هل يتمكن مفاعل نووي من حل لغز اختفاء أميليا إيرهارت؟

أميليا إيرهارت Amelia Earhart تقف إلى جانب طائرة غير تلك التي فُقدت، وهي على متنها في سنة 1928. (حقوق الصورة: Los Angeles Daily News/Public domain)
 

هل سيؤكد هذا أخيرًا ما إذا عُثر على جزء من طائرتها؟

يُخضع باحثون من جامعة بانسلفانيا صفيحةً قديمةً متآكلةً من الألمنيوم لشعاعٍ من الجسيمات من قلب مفاعل نووي آملين التمكّن من حل لغز اختفاء أميليا إيرهارت.

عُرفت إيرهارت بأنها أوّل ربانة طائرة تحلق بشكل فردي عبر المحيط الأطلسي، وفضلًا عن ذلك تُعتبَر إحدى أشهر الألغاز التاريخية التي أثارت اهتمام الشغوفين منذ ذلك اليوم المشؤوم في عام 1937 حين اختفت طائرتها لوكهيد ل-10 إلكترا Lockheed Electra 10E من جميع الرادارات. أقلعت إيرهارت في الثاني من تموز/يوليو من تلك السنة بصحبة طيارها فريد نونان Fred Noonan من بابوا غينيا الجديدة في محاولة للطواف حول العالم، غير أنهما لم يتمكنا من الهبوط في وجهتهما: جزيرة هولوند الموجودة في وسط المحيط الهادي. اتصلت إيرهارت خلال الرحلة بسفينة خفر السواحل إيتاسكا Itasca إذ بدا أنها كانت تواجه مشاكلَ في الراديو وأجهزة الطائرة ولم تكن متأكدة من موقعها. لم يُعثر أبدًا على إيرهارت ونونان وطائرتها إلكترا.

في سنة 1991، عثر الشغوف بإيرهارت ريتشارد جيليسبي Richard Gillespie على لوحة من الألمنيوم في حطام عاصفة جرفتها الأمواج في المحيط الهادي في نيكومارورو على مسافة 300 ميل تقريبًا (480 كيلومترًا) من جزيرة هولاند. قال جيسبي أنه يشك في أن تكون اللوحة جزءًا من طائرة إيرهارت. يستخدم حاليًا فريق من الباحثين بجامعة بنسلفانيا حزمةً نيترونيةً آملين أن يُساعدهم ذلك على اكتشاف مؤشرات خفية قد تساهم في دعم تلك الفرضية. (جيليسبي هو المدير التنفيذي للمجمع العالمي التاريخي لاستعادة الطائرات Group for Historic Aircraft Recovery، أو TIGHAR الذي أطلق في سنة 1988 برنامجًا لحل لغز اختفاء إيرهارت).

قال كنان أونلو Kenan Ünlü، وهو أستاذ هندسة نووية بجامعة بنسلفانيا في تصريح له: "في البداية، شكّكت قليلًا في ذلك، لقد بحثنا عن أشياء مشابهة في الماضي، غير أننا أجرينا مكالمةً مطولة مع جيليسبي الذي أوضح اهتمامه بأي نوع من البيانات التي سنتمكن من توفيرها، حتى إذا لم تكن تلك العينة جزءًا من طائرة إيرهارت. وافقنا على البحث في الأمر".

يأمل الباحثون أن تكشف تقنية تُعرف بالإشعاع النيوتروني عن مؤشرات غير مرئية بخصوص مصدر الألمنيوم. لقد سبق للعلماء تحديد أنه قد قُطِع بواسطة فأس على طول حوافه، ماعدا جانب واحد فقط كان ملتويًا باستمرار لينفصل عن الجسم الأصلي''.

قال الباحثون إن إطلاق الأشعة النيوترونية من المفاعل النووي بريزيل Breazeale Nuclear Reactor الموجود في الجامعة يفترض أن يكشف عن أي خصائص في اللوحة تتألف من أشياء غير الألمنيوم. قال الباحثون أنه إذا كان المعدن ألمنيوم عادي، فإن النترونات ستتمكن من اختراقه دون تغييره، ولكن أيّ كربون أو هيدروجين يتكون من جزيئات في قشرته– مثلًا، قد تكون قطع المرجان التي ملأت رقمًا تسلسليًا حُفر في المعدن سوف يبعثر النيوترونات (أو مكوّنًا آخر) تمامًا كما تكشف الأشعة السنية عن العظام داخل ذراعك.

كنان أونلو يقف مع شريحة الألمنيوم التي يُعتقد أنها جزء من طائرة إيرهارت. (حقوق الصورة: Kenan Ünlü/Penn State)
كنان أونلو يقف مع شريحة الألمنيوم التي يُعتقد أنها جزء من طائرة إيرهارت. (حقوق الصورة: Kenan Ünlü/Penn State)


يشغل ويسلي فراي Welsey Frey منصب مدير مركز مكليلان للأبحاث النووية McClellan Nuclear Research Center (MNRC) في جامعة كاليفورنيا، وهو مركز آخر يستعمل مفاعلًا نوويًا لنفس نوعية التصوير النيترونية المتطورة. لم يُشارك هو وفريقه في مشروع جامعة بنسلفانيا، وقد أفاد أنه من المرجح أن تتوصل أبحاث ولاية بنسلفانيا إلى نتائجَ لافتةٍ للنظر بالنسبة لخصائص شريحة الألمنيوم، ما قد يساعد في ربطها بطائرة إيرهارت أو استبعاد علاقتها بها، غير أنه يُستبعد أن يتوصلوا إلى نتائجَ قطعيةٍ تثبت أن قطعة الألمنيوم كانت جزءًا من تلك الطائرة على وجه التحديد.

هل سيتمكّنون من الحصول على معلومات حول الفترة الزمنية التي صُنعت فيها شريحة المعدن تلك؟ نعم يُرجّح ذلك. هل سيتمكّنون من ربطها بطائرة إيرهارت؟ على الأغلب لا.

يشبه التصوير الإشعاعي بالنيوترونات التصوير بالأشعة السينية. تخترق الأشعة السينية الخلايا الرقيقة للبشرة، وترتدّ عن الخلايا الأكثر سمكًا أو العظام التي تتكّون في العادة من ذرات أثقل تحجب ضوء الأشعة السينية. تخترق النويترونات بعض المعادن بسهولة، على غرار الألمنيوم، ولكنها ترتد عن المعادن التي تتكون من الهيدروجين والكربون.

إذا كان الباحثون محظوظين كفايةً ليحصلوا على شريحة ألمنيوم من طائرة إيرهارت مع رقم تسلسلي مخفي تحت مادة عضوية مثل المرجان، وإذا كان ذلك الرقم التسلسلي موجودًا ضمن قائمة أثبتت صلتها بالطائرة، فسيتمكن التصوير الإشعاعي بالنيوترونات حتمًا من إثبات مصدر الألمنيوم، كما سيتميز بقدرته على عدم إتلاف الجسم، على خلاف وسائل أخرى مُعتمدة في البحث عن رقم تسلسلي كهذا. سيتطلب تحقيق ذلك الكثير من الحظ، على حسب ما أفاد به فراي.

يعتزم باحثو جامعة بنسلفانيا أيضًا استعمال تقنيةٍ مشابهةٍ تُعرف بدراسة تفعيل النيترون neutron activation analysis، لتحديد تركيبة المادة الكيميائية للمادة بشكلٍ دقيق، على حسب ما أفاد به أونلو، إذ قال: ''يمكن لهذه الطريقة أن تحدّد مكونات المادة بمعدل حساسية يقدر بجزءٍ من مليون أو جزء من مليار''.

قال فراي أن ذلك يُعتبر واعدًا أكثر. استُعمِلت سبائك معدنية كثيرة في العديد من الفترات التاريخية. إذا اكتشف أن الألمنيوم استعمل سبيكةً معدنيةً لم تُخترع حتى الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، فإنها قد لا تكون تابعةً لإيرهارت، لكن إذا تطابقت مع السبيكة المعدنية التي استعملت لبناء الطائرات في حقبة إيرهارت الزمنية، فإن ذلك قد يدعم فرضية ارتباطها بطائرتها.

أفاد فراي أنه اعتمد نفس العملية للتأكد من أن حدوة الحصان التي عثر عليها في الفناء الخلفي لمنزله قد تكون تابعة لفاكيرو- أحد رعاة البقر الناطقين باللغة الإسبانية، الذي يُشاع أنهم سقوا أبقارهم الماء من فناء بركة قريبة من منزله- في القرن التاسع عشر. أثبتت دراسة المعدن أنه يعود إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، ما يدعم هذه الفرضية، ولكن ذلك لم يتمكن من إثبات العلاقة.

لن تُنشر نتائج أبحاث جامعة بنسلفانيا قبل نهاية السنة الحالية، على حسب ما أفاد به الباحثون. لقد صرحوا عن توصلهم لمعلومات جديدة، ولكنهم قالوا بأنهم يحتاجون إلى تحسين تقنية تصويرهم لهذا الجسم قبل تأكيد ذلك.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات