يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
أزمة بحر آرال

يقع بحر آرال Aral Sea في آسيا الوسطى، بين الجزء الجنوبي من كازاخستان وشمال أوزبكستان.
 

حتى الربع الثالث من القرن العشرين، كان رابع أكبر بحيرةٍ مالحةٍ في العالم، حيث احتوى على 10 غرامات من الملح لكل لتر، وقد عمل نهرا أمو داريا وسير داريا على تغذية البحر، حيث اتصلا به من خلال الجزء الجنوبي والشمالي.
 

في الستينيات، قررت الحكومة السوفياتية تحويل تلك الأنهار حتى تتمكن من ري المنطقة الصحراوية المحيطة بالبحر، مفضلين بذلك الزراعة على تغذية حوض بحر آرال.
 

والسبب في أننا قررنا استكشاف الآثار المترتبة حتى اليوم على هذا التغير البشري في البيئة هو أن خصائصَ معينة في المنطقة، من جغرافيتها إلى نمو سكانها، تسببت في عواقبَ وخيمةٍ منذ حفر القنوات، وتتراوح هذه العواقب ما بين التغذية المرتدة غير المتوقعة للمناخ climate feedbacks إلى قضايا الصحة العامة، مما يؤثر على حياة الملايين من الناس داخل المنطقة وخارجها.
 
من خلال إنشاء برنامج لتطوير الزراعة وخاصة زراعة القطن، قامت الحكومة السوفياتية في الخمسينيات بقيادة الرئيس خروتشوف بحرمان بحر آرال من مصدرين رئيسيين للمياه، مما قلل على الفور تقريبًا من وصول الماء إلى البحر. ولم تُحوَّل كلّ هذه المياه إلى قنواتٍ على حساب إمداد بحر آرال وحسب، بل إنّ الغالبية العظمى منها امتصتها الصحراء وهُدرت بشكلٍ صارخٍ (بين 25٪ و75٪ منها، حسب الفترة الزمنية).
 
بدأ مستوى المياه في بحر آرال يتناقص بشكلٍ كبيرٍ منذ عقد الستينيات فصاعدًا. في الظروف العادية، يحصل بحر آرال على خُمس إمداداته من المياه تقريبًا من الأمطار، في حين يحصل على الباقي من نهري أمو داريا وسير داريا. يؤدي التبخر إلى انخفاض مستوى المياه بنفس المقدار الذي يتدفق إلى البحر، مما يجعله مستدامًا طالما أنّ معدل التدفق يساوي معدل التبخر في المتوسط. ولذلك فإنّ تحويل الأنهار هو سبب الخلل الذي تسبب في جفاف البحر ببطء على مدى العقود الأربعة الماضية.
 
ارتفع مستوى الملوحة من نحو 10 غرام/لتر إلى أكثر من 100 غرام/لتر فيما تبقى من جنوب بحر آرال. تتفاوت ملوحة الأنهار حسب المكان والزمان، وكذلك تتغير من فصلٍ لآخر. عند المرور عبر الصحراء، غالبًا ما تجمع الأنهار بعض الأملاح من الأرض مما يؤدي لارتفاع ملوحة المياه، ولكن قد تنخفض مرةً أخرى بعد المرور عبر الأراضي المروية. كما تؤثر السدود على الملوحة، لا سيما من خلال تقليل تباينها مع الفصول.
 

تميل البحيرات الأصغر داخل بحر آرال التي حُرمت من تغذية مياه النهر إلى التمتع بملوحةٍ كبيرةٍ بسبب التبخر، مما يسبب موت بعض أو كل الأسماك التي نجت أو أعيد إدخالها في التسعينيات.
 

حتى إنّ إعادة ري تلك البحيرات لن يعوض عن زيادة الملوحة على مر السنين. في عام 1998، انخفض منسوب المياه بمقدار 20 مترًا، وبلغ إجمالي حجم المياه المتبقية 210 كيلومترٍ مكعب مقابل 1060 كيلومتر مكعب في عام 1960.
 
 
(source: http://www.envis.maharashtra.gov)
(source: http://www.envis.maharashtra.gov)

 
 
معظم التغيرات في المناخ والمناظر الطبيعية في حوض بحر آرال هي على الأقل نواتجُ غير مباشرةٍ من التغيرات التي يسببها الإنسان. وبينما يجب أن نتذكر في جميع الأوقات أنّ البشر هم المسؤولون عن الأزمة التي تَكشَّفَت في بحر أرال وحوله، فإن النقطة المهمة هي أن معظم التغيرات الفعلية التي أصابت البحر منذ الستينيات هي نتيجةٌ لرد فعل البيئة على الضغوط التي فرضها المجتمع عليها.
 

وبالتالي، فإن الصعوبة تكمن في فهم الطريقة التي يعمل بها المناخ والنظم الطبيعية الأخرى، إضافةً إلى القدرة على تقييم العواقب المحتملة لأعمالنا قبل أن نقوم بها. وينبغي أن يقلل تقييم المخاطر المقترن بالفهم العلمي من عواقب أفعالنا بكفاءةٍ أكبر، كما أنّ إضافة بُعدٍ أخلاقيٍّ للمعادلة هو موضع ترحيبٍ إضافةً إلى العوامل التي يمكن الوصول إليها وقياسها كميًا، ولكن من الهش جدًا أن يكون ذلك المحور هو الذي تعتمد عليه قراراتنا قبل أن نلتزم بإجراءاتٍ واسعة النطاق والتي يمكن في كثير من الأحيان أن تولد ردود فعلٍ أكبر من بيئتنا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات