مارس وان، بين الخيال والواقع

تهدف منظمة مارس وان Mars One إلى إنشاء مستوطنةٍ بشرية على المريخ.

إن استيطان البشر للمريخ هو الخطوة العملاقة التالية للبشرية، كما أنّ استكشاف النظام الشمسي كجنسٍ بشريٍ موحد سوف يقربنا أكثر من بعضنا البعض. 


فالمريخ هو نقطة انطلاق البشرية في رحلتها عبر الكون. حيث ستساعدنا المستوطنات البشرية على المريخ في فهم أصل النظام الشمسي، وأصل الحياة على الأرض وموقعنا في الكون، وكما الحال مع مهمات أبولو التي أوصلتنا إلى سطح القمر، فإن مهمةً بشرية للمريخ سوف تُلهم العديد من الأجيال للاعتقاد بعدم وجود شيءٌ مستحيل، حيث يمكن تحقيق كل شيء.

التكنولوجيا 


يسمح الاستيطان الدائم لمارس وان باستخدام تكنولوجيا لا تختلف كثيراً عن الأنظمة الموجودة، فلا زلنا بحاجةٍ إلى تصميم و بناء المعدات اللازمة لهذه المهمة بالإضافة إلى اختبارها على نطاق واسع، لكن التكنولوجيا اللازمة لذلك موجودةٌ مسبقاً. مارس وان ليست وكالةً فضائية، حيث لن تقوم بتصميم المعدات الخاصة بالمهمة أو تصنيعها، إذ سيتم تطوير جميع المعدات وتركيبها في مرفقاتها الخاصة عبر طرف ثالث من الموردين.


قامت مارس وان مع مهندسيها ومطوري أعمالها بزيارة العديد من شركات الفضاء الضخمة حول العالم لمناقشة المتطلبات والميزانية والجدول الزمني، ووُضعت خطة المهمة الحالية وفقاً لما تم التوصل إليه في تلك الاجتماعات.

وهذه مجرد نتائج تمهيدية تحتاج إلى التطوير عبر دراسات المفاهيم التصميمية، و التي ستتعاقد مارس وان مع داعم خاص بها. وقد مُنحت الدراسات الأولى لأحد الموردين.


تتألف المهمة من مكونات أولية من الأجهزة التالية


وحدة الهبوط المريخية: سوف تؤمن مارس وان وحدات الهبوط من أحد الموردين ذوي الخبرة على مستوى العالم، على سبيل المثال شركة لوكهيد مارتن Lockheed Martin. وستجهز وحدات هبوط مماثلة لأداء وظائف مختلفة مثل:
 

 

  1.  حمل وحدات لدعم الحياة تقوم بتوليد الطاقة والماء بالإضافة إلى هواءٍ صالحٍ للتنفس للمستوطنة.
  2.  حمل وحدات إمداد خاصة بالطعام و الألواح الشمسية و قطع الغيار ومكونات أخرى.
  3.  حمل وحدات سكنية مجهزة بمساكن قابلةٍ للنفخ والنشر.
  4.  حمل البشر إلى سطح المريخ.
  5.  حمل مركبات جوالة إلى سطح المريخ.



المركبات الجوالة


تُخطط المنظمة لإرسال مركبتين جوالتين إلى المريخ لبناء القاعدة الاستيطانية قبل وصول البشر. أحدها سوف يستكشف سطح المريخ للبحث عن الموقع الأنسب لإنشاء المستوطنة ونقل مكونات الأجهزة الضخمة وتجميعها في العموم. وسيحدد مزود الشركة الخاص بالمركبة الجوالة استراتيجية المركبة بالتحديد، فعوضاً عن مركبةٍ جوالةٍ واحدةٍ ضخمة، يمكن إرسال مركباتٍ جوالة متعددةٍ بحجم أصغر. على سبيل المثال، ستستخدم مركبة جوالةٍ رئيسية مصحوبةً بنظامٍ للقطر من أجل نقل كبسولات الهبوط. 

السترات المريخية


على جميع رواد الفضاء ارتداء بزاتهم الفضائية قبل التعرض للغلاف الجوي المريخي. إذ ستحمي البزات المريخية الرواد من درجة الحرارة الكبيرة لسطح المريخ والغلاف الجوي الرقيق جداً غير الصالح للتنفس كما فعلت البزات الفضائية التي استخدمها رواد أبولو على القمر.

نظام الاتصال


سيتكون نظام الاتصالات من قمرين صناعيين مخصصين للاتصالات بالإضافة لمحطةٍ أرضية. حيث ستُرسل البيانات من المريخ نحو الأرض وبالاتجاه المعاكس أيضاً.

مركبة النقل المريخية


ستتكون مركبة النقل المريخية من مرحلتي انتقال هما وحدة هبوط، و وحدةٍ للسكن، ستكون وحدة الهبوط مشابهةً لتلك المُستخدمةٍ في مهمات المريخ غير المأهولة. ستستغرق رحلة الطاقم عبر الفضاء قرابة سبعة أو ثمانية أشهر، اعتماداً على سنة الإطلاق، حيث أنّ تلك الفترة أقل بكثير من العديد من مهمات محطة مير MIR الفضائية والمناوبات السنوية في محطة الفضاء الدولية ISS. 

ستكون الوحدة السكنية عبارة عن محطةٍ فضائية صغيرة مقارنةً مع محطة الفضاء الدولية الضخمة. وستستخدم خزانات المياه وغيرها من مرافق التخزين كواقيات من الاشعاعات وكمكانٍ لنوم الطاقم. وعندما يصل الطاقم إلى المريخ، سيهبط أفراد الطاقم على السطح مرتدين بزاتهم الفضائية باستخدام وحدة الهبوط، تاركين وحدة السكن المتنقلة خلفهم لأنها كبيرةٌ جداً على الهبوط. 


هذا يعني أنّ فترة تشغيل مركبة النقل المأهولة لن تدوم أكثر من فترة الرحلة إلى المريخ، أي أقل بكثير من فترة تشغيل وحدات محطة الفضاء الدولية. 


منصة الإطلاق


ستختار مارس ون منصة إطلاق مناسبة من بين الموردين الموجودين ذوي الخبرة.

ومع ذلك، و منذ أن أعلن الرئيس التنفيذي للمشروع باس لانسدورب Bas Lansdorp عن خطته، و الشكوك تدور حول المنظمة من كل الجوانب. ففي عام 2015، خرج أحد المرشحين القدامى للمهمة عن صمته وأبدى اعتراضه على مشروع مارس وان، داعيا عملية الاختيار بالمعيبة بشكل خطير.

فبعد أن قام جوزيف روش Joseph Roche، الباحث السابق في وكالة ناسا، بملء طلب الالتحاق الخاص بالمشروع (مدفوعا على الأغلب بدافع الفضول)، أصبح أحد المرشحين المئة النهائيين للعيش في مستوطنةٍ دائمةٍ على سطح المريخ.


في مقابلةٍ له مع إلمو كيب Elmo Keep من موقع medium.com، عبر جوزيف عن العديد من الشكوك التي تراوحت بين التغطية الإعلامية غير الدقيقة (حيث قال أن هناك 2761 طلباً للالتحاق، و ليس 200000 طلب) و بين نقص الاختبارات و القياسات النفسية والذهنية الخاصة بالمشروع، بالإضافة إلى الطريقة التي حصل بها المتنافسون الأساسيون على نقاطهم (حيث قال جوزيف أنهم دفعوا مقابلها).

وشرح جوزيف قائلاً: "عندما تنضم إلى "جمعية مارس وان" ، الأمر الذي يحدث تلقائياً عندما تملأ طلب الالتحاق الخاص بالمشروع، يبدؤون بإعطائك نقاطاً خاصة، حيث تحصل على نقاط عند اجتياز كل دورةٍ من مراحل عملية الاختيار (لكنها عددٌ اعتباطيُ من النقاط، وليس له علاقةٌ بتصنيف المرشحين).

 

و بعد ذلك، تُصبح الطريقة الوحيدة لجمع المزيد من النقاط هي عن طريق شراء سلعٍ من مارس وان أو عن طريق التبرع بالمال لها، و في حال عرضت وسائل الإعلام إجراء مقابلة مع المرشحين مقابل مبلغٍ مالي، فإن المنظمة ترغب في الحصول على 75% من الأرباح، و كنتيجةٍ لذلك، فإن المرشحين ذوي الأمل الأكبر في عملية الاختيار هم الذين جلبوا أكبر كميةٍ من المال للمنظمة. 


حتى الآن، أكمل جوزيف استطلاع خاصٍ بالمنظمة، و حمّل مقطع فيديو خاصٍ به بناءً على طلبهم، و حصل على فحصٍ طبي، و أجرى اختباراً سريعاً عبر تطبيق سكايب، وعلى ما يبدو، فذلك ليس بالشيء الكثير. فعلى الرغم من كونه من المرشحين المئة النهائيين، لم يلتق روش أحداً من مارس وان شخصياً. و يبدو أنه أُلغيت مقابلة إقليمية لأيام متعددة كان من المُخطط إجرائها. 


هناك أيضاً علاماتٌ سيئةٌ بالنسبة لمارس وان. فقد أُلغي عقد المنظمة مع شركة انديمول Endemol الإعلامية. إذ كانت مارس وان تأمل في جمع 6 مليارات دولار من عرضٍ تلفزيونيٍ واقعي. كما قال جيرارد هوفت Gerard Hooft، العالم في الفيزياء النظرية ومستشارٌ سابقٌ للمشروع، مشيراً إلى مدى عدم واقعيةِ جدول المنظمة الزمني فعملية الإطلاق لن تكون ممكنةً بعد 10 سنواتٍ من الآن – بل بعد 100 عام.


وقد رد باس لانسدورب، المدير التنفيذي للمشروع على تلك الادعاءات في مقطع فيديو، حيث قال أنّ كثيراً مما تقوله الصحافة هو غير صحيح. و ردّ قائلاً: "هناك الكثير من المرشحين للدورة الثالثة من الاختيار لم يتبرعوا بأي مبلغٍ مالي للمنظمة وهناك العديد من الأشخاص الذين لم يتأهلوا إلى الدورة الثالثة رغم تبرعهم بالكثير من الأموال لمارس وان. فالقضيتين غير متصلتين إطلاقا وقول ذلك هو كذب ببساطة."


كما أصرّ لانسدورب على وجود 200000 طلب فعلبا، وقال أنّ نقد مستشاري المنظمة هو موضع تقدير لأنه يُساعد على تحسين مهمتهم، و يقول إنّ خطوتهم القادمة هي معرفة أيٍ من المرشحين يتمتع بالمؤهلات اللازمة عبر المزيد من عمليات الاختيار الشاملة، كالتحديات الجماعية والفردية، وعبر أجراء مقابلاتٍ أطول.

 

هناك أيضاً محادثات تجرى مع شركة انتاجٍ أخرى. وفيما يتعلق بالتأخيرات في الجدول الزمني، يقول لانسدورب: "هل يُعتبر من الفشل حقاً ما إذا هبطنا بأول طاقمٍ على سطح المريخ متأخرين سنتين أو أربع سنوات أو ست سنوات، أو حتى ثماني عن الجدول الزمني؟"

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات