علماء نظريون يجدون حلاً لمشكلةٍ أساسية طال أمدها

إن محاولة فهم نظام الذرات تشبه عملية رعي البعوض-حيث إنها لا تستقر أبداً بل تتحرك وتتفاعل باستمرار. عندما يتعلق الأمر بمحاولة نمذجة هذه الخصائص، يستخدم العلماء صورتين مختلفتين جذرياً للواقع، تُمسى إحداها بالإحصائية statistical والأخرى بالديناميكية dynamical .تتعارض الصورتان في بعض الأوقات، قام علماءٌ من قسم الطاقة في مختبر أرجون الوطني في الولايات المتحدة بالإعلان عن طريقةٍ للتوفيق بين الصورتين.


في النهج الإحصائي، والذي يطلق عليه العلماء اسم الميكانيكا الإحصائية، يدرك نظامٌ معينٌ جميع الحالات الممكنة، مما يعني أن الذرات تتفحص جميع المواقع الممكنة وقيم الطاقة أو درجة الحرارة. في الميكانيكا الإحصائية، لا يُعنى العلماء بالترتيب الذي تحدث في الحالات بالإضافة إلى المدة التي تستغرقها لتحدث. لا يلعب الزمن دوراً هنا.


في المقابل، يوفر النهج الديناميكي وصفاً تفصيلياً لكيفية وماهية درجات تفحص هذه الحالات عل مر الزمن. في النهج الديناميكي، قد لا يختبر النظام جميع الحالات المتاحة له مبدئياً، لأن الطاقة قد لا تكون كبيرة بما يكفي للتغلب على حواجز الطاقة أو لكون الوقت قصيراً جداً. قال العالم النظري يوليوس جيلينيك Julius Jellinek من مختبر أرجون: "عندما لا يستطيع النظام رؤية الحالات وراء حاجز الطاقة في الديناميكا، فإن ذلك يشبه عدم قدرة المتزلج على رؤية الوادي المقبل خلف سلسلة جبلية". 

 

إن محاولة فهم نظام الذرات تشبه عملية رعي البعوض-حيث أنها لا تستقر أبداً بل تتحرك وتتفاعل باستمرار. عندما يتعلق الأمر بمحاولة نمذجة هذه الخصائص، يستخدم العلماء صورتين مختلفتين جذرياً للواقع، تُمسى إحداها بالإحصائية statistical والأخرى بالديناميكية dynamical . تتعارض الصورتان في بعض الأوقات، قام علماءٌ من قسم الطاقة في مختبر أرجون الوطني في الولايات المتحدة بالإعلان عن طريقةٍ للتوفيق بين الصورتين. حقوق الصورة Argonne National Laboratory مختبر أرجون الوطني.
إن محاولة فهم نظام الذرات تشبه عملية رعي البعوض-حيث أنها لا تستقر أبداً بل تتحرك وتتفاعل باستمرار. عندما يتعلق الأمر بمحاولة نمذجة هذه الخصائص، يستخدم العلماء صورتين مختلفتين جذرياً للواقع، تُمسى إحداها بالإحصائية statistical والأخرى بالديناميكية dynamical . تتعارض الصورتان في بعض الأوقات، قام علماءٌ من قسم الطاقة في مختبر أرجون الوطني في الولايات المتحدة بالإعلان عن طريقةٍ للتوفيق بين الصورتين. حقوق الصورة Argonne National Laboratory مختبر أرجون الوطني.

عند اختيار أحد النهجين على حساب الأخر، يتوجب على العلماء الاختيار بين مفهومين مختلفين، وذلك لأن المفهومين لا يتوافقان دائماً. في ظل ظروفٍ معينة-على سبيل المثال، في طاقات عالية بما فيه الكفاية وفتراتٍ زمنية طويلة-فإن الصورتين الإحصائية والديناميكية تتزامنان في الواقع. ومع ذلك، في حالاتٍ أخرى فإن الميكانيكا الإحصائية والديناميكية تعطي صوراً مختلفة بشكلٍ ملحوظ.


قال جيلينيك: "عندما يتعارض النهجان، فإن الخيار الصحيح هو النهج الديناميكي وذلك لأن الحالات التي يختبرها النظام يمكن أن تعتمد على الطاقة وعلى الحالة الأولية وعلى النافذة الزمنية المتاحة للعملية الرصد والقياس. مع ذلك، يُعتبر عدم امتلاك صورةٍ إحصائية خسارةً نوعاً ما، لأن قوة أدواتها ومفاهيمها الخاصة بتحليل وتصنيف سلوك الأنظمة.


إن السمة الأساسية التي تكمن في أساس الميكانيكا الإحصائية هي "كثافة الحالات density of states"، والتي تعبر عن العدد الكلي للحالات التي يستطيع النظام أن يتخذها عند طاقةٍ معينة.


تسمح معرفة كثافة الحالات للباحثين تأسيس خصائص فيزيائية إضافية مثل الانتروبيا (entropy) والطاقة الحرة (free energy) وغيرها، والتي تشكل الترسانة القوية لأدوات التحليل والتصنيف الخاصة بالميكانيكا الإحصائية. لكن دقة هذه الأمور تعتمد على دقة كثافة الحالات.


تتعلق المشكلة بالحركة الاهتزازية (vibrational motion) للنظم، يمتلك العلماء حلاً دقيقاً للكثافة الحالات لاثنين فقط من الحالات المثالية، اللتان تشكلان ما يُعرف باسم الاهتزاز التوافقي أو المورسي (harmonic or Morse oscillators). على الرغم من أن النظم الحقيقية ليست من ضمن الاثنين، فإن الممارسة المطلقة كانت في استخدام تقارب توافقي، والذي يتوقف على افتراض أن الأنظمة الحقيقية تتصرف بشكل ليس مختلفاً للغاية عن تلك الأنظمة التوافقية.

 
هذا الافتراض ليس سيئاً عند طاقاتٍ منخفضة، لكنه يصبح غير ملائمٍ مع زيادة الطاقة. قال جيلينيك: "تم استثمار جهود كبيرة على مدى العقود الثمانية الماضية من أجل محاولة توفير حلٍ للأنظمة التي لا تتصرف بتوافق، وحتى الآن، كانت النتيجة عبارة عن عددٍ وافرٍ من الحلول التقريبية، والتي تقتصر جميعها على استثناءاتٍ ضعيفة من التوافق أو تعاني من قيودٍ أخرى. يبقى الحل الدقيق والعام لكثافة الذبذبات للأنظمة ذات أي درجةٍ من عدم التوافق مشكلة غير محلولة."


في تطورٍ رئيسٍ حديث، قدم جيلينيك بالتعاون مع داريا الإنكفا Darya Aleinikava، باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه سابقاً والآن أستاذة مساعدة في جامعة بينديكتين، حل مفقوداً.تقدم المنهجية التي وضعاها حلاً دقيقاً وعاماً لأي نظام عند أي طاقة. قال جيلينيك: "تم حل هذا المشكلة الأساسية التي طال أمدها أخيراً، هذا الحل سوف يكون مفيداً للعديد من مجالات الفيزياء والكيمياء وعلوم المواد، وعلوم النانو وعلم الأحياء".
 

يقدم الحل الجديد حلاً لمشكلةٍ أخرى أيضاً- حيث يوفق بين الصورتين الإحصائية والديناميكية للعالم حتى لتلك الظروف التي تعارضا فيها سابقاً. بما أن الحل مبنيٌ على اتّباع الديناميكا الفعلية للنظام عند طاقاتٍ وفتراتٍ زمنية ذات صلة، فإن الكثافات الناتجة معلومة بشكلٍ كامل ديناميكياً ويمكن أن تكون حساسة للزمن.

علي هذا النحو، تضع كثافات الحالات الأساس لصياغة أطر ميكانيكية إحصائية جديدة تتضمن الزمن وتعبر عن السلوك الديناميكي الفعلي للأنظمة. قال جيلينيك: "هذا يؤدي إلى تغيير عميق في نظرتنا إلى العلاقة بين الميكانيكا الإحصائية والديناميكية. حيث توافق بين الميكانيكا الإحصائية والديناميكية بغض النظر عن مقدار دقة وغرابة السلوك الديناميكي لنظام معين".


نشرت ورقة استناداً على البحث باسم "الكثافة الغير توافقية للحالات: حل عام على أساسٍ ديناميكي Anharmonic densities of states: A general dynamics-based solution " في طبعة الثاني من يونيو/ حزيران من مجلة الفيزياء الكيميائية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الكثافة (Density): هي النسبة الكائنة بين كتلة جسم و حجمه. ففي النظام المتري، يتم قياس الكثافة بواحدة الغرام لكل سنتمتر مربع (أو كيلوغرام في اللتر). وتبلغ كثافة الماء 1 غرام لكل سنتمتر مكعب، والحديد 7.9 غرام لكل سنتمتر مكعب، أما الرصاص 11.3 غرام لكل سنتمتر مكعب.
  • الإنتروبي (entropy): هو كمية الطاقة غير المتاحة للقيام بعمل في نظام فيزيائي، وقد أطلق عليه كلاوزيوس مصطلح الإنتروبي ملهماً بكلمة tropi التي تعني التحول، واختيرت لتكون أقرب ما يُمكن من كلمة الطاقة (energy)، ويقول أشهر قوانين الطبيعة المعروف بالقانون الثاني في الترموديناميك "لا يُمكن لانتروبي نظام فيزيائي مغلق أن يتناقص أبداً".

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات