بعد 13 عاماً من نجاحها، ناسا تقرر إنهاء مهمة مركبة كاسيني

بدأت كاسيني Cassini بالدوران حول زحل منذ حزيران/يونيو عام 2004، وهي تدرس الكوكب وحلقاته وأقماره، وسيتسبب آخر تحليق قريب من تيتان titan قمر زحل في 22 نيسان/أبريل في تغيير شكل مدار كاسيني لتبدأ سلسلتها الأخيرة التي تستمر 22 أسبوعاً وتتمثل بعمليات اقتراب أكثر فأكثر لتغوص في الفجوة غير المستكشفةِ من قبل بين زحل وحلقاته.

ففي يوم الأربعاء الموافق 26 نيسان/أبريل 2017، ستبدأ المركبة الفضائية أول اختراق لها في سلسلة من عمليات الدخول في الفجوة الممتدة على طول 2400 كيلومتر (1500 ميل) بين زحل وحلقاته كجزء من الختام الكبير Grand Finale للبعثة.

ستنتهي مرحلة الختام الكبير بشكلٍ دراميٍّ في 15 أيلول/سبتمبر 2017، فمع غوص كاسيني في الغلاف الجوي لزحل ستبدأ بإرسال البيانات عن المكونات الكيميائية للكوكب، لينتهي الأمر بفقدان إشارة المركبة الفضائية، إذ أن الاحتكاك مع الغلاف الجوي بعد ذلك بفترةٍ قصيرة، سيسبب احتراق المركبة كنيزك، وسنفقد أي اتصال معها.

صورة لكوكب زحل التُقِطت بواسطة المركبة الفضائية كاسيني (Cassini spacecraft) التابعة لوكالة ناسا خلال فترة الاعتدال لعام 2009. توفر البيانات حول طريقة تبريد حلقات الكوكب أثناء هذه الفترة الزمنية معلوماتً حول طبيعة جسيماتها.
صورة لكوكب زحل التُقِطت بواسطة المركبة الفضائية كاسيني (Cassini spacecraft) التابعة لوكالة ناسا خلال فترة الاعتدال لعام 2009. توفر البيانات حول طريقة تبريد حلقات الكوكب أثناء هذه الفترة الزمنية معلوماتً حول طبيعة جسيماتها.


على الرغم من أن المركبة الفضائية كاسيني تدور حول زحل منذ عام 2004، فقد قامت ببعض الاكتشافات المذهلة حول أحد أقمار الكوكب


اكتشفت كاسيني في شهر أبريل/نيسان2015 دليلا على وجود محيط من المياه السائلة تحت سطح قمر زحل الجليدي إنسيلادوس Enceladus، وكان هذا الاكتشاف مثيراً بشكل خاص لأنه يُثير احتمال كون القمر موطناً لأشكال خارجية من الحياة.

 

رسم توضيحي لداخل قمر زحل المسمى بـ إنسيلادوس، يَظهر في الصورة محيط مائي سائل بين النواة الصلبة والقشرة الجليدية. سماكة طبقات الجليد في الصورة ليست مقياسية أبداً.   المصدر: NASA/JPL-Caltech
رسم توضيحي لداخل قمر زحل المسمى بـ إنسيلادوس، يَظهر في الصورة محيط مائي سائل بين النواة الصلبة والقشرة الجليدية. سماكة طبقات الجليد في الصورة ليست مقياسية أبداً. المصدر: NASA/JPL-Caltech



إنسيلادوس


يُعدّ قمر زحل المسمّى إنسيلادوس جسما جليديا صغيرا، لكنّ كاسيني كشفت عن هذا الجرم المحيط ليكون واحداً من وجهات النظام الشمسي الأكثر إثارةً علمياً.
يُعدّ قمر زحل المسمّى إنسيلادوس جسما جليديا صغيرا، لكنّ كاسيني كشفت عن هذا الجرم المحيط ليكون واحداً من وجهات النظام الشمسي الأكثر إثارةً علمياً.

  • مقاييسه: يبلغ قطر إنسيلادوس 314 ميلا فقط (505 كم)، وهو صغير بما يكفي ليعادل طول المملكة المتحدة.
  • اكتشافه: عام 1789
  • مكتشفه: ويليام هيرشل William Herschel
  • الحجم: يبلغ قطر إنسيلادوس 314 ميلا فقط (505 كم)، وهو صغير بما يكفي ليعادل طول المملكة المتحدة.
  • البعد عن الشمس: 9.5 وحدة فلكية AU (الأرض تبعد 1 وحدة فلكية).
  • جرى استكشافه عبر: مركبة فوياجر 1- voyager 1 وفوياجر 2 – voyager2 ومركبة كاسيني.
     

 

يعدّ اكتشاف محيط إنسيلادوس الشامل وقطع الجليد المنبثقة منه ودورها في تكوين حلقة زحل E أبرزَ اكتشافات بعثة كاسيني، كما اكتشفت كاسيني أيضاً الدلائل الأولى عن نشاط للماء الحار خارج الأرض، جاعلة من قمر زحل الصغير قِبلةَ أماكن البحث عن حياةٍ محتملة خارج حدود الأرض.


كشفت المركبة الفضائية "كاسيني" التابعة لوكالتي الفضاء الأوروبية وناسا عن مئات البحيرات والبحار المنتشرة في كافة أرجاء المنطقة القطبية الشمالية من قمر زحل "تيتان"، هذه البحيرات لا تمتلئ بالماء، وإنما بالهيدروكربونات، وهي نوع من المركبات العضوية التي توجد بشكلٍ طبيعي فوق الأرض ومنها الميثان.

 

تُظهِر الصورُ الرادارية الملتقَطةُ من المركبة كاسيني التابعة لناسا وجودَ العديد من البحيرات على سطح تايتان، بعض هذه البحيرات مملوء بالسوائل وبعضها يبدو كمنخفضات فارغة. المصدر: NASA/JPL-Caltech/ASI/USGS
تُظهِر الصورُ الرادارية الملتقَطةُ من المركبة كاسيني التابعة لناسا وجودَ العديد من البحيرات على سطح تايتان، بعض هذه البحيرات مملوء بالسوائل وبعضها يبدو كمنخفضات فارغة. المصدر: NASA/JPL-Caltech/ASI/USGS

 

يُعتقد أن القسم الأكبر من السائل الموجود في بحيرات "تيتان" titan ناتج عن الهطل المطري القادم من السحب الموجودة في الغلاف الجوي للقمر، لكن تظل كيفية تحرك هذا السائل عبر قشرة تيتان والغلاف الجوي أمراً مجهولاً نسبياً.

 

فحصت دراسة جديدة يقودها "Olivier Mousis" باحث مساعد من جامعة فرانش كومتي Franche - Comté في فرنسا، كيفية تفاعل الهطل المطري المكون من الميثان مع المواد الجليدية داخل المصارف الجوفية، ووجدت الدراسة أن تشكل المواد المعروفة بالكلاثريتات (clathrates) يؤدي إلى تغير التركيز الكيميائي للهطل المطري الذي يُزود هذه المصادر الجوفية الهيدروكربونية، تقود هذه العملية إلى تشكل احتياطات من البروبان والإيثان يمكن أن تغذي بدورها بعض الأنهار والبحيرات.

 

أرسلت مركبة كاسيني الفضائية التابعة لناسا أمواجاً ميكرويةً إلى سطح تيتان، ووجدت أن بعض القنوات هي وديان عميقة ومنحدرة مملوءة بالهيدروكربونات السائلة. أحد هذه السمات هي فيد فلومينا، الشبكة المتفرعة من الخطوط الضيقة في أعلى الربع الأيسر من الصورة.   المصدر: NASA/JPL-Caltech/ASI
أرسلت مركبة كاسيني الفضائية التابعة لناسا أمواجاً ميكرويةً إلى سطح تيتان، ووجدت أن بعض القنوات هي وديان عميقة ومنحدرة مملوءة بالهيدروكربونات السائلة. أحد هذه السمات هي فيد فلومينا، الشبكة المتفرعة من الخطوط الضيقة في أعلى الربع الأيسر من الصورة. المصدر: NASA/JPL-Caltech/ASI

 

يُعتبر تيتان Titan الجرم الوحيد في المجموعة الشمسية –طبعًا بالإضافة إلى الأرض– الذي توجد على سطحه بحار وبحيرات، والتي رُصدت بواسطة المركبة كاسيني. ولكن، وبوجود درجات الحرارة المتدنية على السطح –والتي تبلغ تقريبًا 180 درجةً مئويةً تحت الصفر (292 درجة فهرنهايت تحت الصفر)– فإن الميثان والإيثان السائلين -وليس الماء- هما اللذان يسيطران على المسطحات المائية على تيتان، فمركبات الهيدروكربون على تيتان هي بمثابة الماء على الأرض.

 

بعثة كاسيني هي مهمة مشتركة بين كل من وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الإيطالية. يتولى مختبر الدفع النفاث إدارة عملية البعثة لصالح مديرية المهام العلمية التابعة لوكالة ناسا ومقرها واشنطن. ويجدر التنويه إلى أن مقر فريق جهاز مطياف الأشعة تحت الحمراء المُركبة CRIS يقع في مركز غودارد لرحلات الفضاء.

 

تفاصيل الغوص النهائي لكاسيني عبر غلاف زحل الجوي 


الأحداث الرئيسية لغطسة كاسيني الأخيرة باتجاه زحل حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech.
الأحداث الرئيسية لغطسة كاسيني الأخيرة باتجاه زحل حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech.


أنهت كاسيني جولتها التي استمرت 13 عاماً في نظام زحل الكوكبي بغوصٍ متعمّد في الغلاف الجوي للكوكب كي تمنع تسرب أي ملوثات للمياه السائلة كانت قد اكتشفتها تحت سطح إنسيلادوس، ولتمنع أي حادث عرضي آخر يمكن أن يسبب تلوث أيّاً من أقمار زحل حيث قد توجد الحياة الأصلية، أو قد تتطور في يوم من الأيام، ستغوص كاسيني نحو حتفها مضيئة في سماء زحل، ومنهية بذلك مَسيرة نجاحات استمرت لأكثر من عشرين عاماً.  

وقد شكلت هذه الغطسة المصيرية آخر خطوةٍ من مرحلة الختام الكبير (Grand Finale) التي بدأت في أواخر شهر نيسان/أبريل والتي تضمنت 22 عملية غوصٍ بين زحل وحلقاته بمعدل عمليةٍ واحدةٍ كل أسبوع، حيث لم تغامر أي مركبةٍ فضائية بالاقتراب من زحل بهذا القدر من قبل.

صورة تظهر الارتفاعات النسبية لكاسيني خلال آخر خمس عمليات مرور لها عبر الغلاف الجوي العلوي لزحل مقارنةً مع الارتفاع الذي ستفقد عنده الإشارة خلال الغوص النهائي. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech.
صورة تظهر الارتفاعات النسبية لكاسيني خلال آخر خمس عمليات مرور لها عبر الغلاف الجوي العلوي لزحل مقارنةً مع الارتفاع الذي ستفقد عنده الإشارة خلال الغوص النهائي. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech.


تنبأت الحسابات النهائية للمهمة بأنّ فقدان الاتصال بكاسيني سيجري يوم 15 أيلول/سبتمبر في الساعة 07:55 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (01:55 مساءً بتوقيت القاهرة). حيث دخلت كاسيني الغلاف الجوي لزحل قبل دقيقة واحدة تقريباً من ذلك على ارتفاع 1190 ميلاً (1915 كيلومتراً) تقريباً فوق قمم السحب المقدرة لزحل (الارتفاع الذي يساوي عنده الضغط الجوي 1 بار، أي ما يعادل الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر على الأرض)، وخلال غوصها في الغلاف الجوي لزحل، وصلت سرعة المركبة الفضائية إلى نحو 70000 ميلٍ (113000 كيلومتر) في الساعة، وجرت عملية الغوص النهائية على الجانب النهاري لزحل بالقرب من الظهر المحلي، ودخلت المركبة الغلاف الجوي على خط عرض 10 درجاتٍ شمالاً.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • السيد ويليام هيرتشيل (William Herschel): اُشتهر السيد ويليام هيرتشيل (William Herschel) بكونه اول فلكي اكتشف المنطقة تحت الحمراء من الطيف الكهرومغناطيسي في العام 1800. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات