كاسيني: عشرون عاماً من العطاء والاكتشافات

كان انطلاق الرحلة منذ البداية عام 1982 تصوراً لتجربة عالمية، وجاءت مباشرةً بعد تحليق مركبتي فوياجر (Voyager) الفضائيتين التابعتين لناسا بجانب كوكب زحل، حيث زادت تحليقات فوياجر من نهم علماء الكواكب للمزيد من الاستكشافات الأعمق، وخصوصاً فيما يتعلق بالقمر الغامض تيتان (Titan).

 

ومنذ انطلاقها في 15 تشرين الأول/أكتوبر عام 1997، وبعد سبع سنوات من رحلتها عبر النظام الشمسي، وصلت كاسيني Cassini إلى الموقع المحدد عام 2004، حيث إنها أول مركبة فضائية أرسلها البشر إلى زحل لتبدأ مرحلة جديدة من الاستكشاف.

 

وقامت كاسيني بالعديد من الاكتشافات الهامة خلال المدة التي قضتها هناك منها محيط شامل بمؤشرات تدل على نشاط مائي ضمن القمر الثلجي إنسيلادوس وبحار ميثان سائلة على قمر آخر وهو تيتان.

 

اكتشافات كاسيني


اكتشفت كاسيني فجوات إضافية في حلقات زحل، وعواصف وأنماط دوامة على سطح زحل، كما اكتشفت أقماراً إضافية، ووجدت مجموعة متنوعة من الجزيئات حتى عثورها على أدلة على تدفق الميثان السائل على سطح تيتان وهو ما تنبأه العالم الفلكي العظيم كارل سيغان عام 1994، إذ كشفت عن مئات البحيرات والبحار المملوءة بالهيدروكربونات والمنتشرة في كافة أرجاء المنطقة القطبية الشمالية لتيتان، والهيدروكربونات نوع من المركبات العضوية التي توجد بشكلٍ طبيعي فوق الأرض ومنها الميثان.

 

وفي نيسان/أبريل من عام 2015 اكتشفت كاسيني دليلاً على وجود محيط من المياه السائلة تحت سطح قمر زحل الجليدي (إنسيلادوس)، و كان هذا الاكتشاف مثيراً بشكل خاص لأنه يُثير احتمال كون القمر موطناً لأشكال خارجية من الحياة.

 

إنسيلادوس Enceladus
إنسيلادوس Enceladus

 

كشفت المهمة -مع تركيبتها القوية للأدوات العلمية المتكاملة- وجود أعمدة متصاعدة تظهر من الشقوق الدّافئة نسبياً على السطح المتعرّج، حيث تتكون هذه الأعمدة من أملاح و بخار الماء و الجليد بالإضافة للمواد العضوية. نشرت نتائج علوم الجاذبية في 2014 اقتراحاً يؤكّد وجود محيط بعمق 6 أميال (10كيلومتر) في الأسفل من الغلاف الجليدي ذو السماكة التي تقدر بحوالي 19 إلى 25 ميل (30 إلى 40 كيلومتر).  
 

تهدف بعثة كاسيني إلى توسيع دائرة معرفتنا عن كوكب زحل وحلقاته وأقماره، وتتلخص مهمتها في استكشاف نظام الكوكب برمته بأدق التفاصيل الممكنة، بحيث تستكشف الجو والبنية الداخلية والأقمار المحيطة به وحلقاته المدهشة ومجاله المغناطيسي.

 

حيث قطعت 4.9 مليار ميل منذ بداية مهمتها، وجمعت 635 غيغابايت من البيانات والتقطت 453048 صورة، واكتشفت 6 أقمار جديدة تابعة لزحل، وأدّت بذلك إلى نشر 3948 بحثاً علميّاً، فضلاً عن كونها مجهزة بمسبار هويغنز الذي زار قمر زحل العملاق لتيتان، وقد أكملت كاسيني 294 مداراً.

 

تفاصيل الغوص النهائي لكاسيني عبر غلاف زحل الجوي


الأحداث الرئيسية لغطسة كاسيني الأخيرة باتجاه زحل حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech.
الأحداث الرئيسية لغطسة كاسيني الأخيرة باتجاه زحل حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech.


أنهت كاسيني جولتها التي استمرت 13 عاماً في نظام زحل الكوكبي بغوصٍ متعمّد في الغلاف الجوي للكوكب كي تمنع تسرب أي ملوثات للمياه السائلة كانت قد اكتشفتها تحت سطح إنسيلادوس، ولتمنع أي حادث عرضي آخر يمكن أن يسبب تلوث أيّاً من أقمار زحل حيث قد توجد الحياة الأصلية، أو قد تتطور في يوم من الأيام، ستغوص كاسيني نحو حتفها مضيئة في سماء زحل، ومنهية بذلك مَسيرة نجاحات استمرت لأكثر من عشرين عاماً.

 

وقد شكلت هذه الغطسة المصيرية آخر خطوةٍ من مرحلة الختام الكبير (Grand Finale) التي بدأت في أواخر شهر نيسان/أبريل والتي تضمنت 22 عملية غوصٍ بين زحل وحلقاته بمعدل عمليةٍ واحدةٍ كل أسبوع، حيث لم تغامر أي مركبةٍ فضائية بالاقتراب من زحل بهذا القدر من قبل.

 

صورة تظهر الارتفاعات النسبية لكاسيني خلال آخر خمس عمليات مرور لها عبر الغلاف الجوي العلوي لزحل مقارنةً مع الارتفاع الذي ستفقد عنده الإشارة خلال الغوص النهائي. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech.
صورة تظهر الارتفاعات النسبية لكاسيني خلال آخر خمس عمليات مرور لها عبر الغلاف الجوي العلوي لزحل مقارنةً مع الارتفاع الذي ستفقد عنده الإشارة خلال الغوص النهائي. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech.

 

تنبأت الحسابات النهائية للمهمة بأنّ فقدان الاتصال بكاسيني سيجري يوم 15 أيلول/سبتمبر في الساعة 07:55 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (01:55 مساءً بتوقيت القاهرة). حيث دخلت كاسيني الغلاف الجوي لزحل قبل دقيقة واحدة تقريباً من ذلك على ارتفاع 1190 ميلاً (1915 كيلومتراً) تقريباً فوق قمم السحب المقدرة لزحل (الارتفاع الذي يساوي عنده الضغط الجوي 1 بار، أي ما يعادل الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر على الأرض)، وخلال غوصها في الغلاف الجوي لزحل، وصلت سرعة المركبة الفضائية إلى نحو 70000 ميلٍ (113000 كيلومتر) في الساعة، وجرت عملية الغوص النهائية على الجانب النهاري لزحل بالقرب من الظهر المحلي، ودخلت المركبة الغلاف الجوي على خط عرض 10 درجاتٍ شمالاً.

 

يبين هذا المونتاج من الصور التي التقطها مطياف رسم الخرائط العامل بالأشعة تحت الحمراء والمرئية الخاص بكاسيني الموقع على زحل حيث دخلت المركبة الغلاف الجوي في 15 أيلول /سبتمبر 2017.
يبين هذا المونتاج من الصور التي التقطها مطياف رسم الخرائط العامل بالأشعة تحت الحمراء والمرئية الخاص بكاسيني الموقع على زحل حيث دخلت المركبة الغلاف الجوي في 15 أيلول /سبتمبر 2017.


كان موقع دخول كاسيني للغلاف الجوي في الجانب المظلم (ليلاً) ولكن أصبحت في الجانب المضاء عند قيام كاسيني بآخر عمليات غوص في الغلاف الجوي العلوي؛ وبذلك أنهت ثلاثة عشر عاماً من الاستكشاف على زحل. 
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات