رهان التناظر الفائق: علماء يراهنون بنعم، وآخرون بلا والجائزة كونياك

ينحاز فيزيائيو الجسيمات بتلاعب بخصوص قدرة مصادم الهادرونات الكبير على اكتشاف دليل على التناظر الفائق (Supersymmetry). وقد مرر فيزيائيون في يوليو/تموز 2000 في المثلث -اجتماع 2000 في كوبنهاغن وسمي هكذا لأنه دار سلفًا بين ثلاث مدن في أوروبا- ملفًا حول غرفة المؤتمر يدعون فيه الحضور إلى التكهن فيما إذا كانت تجارب مصادم الهادرونات الكبير (LHC) ستكشف دليلًا على نظرية تُعرف بالتناظر الفائق. وسيدين الخاسرون للرابحين بزجاجات من الشراب.

يقول الحائز على نوبل جيرارد تهووفت Gerard ’t Hooft من جامعة أوتريخت في هولندا، والذي وقّع في العمود "لا" من الرهان: "لقد كنا نستمتع. كنا سعداء جدًا بأن الآلة التي كانت على وشك أن تُبنى قد تخبرنا من هو المحق. هذا دائمًا شيءٌ من المثير رؤيته في مجالنا". 

التناظر الفائق أو "سوزي" (SUSY) هو نظرية تنص على أنّ كل حجر بناء أساسي في الكون يحافظ على توازنه بفضل جسيم شريك له ومن نوع معاكس. ويقول الفيزيائي نيما أركاني حامد Nima Arkani-Hamed من معهد الدراسة المتقدمة في نيو جيرسي، والذي وقّع باسمه تحت العمود "نعم" في مؤتمر جديد: "التناظر الفائق فكرة عميقة وقد لعبت دورًا عظيمًا في الفيزياء النظرية خلال الأربعين عامًا الماضية".

يُعترف بهذه النظرية على نطاقٍ واسع بأنها إجابة رياضية جميلة عن الأسئلة التي تركها متوانيًا النموذجُ القياسي (Standard Model) في فيزياء الجسيمات، من مثل: لماذا الجاذبية ضعيفة جدًا؟ وما أنواع الجسيمات التي تكوّن المادة المظلمة (dark matter)؟ كما أنّ هذه النظرية عنصر أساسي في العديد من نماذج نظرية الأوتار (string theory).

على أي حال، يعتقد بعض العلماء أنه ربما لدى الطبيعة أفكار أخرى، ويردف تهوفت: "رغم قدرته على شرح الأشياء، إلا أنّ مشكلتي مع التناظر الفائق هي أنه يفتقر بحد ذاته إلى التفسير أيضاً. ففي المقام الأول، لماذا قد تُحدث الطبيعة التناظر الفائق؟"

مضت السنوات العشر المحددة بعد الرهان الأصلي من دون أي علامة على سوزي، لكن قرر الفائزون أن الوقت ما زال مبكرا جدًا ليحوزوا على الكونياك. فبسبب مشاكل داخلية في الوصلات الموجودة بين المغانط الفائقة، واجه LHC بداية مؤجلة عند طاقة مخفضة العام السابق. 

يقول الفيزيائي بول دامغارد Poul Damgaard من معهد نيلز بور في الدانمارك، والذي راهن ضد اكتشاف سوزي: "عرضنا بكرمٍ مراهنة أخرى. وبشكل مضحك وقّع العديد من الأشخاص بـ نعم مجدداً".

أضافت المجموعة المزيد من المشاركين وتمديدًا مقداره خمس سنوات إلى الرهان، ما أعطى LHC مهلة حتى 16 يونيو/حزيران 2016 لإيجاد دليل على التناظر الفائق. أُعيد تشغيل LHC في 2015 وأصبح جاهزًا للبحث عن جسيمات جديدة عند طاقات أعلى من أي مصادم قبله.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المادة المظلمة (Dark Matter): وهو الاسم الذي تمّ إعطاؤه لكمية المادة التي اُكتشف وجودها نتيجة لتحليل منحنيات دوران المجرة، والتي تواصل حتى الآن الإفلات من كل عمليات الكشف. هناك العديد من النظريات التي تحاول شرح طبيعة المادة المظلمة، لكن لم تنجح أي منها في أن تكون مقنعة إلى درجة كافية، و لا يزال السؤال المتعلق بطبيعة هذه المادة أمراً غامضاً.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات