يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
لا، لم يأت فيروس كورونا من الفضاء الخارجي

مذنب متوهج، كرة نارية تدخل غلاف الأرض الجوي. المصدر: (حقوق الصورة: Shutterstock)



"تتطلب الادعاءات المدهشة أدلة مدهشة."

مع استمرار تفشي وباء كورونا عبر العالم، بات الناس هلعين، وهم يبحثون عن تفسيرات وأجوبة. وقد اجتاحت فرضية غريبة شبكة الإنترنت، تقول بأن الفيروس قد جاء من الفضاء.

استباق للأحداث: لم يأت الفيروس من الفضاء.

قام مؤخرا شاندرا ويكراماسينغ Chandra Wickramasinghe، المعروف بعمله في علم الفلك، وعلم الأحياء الفلكية، بنشر فكرة مفادها أن الفيروس كان يعيش على مذنب، وأن قطعة من ذلك الحجر الفضائي ربما سقطت على الأرض خلال فترة احتراق ناري قصير فوق الصين في أكتوبر 2019. كما أنه لمّح إلى أن المذنبات الحاملة للفيروسات لربما قد تسببت في تفشي الأوبئة في الماضي أيضاً.

كان ويكراماسينغ قد أكد في الماضي بأنّ مرضاً آخر، وهو متلازمة الجهاز التنفسي الحادة سارس (SARS) قد جاء أيضاً من الفضاء. حتى أنه قام بكتابة كتاب بالاشتراك مع فريد هويل Fred Hoyle عنوانه "أمراض من الفضاء"، وقد حاول لعقود أن يثبت بأن أمراضاً من مثل سارس، والإنفلونزا جاءت من الفضاء.

ومع ذلك، قام العلماء بنقض اقتراحات ويكراماسينغ بأن أي مرض من هذا القبيل هو من أصول فضائية، كما تم إجمالاً اعتبار أفكاره "علماً كاذباً".

صرح عالم الأحياء الفلكية غراهام لاو Graham Lau، الذي يقدم سلسلة "اسأل عالم أحياء فلكية" التابعة لناسا لموقع Space.Com بأنه سيكون أمراً غير مسبوقٍ أن يتم اكتشاف إمكانية نجاة فيروس من الإشعاع الذي سيكون معرضاً له خلال رحلة طويلة عبر الفضاء (بصرف النظر عن الرحلة إلى الأرض)، وأن يقوم بإصابة البشر بالمرض بعد سقوطه. مع ذلك، بالرغم من أنه سيغدو اكتشافاً فريداً وعظيماً لو كان صحيحاً، إلا أن ويكراماسينغ لا يمتلك دليلاً يثبت ادعاءاته.

قال لاو لموقع Space.Com: "إنها إحدى تلك الحالات التي تتطلب فيها الادعاءات المدهشة أدلة مدهشة. بالرغم من أنها فكرة مثيرة للاهتمام، إلا أننا لا نمتلك أي سبب لِتَقبُّل هذه الفكرة في الوقت الراهن."

وأضاف: "أعتقد أنه من المهم أن يقوم العلماء بتحديد العلماء الزائفين، أو العلم الكاذب. لو كان هذا صحيحاً، فسيكون ذلك رائعاً، ولكننا لا نستطيع السماح لأنفسنا بالقفز إلى استنتاجٍ يبدو جيداً دون القيام بأبحاثنا كعلماء."

بالإضافة إلى ذلك، وبحسب ما نعرفه عن فيروس كورونا الجديد المسمى سارس-كوف-2 (SARS-Cov-2)، فإنه يتوافق مع ما نعرفه عن الفيروسات الأرضية. بحسب صحيفة نيويورك تايمز The New York Times فإن الفيروس مسؤول عن مرض كوفيد-19 (Covid-19)، الذي تسبب في إصابة أكثر من نصف مليون شخص حول العالم حتى 26 آذار/مارس 2020.

قال لاو: "لو أن هذا الشيء امتلك بداخله جزيئات حيوية مختلفة عن الحياة كما نعرفها، إذن لربما سيكون هناك داعٍ للتحقيق فيما إذا كان الفيروس من أصول فضائية. ولكن حتى في تلك الحالة قد تكون هناك أسباب أرضية."

قال لاو: "يرتبط ادعاء ويكراماسينغ بنظرية التبذر الشامل Panspermia، وهي نظرية غير مثبتة، قائمة منذ مدة طويلة، تفيد بأن نشوء الحياة على الأرض قد نتج بمساعدة كائنات حية دقيقة ومواد بيولوجية جاءت من الفضاء الخارجي. وعلى الرغم من عدم وجود دليلٍ ملموس بعد على أن التبذر الشامل قد حدث على الأرض، أو إذا كان ممكناً، فيمكن أن يحدث من الناحية النظرية."

قال لاو، نظرياً، يمكن للمواد البيولوجية النجاة فوق حجرٍ فضائي، بحيث تدخل في طورٍ من الخمود، وتستمر بالنجاة إن كانت محمية من الإشعاع في الفضاء، والنجاة من عملية الاصطدام بالأرض. ويجدر بالذكر أنّ العلماء قد وجدوا جزيئات عضوية كالأحماض الأمينية بداخل نيازك.

ولكن، بالرغم من هذه الاحتمالات النظرية، لا يوجد دليلٌ ذو مصداقية يثبت أن فيروس كورونا الجديد جاء من الفضاء الخارجي، وذلك وفقاً لقول لاو.


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات