تعرفوا على مهمة أبولو 7، أولى بعثات أبولو الفضائية المأهولة

 الشعار الرسمي لمهمة أبولو 7، أولى بعثات أبولو الفضائية المأهولة بالطاقم
حقوق الصورة: NASA


أهداف المهمة


إظهار أداء مركبة القيادة ووحدة الخدمة Command and Service Module مع الطاقم، وأداء مرافق دعم المهمة عندما تكون المهمة مأهولة بالطاقم، بالإضافة إلى قدرة أبولو على الالتقاء، وأداء البث التلفزيوني المباشر من الفضاء.

نظرة عامة على المهمة


كان يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر من عام 1968 يوماً حاراً في قاعدة كيب كانافيرال، لكن نسيماً لطيفاً قام بتخفيف شدة حرارة فلوريدا عندما انطلقت مهمة أبولو 7 من مجمع الإطلاق 34 مسببةً لهيب برتقالي اللون. كان انطلاق صاروخ Saturn IB  إطلاقاً مثالياً في رحلته التجريبية المأهولة الأولى بطاقم مكون من  والي شيرا  Wally Schirra، ودون إيزيل Donn Eisele، ووالت كننغهام Walt Cunningham . وبمجرد اخلاء المركبة لمنصة الإطلاق، تولى فريق مراقبة المهمة المُكوّن من مديري الطيران جلين لوني  Glynn Lunney، وجين كرانز Gene Kranz، وجيري حريفين Gerry Griffin التحكم بالمهمة في هيوستن . انفصلت المرحلة الأولى من Saturn IB  بعد أكثر من دقيقتين سامحةً للمرحلة الثانية، S-IVB، بالإنطلاق فوراً. وقال القائد والي شيرا: "إنها تطير كالحلم." وبعد حوالي 10 دقائق من الإطلاق، حققت أبولو 7 مداراً اهليجياً  أبعاده 140ميل (طول المحور الأصغر) و 183 ميل (طول المحور الأكبر) فوق الأرض.

 

انطلاق صاروخ Saturn IB11 يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر من عام 1968  حقوق الصورة: NASA
انطلاق صاروخ Saturn IB11 يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر من عام 1968 حقوق الصورة: NASA


طاقم أبولو 7 الأساسي، حيث يظهر من اليسار إلى اليمين رواد الفضاء دون إيزيل، طيار وحدة القيادة، ووالتر شيرا، القائد، ووالتر كننغهام، طائر مركبة الهبوط على القمر.  حقوق الصورة: NASA
طاقم أبولو 7 الأساسي، حيث يظهر من اليسار إلى اليمين رواد الفضاء دون إيزيل، طيار وحدة القيادة، ووالتر شيرا، القائد، ووالتر كننغهام، طائر مركبة الهبوط على القمر. حقوق الصورة: NASA

 
بقيت مرحلة S-IVB مرتبطةً بوحدة القيادة والخدمة لنحو مدار ونصف حتى الانفصال. وقد أطلق شيرا صواريخ وحدة القيادة والخدمة الصغيرة للانفصال مسافة 50 قدماً عن S-IVB. ثم قلَب المركبة الفضائية لمحاكاة الالتقاء والإرساء، حيث سيكون هذا ضروريًا لاستخراج مركبة الهبوط على القمر في المستقبل. وفي اليوم التالي، عندما كان كلٌ من وحدة القيادة والخدمة و S-IVB على بُعد حوالي 80 ميلًا (129 كيلومتراً) عن بعضهما البعض، اقترب شيرا وزملاؤه المركبة المهجورة البالغ طولها 59 قدمًا مسافة 70 قدمًا لمحاكاة الالتقاء. شمل ذلك أول اطلاقين لنظام خدمة الدفع.

 

أبلغ كننغهام فريق المهمة أنّ لوحات مُحول الوحدة القمرية لم تُفتح بالكامل، الأمر الذي ذكّر توماس ستافورد  Thomas Stafford، مسئول الاتصالات مع الكبسولة، أو كابكوم  capcom، بمركبة أجينا Agena التي واجهها في مهمة جيميني 9  Gemini IX. كان من الممكن أن يسبب هذا الخطأ مشكلة في أي مهمة تحمل الوحدة القمرية، لكن كان سيتم فصل الألواح باستخدام متفجراتٍ صغيرة في الرحلات الفضائية المستقبلية.


عمِلت الأنظمة بشكل طبيعي ولكن الطاقم عانى من بعض الإزعاج البدني. أصيب شيرا بنزلة برد بعد حوالي 15 ساعة من الرحلة، وسرعان ما تبعه كننغهام وإيزيل. ومع كون البرد غير مريح بما فيه الكفاية على الأرض، فهو يشكل مشكلة مختلفة في حالة انعدام الوزن. حيث يتراكم المخاط ويملأ الجيوب الأنفية ولا يتسرب خارج الرأس. والطريقة الوحيدة للتخلص منه هي الزفير بقوة، وهو أمر مؤلم لطبلتا الأذن. ولم يملك الطاقم أي خيار سوى تحمل أعراضهم باستعمال الأسبرين ومضادات الاحتقان.


كانت مهمة أبولو 7 أول مهمة يتم بثها من الفضاء، لكن السماح به شكّل مصدراً جاداً للجدال في اجتماعات ناسا. اتُّخذ القرار بحمل كاميرا فيديو وزنها 4.5 رطل قبل المهمة مباشرةً، وقد أجرى الطاقم أول بثٍ تلفزيوني من أصل سبعة في يوم المهمة الرابع (14 تشرين الأول/أكتوبر). وبالرغم من بساطة هذا البث إلا أنه كان بمثابة لحظات تعليمية للجمهور على الأرض.


سبب أداء محرك وحدة الخدمة فرحًا كبيراً. وكانت تلك المرحلة الوحيدة التي لا يستطيع فيها رواد الفضاء التبديل مع أنظمة زائدة أو احتياطية. وفي أوقات الرحلة القمرية الحرجة كان على المحرك أن يعمل، أو أنّ الطاقم ببساطة لن يتمكن من العودة إلى الوطن. كانت كل محاولات الإطلاق الثمانية للمحركات في مهمة أبولو 7 شبه مثالية. في المحاولة الأولى، تعرض الطاقم لمفاجأة حقيقية. فعلى النقيض من الإقلاع السلس لصاروخ ساتورن، هزّ انطلاق المحركات الخاصة بوحدة الخدمة رواد الفضاء، مما سبب صراخ شيرا قائلاً "Yabadabadoo!" مثل شخصية الرسوم المتحركة فريد فلينتستون Fred Flintstone. في وقت لاحق، قال إيزيل: "لم نعرف تمامًا ما يجب توقعه، ولكننا حصلنا على أكثر مما مما كنا نتوقع." مضيفًا أنه شعر وكأنه قد أصبح ثملاً على مقعده.


أدت وحدة القيادة والخدمة لأبولو مهمتها بشكل ممتاز. أدت المركبة الفضائية مهمتها لمدة 11 يوما تقريباً – أطول من رحلة من وإلى القمر، وقد عملت الأنظمة الأخرى في المركبة الفضائية كما كان ينبغي مع بعض الاستثناءات. فمن الحين للآخر، كانت إحدى خلايا الوقود الثلاث التي تزود المركبة بالكهرباء تكتسب بعض الحرارة المرتفعة غير المرغوب فيها، لكن ربطات التحميل المشتركة بين الخلايا حالت دون حدوث أي نقص في الطاقة. اشتكى الطاقم من المراوح الصاخبة في الدوائر البيئية وأطفأوا اثنين منها. بقيت الكابينة مريحة على الرغم من تعرق خطوط سائل التبريد مما أدى لتجمع الماء في بقع صغيرة على سطح السفينة، وهو أمرٌ شاهده رائد الفضاء جو كيروين Joe Kerwin  أثناء التدريب في إحدى غرف الارتفاع التابعة لناسا. قام شيرا وطاقمه بتفريغ الماء الزائد إلى الفضاء باستخدام خرطوم تفريغ البول.


للحظة واحدة، اقشعر بدن فريق مركز مراقبة المهمة في هيوستن عندما انقطعت حافلتا التيار المتردد عن النظام الكهربائي للمركبة الفضائية تزامناً مع الدورات الأوتوماتيكية لمراوح وسخانات ومبردات خزان الأكسجين. وقد أعادت إعدادات يدوية لقواطع ناقل التيار المتردد الخدمة العادية.


غطا الضبابا ثلاثة من نوافذ المركبات الفضائية الخمسة بسبب تركيب مانع التسرب بشكل غير صحيح، ولم يُصلح ذلك حتى مهمة أبولو 9. تراوحت الرؤية من نوافذ المركبة الفضائية من المستوى السيء إلى الجيد أثناء المهمة. وفوراً بعد فترة وجيزة من قذف برج الهروب، احتوت نافذتان على رواسب من الدخان الأسود كما تكثقت المياه على نافذتان أخرتان. وبعد ذلك بيومين، ذكر كننغهام أن معظم النوافذ أصبحت في حالة جيدة إلى حدٍ ما، على الرغم من تجمع الرطوبة بين الأجزاء الداخلية لنافذة واحدة.


وحتى مع هذه العوائق البسيطة، كانت النوافذ في حالةٍ مقبولة. فقد ظلت واضحة تقريباً النوافذ المستخدمة للرصد أثناء الالتحام مع مرحلة S-IVB . كان سيكون من الصعب الرؤية الملاحية بعد وقت قصير من تفريغ مياه الصرف، باستخدام تلسكوب وآلة السُدُس sextant (آلة فلكية قديمة استُخدمت لقياس الزاوية بين جسمين أو نجمين)، وذلك لرصد نجوم مهمة أبولو الـ 37 التي اُختيرت مسبقًا. اضطر رواد الفضاء في بعض الأحيان إلى الانتظار عدة دقائق حتى تتشتت الجزيئات المجمدة. وقد أخبر إيزيل أنه إن لم يتمكن من رؤية ما لا يقل عن 40 أو 50 نجمة في وقت واحد، فقد كان من الصعب تحديد الجزء الذي كان ينظر نحوه من السماء، ولكن على العموم كانت النوافذ مُرضية لعمليات الرصد العامة والتصوير.


كانت نسبة مستوى شحن البطاريات اللازمة لإعادة الدخول، بعد التخلي عن خلايا الوقود مع وحدة الخدمة، 50-75% أقل من المتوقع. وكان الأخطر من ذلك هو ارتفاع الحرارة المحتمل لخلايا الوقود، والتي ربما قد تكون فشلت عندما كانت المركبة الفضائية بعيدة جداً عن الأرض لدرجة عدم تمكنها من العودة اعتماداً على البطاريات، حتى لو كانت مشحونة بالكامل. ولكن لحسن الحظ، اُختبرت كل حالة من هذه الحالات الشاذة بشكل مُرضي قبل اطلاق مهمة أبولو 8.


وقبل عدة أيام من انتهاء المهمة، بدأ رواد الفضاء يتساءلون عن خوذات بدلة العودة. كيف سيزفرون المخاط من أنوفهم؟ كما قد يُفجر الضغط الزائد طبلات آذانهم. حاول ديك سلايتون Deke Slayton ،من فريق مهمة التحكم، إقناعهم بارتداء الخوذات على أية حال، ولكن شيرا أصر على عدم ارتدائها. (في نهاية المطاف، أخذ كل فرد من أفراد الطاقم حبوبًا احتقانية قبل حوالي ساعة من العودة وهبطوا على الأرض دون وقوع أي حادث.)


عمل نظام دفع وحدة الخدمة والقيادة، الذي صُمم لدفعها للدخول والخروج من مدار القمر في مهامٍ لاحقة، بشكلٍ مثالي خلال ثماني إطلاقات استمرت  من نصف ثانية إلى 67.6 ثانية. هبط الطاقم في المحيط الأطلسي جنوب شرق برمودا، ما يزيد قليلاً عن ميل واحد من نقطة الاصطدام المخطط لها. ثم التُقطت طائرة مروحية رواد الفضاء واستقروا على ظهر سفينة الإنقاذ التابعة للبحرية الأمريكية USS Essex.

هبوط طاقم أبولو 7 في المحيط الأطلسي. حقوق الصورة: NASA
هبوط طاقم أبولو 7 في المحيط الأطلسي. حقوق الصورة: NASA


أنجزت أبولو 7 مهمتها، وهو اختبار وحدة القيادة والخدمة، وتمهيد الطريق لمهمةٍ نحو المدار القمري التي ستتبعها. وكانت أنشطتها ذات مصلحة وطنية. تضمنت طبعة خاصة من مقتطفات الأخبار التابعة لوكالة ناسا، والمطلق عليها "الأخبار الحالية "Current News قصصًا على صفحتها الأولى من 32 صحيفة موزعة على جميع أنحاء البلاد. وعلى الرغم من أن الاحتفالات التالية للمهمة لم تكن منافسة لاحتفالات أول رحلة مدارية لرائد فضاء أمريكي، جون غلين John Glenn  في عام 1962، إلا أن الحماس كان كبيرًا وقد أخذ يتصاعد أكثر فأكثر مع كل إنجاز من أبولو.


أدت إنجازات مهمة أبولو 7 إلى مراجعة سريعة للخيارات المتاحة لمهمة لأبولو 8. مرّ رواد فضاء أبولو 7 بستة أيام من استخلاص المعلومات لصالح أبولو 8. وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر 1968 التقى مجلس إدارة رحلات الفضاء المأهولة برئاسة جورج مولر George Mueller، المدير المساعد لرحلات الفضاء المأهولة بناسا، في مركز مركبات الفضاء المأهولة (مركز جونسون للفضاء حالياً)، للتحقق في كل مرحلة من مراحل المهمة القادمة. وفي اليوم التالي، كان هناك مراجعة مُطوَّلة لأنظمة مكونات مركبة أبولو 8. وأجرى مدير إدارة وكالة ناسا، توماس باين Thomas Paine، اختبار go/no-go للأنظمة استعداداً لمهمة المدار القمري في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1968 في مقر ناسا الموجود في العاصمة واشنطن.


الطاقم

والتر شيرا جونيور، القائد.
ر. والتر كننغهام، طيار مركبة الهبوط على القمر.
دون إيزيل، طيار وحدة القيادة.

الطاقم الاحتياطي
توماس ستافورد، القائد.
يوجين سيرنان، طيار مركبة الهبوط على القمر.
جون يونغ، طيار وحدة القيادة.

الحمولة
CSM-101

الأحداث المهمة التي سبقت الإطلاق

28/3/68 – وصل مرحلة Saturn 1B في مركز كينيدي

7/4/68 – وصل مرحلة Saturn IVB في مركز كينيدي

11/4/68 – وصل وحدة الأجهزة S-IU في مركز كينيدي

11/5/68 – وصول مركبة الأطلاق إلى مجمع الإطلاق 34

9/8/69 – وصول المركبة الفضائية إلى مجمع الإطلاق 34

17/9/68 – اختبار استعراض العدّ التنازلي


الإطلاق

11 تشرين الأول/أكتوبر 1968، الساعة 11:02:45 صباحاً بالتوقيت الشرقي
مجمع الإطلاق 34
Saturn-IB AS-205
أول إطلاق لوحدة الخدمة والقيادة Block II الخاصة ببرنامج أبولو

أول مهمة مأهولة في برنامج أبولو

أول مهمة فضائية أمريكية تتضمن ثلاثة رواد فضاء

أول بث تلفزيوني فضائي

المدار
الارتفاع: 141.65 ميلاً
الميل: 31.608 درجة
المدارات: 163 دورة
المدة الزمنية: 10 أيام، و20 ساعة، و9 دقائق، و3 ثوانٍ
المسافة المقطوعة: 4,546,918.3 ميل

الهبوط

22  تشرين الأول/أكتوبر 1968، الساعة 7:11:48 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، في المحيط الأطلسي.

سفينة الإنقاذ: USS Essex

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات