من سيحل مشكلة النفايات الفضائية؟

مشكلة النفايات الفضائية تزداد سوءًا. (حقوق الصورة: Miguel Soares/Wikimedia Commons)


هناك ما يزيد عن 20,000 قطعة من الحطام الفضائي تدور حول كوكب الأرض، ويتحرك كل منها بسرعة 24,000 كيلومتر في الساعة. يشكل الحطام الفضائي خطرًا حقيقيًّا على المهمات الفضائية المستقبلية؛ إلا أننا لا نرى أحدًا مهتمًا بتنظيفه، والسبب؟ لأن ذلك صعب جدًا.

في مطلع ستينيات القرن الماضي، سعت القوات العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية لابتكار وسيلة تواصل جديدة مع قواتها حول العالم. إذا قطع عدو كابلات الأنترنت البحرية؛ فسيضطرون للتواصل عبر الراديو، وهي طريقةٌ غير محبذة لقلة فعاليتها، أو يمكنهم تنفيذ تلك الفكرة من حقبة الحرب الباردة! ففي ذلك الوقت ظهرت فكرة عرفت باسم مشروع ويست فورد Project West Ford هدفت لإطلاق أكثر من 480 مليون إبرة نحاسية صغيرة في الفضاء لتشكيل غلاف أيونوسفير Ionosphere صناعي للأرض ترتد عنه موجات الراديو بشكل أفضل.

أُلغي مشروع ويست فورد بعد إطلاق أول حزمة من الإبر في الفضاء. يعود ذلك لسببين رئيسين، أولهما التطور السريع للاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وثانيهما هو إدراك الجميع أن إطلاق أعداد هائلة من الشظايا المعدنية هي لفكرة سيئة حقًا.

إن كمية النفايات الفضائية لا زالت في ازدياد منذ ذلك الوقت. بحسب بيانات ناسا؛ يدور أكثر من 23,000 جسم يزيد طوله عن 4 إنشات (أي ما يعادل 10 سنتيمترات) في المدار حول الأرض، بالإضافة إلى نصف مليون جسم أطول من 0.4 إنش (أي 1 سنتيمتر)، وما يزيد عن 100 مليون جسم أصغر من ذلك، كما توجد أشياء من جميع الأصناف هناك: مركبات فضائية متوقفة عن العمل، ومعززات صواريخ مستعملة، ومعدات ضاعت أثناء المهمات الفضائية (يتضمن ذلك قفازًا، كاميرا، بطانية، مفتاح ربط، وبطريقة ما فرشاة أسنان)، إضافة إلى قطع مختلفة من معدات مكسورة، وبقع الطلاء المتقشرة، وقطع معدنية، والكثير من البراغي والمسامير.

نعم؛ إن الفضاء أصبح فوضويًا، مما يتسبب في جعل الحياة خطيرة.


إنه قادم!


في يوم 24 نيسان/أبريل عام 1996، أطلقت منظمة الدفاع ضد الصواريخ الباليستية Ballistic missile defense organization في الولايات المتحدة قمرًا صناعيًا عسكريًا للمراقبة بالأشعة تحت الحمراء، ووضعته في المدار باستخدام صاروخ ديلتا 2 Delta II. بعد نحو سنة، وتحديدًا في حديقة في تولزا في ولاية أوكلاهوما؛ فوجئت لوتي ويليامز Lottie Williams بشيء يصدم كتفها، ليتبين أنه قطعة من الألياف الزجاجية والألمنيوم طولها نحو 15 سنتيمتر. تبع ذلك تحطم بقايا المرحلة الثانية من إطلاق صاروخ ديلتا 2 على بعد مئات الأميال.

أصبحت ويليامز أول شخص (والشخص الوحيد حتى الآن) الذي يضربه حطام فضائي. في حين يصل ما يزيد عن 100 طن من النفايات الفضائية إلى الأرض سنويًا، وتسقط معظمها في المحيط دون أن تشكل خطرًا على البشر.

وهناك المزيد! ففي عام 2007 اختبرت الصين نظامها المضاد للأقمار الاصطناعية بإطلاق قذيفة عملاقة بسرعة فائقة نحو قمر صناعي للأرصاد الجوية. نجح ذلك في تدمير القمر الصناعي لكنه خلف وراءه أكثر من 3000 قطعة من النفايات حول الأرض. في عام 2009، كان من المفترض أن يرتفع قمر إيريدوم Iridium الصناعي للاتصالات نحو 600 متر في مداره ليتجنب الاصطدام مع القمر الصناعي الروسي العسكري المعطل كوزموس Kosmos، لم تتم العملية بنجاح واصطدم القمران الصناعيان، ما أدى لإضافة 2000 قطعة من الحطام إلى المدار.

ولمرة واحدة على الأقل سنويًا تضطر محطة الفضاء الدولية للقيام بمناورات لتفادي اصطدام خطر مع قطعة خطرة من النفايات، بينما يختبئ رواد الفضاء بأمان في كبسولة سويوز Soyuz. اشتهر المكوك الفضائي بوجود ثقوب في نوافذه وأجهزة التدفئة وبلاطه الحراري بسبب الاصطدام برقاقات الدهان.

 


بغض النظر عن صغر حجم قطع النفايات، فإن سرعة دورانها الهائلة تعطيها قوة صدم كبيرة تشكل خطرًا حقيقيًا على مهمات الفضاء المستقبلية. مع إطلاق الشركات أمثال Space X وOneWeb وAmazon مجموعات ضخمة من أقمار الإنترنت الصناعية، يتخوف العديد من حدوث متلازمة كيسلر Kessler، وهي وجود حطام كافٍ في الفضاء لإحداث عمليات اصطدام حطام آخر لدرجة أن يصبح مدار الأرض غير آمن على الإطلاق، وغير صالح للاستعمال كالأرض القاحلة.


مكانس ليزرية، معززات، شبكات وحراب صيد


للأسف، لا تتخذ الشركات الخاصة والحكومات الوطنية الإجراءات اللازمة بالسرعة الكافية. تتمثل معظم جهودها في تجنب إنتاج المزيد من النفايات الفضائية في المقام الأول. مثلًا؛ يتعين على الصواريخ استخدام كامل وقودها لتقليل خطر حدوث انفجارات غير متوقعة. عند وصول الأقمار الصناعية لنهاية حياتها، يمكن أن تخرج عن مدارها وتحترق في الغلاف الجوي، أو تدفع نفسها بعيدًا إلى "المدار المقبرة" الذي يبعد مئات الأميال عن أي شيء مهم.

في حين تساعد تدابير التخفيف هذه في الحد من انتشار النفايات الفضائية، إلا أنها لا تقوم بأدنى جهد لإزالة النفايات الموجودة أساسًا. قد يقوم غلاف الأرض الجوي ببعض العمل عبر سحب ما في المدار المنخفض وإحراقه، إلا أن هذه العملية تستغرق شهورًا أو عقودًا من الزمن.

ابتكرت وكالات الفضاء والشركات الخاصة وسائل عدة لتنظيف مدار الأرض من الحطام. قد تدفع مهمات خاصة أقمارًا صناعية نحو الأسفل لتحترق في الغلاف الجوي أو تدفعه بعيدًا إلى مقبرة الأقمار الصناعية باستخدام تقنيات قديمة قدم الحضارة الإنسانية: كالشبكات وحراب الصيد. تدعو خطط أخرى لاستخدام ليزر أرضي يسخن جانبًا من القمر الصناعي ما يؤدي لسقوطه في الغلاف الجوي.

إذا ما استثنينا "مكنسة الليزر" الأرضية، فإننا نجد أن كل هذه المقترحات تستدعي إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية، ما يجعل العملية بأكملها مكلفة جدًا. إلى جانب ذلك، ستغدو أي تقنية لتنظيف مدار الأرض من الأقمار الصناعية تلقائيًا إلى تقنية "إزالة أقمار العدو الصناعية من السماء" ويتحول الأمر بأكمله إلى شؤون عسكرية ودبلوماسية وما يتعلق بعسكرة الفضاء.

إذن، إن أفضل استراتيجياتنا حتى الآن هي المراقبة والتحذير باستخدام المراصد الأرضية وتلك التي تحملها الأقمار الصناعية، وأن نتمنى الحظ الجيد!

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • معهد أبحاث الفضاء في روسيا، و هو تابع لأكاديمية العلوم الروسية. (IKI): معهد أبحاث الفضاء في روسيا، و هو تابع لأكاديمية العلوم الروسية.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات