نظام لتحويل الطاقة الشمسية إلى وقود عبر تدوير ثاني أكسيد الكربون، هل هذا ممكن؟

إنتاج فعّال وبقدر قليل من الطاقة اللازمة وذلك عن طريق التمثيل الضوئي

سخَّر العلماء في مختبر لورانس بيركلي الوطني التابع لوزارة الطاقة (مختبر بيركلي) Department of Energy's Lawrence Berkeley National Laboratory (Berkeley Lab) قوة التمثيل الضوئي لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود وكحول بكفاءة أعلى بكثير من النباتات. ويمثل هذا الإنجاز معلمًا هامًا في الجهود الرامية إلى الانتقال نحو مصادر مستدامة للوقود.

وقد نجحت العديد من النُظم في خفض ثاني أكسيد الكربون بنجاح إلى السلائف الكيميائية والوقودية، مثل أول أكسيد الكربون أو مزيج من أول أكسيد الكربون والهيدروجين المعروف باسم الغاز الصناعي syngas. إن هذا العمل الجديد، الذي وُصِف في دراسة نشرت في مجلة Energy and Environmental Science، هو أوَّل من أثبت بنجاح نهج الانتقال من ثاني أكسيد الكربون مباشرة إلى المنتجات المستهدفة، وهي الإيثانول والإيثيلين، وذلك بكفاءة تحويل للطاقة تنافس نظائرها الطبيعية وتتفوق عليهم.

وقد قام الباحثون بذلك من خلال تحسين كل مكوّن من مكونات نظام كهروكيميائي-ضوئي لتقليل فقدان الجهد، وخلق مواد جديدة عندما لم تكن تلك الموجودة كافية.

تمثل الصورة مخططًا لخلية تحليل كهربائي تعمل بالطاقة الشمسية وتحول ثاني أوكسيد الكربون إلى مركبات هيدروكربونية ومؤكسجة بفعالية أعلى بكثير من التمثيل الضوئي الطبيعي. تسمح الإلكترونات متماثلة الطاقة للنظام بأن يعمل ضمن مجال ممتد من ظروف توافر الطاقة الشمسية. الحقوق: Clarissa Towle/Berkeley Lab
تمثل الصورة مخططًا لخلية تحليل كهربائي تعمل بالطاقة الشمسية وتحول ثاني أوكسيد الكربون إلى مركبات هيدروكربونية ومؤكسجة بفعالية أعلى بكثير من التمثيل الضوئي الطبيعي. تسمح الإلكترونات متماثلة الطاقة للنظام بأن يعمل ضمن مجال ممتد من ظروف توافر الطاقة الشمسية. الحقوق: Clarissa Towle/Berkeley Lab


يقول الباحث الرئيسي جويل أجر Joel Ager، وهو عالمٌ في مختبر بيركلي مع مهام مشتركة في قسمي علوم المواد والعلوم الكيميائية: "هذا تطوُّرٌ مثير. بما أنَّ ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تغير مناخ الأرض، أصبحت الحاجة إلى تطوير مصادر الطاقة المستدامة أكثر إلحاحًا، ويُظهر عملنا هنا أنَّ لدينا طريقًا معقولًا لصنع الوقود مباشرة من أشعة الشمس".

هذا المسار من الشمس إلى الوقود هو من بين الأهداف الرئيسية للمركز المشترك للتمثيل الضوئي الاصطناعي (جكاب) Joint Center for Artificial Photosynthesis (JCAP)، وهو مركز الابتكار في مجال الطاقة التابع لوزارة العلوم DOE Energy Innovation Hub الذي أنشئ في عام 2010 لتعزيز أبحاث الوقود بالطاقة الشمسية. أُجريت الدراسة في الحرم الجامعي لمختبر جكاب في بيركلي. وكان التركيز الأولي للبحوث في جكاب هو معالجة مشكلة تقسيم كفاءة المياه في عملية التمثيل الضوئي. بعد أن حُققت هذه المهمة إلى حدٍ كبيرٍ باستخدام عدة أنواع من الأجهزة، بدأ علماء جكاب العاملون على موضوع الحد من ثاني أكسيد الكربون عن طريق الطاقة الشمسية بوضع رؤيتهم بهدف تحقيق كفاءات مماثلة لتلك التي عُرِضت بهدف تقسيم المياه، والتي يعتبرها العديد التحدي الكبير المقبل في التمثيل الضوئي الاصطناعي. وهناك مجموعة بحثية أخرى في مختبر بيركلي تعالج هذا التحدي من خلال التركيز على عنصر معين في نظام الكهروضوئية. وفي دراسة نشرت اليوم، وصفوا محفّزًا جديدًا يمكن أن يستعمل لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى متعدد الكربون باستخدام مُدخلات قياسية منخفضة من الطاقة.

ليس فقط ظُهرًا


في دراسة جكاب هذه، صمم الباحثون نظامًا كاملًا للعمل في أوقات مختلفة من اليوم، وليس فقط على مستوى الطاقة الضوئية الذي يقدر بإضاءة شمسية واحدة (1)، وهو ما يعادل ذروة السطوع عند الظهر في يوم مشمس. حيث قاموا بتغيير سطوع مصدر الضوء لإظهار أنّ النظام لا يزال فعالًا حتى في ظروف الإضاءة الخافتة.

عندما قرن الباحثون الأقطاب إلى الخلايا الضوئية السيليكونية، حققوا كفاءات تحويل للطاقة الشمسية تقدر من 3 إلى 4 في المئة لكل 0.35 إلى إضاءة شمسية واحدة. تغيير التكوين لجعله عالي الأداء، مع الخلايا الشمسية المتصلة جنبًا إلى جنب أسفر عن زيادة في كفاءة التحويل إلى الهيدروكربونات والأوكسجين والتي تجاوزت 5 في المئة عند إضاءة شمسية واحدة.

وقال أجر الذي يشغل أيضًا منصب أستاذ مساعد في قسم علوم المواد والهندسة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي: "لقد قمنا برقصة صغيرة في المختبر عندما وصلنا إلى 5 في المئة".

ومن بين المكونات الجديدة التي طورها الباحثون مهبط نانوكورال نحاسي وفضي، مما يحول ثاني أكسيد الكربون إلى هيدروكربونات وأكسجينات مشبعة، ومصعد أنبوب نانوي من أوكسيد الإيريديوم، الذي يؤكسد الماء وينتج الأوكسجين. وقال أجر: "إن ميّزة نانوكورال الرائعة هي أنّه، مثل النباتات، يمكن أن يشكّل المُنتجات المُستهدفة ضمن نطاق واسع من الظروف، وأنها مستقرة جدًا". وصف الباحثون المواد في المركز الوطني للمجهر الإلكتروني في المسبك الجزيئي Molecular Foundry، وهو مكتب وزارة العلوم مرفق المستخدم العلمي في مختبرات بيركلي. ساعدتهم النتائج على فهم كيفية عمل المعادن في المهبط المكون بنظام المعدنين. على وجه التحديد، علموا أن الفضة تساعد في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون، في حين أن النحاس يكمّل العملية من تلك النقطة فيحول أول أكسيد الكربون إلى مزيد من الهيدروكربونات والكحوليات.

البحث عن الأفضل، والتفككات ذات الطاقة القليلة


لأن ثاني أكسيد الكربون جزيء مستقر جدًا، فإن تفكيكه عادة يتطلب كمية كبيرة من الطاقة، إذ قال المؤلف الرئيسي للدراسة غوروديال Gurudayal، زميل ما بعد الدكتوراه في بيركلي لاب: "إنَّ تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى منتج هيدروكربوني نهائي مثل الإيثانول أو الإيثيلين يمكن أن يتطلب 5 فولت. إلا أنّ نظامنا خفّض ذلك إلى النصف مع الحفاظ على انتقائية النواتج."

والجدير بالذكر أنّ الأقطاب تعمل بشكلٍ جيد في الماء، حيث أنه بيئة محايدة بالنسبة للرقم الهيدروجيني pH. وقال غوروديال: "تعمل مجموعات البحث العاملة على المصاعد في الغالب باستخدام الظروف القلوية لأن المصاعد تتطلب عادة بيئة عالية الرقم الهيروجيني، وهي ليست مثالية لحلولية ثاني أكسيد الكربون. من الصعب جدا العثور على مصعد يعمل في ظروف محايدة".

 


قام الباحثون بتخصيص المصعد عن طريق زيادة الأنابيب النانوية من أكسيد الإيريديوم على سطح أكسيد الزنك لخلق مساحة سطح أكثر اتساقًا لدعم التفاعلات الكيميائية بشكل أفضل.

يقول فرانسيس هول Frances Houle نائب مدير مركز العلوم والبحوث في مركز جكاب الذي لم يكن جزءًا من الدراسة: "خلال أداء كل خطوة بعناية، أظهر هؤلاء الباحثون مستوى من الأداء والكفاءة لم يكن الناس يعتقدون أنه ممكن في هذه المرحلة"، وأضاف: "هذه خطوة كبيرة إلى الأمام في تصميم الأجهزة للتقليل من CO2 بشكل كفؤ واختبار المواد الجديدة، ويوفر إطارًا واضحًا للتقدم المستقبلي لأجهزة خفض ثاني أكسيد الكربون التي تعمل بالطاقة الشمسية بالكامل".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الغاز (Gas): أحد الحالات الأساسية الثلاث للمادة. في هذه الحالة تتحرك الذرات، أو الجزيئات، أو الأيونات بحُريّة، فلا ترتبط مع بعضها البعض. وفي علم الفلك، تُشير هذه الكلمة عادةً إلى الهيدروجين أو الهيليوم. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات