أنواع النجوم المتغيرة: القيفاوية والنابضة والمتفجّرة

رسم تعبيري لنظام ثنائي كسوفي، يتضمن نجما نابضا يسمى بالمتغير القيفاوي.

حقوق الصورة: ESO/L. Calçada


يعرّف النجم المتغيّر (variable star) ببساطة على أنه نجم يتغيّر سطوعه. ويمكن أن نطلق على نجم ما بأنّه متغير إذا ما حدث أي نوع من التغير في القدر الظاهري للنجم بالنسبة للمراقب على الأرض. ويمكن أن تحدث هذه التغيّرات على مدى سنوات أو في أجزاء من الثانية، كما يمكن أن تتراوح من واحد بالألف إلى عشرين من مقدار السطوع. وتم تسجيل أكثر من 100000 نجم متغيّر، ولازال هناك الآلاف من النجوم التي يشتبه أنها متغيرة. تعتبر شمسنا نجما متغيّرا، بحيث يختلف إنتاجها من الطاقة بحوالي 0.1 بالمئة، أو واحد بالألف من مقدار السطوع، وذلك خلال الدورة الشمسية والتي تقدر ب 11 سنة.

تاريخ النجوم المتغيّرة


إن أول النجوم المتغيرة الحديثة التي تم تحديدها هو نجم أوميكرون سيتي Omicron Ceti، والذي سمّي فيما بعد ميرا Mira. ولقد وصفه ديفيد فابريسيوس David Fabricius عام 1596 بأنه مستعر (nova). في عام 1638، شاهد جوهانز هولواردز Johannes Holwards نجم أوميكرون سيتي وهو ينبض في دورة منتظمة مدتها 11 شهرا. لقد كان ذلك اكتشافا مهما، لأنه ساعد على برهنة أن النجوم ليست أزلية وليست ثابتة كما كان يعتقد الفلاسفة القدماء مثل أرسطو. وبالطبع، مهدت اكتشافات النجوم المتغيرة مع التقارير الخاصة بنجوم السوبرنوفا (supernovae) الطريق لتطوير علم الفلك. 

في ملخص النقاش الخاص باحتفالية مرور 400 عام على اكتشاف ميرا، قال دوريت هوفليت Dorrit Hoffleit من جامعة ييل: "في القرن الأول بعد فابريسيوس، اكتُشفت أربعة نجوم متغيرة من نوع ميرا، وفي كل الحالات اشتُبه بها على أنها مستعراتٍ، وذلك قبل وقت طويل من الاكتشاف الرسمي لها في الغرب. ثلاثة نجوم من هذه الأربعة سجّلت فعلا كمستعرات في السجلات الصينية أو الكورية المبكرة".

وفي عام 1669، اكتشف جيمينيانو موناناري Geminiano Monanari نجما متغيرا ثان. يدعى الغول Algol، وقد بقيت تقلّبات النجم مبهمة لأكثر من مئة عام، حتى عام 1784 عندما وضحها جون جودريك John Goodricke. أما النجم المتغير الثالث هو تشي سيجني Chi Cygni، فشوهد عامي 1686 و 1704. وقد عُثر على أكثر من سبع نجوم متغيرة على مدى الثمانين سنة اللاحقة.

على كل حال، شوهدت منذ عام 1850 العديد من النجوم المتغيرة، ولقد دعمت التطوراتُ في مجال التصوير الفوتوغرافي عمليات الاكتشاف. وفي حلول عام 2008، سجّل أكثر من 46000 نجم متغير من مجرة درب التبانة في الفهرس العام للنجوم المتغيرة.

 
الخصائص التكوينية للنجوم المتغيرة
تتوفر العديد من الأسباب المؤدية إلى التقلبات في سطوع النجوم، ويتضمن ذلك، التغيراتُ التي تطرأ على اللمعان أو الكتلة النجمية، أو العوائقُ التي تؤثر على كمية الضوء الوارد إلى الأرض. أيضا، تتمدد النجوم النابضة المتغيرة وتنكمش. أما النجوم الثنائية الكاسفة (eclipsing binaries) فإنها تخفت أثناء مرور النجم المرافق من أمامها، وتسطع بعد أن يبتعد من جديد. فبعض النجوم المتغيرة التي اكتشفت عبارةٌ عن نجمين متقاربين بشكل كبير يتبادلان الكتل عندما يستحوذ أحدهما على الغلاف الجوي من الآخر.

يوجد نوعان مختلفان للنجوم المتغيرة: المتغيرات الداخلية Intrinsic variables وهي النجوم التي يتغير لمعانها نتيجة تغيّر داخلي في النجم مثل النبضات، والانفجارات، أو نتيجةً للتمدد والانكماش. والمتغيرات الخارجية Extrinsic variables وهي النجوم التي يتغير لمعانها بسبب احتجابها نتيجة دورانها، أو بسبب مرور نجم آخر أو كوكب أمامها.


استخدمت ثلاثة نجوم قيفاوية متغيرة نابضة لقياس مسافة وعمر الأجسام الظاهرة في قلب مجرة درب التبانة. التقطت هذه الصورة عن طريق مرصد جنوب أفريقيا الفلكي وصدرت في 24 آب/أغسطس 2011.  حقوق الصورة: N. Matsunaga
استخدمت ثلاثة نجوم قيفاوية متغيرة نابضة لقياس مسافة وعمر الأجسام الظاهرة في قلب مجرة درب التبانة. التقطت هذه الصورة عن طريق مرصد جنوب أفريقيا الفلكي وصدرت في 24 آب/أغسطس 2011. حقوق الصورة: N. Matsunaga


المتغيرات الداخلية Intrinsic variables

المتغيرات القيفاوية (Cepheid variable) نجوم شديدة اللمعان، يتراوح لمعانها ما بين 500 إلى 300000 مرة أكثر من الشمس، كذلك تتميز بفترات تغيّر قصيرة قد تمتد من يوم إلى 100 يوم. وتعد هذه النجوم متغيرات نابضة تتمدد و تنكمش بشكل كبير خلال فترة زمنية قصيرة، متبعة نمطا معينا. ويستطيع الفلكيون إجراء قياسات مسافة لنجم قيفاوي بقياس التغير في لمعانه، مما يجعل هذه النجوم ذات قيم علمية عالية.

تشمل الأنواع الأخرى من النجوم المتغيرة النابضة على نجوم آر آر ليراي RR Lyrae، وهي نجوم قصيرة الأمد، كما أنها الأقدم ولكن لا يصل حجمها إلى حجم النجوم القيفاوية. وهناك أيضا نجوم آر في توري RV Tauri، وهي نجوم فوق عملاقة (supergiants) يتباين لمعانها بشكل أكبر.

 

أما المتغيرات النابضة طويلة الأمد فتشمل كلا من: ميرا كلاس Mira class، وهي عبارة عن نجوم حمراء باردة فوق عملاقة تتميز بنبضاتها الكبيرة، وشبه المنتظمة semiregular، وهي عبارة عن نجوم حمراء تكون إما عملاقة (giants) أو فوق عملاقة ولها فترات أطول تتراوح ما بين 30 إلى 1000 يوم. ولعل أحد أفضل المتغيرات المعروفة من نوع شبه المنتظمة هو بيتيلجيوس أومَنْكِبُ الجَوْزاء Betelgeuse. وفي الواقع، هناك أنواع أخرى من المتغيرات النابضة غير المنتظمة، التي تكون عادة نجوما حمراء فوق عملاقة، ولكننا لم ندرس هذه النجوم بشكل فعلي حتى الآن.

لعب المتغير القيفاوي المسمى في 1 (V1) دورا محوريا في تغيير نظرة الفلكيين للكون. فلقد مكّن عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل Edwin Hubble من التأكد من أنّ السديم الغائم في المكان الذي يتواجد فيه ما هو إلّا مجرة أخرى، مما يدل على أن مجرة درب التبانة لا تحتوي الكون كله.

 

يقول الفلكي ديف سوديربلوم Dave Soderblom من معهد علوم تلسكوب الفضاء (STScI) في ولاية ميريلاند: "V1 هو النجم الأكثر أهمية في تاريخ علم الكونيات، فهذا الاكتشاف شكل علامة فارقة أثبتت أنّ الكون أكبر مما كنا نظن وهو يغص بالمجرات".

تسطع المتغيرات المتفجّرة 
(Cataclysmic Variables or Explosive Variables) نتيجة انفجارات شديدة وعنيفة ناجمة عن العمليات الحرارية التي تحدث إما على سطح النّجم أو داخله. وتضم المتغيرات المتفجرة النجوم الثّنائية (binary stars)، وهي عبارة عن نجمين متقاربين لهما تأثير مشترك على كتلتيهما. أما المستعرات العظمى (Supernovae)، والمستعرات (Novae)، والمستعرات المتكررة (Recurrent Novae)، والمستعرات القزمة (Dwarf Novae)، فكلّها مجموعات من النجوم التي لديها زيادات كبيرة أو مفاجئة في الحجم، تنتج عادةً عن انفجار نجمي.
 
  • المستعرات العظمى Supernovae: الأكثر قوة، إذ تنبعث منها أحيانا طاقة تعادل مجرة بأكملها. كما أنها تستطيع زيادة حجمها إلى نحو عشرين ضعفا، فيزداد سطوعها بمقدار مئة مليون ضعفٍ تقريبا. وتمثل المستعرات العظمى عادة وفاة نجم ذو كتلة فائقة، مع ذلك، يمكن أن تبقى النواة كنجم نيوتروني أو يمكن أن تشكّل البقايا سديما.
     
  • المستعرات والمستعرات المتكررة Novae and Recurrent Novae: هي أنظمة ثنائية متقاربة توصف بالمتغيرة نتيجة حدوث انفجارات على السطح، مع بقاء النجم سليما. المستعر سكوربي Scorpii، بلغ سطوع الذروة عام 2007، يعدّ الألمع في السنوات الأخيرة، أما المستعر سيجني Cygni فهو الألمع في السبعين سنة الأخيرة. وكان ألمع مستعر تم قياسه منذ عام 1901 هو المستعر أكويلاي Nova Aquilae، والذي اقترب سطوعه عام 1918 من سطوع سيريوس (الشعرى اليمانية) Sirius، الذي يعدّ أسطع نجم في السماء.
     
  • المستعرات القزمة Dwarf Novae: هي نجوم بيضاء مزدوجة تتبادل الكتل وتتسبب في حدوث انفجارات جراء التغيرات الدائمة. وهناك نوع آخر من المتغيرات المتفجرة وهي النجوم التكافلية (Symbiotic stars)، التي تعد أنظمة مزدوجة ومتقاربة تحتوي على عملاق أحمر ونجم أزرق ساخن تحيط بهما سحابة من الغاز والغبار.
     
  • المتغيرات الثّائرة Eruptic Variables: هي نجوم تتميز بحدوث انفجار أو احتراق على السطح أو تفاعلات مع مواد بين نجمية أخرى. وهناك عدد لا بأس به من الأنواع الفرعية في هذه الفئة، مثل المتغيرات المضيئة الزرقاء، والنجوم المضيئة، والعمالقة، والنجوم الأولية، ومتغيرات أورايون. وهناك أنواع من المتغيرات المتفجرة هي عبارة عن أنظمة ثنائية متقاربة.

المتغيرات الخارجية Extrinsic variables
  • النجوم الثنائية الكاسفة Eclipsing Binary Stars: وهي نجوم تمر أمام بعضها البعض، مما يؤدي إلى حدوث تغيرٍ وحجبٍ لضوءها الذي نشاهده من الأرض. ربما تحتوي هذه الأنظمة على كواكب خاصة بها تحجب ضوء النجم تماما مثل الخسوف القمري على أرضنا. ولعلّ الغول Algol أحد أفضل الأمثلة على النجوم الثنائية المنكسفة. وفي هذا الصدد، اكتشفت مركبة كيبلر -التابعة لناسا والتي تلاحق الكواكب- أكثر من 2600 نظاما ثنائيا منكسفا خلال مهمتها. 
     
  • النجوم الدوارة Rotating Stars: وهي نجوم متغيرة تظهر عليها تغيرات ضوئية طفيفة ناجمة عن بقع ضوئية على أسطحها. وربما وجدت هذه البقع المضيئة على الأقطاب المغناطيسية. وفي الغالب، تكون النجوم الدوارة عبارة عن أنظمة ثنائية، ويمكن أن تكون غير كروية أو بيضاوية الشكل، مما يسبب تغيرات في السطوع أثناء حركتها.
     
  •  النجوم النابضة Pulsars: هي نجوم نيوترونية دوارة -وهي أنوية مستعرات عظمى انفجرت منذ زمن بعيد- تنبعث منها إشعاعات كهرومغناطيسية يمكن رؤيتها فقط عندما يكون إشعاعها متجها نجو الأرض. تنتج النجوم النابضة فواصل زمنية ضوئية دقيقة وقابلة للقياس، وغالبا ما تقارن بضوء المنارة التي تطلق إشعاعا ضوئيا من الطاقة بشكل منتظم أثناء دورانها.

    تدور بعض النجوم النابضة السريعة حول مركز كتلتها -المقاربة لحجم مدينة- عدة مرات في الثانية الواحدة، وتعرف بالنجوم النابضة بالميلي ثانية millisecond pulsars. ويدور أسرع نجم منها 43000 مرة في الدقيقة. ووفقا لناسا، "يعتقد أن النجوم النابضة بالميلي ثانية تصل إلى هذه السرعات العالية لأنها ترتبط ثقاليا مع النجوم العادية في الأنظمة الثنائية. وعلى مدار الحياة النجمية، ينتقل الغاز من النجم العادي إلى النابض، وينتج عن هذا الانتقال الغازي زيادة سرعة دوران النجم النابض تدريجيا".

التقط هذه الصورة فلكيون من المرصد الفلكي في جنوب أفريقيا، وهي تظهر مركز مجرة درب التبانة واثنين من النجوم النابضة مثل المنارة تُعرف بالنجوم القيفاوية والتي يعتمد عليها الفلكيون كعلامة للمسافات الكونية. صدرت هذه الصورة في 24 آب/أغسطس 2011.  المصدر: N. Matsunaga
التقط هذه الصورة فلكيون من المرصد الفلكي في جنوب أفريقيا، وهي تظهر مركز مجرة درب التبانة واثنين من النجوم النابضة مثل المنارة تُعرف بالنجوم القيفاوية والتي يعتمد عليها الفلكيون كعلامة للمسافات الكونية. صدرت هذه الصورة في 24 آب/أغسطس 2011. المصدر: N. Matsunaga

النجوم المتغيرة: بحث مستقبلي
أبحاث النجوم المتغيرة مهمةُ للغاية، لأنها تزود العلماء بمعلومات حول خصائص كتلة النجم، ونصف قطره، ودرجة الحرارة والإضاءة، ومعلومات عن هيكل النجوم وتكوينها، وعن كيفية تطورها. كما أن فهم طبيعة النجوم المتغيرة يتطلب مراقبة منتظمة لسلوك النجم على مدى عقود عديدة. ويتم تحليل النجوم المتغيرة بصريا باستخدام تقنيات التصوير الفوتوغرافي والتقنيات الكهرضوئية وتقنيات (CCD)، ويؤدي هواة الفلك دورا هاما في جمع البيانات وتقديم الملاحظات إلى قاعدة البيانات الدولية AAVSO.

تعدّ بعض الفئات المختلفة من المتغيرات ذات قيمة خاصة لعلم الفلك، ويرجع ذلك إلى إمكانية قياس تلك التغيرات. فالبحث في المتغيرات القيفاوية يساعد على تحديد عمر الكون، وتقديم معلومات عن المجرات البعيدة. كما أنّ دراسة المتغيرات من نوع ميرا تعزز من فهمنا للشمس. وتعطينا المستعرات العظمى نظرة ثاقبة لكيفية تمدد الكون، في حين تساعد المتغيرات المتفجّرة على فهم المجرات النّشطة والثقوب السوداء الهائلة. 

إن النجوم المتغيرة حقل مميّز للدّراسة في علم الفلك، فهي توفر لنا معلومات هامة عن كيفية وأسباب تغير الأمور مع مرور الزّمن، فضلا عن تأديتها دورا هاما في فهمنا للكون.
 
 
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • النجوم المتغيرة بشكلٍ عنيف ومفاجئ (Cataclysmic variable): هي أنظمة نجمية ثنائية تضم نجم قزم أبيض واحد ونجم عادي، تدور حول بعضها البعض ضمن مدارات قريبة جداً. وتقوم المواد الساقطة من النجم الطبيعي باتجاه القزم الأبيض، بخلق انفجارٍ بالأشعة اكس.
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernovae): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات