أول هاتف محمول يعمل دون بطارية!

يُعد قِصَرُ عمرِ البطارية من أهم نقاط الضعف التي تواجهها الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة عموماً، إلا أنّ باحثين من الولايات المتّحدة الأمريكية ابتكروا تقنية جديدة ستلغي عهداً كانت فيه أيقونة البطارية الحمراء مصدر قلق مستمر.

طوّر العلماء هاتفاً محمولاً يعمل بدون بطارية، حيث يجمع الطاقة التي يحتاجها للعمل من الضوء وإشارات الراديو المحيطة، وهو قادر على إجراء المكالمات الصوتية، على الرغم من استخدام مكونات متوافرة في معظم متاجر الإلكترونيات،

يقول شيام غولاكوتا Shyam Gollakota وهو أحد الباحثين من جامعة واشنطن University of Washington: "لقد صنعنا ما نعتقد أنه الهاتف المحمول الأول الذي لا يستهلك طاقة تقريباً".

ويضيف: "كان علينا أن نعيد التفكير بشكل أساسي في كيفية تصميم هذه الأجهزة لتحقيق أقل استهلاك ممكن من الطاقة اللازمة لتشغيل الهاتف، وذلك عن طريق جمع الطاقة من البيئة المحيطة".

حقوق الصورة: مارك ستون Mark Stone/ جامعة واشنطن University of Washington
حقوق الصورة: مارك ستون Mark Stone/ جامعة واشنطن University of Washington


وهذا يعني التخلص من إحدى الخطوات الأساسية التي تُنفَّذ في عمليات البث الخلوية التقليدية، وهي التحويل الفوري للإشارات التناظرية (التشابهية) التي يلتقطها ميكروفون الهاتف إلى بيانات رقمية تُنقَل عبر شبكة الهاتف.

هذا التحويل هو ما يجعل المكالمات الصوتية بين أبراج التغطية الخلوية والهاتف أمراً ممكناً، إلّا أنه يتطلّب أيضاً كمية كبيرة من الطاقة تبلغ نحو 800 ميلي واط عند إجراء مكالمة، وهذه الطاقة أكبر بمئات آلاف المرات من الطاقة التي يحتاجها الهاتف بدون بطارية والتي تبلغ 3.5 ميكرو واط فقط!

وبدلاً من هذا التحويل، يحتفظ الجهاز بكل إشارة تناظرية ويُسجِّل الاهتزازات الصغيرة من الميكروفون أثناء المكالمة، ويستخدم تقنية تُسمَّى "التشتت الارتدادي" backscatter لنقل الإشارات إلى محطة رئيسية base station مجاورة تعمل على بعد عدة أمتار.

ولأن هاتفك عبارة عن جهاز محمول، بالتالي يتوجب عليك أن تكون قريباً نسبياً من محطة رئيسية حتى يعمل، وذلك لأنه لا يتصل مع أبراج التغطية الخلوية العادية، إلا أنّه وفقاً لاقتراح الباحثين يمكن تغيير هذا في المستقبل.

يقول فامسي تلّا Vamsi Talla أحد أعضاء الفريق: "تستطيع تَخَيُّل دمج تقنية المحطة الرئيسية مستقبلاً في جميع الأبراج الخلوية أو أجهزة توجيه بيانات الواي فاي Wi-Fi routers".

ويضيف: "يمكنك الحصول على تغطية للهاتف المحمول الخالي من البطارية في كل مكان في حال احتواء كل منزل على جهاز توجيه بيانات واي فاي".

قد تبدو الفكرة جديدة، إلا أن جذورها تعود إلى الاستخدامات القديمة لتقنية الراديو. في الواقع، استوحى الفريق تنفيذهم لمبادئ التشتت الارتدادي من حادثة خلال الحرب الباردة، عندما وضع السوفييت جهازاً للتنصّت في ختم الولايات المتحدة العظيم وذلك قبل تقديمه كهدية إلى السفير الأمريكي في موسكو ولم يكن هذا الجهاز بحاجة إلى البطارية حتى يعمل.

ويقول جوشوا سميث Joshua Smith أحد الباحثين، للصحفي مارك هاريس Mark Harris من مجلة ويرد Wired: "لقد كان والدي جاسوساً في الحرب الباردة، لذا سمعت قصصاً عن جهاز التنصّت الذي وُضِع في الختم العظيم عندما كنت طفلاً".

ويضيف سميث: "كنت أتساءل عن إمكانية التحكم برمجياً بالتشتت الارتدادي التناظري وتحويله من مجرد فضول للتجسس إلى تقنية يمكن للجميع استخدامها".

وعلى الرغم أنه من المبكر رؤية هذا النوع من الاتصالات الذي لا يتطلب بطاريات مدمجة في الهواتف الذكية الحالية في المستقبل القريب، إذ تتطلب شاشاتها ومكوناتها الأخرى المزيد من الطاقة، إلا أنّ هذه التقنية تُمثِّل اتجاهاً واعداً للبحث في المستقبل، وخاصة مع أهمية المكالمات الهاتفية الأساسية في الحياة الحديثة.

ويضيف سميث: "إذا كان عليك اختيار جهاز واحد ليكون خالياً من البطارية، ماذا كنت ستختار؟ إنّ الهاتف الخلوي هو أحد الأشياء المفيدة للغاية، تخيل لو نفدت بطارية هاتفك الآن وبقي باستطاعتك الاستمرار في إرسال الرسائل وإجراء المكالمات".

نشرت النتائج في Proceedings of the ACM on Interactive, Mobile, Wearable and Ubiquitous Technologies.

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات