت فيه الصين بتغيراتٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ سريعةٍ في العقود الأخيرة، لوحظ أن هناك زيادةٌ مرافقةٌ للقيم الفردية والتي انعكست في الكلمات التي استخدمها المؤلفون الصينيون في كتبهم.



قام رونغ زينغ Rong Zeng، وهو طالبٌ متخرجٌ من جامعة بكين النظامية في الصين، وهو باحثٌ زائرٌ في جامعة كاليفورنيا، وكذلك باتريشيا جرينفيلد Patricia Greenfield، بروفيسورة متميزة في علم النفس في جامعة كاليفورنيا، بتحليل الكلمات المستخدمة في 277,189 كتاباً باللغة الصينية نُشرت بين عامي 1970 و 2008. وقد نُشِرت نتائج بحثهما في عدد شهر شباط/فبراير في دورية International Journal of Psychology.



اختار الباحثان 16 كلمةً كانا قد قررا أنها مقتطفٌ نموذجيٌّ يمثل القيم الموجودة في الثقافة الصينية، ثم قاما باستخدام Google Ngram Viewer، وهي أداةٌ مجانيةٌ على الإنترنت، من أجل تحديد معدل تكرار هذه الكلمات في النصوص.



قالت جرينفيلد: "وجدنا دليلاً على زيادة التوجه نحو الفردية، وذلك في زيادةٍ منسجمةٍ مع زيادة التحضر، وزيادة الثراء، وزيادة مستويات التعلم".

ومن بين نتائج الدراسة


  • ازداد استخدام الكلمة "شيوعي" خلال الثورة الثقافية، وبالتحديد خلال عامي 1970 و 1976، ثم انخفض استخدامها خلال الثمانينيات. (قامت الصين بإطلاق مجموعةٍ من الإصلاحات الاقتصادية في 1978، ولا يزالون مستمرين في ذلك حتى يومنا هذا).

  • استُخدمت كلمة "استقلالية" فقط بمقدار ثلث استخدام كلمة "طاعة" (امتثال) في 1970. وفي 2008، انقلبت هذه النسبة؛ بحيث أن كلمة "استقلالية" ظهرت ثلاث مراتٍ أكثر من كلمة "طاعة".

 

  • ازداد استخدام كلماتٍ من مثل "اختيار" و"نافِس" و"خاص" و"استقلال"، وهو الأمر لذي يشير إلى زيادةٍ في نسبة القيم الفردية، الأمر الذي يتزامن والزيادات الحادة في السكان الحضر، وفي الاستهلاك المنزلي العائلي، وفي مستويات التعليم.

 

  • قلَّت نسبة استخدام الكلمات التي تعكس القيم الشيوعية، من مثل "مساعدة" و"تضحية".


للحق، فإن هذه الدراسة وجدت ازدياداً في نسبة استخدام الكلمات التي تعكس قيماً شيوعيةً، مثل "مُلزَم" و"أعطِ"، وذلك خلال تلك الفترة التي جرت عليها الدراسة. ولكنّ هذا الازدياد كان بمعدلٍ أقل بكثيرٍ من معدل الازدياد الحاصل في الكلمات التي تعكس القيم الفردية.


وفي مفارقةٍ واضحة، في دراسةٍ سابقةٍ لجرينفيلد، والتي قامت فيها بتحليل الكتب الأمريكية، وجدت جرينفيلد أن استخدام الكلمتين "مُلزَم" و"أعطِ" قد قلَّ بشكلٍ كبيرٍ ما بين العامين 1800 و 2000، وذلك خلال الفترة التي انتقل فيها المجتمع الأمريكي من كونه مجتمعاً ريفياً في أغلبه، إلى مجتمعٍ تغلب عليه صفة المدنية.


قام الباحثان، بانيَيْن كلامهما على نظرية التغير الاجتماعي والتطور البشري لجرينفيلد، بافتراض أن استخدام كلماتٍ محددةٍ في الأدب الصيني سيزداد ويتضائل على مراحل متعاقبةٍ تعكس التكيف النفسي للتغيرات الثقافية الاجتماعية، وقد أيدت بياناتهما فرضيتهما هذه.
 

كتب زينغ وجرينفيلد: "بتركيزنا على الفترة الواقعة ما بين 1970 و2008، فقد بينت دراستنا أمراً قد يُعتبر أحد المنعطفات الحادة في مسار التطور الاجتماعي والتطوري للصين، وهو مسارٌ يعتبر مساراً متعرجاً" ويكملان: "أدت الإصلاحات الاقتصادية بالمجتمع الصيني إلى طريقٍ يشجع الإنجاز الفردي ومذهب المادية والعمل الحر. وقد جلب هذا الانتقال الكبير تغيراتٍ عظيمةٍ للمجتمع الصيني، كما إنه يمثل تحدياً كبيراً للقيم الصينية التقليدية، ولأساليب حياتهم".


استخدم زينغ وجرينفيلد أداة Ngram Viewer التي طورتها جوجل، والتي تستطيع عدَّ نسبة تكرار الكلمات في آلاف الكتب في قاعدة بيانات Google Books، في غضون ثوان.


أخذت الدراسة بالحسبان الاختلافات اللغوية ما بين الإنجليزية والصينية. فعلى سبيل المثال، من أجل تفادي المعاني العامة جداً، قام زينغ بتحليل الكلمات المكونة من مقطعين فقط. (أغلب الكلمات الصينية المستخدمة تتكون من مقطع أو اثنين). ومن أجل إيجاد الترجمات الأكثر مناسبةً من غيرها، قام زينغ بالاستعانة قاموس Oxford Advanced Learner’s English-Chinese Dictionary، وOxford Chinese Dictionary، وthe Modern Chinese Dictionary.


بالإضافة إلى ذلك، فقد استشار زينغ اثنين من المتحدثين المحليين الصينيين من خلفيتين ديموغرافيتين مختلفتين؛ فقد استشار رجلاً ذا 26 عاماً يمتلك شهادةً في القانون، وامرأةً في الـ 58 من العمر تمتلك شهادةً في الأحياء. وقام هذان الشخصان بالحكم على الكلمات واحدةً واحدة من حيث سياق استخدامها، وأهميتها، والمعاني التي تدل عليها بحسب المجتمع الصيني. وافق كلاهما -بشكلٍ منفصل- على أن الكلمات التي استخدمها الباحثان جميعها هي كلماتٌ تستخدم بشكلٍ شائعٍ من أجل أن تمثل القيم الصينية الهامة.


قالت جرينفيلد أن التغيرات الاجتماعية-الديموغرافية هي تغيراتٌ عالمية. كما إنها تخطط أن تقوم بدراساتٍ مماثلةٍ للغات الإسبانية، والفرنسية، والروسية.
 
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات