ستيفن هوكينغ يبدأ مشروعا طموحا للوصول إلى نجم الفا قنطورس

أعلن عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينج Stephen Hawking والملياردير الروسي يوري ميلنر Yuri Milner عن مبادرة بقيمة 100 مليون دولار لاستكشاف ألفا قنطورس الذي يعدّ أقرب نظام نجمي إلى مجرتنا. يدعى هذا المشروع الجديد باسم: (Breakthrough Starshot)، ويهدف إلى استكشاف التقنيات اللازمة من أجل صناعة مركبة فضائية صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية، وتستطيع الوصول إلى ألفا قنطورس في غضون 20 عامًا فقط.

سيتولى قيادة هذا المشروع العلمي بيت وردين Pete Worden المدير السابق لمركز أبحاث آميز التابع لوكالة ناسا، كما سينضم كل من مارك زوكربيرج المؤسس والمدير التنفيذي لفيسبوك و هوكينج وميلنر بصفتهم مشرفين على هذا المشروع.


 

الهدف النهائي من Breakthrough Starshot هو تحديد الجدوى من عملية إرسال مركبة فضائية خفيفة الوزن للغاية، ومدمجة بشكل فائق، إلى ألفا قنطورس. تكمن الفكرة هنا في استخدام مركبات تعتبر بمثابة نسخة فضائية عن القوارب الشراعية. وقد أُطلق على هذه النوع من المركبات اسم الشراع الضوئي (lightsails)؛ وذلك نظرا لاستخدامها طاقة الضوء كقوة دفع. ولا يعدّ هذا النوع من المركبات جديداً أبداً، فقد أطلق بيل ناي Bill Nye ومنظمة الدراسات الكوكبية مركبة مشابهة في السنة الماضية. إنّ مركبة lightsail تستخدم، في العادة، ضوء الشمس أو الرياح الشمسية كقوة دفع، إلا أنّ الصيغة التي اقترحها ميلنر ستسخدم، بدلا من ذلك، مصفوفة ليزرية عملاقة لدفع المركبة نحو ألفا قنطورس.

يبلغ عرض أشرعة مركبة Starshot عدة أمتار، أما سماكتها فتبلغ بضع مئات من الذرات، وهي ذات كتلة صغيرة جداً، و ستسحب خلفها مركبة فضائية أصغر منها وهي ما يسميها ميلنر بـ رقائق النجوم (StarChips).


ولعلّ أحد أهداف إطلاق مركبة Starshot هو إيجاد طريقة تجعل هذه الشرائح أكثر رقة على الرغم من وجود العديد من الأجهزة داخلها كالكاميرات وأجهزة الاستشعار ومصادر الطاقة ومعدات الاتصال والملاحة، بالإضافة إلى محركات دفع فوتوني تستخدم في المناورة. وفي هذا السياق، يعتبر ميلنر أن التقدم الكبير في تكنولوجيا النانو سيجعل من عملية تطوير هذه الشرائح النجمية أمراً ممكن الحدوث.

ستستخدم مركبة Starshot أجهزة الليزر بالإضافة إلى الأشرعة الضوئية.

يعدّ ألفا قنطورس أقرب نظام نجمي إلينا، وهو يبعد عنا مسافة تقدّر بأربع سنين ضوئية (25 تريليون ميل). ولتوضيح مدى المسافة الكبيرة، يكفي القول أن مركبة فوياجر 1 التي سافرت بسرعة 40 ألف ميل في الساعة لمدة 40 سنة تقريبا، لم تقطع إلا ما نسبته 0،0005% من المسافة الكلية إلى ألفا قنطورس. ومن أجل أن تصل إلى ألفا قنطورس خلال 20 سنة، فإنّ على المركبة الفضائية Starshot أن تتحرّك بسرعة أكبر من 134 مليون ميل في الساعة. 


مركبة Starshot هي في الحقيقة مجرد مشروع بحثي، أما تكلفة البعثة الفعلية فستكون أكبر من ذلك بكثير.

تشكّل المهمة المقترحة لمركبة Starshot برنامج الاستثمار الرئيسي الذي يديره ميلنر. ووفقا لمبادرات Breakthrough فإنّ من الواجب تخطّي بعض " العقبات الهندسية الكبيرة" قبل انطلاق أي مركبة فضائية في مهمة شبيهة بتلك التي ستخوضها Starshot.


يتخطى طموح مركبة Starshot جميع مشاريع البعثات العلمية العاملة حالياً. ولا تقتصر التحديات المتعلقة بهذه المهمة على مشكلة السرعة غير المسبوقة التي تحتاجها المركبة للوصول إلى ألفا قنطورس خلال تلك الفترة الزمنية القصيرة، ولا على عملية تطوير الأشرعة الضوئية والرقائق، فالمركبة تتطلب أيضا بنية أساسية تعتبر غاية في الأهمية. على سبيل المثال يحتاج العلماء من أجل إطلاق مركبات فضائية صغيرة (المركبات النانوية) إلى بناء ما يعرف باسم "السفينة الأم"، ومن ثَمّ إطلاقها إلى مدار عالٍ جداً في الفضاء. وفضلا عمّا سبق فلم يتم إلى الآن تطوير مصفوفة أجهزة الليزر التي ستوفر قوة الدفع للمركبة، وهي أيضاً بدورها تحتاج إلى أن تكون في موقع جاف وعلى ارتفاع عالٍ فوق سطح الأرض لكي تعمل.

كما لا يمكننا ، بالطبع، إغفال موضوع التكلفة العالية لهذه البعثة أيضا. فمبادرات Breakthrough تعتبر مركبة Starshot مجرد "برنامج هندسة وأبحاث بقيمة 100 مليون دولار"، ولكنّ التكلفة الفعلية المحددة لهذه البعثة ستكون أعلى من ذلك بكثير. وقد اعترف الباحثون في مبادرات Breakthrough في بيانهم الصحفي بأنّ التكلفة ستكون عالية جداً، إذ قالوا إن المهمة المقترحة تتطلب ميزانية "تقارن بتلك التي تحتاجها أكبر التجارب العلمية الحالية". ومن الجدير ذكره أن هذه التجارب تدار بتكلفة تقدر بمليارات الدولارات.

لا تعتبر هذه المرة الأولى التي يتعاون فيها ميلنر مع هوكينج في مغامرة فضائية، ففي السنة الماضية، خصص ميلنر ما قيمته 100 مليون دولار للبدء بمشروع يدعى (Breakthrough Listen) يهدف إلى زيادة الأبحاث المتعلقة بالحياة خارج الأرض (SETI). وسيسمح ذلك المشروع للباحثين بدراسة مليار نجم تعدّ الأقرب إلى كوكب الأرض، بالإضافة إلى دراسة 100 مجرة فضائية موجودة خارج مجرتنا درب التبانة.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات