رقم قياسي جديد لرصد الهيدروجين


صورة لتلسكوب هابل الفضائي حيث تظهر المجرة وهي مُغطاة بانبعاث الهيدروجين المكتشَف حديثًا. 
المصدر: Fern?ndez et al, NRAO/AUI/NSF, NASA



استخدم فريق دولي من العلماء أقصى إمكانيات علم الفلك الراديوي، من أجل اكتشاف إشارةٍ خافتة منبعثة من غاز الهيدروجين الموجود في مجرة تبعد عنا أكثر من خمسة مليارات سنة ضوئية، وهو ما يُعدُّ ضعف الرقم القياسي السابق. 

استخدم الباحثون المصفوفة الكبيرة جداً في مرصد الفلك الراديوي الوطني بالولايات المتحدة الأميركية، وقد عملوا على رصد الانبعاثات الراديوية الصادرة عن الهيدروجين في المجرة البعيدة، فوجدوا أنها (أي المجرة) تحتوي على مليارات النجوم الفتية فائقة الكتلة، المحاطة بسحُب من غاز الهيدروجين. 

ويعكف علماء الفلك الراديوي على استخدام الهيدروجين لاكتشاف المجرات الأخرى وفهم تركيبتها، وذلك أنَّ الهيدروجين هو العنصر الأكثر وفرةً في الكون، والمادة الأولية التي تتشكل منها النجوم. ولكن حتى الآن، تمكنت التلسكوبات الراديوية فقط من الكشف عن انبعاثات الهيدروجين الصادرة عن المجرات القريبة نسبيًا. 

تقول المؤلفة الرئيسية الدكتورة زيمينا فرنانديز Ximena femandez من جامعة روتغيرز بولاية نيو جيرسي: "نظرًا للتطور الذي أدخلناه على المصفوفة الكبيرة جدًا، فقد تمكنا للمرة الأولى من الوصول إلى قياسٍ مباشر للهيدروجين الذري الموجود في مجرة تبعد هذه المسافة عن الأرض. لقد بدأت هذه الإشارات رحلتها الطويلة حتى قبل وجود كوكبنا. وبعد تنقلها لخمسة مليارات سنة عبر الفضاء، دون الاصطدام بأي جسم، تمكنت التلسكوبات من رصدها، ما سمح لنا بمشاهدة هذه المجرة البعيدة للمرة الأولى على الإطلاق". 

تصور فني يُظهر كلًّا من المجرة وسحابة الغاز.  المصدر :ICRAR/Peter Ryan.
تصور فني يُظهر كلًّا من المجرة وسحابة الغاز. المصدر :ICRAR/Peter Ryan.


وكما يُنقِّب عالِم الآثار في الأرض بحثًا عن الأشياء والكنوز القديمة، فإن الشيء ذاته ينطبق على علماء الفلك، إذ يبدو الأمر كما لو أنهم يعودون بالزمن إلى الوراء عندما يبنون تلسكوبات أكبر، ويطوِّرون تقنياتٍ جديدة تمكِّنهم من مشاهدة مناطق أبعد في الكون. 

تقول فرنانديز: "يكمن الهدف من مشروعنا على وجه التحديد في دراسة كيفية تغيُّر الغاز الموجود في المجرات عبر الزمن. ولعل أحد الأسئلة التي نأمل الإجابة عنها هو فيما إذا كانت المجرات في الماضي لديها كميات أكبر من الغاز المتحول إلى نجوم مقارنةً بالمجرات في يومنا هذا. وبالطبع فإن نتيجتنا التي حطمت الرقم القياسي هي عبارة عن مجرة لديها كميات كبيرة وغير اعتيادية من الهيدروجين". 

ويأتي نجاح الفريق بعد عمليات الرصد الأولى، التي استمرت 178 ساعة، باستخدام التلسكوب الراديوي في مصفوفة كارل ج. يانسكي Karl G. Jansky الكبيرة جدًا (VLA)، وقد أجريت هذه الأرصاد ضمن مسح جديد للسماء أُطلق عليه "المسح فوق المجري" (COSMOS HI Large Extragalactic Survey)، أو اختصارًا CHILES

وحالما تنتهي عمليات الرصد، سيكون مسح CHILES قد نجح في جمع بيانات مستقاة من أكثر من 1000 ساعة من عمليات الرصد.  

تصوُر فني يُظهر المجرة.  المصدر: CRAR\peter pyan.
تصوُر فني يُظهر المجرة. المصدر: CRAR\peter pyan.


وفي طريقة جديدة، يتعاون أعضاء من الفريق، ومنهم الدكتور آتيلا بوبينغ Attila popping من مركز أبحاث الفلك الراديوي ومركز CAASTRO، مع خدمات أمازون ويب لمعالجة ونقل كمية كبيرة من البيانات بواسطة خدمة التخزين (cloud) التي توفِّرها شركة أمازون. 

يقول بوبينغ: "لتنفيذ هذا المشروع، أخذنا عشرات التيرابايت من البيانات المستقاة من المصفوفة الكبيرة جداً، ثم عكفنا على معالجتها باستخدام خوادم شركة أمازون التي تعتمد خدمة (cloud)، وذلك بهدف إنشاء مكعب صور كبير جداً، لتجهيزه كي يعمل الفريق على استكشافه وتحليله".


ومن جهته يقول الأستاذ أندرياس ويشينس Andreas wicenec، رئيس قسم بيانات علم الفلك المكثفة في المركز الدولي لأبحاث علم الفلك الراديوي: "لعل العامل الذي كان يُعيق علماء الفلك في أبحاثهم سابقًا، هو حجم التلسكوب المستخدَم والمعدات الكامنة وراءه، ولكنه تحوَّل اليوم ليصبح مرتبطًا بالبيانات وكيفية نقل كميات كبيرة من المعلومات وتخزينها وتحليلها". 

ويُردف ويشنيس قائلًا: "تحتاج المهمات العلمية الضخمة إلى حواسيب ذات قدرة كبيرة جداً، وفي وقتنا الحالي نعمل على تصميم أنظمة لإدارة المعلومات لصالح عدد من المنشآت الضخمة حول العالم والجيل التالي من التسلكوبات، بما في ذلك التلسكوب الراديوي الصيني الذي يبلغ قطره 500 م، ومصفوفة الكيلو متر المربع SKA، وتلسكوبات الاستكشاف التابعة لـ SKA والتي تعمل حاليًا في المناطق النائية من غربي أستراليا".
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • خارج المجرة (Extragalactic): ما يقع خارج، أو خلف مجرتنا. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات