ما هو ابتكار العام؟

دعني أخبرك عن أفضل تكنولوجيا تم تطويرها السنة الماضية، هل هي هاتف جديد؟ أو هي تطبيق؟
لا، صدق أو لا تصدق، ولكنّها نوع جديد من وصلة (Universal Serial Bus –USB) المعروفة.


تدعى هذه الوصلة الجديدة بـUSB-C، ولها نهايتين متماثلتين، مما يسهل استخدامها. كما أنّ كل نهاية متناظرة بحد ذاتها، حيث لا يوجد طرف علوي أو سفلي لها.


يمكن لـ USB-C أن تَستبدل أربع وصلات jacks مختلفة في الجهاز الخاص بك: البيانات، والفيديو، والطاقة، إضافة إلى الصوت عمّا قريب. نعم؛ وصلة واحدة قادرة على التعامل مع ذاكرة Flash، والأقراص الصلبة، والشاشات، وأجهزة الإسقاط، وشاحن الجهاز وسمّاعات الرأس (في آنٍ واحد، إذا توفرت وصلة splitter -ذات عدّة مداخل ومخرج وحيد). ومع ذلك، فإنّ الوصلة صغيرة كفاية لتتلاءم مع الهواتف والأجهزة اللوحيّة، وقوية وثابتة بما فيه الكفاية لتتلاءم مع الحواسيب العاديّة والمحمولة.


ستتمكن جميع الأجهزة أيًّا كان منشؤها من استخدام الوصلة ذاتها. حيث ستستطيع استخدام شاحن هاتفي من إنتاج Google لتشحن حاسبك المحمول من Apple أو جهازك اللوحي من Microsoft. وبالتالي، لا مزيد من الوصلات غير الملائمة والملقاة بلا جدوى هنا أو هناك.


وبعبارة أخرى، تمثّل وصلة USB-C البداية لعالم الوصلة الموحّدة.


حتّى أنّ وجود هذه الوصلة هو معجزة بحد ذاته، وذلك بالنظر إلى ما قد أصبحت عليه الأعمال والشركات الكبيرة المعتمدة على ملحقات الأجهزة. فعلى سبيل المثال، تجني شركة Apple كميّة هائلة من الأموال فقط من بيع الوصلات، حيث يتهمها النقّاد بتغيير نوع الوصلات عمدًا في سبيل زيادة مبيعات الملحقات. من منا يمكنه استخدام وصلة شحن من إصدار عام 2009 مع MacBook للعام 2013؟


شركة Apple ليست الوحيدة في أفعالها هذه، فكلفة الشاحن العادي لحواسيب Windows المحمولة تتراوح من 60 إلى 80 دولارًا.


عمل البعض من هذه الشركات الكبيرة جنبًا إلى جنب لتطوير الوصلة USB-C، ثم انضم إليهم العديد بتبني هذه الوصلة.


لكن السؤال هنا هو: لماذا؟ لمَ قد يقوم هؤلاء المتنافسون بالعمل سويّة لصنع نوع من الشواحن التي تعمل مع جميع الأجهزة بمختلف العلامات التجارية، ويتخلوْن بذلك عن الصناعة المستقلّة للشواحن بهذه السرعة؟

كريس ويتزل Chris Whetzel
كريس ويتزل Chris Whetzel

يعمل براد سوندرز Brad Saunders لدى شركة Intel، وهو مدير مجموعة التطوير للوصلة USB 3.0، والأخيرةُ هي مجموعةٌ من ست شركات اجتمعت لتصميم الوصلة USB-C (المجموعة تتضمّن Intel وHewlett Packard وMicrosoft). ويخبرنا بأنّ السبب الرئيسي لتصميم الوصلة كان زيادة السرعة؛ حيث أن وصلة USB العاديّة ذات الـ20 عامًا لم يعد بالإمكان رفع سرعتها أكثر من ذلك.


يقول Brad Saunders: "في الوقت الذي كانت تتطور فيه الحواسيب لتصبح أقل وزنًا وسماكة، أصبحت وصلات الـ USB كبيرة للغاية أمامها. كما أنّها ليست سهلة الاستخدام بالدرجة المطلوبة؛ فطالما وضعنا الوصلة بالاتجاه الخاطئ".


لكنّي حتما وجّهت له السؤال التالي: إنّ الشركات المساهمة كانت تعلم أنّ تصميم وصلة موحّدة للجميع يعني أنّها ستخسر الكثير من الأموال الواردة من مبيعات الشواحن الخاصّة بكل شركة على حدة.


فقال معترفاً: "حسنا، إنّ أهم شيء في وظيفتك هو جمع النقود لشركتك". ثم أضاف: "لكنّنا أصبحنا مدفوعين مع الوقت بفكرة أنّه يمكننا تغيير العالم إلى الأفضل. فإذا تمكنّا من توحيد جميع مزوّدات الطاقة، فسنقلل من حجم المهملات. وقد بدأنا ندرك أنّنا قد نكون ذوي تأثير حقيقي بالفعل".


إنّه لمن الغريب رؤية كل هؤلاء المتنافسين فطريًا يعملون سويّةً، وجنبًا إلى جنب، لوضع معايير جديدة لتعم الفائدة المشتركة على الجميع. كم مرّة يمكن للعالم أن يعمل بهذه الطريقة؟


يقول جيف رايفنكرافت Jeff Ravencraft، وهو رئيس المجموعة التنفيذية للـ USB: "العمل في مجال المعايير غريب نوعًا ما، حيث تعمل الشركات سويّة لصناعة كعكة أكبر، ولتوسيع السوق من أجل منتجاتهم. ولكن، حالما يتم إعدادها، تراهم ملزمين بالتنافس للحصول على القسم الأكبر من الكعكة. فأنت تتعاون في البداية، ثم تدخل في منافسة حادة في النهاية".


لقد بُدئ استخدام الوصلة بالفعل، حيث أنّ بعض الهواتف والأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة التي صدرت مؤخراً من Google وApple وMicrosoft وSamsung وغيرهم، تأتي مجهّزة بوصلة USB-C متأصّلة في الجهاز.


قد يتبادر إلى ذهنك أنّه لن يغمر الحماس لوصلة USB-C إلا من يتابع هذا الأمر عن كثب. ومع ذلك، فإنّ السنوات القادمة ستجعل هذا الابتكار سببًا لتوفير مئات الدولارات التي تصرفها على الوصلات المكرّرة والمحولات والشواحن. كما سيسمح لمعداتنا بأن تصبح أصغر وأسرع، كما ستوفّر المزيد من المساحة في الأدراج والصناديق والحقائب. والأهم من ذلك، هو إبقاء أطنان من المهملات الالكترونية بعيدًا عن مكبّات النفايات.


إن لم يكن ذلك سببًا كافيًا لترشيح الـ USB-C لتكون ابتكار العام، فلا أعلمُ أي الابتكارات سيكون قادراً على ذلك.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات