تقنيات الحمض النووي تحدث نقلة نوعية في تكنولوجيا التعرف على الوجوه

حقوق الصورة: shutterstock


قام قسم شرطة لندن مؤخرًا بتجربة نظامٍ جديدٍ للتعرف على الوجوه إلا أنهم ارتكبوا خطأً مقلقًا ومربكًا، حيث أنه في كرنفال نوتينغ هيل Notting Hill Carnival أعطت التقنية ما يقارب الـ35 تطابقًا خاطئًا بين مشتبهٍ بهم معروفين وأفراد من الجمهور، مما أدى إلى اعتقال الشخص الخاطئ. وحيث كان من المفترض أن تقودنا أنظمة الأمان المعتمدة على كاميرات المراقبة إلى مجتمعٍ أكثر أمنًا، ولكنه وعلى الرغم من العقود الطويلة من التطورات فإنها لا تستطيع التعامل بشكلٍ جيدٍ مع مواقف الحياة الواقعية.

فعلى سبيل المثال، ساهمت برمجيات التعرف على الوجوه باعتقال شخصٍ واحدٍ فقط من أصل 4962 من المشاركين خلال التظاهرات التي حدثت عام 2011 في لندن. وإن فشل هذه التقنية يعني أن نظم المراقبة الأمنية ما زالت تعتمد بشكلٍ أساسيٍّ على أشخاصٍ يجلسون في غرفٍ مظلمةٍ يقضون ساعاتٍ في مشاهدة ما صورته الكاميرات، وهي طريقةٌ غير فعالةٍ على الإطلاق لحماية سكان مدينةٍ ما.

ولكن الأبحاث الحديثة بينت أن برمجيات تحليل الفيديو يمكن أن تتطور بشكلٍ كبيرٍ جدًّا بفضل تطوراتٍ حدثت في مجالٍ مختلفٍ تمامًا وهو تحليل سلاسل الحمض النووي DNA. إذا عاملنا الفيديو وكأنه مشهدٌ يتطور بنفس طريقة تطور الـDNA، فإن التقنيات والأدوات البرمجية هذه يمكنها أن تُحدث نقلةً نوعيةً في مجال المراقبة الأمنية. فقامت شرطة العاصمة لندن بتركيب كاميرات المراقبة الأولى (CCTV)، والتي تُعرف بنظام الدارات التلفزيونية المغلقة، في عام 1960، وقد وصل عدد هذه الكاميرات في المملكة المتحدة الآن إلى 6 ملايين كاميرا.

بالإضافة إلى ذلك، خُصّصت كاميراتٌ متنقلةٌ يرتديها الضباط على الخطوط الأمامية، مما أدى إلى زيادة كمية تسجيلات الفيديو الواجب تحليلها مع زيادة تعقيد البيانات بسبب الحركة المستمرة للكاميرات. إلا أن المراقبة الأمنية الآلية ما زالت تقتصر في معظمها على مهماتٍ في بيئاتٍ مُسيطَر عليها نسبيًا. فمثلًا، كشف التعدي على ملكيةٍ ما أو معرفة عدد الأشخاص الذين يمرون عبر بوابةٍ معينةٍ هي من المهام التي يمكن تنفيذها بشكلٍ دقيقٍ.

ولكن لا يمكن الاعتماد عليها في مهامَّ أخرى كتحليل تسجيلاتٍ مصورةٍ لمجموعةٍ من الأشخاص أو التعرف على أشخاصٍ محددين ضمن شارعٍ عام لأن التصوير الخارجي غير مستقرٍ وكثير التغير.

إننا نحتاج إلى برمجياتٍ يمكنها التعامل مع هذه التغيرات التي تحدث من أجل تحسين عملية تحليل الفيديو التلقائية بدلًا من اعتبارها عقبة. لذلك فإن أهم المجالات التي تتعامل مع كميةٍ ضخمةٍ من البيانات المتغيرة هي دراسة الصفات الوراثية. حيث أنه قد جُمعت ثلاثة مليارات نوعٍ من الحمض النووي لأول جينوم بشري (عدد مجموعة بيانات الجينات الكلية للإنسان) بشكلٍ متعاقبٍ في عام 2001، وقد ازداد إنتاج هذا النوع من البيانات الوراثية بمعدلٍ أسيٍّ.

وبسبب كمية البيانات الصرفة ودرجة التباين فيما بينها استوجب رصد مبالغَ ومصادرَ كبيرةٍ من أجل تطوير برمجياتٍ متخصصةٍ وبرامجَ حاسوبيةٍ للتعامل معها.

وقد استطاع العلماء حاليًا الوصول بسهولةٍ نسبيةٍ إلى خدمات تحليل الجينوم من أجل دراسة جميع الحالات، مثل دراسة كيفية مقاومة الأمراض وتصميم معالجٍ طبيٍّ ذاتيٍّ، إضافةً إلى دراسة أسرار التاريخ الإنساني. 

تطلب تحليل الصفات الوراثية دراسة تطور الجينات، وذلك عن طريق تتبع ما طرأ عليها من طفراتٍ عبر العصور. وهذا يشابه بشكلٍ كبيرٍ التحدي الذي حصل في أنظمة المراقبة الأمنية، حيث اعتمد تفسير التطور للمشهد خلال الزمن إلى اكتشاف وتعقب الأشياء المتحركة. وعن طريق معالجة هذه الاختلافات فإن الصور تقوم بتشكيل شريط فيديو يحاكي الطفرات، لذلك يمكن تطبيق تقنياتٍ متطورة من أجل تحويل تحليل دراسة الجينات إلى شريطٍ مصوّرٍ.

وقد برهنت الاختبارات المبدئية لمبدأ فيديو الجينات vide-omics مدى فعاليته. وبين فريق الباحثين في جامعة كينغستون أنه يمكن القيام بعملية تحليل هذه الفيديوهات حتى ولو التُقِطت بكاميرا متنقلة. حيث استطاعوا مجاراة ذلك عن طريق اعتبار حركة الكاميرا كنوعٍ من الطفرات وبذلك يبدو وكأن المشهد التُقِط بكاميرا ثابتة.

وفي الوقت نفسه، أظهر الباحثون في جامعة فيرونا University of Verona إمكانية تشفير مهام معالجة الصورة بالطريقة التي تعمل بها الأدوات المستخدمة في دراسة المورثات، ويستحوذ هذا الأمر على أهميةٍ خاصةٍ حيث يقلل هذا النظام الوقت والتكلفة المستخدمة في تطوير البرمجيات بشكلٍ ملحوظٍ.

وأخيرًا بسبب ضم هذا النظام مع الاستراتيجية الجديدة أصبح نظام المراقبة الأمنية الموعود جاهزًا. وإذا اعتُمِدت تقنية
vide-omics فستُنتَج كاميراتٌ أكثر ذكاءً وتطورًا في العقد القادم. وفي هذه الحالة ستكون عملية رصد الفيديو أفضل بكثيرٍ.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات