سفينة الفضاء نيوهورايزنز تملأ فراغاً في رصد البيئة الفضائية


عندما تجاوزت نيوهورايزنز New Horizons بلوتو بسرعة في 14 تموز/ يوليو عام 2015، التقطت الصور الأفضل على الإطلاق لسطح العالم الصخري، لتعطينا نظرةً جديدةً لجيولوجيته، في المحتوى والغلاف الجوي. هذه الصور المذهلة هي الأكثر شهرةً لنيوهورايزنز، لكن سفينة الفضاء أيضاً، أرسلت وخلال ثلاث سنواتٍ، قياساتٍ قيمةً للرياح الشمسية -التدفق الثابت للجسيمات الشمسية التي تقذفها الشمس في الفضاء- من منطقةٍ زارتها سفنٌ فضائيةٌ معدودة.


تعطينا الأرصاد التي لم يسبق لها مثيل لمحةً خاطفةً بشكلٍ كاملٍ تقريباً، للجزء غير المكتشف من بيئة فضائنا، وتملأ فراغاً حساساً مما رصدته بعثات أخرى أقرب للشمس، وما رصدته سفينة الفضاء فوياجر Voyager. ستظهر دراسة جديدة لملحق مجلة الفيزياء الفلكية، حول أرصاد نيوهورايزنز لأيونات الرياح الشمسية التي صادفتها في رحلتها.

معطيات بيئة الفضاء المجمعة من قبل نيوهورايزنز خلال مليار ميل من رحلتها إلى بلوتو، ستلعب دوراً أساسياً في اختبار وتطوير نماذج للبيئة الفضائية خلال النظام الشمسي. التصور هو مثال واحد لهكذا نموذج: إنها تظهر محاكاة البيئة الفضائية لبلوتو لعدة أشهر قبل أقرب وصول لنيوهورايزنز.  المرسوم في النموذج هو طريق نيوهورايزنز حتى 2015، بالإضافة إلى الاتجاه الحالي لسفينتي الفضاء فوياجر، اللتين هما حالياً أبعد بثلاث أو أربع مراتٍ عن مسافة نيوهورايزنز عن الشمس.  الرياح الشمسية التي صادفتها نيوهورايزنز ستصل إلى فوياجر لاحقاً خلال سنةٍ. ملكية الصورة: مركز جودارد لرحلات الفضاء وستوديو التصور العلمي التابع لناسا، ومركز البحث الجوي الفضائي (SWRC)، ومركز نمذجة المجتمع المنسق (CCMC)، Enlil and Dusan Odstrcil (GMU).
معطيات بيئة الفضاء المجمعة من قبل نيوهورايزنز خلال مليار ميل من رحلتها إلى بلوتو، ستلعب دوراً أساسياً في اختبار وتطوير نماذج للبيئة الفضائية خلال النظام الشمسي. التصور هو مثال واحد لهكذا نموذج: إنها تظهر محاكاة البيئة الفضائية لبلوتو لعدة أشهر قبل أقرب وصول لنيوهورايزنز. المرسوم في النموذج هو طريق نيوهورايزنز حتى 2015، بالإضافة إلى الاتجاه الحالي لسفينتي الفضاء فوياجر، اللتين هما حالياً أبعد بثلاث أو أربع مراتٍ عن مسافة نيوهورايزنز عن الشمس. الرياح الشمسية التي صادفتها نيوهورايزنز ستصل إلى فوياجر لاحقاً خلال سنةٍ. ملكية الصورة: مركز جودارد لرحلات الفضاء وستوديو التصور العلمي التابع لناسا، ومركز البحث الجوي الفضائي (SWRC)، ومركز نمذجة المجتمع المنسق (CCMC)، Enlil and Dusan Odstrcil (GMU).


ما تفعله بيانات نيوهورايزنز هو أكثر من مجرد تزويد لمحاتٍ جديدةٍ للبيئة الفضائية للنظام الشمسي الخارجي، فهذه المعلومات تساعد في تعزيز صورتنا المتنامية لتأثير الشمس على الفضاء، من تأثيرات قرب الأرض إلى الحد حيث تلتقي الرياح الشمسية بالفضاء ما بين النجوم. تظهر المعطيات الجديدة وجود جسيمات في الرياح الشمسية، كانت السبب الذي أدى إلى تنشيط انفجار أولي للطاقة، وهو ما تسبب في حصول دفعة ساهمت في زيادة سرعة حركة الجسيمات وجعلها أعلى من السرعة الأصلية، قد تكون هذه الجسيمات، البذور لجسيمات نشيطةٍ بشكلٍ كبيرٍ تسمى أشعة كونية غريبة. عندما تتنقل هذه الأشعة النشيطة فائقة السرعة بالقرب من الأرض، يمكن أن تشكل خطراً إشعاعياً على رواد الفضاء، بعيداً جداً في طاقات أقل، يُعتقد أن الأشعة تلعب دوراً في تشكيل الحد، حيث الرياح الشمسية تضرب الفضاء ما بين النجوم، وهي المنطقة من نظامنا الشمسي التي حالياً سفينة الفضاء فوياجر ترصد وتسافر.

دراسة الرياح الشمسية 




 

بيانات بيئة الفضاء المجمعة من قبل نيوهورايزنز خلال مليار ميل من رحلتها إلى بلوتو، ستلعب دوراً أساسياً في اختبار وتطوير نماذج للبيئة الفضائية خلال النظام الشمسي. التصور هو مثال واحد لهكذا نموذج: إنها تظهر محاكاة البيئة الفضائية لبلوتو لعدة شهور قبل أقرب وصول لنيوهورايزنز.
مصدر الصورة: مركز جودارد لرحلات الفضاء وستوديو التصور العلمي التابع لناسا، ومركز البحث الجوي الفضائي (SWRC)، ومركز نمذجة المجتمع المنسق (CCMC)، Enlil and Dusan Odstrcil (GMU).


على الرغم من أن الفضاء أكبر بآلاف المرات من أفضل المختبرات الفراغية على الأرض، إلا أنه ليس خالٍ تماماً من المادة، يملأ التدفق المستمر للرياح الشمسية الفضاء بسيل دقيق وضعيف من الجسيمات، والحقول المغناطيسية والغاز المؤين المعروف بالبلازم.. إن الرياح الشمسية بجانب أحداث شمسية أخرى -كالانفجارات الضخمة التي تسمى اللفظ الكتلي الإكليلي- تؤثر على طبيعة الفضاء، ويمكن أن تتفاعل مع النظام المغناطيسي للأرض وعوالم أخرى. هكذا تأثيرات تغير أيضاً البيئة الإشعاعية خلال سفينتنا الفضائية، ويوماً ما رواد فضائنا المتجهين إلى المريخ.

قامت نيوهورايزنز بقياس بنية هذه البيئة الفضائية لأكثر من مليار ميل خلال رحلتها، من ما وراء مدار أورانوس إلى تصادفها مع بلوتو.

تقول هيذر إليوت Heather Elliott، عالمة الفضاء في معهد البحوث الجنوبي الغربي في سان انطونيو، تكساس، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "كان من المقرر أن تقوم الآلة فقط بتشغيل مخارج سنوية بعد عملية تحليق المشتري في 2007"، وتضيف: "جئنا بخطةٍ لإبقاء آلات الجسيم فعالةً خلال خط سير الرحلة، فيما كانت باقي سفن الفضاء في سبات، وبدأت الرصد في 2012".

أثمرت هذه الخطة ثلاث سنواتٍ من الرصد المستمر القريب للبيئة الفضائية، في منطقة في الفضاء قليل من سفن الفضاء كانت قد حلقت فيها، وأقل بكثير من القياسات المفصلة المأخوذة

المعلومات المجمعة بواسطة نيوهورايزنز حول البيئة الفضائية تقريباً بشكلٍ مستمر، منذ بداية 2012 من خلال عمليات تحليقها حول بلوتو، معروضةً هنا في صورةٍ فسيفسائيةٍ من سفينة الفضاء، في 14 تموز 2015، مسلطةً ضوءاً جديداً على الفضاء في جزءٍ غير مكتشفٍ نسبياً من النظام الشمسي. مصدر الصورة: NASA/JHUAPL/SWRL
المعلومات المجمعة بواسطة نيوهورايزنز حول البيئة الفضائية تقريباً بشكلٍ مستمر، منذ بداية 2012 من خلال عمليات تحليقها حول بلوتو، معروضةً هنا في صورةٍ فسيفسائيةٍ من سفينة الفضاء، في 14 تموز 2015، مسلطةً ضوءاً جديداً على الفضاء في جزءٍ غير مكتشفٍ نسبياً من النظام الشمسي. مصدر الصورة: NASA/JHUAPL/SWRL


يقول ايريك كريستيان Eric Christian، عالم فضاء في مركز الطيران الفضائي "جودارد" التابع لناسا في جرينبيلت ماريلاند، وهو يدرس ما يسمى الغلاف الجوي للشمس -المنطقة من نظامنا الشمسي المسيطَر عليها بواسطة الرياح الشمسية- لكن لم ينخرط في هذه الدراسة: "هذه المنطقة تتكون من مليارات الأميال المكعبة، والقليل من السفن الفضائية قد مرت خلال كل عقد"، ويضيف: "نحن نتعلم أكثر من الجميع".

بما أن الشمس هي مصدر الرياح الشمسية، فإن الأحداث التي تحدث في الشمس هي القوى الأولية التي تشكل البيئة الفضائية. الصدمات في الرياح الشمسية -التي من الممكن أن تخلق الجو الفضائي، كالشفق، في عوالم بمجالات مغناطيسية- تخلق إما بواسطة السرعة، غيوم كثيفة للمواد تسمى اللفظ الكتلي الإكليلي أو CMEs، أو بواسطة تصادم تدفقين مختلفي السرعة للرياح الشمسية. هذه المزايا الفردية قابلة للإدراك في النظام الشمسي الداخلي، لكن نيوهورايزنز لم ترى نفس المستوى من التفاصيل.

تظهر معطيات نيوهورايزنز بأن البيئة الفضائية في النظام الشمسي الخارجي لديها بنية بتفاصيل أقل من الفضاء القريب إلى الأرض، بما أن البنى الأصغر تميل لتكون مرهقةً أو تجتمع معاً خلال تنقلهم إلى الخارج، مشكّلةً مزايا أقل ولكن أكبر.

تقول إليوت: "في هذه المسافة، يتزايد مستوى القياس للبنى القابلة للإدراك، بما أن البنى الأصغر ترهق أو تدمج معاً"، وتضيف: "من الصعب التنبؤ ما إذا كان التفاعل بين البنى الصغيرة سيخلق بنيةً أكبر، أو إذا ما كانوا سيحلقون بشكلٍ كامل".

علامات غير ملحوظة لتأثير الشمس من الصعب رصدها في النظام الشمسي الخارجي، مزايا الرياح الشمسية -بما فيها السرعة والكثافة ودرجة الحرارة- تتشكل بواسطة المنطقة الشمسية التي تتدفق منها. عندما تتناوب الشمس ومناطقها المختلفة المنتجة للرياح، تتشكل الأنماط. لم تر نيوهورايزنز أنماط كتلك القريبة للشمس، لكن مع ذلك رصدت بعض البنى.

وتقول إليوت أيضاً: "يجتمع متوسط السرعة والكثافة عند تحرك الرياح الشمسية للخارج، لكن الرياح عند انتقالها تبقى معرضةً للتسخين بواسطة الضغط، لذا يمكنك أن ترى دليلاً لنمط تناوب الشمس حتى في النظام الشمسي الخارجي".

العثور على أصول مخاطر الإشعاع الفضائي 



تظهر أيضاً أرصاد نيوهورايزنز ما قد يكون البذور الأولية للجسيمات عالية النشاط التي تصنع الأشعة الكونية الشاذة. رُصدت الأشعة الكونية الشاذة قرب الأرض، ويمكن أن تساهم بالمخاطر الإشعاعية لرواد الفضاء، لذلك يرغب العلماء بفهمٍ أفضل لمسبباتها. 

بذور هذه الجسيمات النشيطة عالية السرعة قد تساعد أيضاً في تشكيل الحد، حيث الرياح الشمسية تقابل الفضاء ما بين النجوم. رُصدت الأشعة الكونية الغريبة من قبل سفينتي فوياجر خارجاً بالقرب من هذه الحدود، لكن في مراحلها الأخيرة فقط، تاركةً أسئلةً كالموقع الدقيق وآلية أصولها.


يظهر هذا الشكل أرصاد الرياح الشمسية المُقاسة بواسطة نيوهورايزنز من الأول من كانون الثاني/يناير إلى 25 آب/أغسطس 2015.  هذه القياسات لجسيمات البذرة للأشعة الكونية الغريبة في الرياح الشمسية جديدة كلياً في هذه المنطقة من الفضاء، وهي المفتاح لتفسير معطيات فوياجر خارجاً في منطقة الحدود ما بين النجوم. تستجيب النقاط الأقرب إلى أعلى الصورة لجسيمات ذات طاقة أعلى، والألوان الأحمر والأصفر تظهر رقماً أكبر للجسيمات تضرب المؤشر. أُغلقت أدوات الجسيمات خلال عمليات محددة لسفينة الفضاء ومسار مناورات، منتجةً فراغاً في المعطيات. مصدر الصورة: NASA/SWRL/New Horizons
يظهر هذا الشكل أرصاد الرياح الشمسية المُقاسة بواسطة نيوهورايزنز من الأول من كانون الثاني/يناير إلى 25 آب/أغسطس 2015. هذه القياسات لجسيمات البذرة للأشعة الكونية الغريبة في الرياح الشمسية جديدة كلياً في هذه المنطقة من الفضاء، وهي المفتاح لتفسير معطيات فوياجر خارجاً في منطقة الحدود ما بين النجوم. تستجيب النقاط الأقرب إلى أعلى الصورة لجسيمات ذات طاقة أعلى، والألوان الأحمر والأصفر تظهر رقماً أكبر للجسيمات تضرب المؤشر. أُغلقت أدوات الجسيمات خلال عمليات محددة لسفينة الفضاء ومسار مناورات، منتجةً فراغاً في المعطيات. مصدر الصورة: NASA/SWRL/New Horizons


يقول كريستيان: "لا يمكن لفوياجر أن تقيس جسيمات البذرة، فهي قادرة على قياس النتيجة فقط"، ويضيف: "لذلك ومع ذهاب نيوهورايزنز إلى تلك المنطقة، فإن هذه البقعة الخالية من المعطيات ستُملأ بالمعطيات".

ملء هذا البقعة الخالية، سيساعد العلماء على فهمٍ أفضل لطريقة حركة هذه الجسيمات وتأثيرها بالبيئة الفضائية حولهم، مساعدةً على تفسير ما تراه فوياجر في رحلتها.

مقارنة نيوهورايزنز للأرصاد والنماذج 



بما أن نيوهورايزنز واحدة من بين عددٍ قليلٍ من سفن الفضاء التي استكشفت بنية الفضاء في النظام الشمسي الخارجي، فإن النقص في المعطيات المثبتة كان يعني بأن الجزء الرئيسي من عمل إليوت كان ببساطة معايرة المعطيات. وقد دُعم عملها بواسطة أبحاث الغلاف الجوي للشمس وبرنامج التحليل.


عايرت إليوت الأرصاد مع معلومات محددة من نيوهورايزنز، ونتائج الاختبارات الواسعة على النسخة المخبرية للأداة، ومقارنةً مع المعطيات من النظام الشمسي الداخلي. مستكشف التركيب المتطور لناسا أو ACE، ومرصد العلاقات الشمسية الأرضية لناسا أو STEREO، على سبيل المثال، يرصد البيئة الفضائية بالقرب من مدار الأرض، معطياً المجال للعلماء لالتقاط صورٍ لأحداثٍ شمسيةٍ عند توجههم باتجاه حواف النظام الشمسي، ولكن لأن البيئة الفضائية في النظام الشمسي الخارجي غير مستكشفةٍ نسبياً، لم يكن واضحاً كيف أن هذه الأحداث ستتطور. 


المعلومة الوحيدة السابقة حول الفضاء في هذه المنطقة كانت من فوياجر2، والتي كانت قد تنقلت بصعوبةٍ خلال نفس المنطقة في الفضاء التي تنقلتها نيوهورايزنز، على الرغم من أنها كانت ما يقارب ربع قرن سابقاً.

وتقول إليوت: "هناك مزايا متشابهة بين ما رأته سفينتي الفضاء نيوهورايزنز وفوياجر2، ولكن عدد الأحداث مختلف"، وتضيف: "النشاط الشمسي كان أكثر شدةً عندما تنقلت فوياجر2 خلال هذه المنطقة".

الآن، مع مجموعتي المعطيات من هذه المنطقة، أصبح لدى العلماء معلومات أكثر حول هذه المنطقة البعيدة من الفضاء، هذا لا يساعدنا فقط على تشخيص أفضل للبيئة الفضائية، بل سيكون مفتاحاً لنماذج اختبار العلماء حول كيفية بث الرياح الشمسية عبر النظام الشمسي. في غياب راصد ثابت لقياس الجسيمات والمجالات المغناطيسية في الفضاء قرب بلوتو، نحن نعتمد على المحاكاة -ليست مختلفةً عن محاكاة الطقس الأرضي- لتشكيل نماذج للجو الفضائي عبر النظام الشمسي. قبل أن تتجاوز نيوهورايزنز بلوتو، هكذا نماذج كانت تستخدم لمحاكاة بنية الرياح الشمسية في النظام الشمسي الخارجي، مع معطيات معايرة في متناول اليد، باستطاعة العلماء أن يقارنوا الواقع بالمحاكاة ويطوروا نماذج المستقبل. 

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات