النيازك والشهب:  اقرأ المزيد

النجوم الساقطة، أو الشهب، عبارة عن مواد بين كوكبية تعبر الغلاف الجوي للأرض؛ حيث تسخن لدرجات حرارة عالية، ما يؤدي إلى توهجها بفعل الاحتكاك. تسمى هذه الأجسام بالنيازك خلال حركتها واندفاعها في الفضاء، ومن ثمَّ تتحول إلى شهب لبضع ثوانٍ أثناء تحليقها في السماء مشكلة آثاراً وخطوط طويلة متوهجة. 

يُقدر العلماء أن 44 طن من المواد النيزكية تسقط على الأرض كل يوم؛ وفي العادة، يمكن أن تشاهد بضعة شهب كل ساعة خلال الليل. في بعض الأحيان، يزداد العدد بشكل كبير -وتسمى هذه الأحداث بزخات الشهب، أو الهطل الشهابي (meteor showers). 


تحدث بعض هذه العمليات بشكلٍ سنوي، أو على فترات منتظمة عندما تمر الأرض عبر الحطام الغباري الذي خلفه ورائه أحد المذنبات. تسمى زخات الشهب في العادة باسم النجم، أو الكوكبة التي يبدو وكأن الشهب صدرت عنها. 

لعل أكثرها شهرة هو الهطل الشهابي للبرشاويات (Perseid)، الذي يصل إلى ذروته في 12 أوغست/آب من كل عام؛ البرشاويات عبارة عن قطع صغيرة من مذنب سويفت-توتل (Swift-Tuttle)، الذي يدور حول الشمس لمرة واحدة كل 135 عاما. 


يُوجد عمليات هطل شهابي أخرى وهي: الأسديات (Leonids) المرتبطة بالمذنب تمبل-توتل (Tempel-Tuttle)؛ والدلويات (Aquarids)، والجباريات (Orionids) المرتبطة بمذنب هالي؛ بالإضافة إلى الهطل الشهابي للثوريات (Taurids) المرتبطة بمذنب إنك (Encke). 

يحترق معظم غبار المذنبات، الموجود في زخات الشهب، في الغلاف الجوي قبل أن يصل إلى الأرض؛ ويتم التقاط بعض الغبار عن طريق الطائرات، المحلقة عند ارتفاعات عالية؛ ومن ثمَّ يتم تحليلها في مختبرات ناسا.


تُعرف تكتلات الصخور والمعادن، القادمة من الكويكبات والأجسام الكوكبية الأخرى التي تنجو من رحلتها عبر الغلاف الجوي وتسقط على الأرض، بالنيازك؛ ويمتلك معظم ما تم اكتشافه منها فوق الأرض، حجماً يصل إلى حجم القبضة؛ لكنَّ بعضها أكبر من حجم مبنى. شهدت الأرض في وقت مبكر من حياتها العديد من التصادمات النيزكية الكبيرة التي تسببت في تدمير واسع النطاق.

فوهة بارنجر النيزكية: هي فوهة نتجت عن التصادم مع نيزك قبل حوالي 50000 سنة، ويبلغ قطرها 1.1 كيلومتر، ولها عمق يصل إلى 200 متر. حقوق الصورة: U.S. Geological Survey
فوهة بارنجر النيزكية: هي فوهة نتجت عن التصادم مع نيزك قبل حوالي 50000 سنة، ويبلغ قطرها 1.1 كيلومتر، ولها عمق يصل إلى 200 متر. حقوق الصورة: U.S. Geological Survey


فوهة بارنجر النيزكية (Barringer Meteorite Crater) في آريزونا، هي واحدة من الحفر النيزكية الموجودة لحد الآن؛ إذ يصل قطرها إلى كيلومتر واحد تقريباً، ونتجت عن تصادم مع نيزك من معدني الحديد والنيكل يصل قطره إلى 50 متر تقريباً (164 قدم). 

يبلغ عمر التصادم حوالي 50000 سنة فقط؛ وبالتالي فإنه محفوظ بشكل جيد عبر الزمن؛ وتم استخدامه من أجل دراسة عمليات التصادم. ومنذ التعرف عليها باعتبارها حفرة نيزكية في العشرينات، اُكتشف نحو 170حفرة نيزكية أخرى على الأرض. 

عالمة تقوم بالعمل في مختبر معالجم الأحجار النيزكية في مركز جونسون الفضائي. حقوق الصورة: NASA
عالمة تقوم بالعمل في مختبر معالجم الأحجار النيزكية في مركز جونسون الفضائي. حقوق الصورة: NASA


يُعتقد أيضاً أنَّ تصادماً نيزكياً كبيراً حصل قبل 65 مليون عام وأنشأ فوهة تشيكسولوب (Chicxulub) النيزكية، التي يصل قطرها إلى 300 كيلومتر في شبه جزيرة يوكاتان؛ ويظن الكثير بأن هذا التصادم كان السبب وراء انقراض نحو 75 % من الحيوانات البحرية والبرية، التي كانت موجودة على الأرض في ذلك الوقت -بما في ذلك الديناصورات.


القصص الموثقة للإصابات البشرية الناتجة عن النيازك نادرة؛ والحالة الأولى المعروفة لإصابة إنسان جراء نيزك كانت في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تعرضت آن هودجيز (Ann Hodges) من سيلاكاوغا-ألاباما إلى الإصابة بكدمات شديدة من قبل حجر نيزكي بوزن 3.6 كيلوغرام، إذ اخترق سقف منزلها في نوفمبر 1954.

قد تشابه النيازك الصخور الموجودة على الأرض، لكنها في العادة تكون محروقة من الخارج؛ ويحصل هذا الانصهار في القشرة نتيجة ذوبان النيازك بفعل الاحتكاك بالغلاف الجوي. 

آن هودجيز
آن هودجيز


هناك ثلاثة أنواع أساسية من النيازك: النيازك الحديدية، والصخرية، والحديدية-الصخرية. على الرغم من أن غالبية النيازك التي تقع على الأرض هي صخرية، إلا أن الغالبية العظمى من النيازك، التي يتم اكتشافها بعد فترة طويلة من وقوعها، هي الحديدية -فمن السهولة تمييزها بين صخور الأرض مقارنةً بالأنواع الصخرية الأخرى.

تسقط النيازك أيضاً على أماكن أخرى في النظام الشمسي؛ فقد اكتشفت المركبة الفضائية أبورتيونتي (Opportunity)، أول الصخور النيزكية الموجودة على كوكب آخر؛ وذلك عند اكتشافها لحجر نيزكي من النيكل والحديد بحجم كرة سلة فوق سطح المريخ عام 2005. بعدها وجدت حجر نيزكي آخر من الحديد والنيكل، وأكبر وأثقل بكثير عام 2009 في المنطقة نفسها. 


في المجمل، اكتشفت أبورتيونيتي ستة أحجار نيزكية منذ هبوطها على المريخ. وعُثر على أكثر من 50000 حجر نيزكي فوق الأرض؛ و99.8 % منها قادم من الكويكبات. تضمنت الأدلة المتعلقة بالأصل الكويكبي: مدارات تم حسابها بالاعتماد على المراقبات التصويرية للنيازك التي يُعتقد بأن أصلها يعود إلى الحزام الكويكبي، وأطياف بضعة أصناف من الأحجار النيزكية التي تطابقت مع تلك العائدة إلى الأصناف المرتبطة بالكويكبات، وهي قديمة جدا، إذ يبلغ عمرها ما بين 4.5 إلى 4.6 مليار عام. 


مع ذلك، من الممكن لنا أن نُطابق فقط مجموعة واحدة من الأحجار النيزكية، ونربطها مع كويكب محدد -أحجار اليوكرايت (eucrite)، والدايوجنايت (diogenite)، والهاوردايت النارية (howardite igneous) يعود أصلها إلى ثالث أكبر كويكب وهو فيستا. 

الكويكبات والنيازك، التي تقع على الأرض، ليست قطعاً من الكواكب التي تفككت؛ وإنما مجموعة متنوعة من المواد الأصلية التي تشكلت منها الكواكب؛ إذ تُخبرنا دراسة الأحجار النيزكية الكثير عن الظروف والعمليات الحاصلة في مرحلة تشكل النظام الشمسي -مثل العمر، وتركيب المواد الصلبة، وطبيعة المواد العضوية، ودرجات حرارة سطح وباطن الكويكبات، ودرجات حرارة التصادمات.


النسبة المتبقية من الصخور النيزكية، والبالغة 0.2 %، تم تقسيمها بالتساوي إلى صخور نيزكية قادمة من كوكب المريخ، وأخرى قادمة من القمر. هناك أكثر من 60 حجر نيزكي مريخي قام المريخ بإطلاقها بفعل التصادمات النيزكية؛ وكلها عبارة عن صخور نارية تبلورت من الماغما. 

تُشابه تلك الصخور كثيراً الصخور الموجودة على الأرض، مع وجود بعض التراكيب المميزة التي تُشير إلى أصل مريخي. ويُوجد ما يقارب 80 من الأحجار النيزكية القمرية؛ وهي مشابهة من حيث المعادن والتكوين للصخور التي أحضرتها مهمة أبولو؛ لكنَّها في الوقت نفسه متميزة بما يكفي للإشارة إلى أصلها القادم من أجزاء أخرى من القمر. تُكمل دراسات الأحجار النيزكية القمرية والمريخية دراسات صخور مهمة أبولو القمرية والاستكشاف الروبوتي المريخ.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الهطل الشهابي (Meteor shower): أو الزخات الشهابية، هو حدث فلكي تُشاهد فيه الشهب بكمية اكبر من المألوف مقارنة بأوقات السنة الاخرى.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات