انفجار سوبرنوفا يتسبب في تدفق معدنٍ مشعٍ على الأرض

تصور فني لانفجار السوبرنوفا.

المصدر: ESA/Hubble 


اكتشف الباحثون في الجزء السفلي من أكبر المحيطات الأرضية، مجموعة الحطام المشع الصادرة عن انفجاري سوبرنوفا، ويعود تاريخ هطولها على الأرض إلى فترة ما بين 3.2 مليون سنةٍ إلى 1.7 مليون سنة، وعلى الرغم من أن هذا الاكتشاف يعد بحد ذاته مفاجأةً كبيرةً للباحثين، إلا أنهم الآن يمتلكون أدلةً على استمرار هطول الحطام الصادر عن النجوم المتفجرة على الأرض حتى يومنا هذا.

 

استخدم العلماء في بحثهم، الأرصاد المستقاة من المركبة الفضائية ACE التابعة لوكالة ناسا، وقد ساعدتهم تلك الأرصاد في الوصول إلى افتراضٍ مفاده أنه عندما ينفجر نجمٌ ما بشكلٍ قريبٍ نسبياً من الأرض، فإنه سيخلف وراءه نوعاً استثنائياً من المعادن المشعة، يدعى بـ "الحديد -60"، وبالتالي عندما ينفجر نجم ثانٍ، فإنه يعمل على زيادة سرعة حركة ذلك الحطام بشكلٍ يجعله ينتقل تقريباً بسرعة الضوء، وكما تبين للباحثين، فإن هذا الحطام ما زال مستمراً بالهطول على الأرض حتى وقتنا الحالي.

 

الموت هو النهاية الحتمية لكل شيء موجود في الفضاء، بما في ذلك كرات النار الضخمة التي ندعوها بالنجوم، عندما تصل النجوم إلى نهاية عمرها، فإنها تنفجر في حدثٍ يعد الأكبر في كوننا، ويطلق عليه اسم السوبرنوفا (supernova).


يوجد نوعان من انفجارات السوبرنوفا، يحدث النوع الأول عندما يتآكل نظامٌ نجميٌّ ثنائيٌّ من الداخل، نتيجة استحواذ أحد النجمين الموجودين فيه على كميةٍ كبيرةٍ من مادة النجم المرافق، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف، إلى انفجار النظام ككل على شكل سوبرنوفا، أما النوع الثاني فيحصل بشكلٍ اعتياديٍّ عند وصول النجوم الفردية إلى آخر مرحلةٍ في دورة حياتها.

بناءً على ما سبق، يمكن وصف انفجار السوبرنوفا في النوع الأول بأنه مخيفٌ للغاية، فكأن النجم يموت في هذه الحالة بشكلٍ مشابهٍ لموت الضحايا في فيلم الخطايا السبع (7even)، أما النوع الثاني فهو يشبه الوفاة الطبيعية لرجلٍ محتضرٍ في سريره (ولكن مع انفجاراتٍ أكثر). تحدث الوفاة الطبيعية للنجوم عندما يكبر نجمٌ ما في العمر، وتصبح نواته ثقيلةً جداً، مما يجعل النجم ينفجر من الداخل. تعلق وكالة ناسا على هذا الأمر قائلة: "عندما ينفد الوقود النووي داخل النجم، فإن بعضاً من كتلته يتدفق نحو نواته، وفي نهاية المطاف، تصبح تلك النواة ثقيلةً للغاية إلى درجةٍ لا تستطيع معها مقاومة قوة الجاذبية"، وتكمل الوكالة حديثها مشيرةً إلى أن شمسنا لا تمتلك ما يكفي من الكتلة كي تنفجر على شكل سوبرنوفا.

 

وكما قلنا سابقاً، فإن الحديد-60 هو معدنٌ صادرٌ عن انفجارات النجوم، وقد اكتشف وجوده في قشرة الأرض وتحت قاع المحيط، كما عُثِر عليه أيضاً على سطح القمر، ويعود العمر النصفي للحديد-60 إلى ما قبل 2.6 مليار سنة، وبفضل هذه المعلومة، تمكن العلماء من تحديد الإطار الزمني لهطوله على الأرض في فترةٍ امتدت بين 3.2 مليار و 1.7 مليار سنة.

 وفي سياقٍ متصل، يشير دليلٌ جديدٌ إلى استمرار تدفق هذا المعدن المشع إلى الأرض، ففي ورقةٍ علميةٍ نشرت في مجلة Science، يصف الباحثون أن المركبة الفضائية Ace التابعة لوكالة ناسا، تمكنت من رصد تدفقات الحديد-60 وهي تطفو في الفضاء على مدار الـ 17 سنةً الماضية، وهذا الأمر يعني استمرار وصول قطعٍ من ذلك المعدن المشع إلى المناطق المجاورة لكوكبنا، وبمعنى آخر، فقد رصدنا هذه القطع الصغيرة من المعدن المشع بعد ملايين السنين من هطولها على الأرض لأول مرة. وفي حديثه مع لورين غروش Loren Grush من موقع (The Verge)، يقول مارتن إسرائيل Martin Israel من جامعة واشنطن: "يبدو كل شيء منطقياً، فجميع الأدلة والبيانات التي بحوزتنا تبدو متناغمةً ومتسقة".

 

ووفقاً لكلام غروش، صادفت مركبة ACE تدفقات الحديد-60 بمعدل نواةٍ واحدةٍ تقريباً في كل سنة، الأمر الذي يعني عدم وجود أي شيء يدعو للقلق أو الخوف بخصوص هذه التدفقات. نجح إسرائيل وفريقه في تأكيد أن نوى الحديد-60 ناجمةٌ عن انفجار سوبرنوفا حديث وقريب من كوكب الأرض، يقول إسرائيل في حديثه مع غروش: "إن نجاحنا في رصد تدفقات الحديد-60 هو مؤشر تقريبي على أن تلك الأشعة الكونية تعرضت لزيادةٍ في سرعة حركتها قبل فترةٍ قصيرةٍ نسبياً".

 

يعتقد العلماء أن تلك النجوم انفجرت في العنقود النجمي المشترك بين العقرب وقنطورس (Scorpius-Centaurus) Association)، والذي يبعد عن الأرض حوالي 380 سنةً ضوئية. ويقول أنطون وولنر Anton Wallner، وهو فيزيائيٌّ في الجامعة الوطنية الأسترالية، كما هو مؤلف إحدى الورقات العلمية التي نشرت حديثاً في مجلة Nature: "على الرغم من أن جسيمات الحديد-60 تعود إلى عدة مصادر مختلفة، إلا أنها تشير إلى حدوث نفس السيناريو، كما أنها منسجمةٌ مع سيناريو حدوث عدة انفجارات سوبرنوفا بالقرب من الأرض خلال بضعة ملايين من السنين الماضية".


 وبالنظر إلى كل ما سبق، يمكننا الجزم بعدم وجود أي داعٍ للقلق حيال هذه التدفقات المستمرة، ما لم تؤدي طبعاً إلى العبث بمناخ الأرض، تعد تدفقات الحديد-60 بمثابة تذكيرٍ لنا بأنه على الرغم من أننا نشعر بالأمان ونعيش فوق كوكبٍ مثاليٍّ للسكن والحياة، فإننا ننتمي إلى جوار كوني نشط للغاية، ومن يدري، ربما سنتيقظ في أحد الأيام لنجد في فناء منزلنا بعضاً من الحطام الغريب القادم من الفضاء

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات