يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
معدل توسع الكون يختلف اعتمادًا على المكان الذي تنظر إليه

منحت عمليات الرصد التي قدمها التلسكوب هابل التابع لناسا والتلسكوب غايا التابع لوكالة الفضاء الأوروبية  للباحثين أكثر القياسات دقةً حتى الآن لمعدل توسع الكون. قاس العلماء المسافات بين مجرات قريبة باستخدام النجوم المسماة "متغيرات قيفاوي" ذوات نمط سطوعٍ موحد. حقوق الصورة: A. Felid (STScL)/NASA/ESA



يزداد معدل توسع الكون غرابةً، إذ تظهر البيانات الجديدة تباينًا في مدى سرعة توسع الكون بين المجرات المجاورة والبعيدة.

قال الباحثون المشاركون في الدراسة بأنّ هذا “التوتر” قد يعني أننا بحاجة إلى مراجعة فهمنا لفيزياء الكون، بما في ذلك المادة المظلمة والطاقة المظلمة.

أظهرت قياسات جديدة من تلسكوبي هابل وغايا أنّ معدل التوسع بالنسبة لمجرات قريبة نسبيًا يبلغ 73.5 كيلومتر في الثانية لكل مليون فرسخ فلكي. هذا يعني أن المجرات التي تبعد عنا 3.3 مليون سنة ضوئية تبتعد عنا بسرعة 73.5 كيلومتر في الثانية.

لكن وفقًا لقياسات سابقة من تلسكوب بلانك، تتحرك المجرات الأبعد بشكلٍ أبطأ نوعًا ما، بسرعة 67 كيلومترًا في الثانية تقريبًا لكل مليون فرسخ فلكي.

قال أعضاء الفريق في بيانٍ أن التباين يزداد في الواقع بين عمليتي القياس مع قيام الباحثين بتسحين قياساتهم. تُظهر البيانات وجود فرقٍ شاسعٍ بين القياسات يصل إلى أربعة أضعاف عدم اليقين المشترك بينها، وهي قيمة تعكس مستوى ثقة الباحثين في النتائج.

يقول المؤلف الرئيسي آدم ريس Adam Riess وهو عضو بارز في فريق العلوم في معهد علوم تلسكوب الفضاء (STScI) في بالتيمور وهو أيضًا أستاذٌ في الفيزياء والفلك في جامعة جونز هوبكنز "هذا التباين في تزايد، وقد وصل الآن إلى نقطة يصعب استبعادها باعتبارها مجرد خطأ في القياسات."

ويضيف "يبدو الأمر كما لو أنك تنبأت بالطول المستقبلي لطفلٍ ما باستخدام مخطط نمو، ثم وجدت بعد نمو الطفل أنه تجاوز الطول المتوقع بمقدارٍ هائل، نحن في غاية الحيرة."

النجوم المتغيرة وأشعة الخلفية الكونية


وفقًا للبيان، يتوسع الكون ويتسارع مع توسعه، لأسباب غير مفهومةٍ بشكلٍ جيد. يقترح بعض العلماء أنّ هذا يرجع إلى المادة المظلمة والطاقة المظلمة اللتان هما شكلان غامضان من المادة والطاقة لا يمكن كشفهما إلا من خلال تأثيرهما على أشياء أخرى. يقترح علماء آخرون أنه قد يكون هناك نوعٌ غير مُكتشفٍ من الجسيمات دون الذرية المسؤولة عن التوسع.

أجرى تلسكوبا هابل وغايا قياساتهما من خلال فحص النجوم المسماة متغيرات قيفاوي Cepheid variables، وهي نجوم تتوهج وتخفت بنمطٍ يمكن التنبؤ به. يتيح هذا النمط للعلماء معرفة المسافة التي تفصلنا عن هذه النجوم، ثم تُستخدَم هذه البيانات لقياس معدل توسع الكون الذي يُسمى أيضًا بثابت هابل. يُستخدم هذا الثابت أيضًا لتقدير عمر الكون، مما يجعله أحد ركائز علم الفلك.

ولكن تلسكوب بلانك قد ركز على ما كان يبدو عليه الكون بعد نحو 360,000 سنة فقط من الانفجار العظيم (الذي حدث قبل 13.8 مليار سنة تقريبًا). خلّف الانفجار العظيم صدىً من أشعة الميكرويف التي انتشرت في الكون بأكمله، وهو يسمى إشعاع الخلفية الكونية الميكروي. يقيس تلسكوب بلانك حجم التموجات التي تُظهر معلومات مثل كمية المادة المظلمة والمادة العادية الموجودة، ومسار تمدد الكون.

قال ممثلو معهد علوم تلسكوب الفضاء في بيان "تسمح هذه القياسات التي لا تزال قيد المراجعة  للعلماء بالتنبؤ بكيفية تطور الكون المبكر ووصوله إلى معدل التوسع الذي نقيسه اليوم. لكن لا يبدو أنّ هذه التوقعات تتطابق مع القياسات الجديدة لكوننا الحالي."

حسّن ريس وأعضاء فريقه قياساتهم لمعدلات توسع الكون منذ عام 2005  في إطار مبادرة تُعرَف باسم سوبرنوفا H0 –لمعادلة الحالة SHOES. تعاني القياسات الأخيرة درجة عدم يقينٍ تبلغ 2.2% فقط بسبب إضافة بيانات غايا بشكلٍ أساسي؛ وهو تلسكوب حديث يمكنه رسم خريطة لتحركات النجوم بدقة عالية.

ساهم تلسكوب غايا بقياس بُعد 50 نجمًا من متغيرات قيفاوي في مجرة درب التبانة، بينما قاس هابل سطوع تلك المتغيرات. سمحت الجهود المشتركة التي بذلها التلسكوبان لعلماء الفلك بفحص متغيرات قيفاوي "بدقةٍ أكبر، ثم استخدام متغيرات أُخرى خارج درب التبانة كمراجع قياسية"، وذلك وفقًا لما قاله ممثلو معهد علوم تلسكوب الفضاء.

يهدف التعاون إلى تقليل نسبة عدم اليقين لدى هابل إلى 1% خلال عشرينيات القرن الحالي.

نُشرت هذه النتائج في دراسة في 12 تموز/يوليو عام 2018 في مجلة Astrophysical Journal.


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات