لمَ يعدّ الجنس أمرًا ممتعًا؟

حقوق الصورة: Beatriz Vera/EyeEm/Getty Images


 

بالرغم من كون الأعضاء التناسلية جزءًا من الجنس، فإن الشعور بالمتعة يشمل باقي أجزاء الجسم، إذ إن الجنس الممتع يعتمد بشكلٍ كبير على الهرمونات التي يفرزها الدماغ، والتي تدعم المتعة الجنسية، وتفسّر التحفيز على أنه متعة.

نُشِرَت دراسةٌ في عام 2016 توصلَت إلى أن الدماغ يمكن أن يكون أهم عضو جنسي، إذ وُجِد أن حالة الرعشة الجنسية، أو هزّة الجِماع هي حالة عالية من الوعي الحسي يمكن أن تؤدي إلى حالة تشبه النشوة، أو الذهول في الدماغ.

نبحث في هذه المقالة تأثير الجنس على الجسم والدماغ، وكيف يمكن لهذه التأثيرات أن تجعل الجنس ممتعًا، وكذلك نبحث عن الأسباب التي تجعله أحيانًا لا يبدو ممتعًا.

- تأثير الجنس على الجسم
اكتشف الباحثون في ستينيات القرن الماضي أربعة أطوار مختلفة للإثارة الجنسية، يتمتع كل طور منها بصفات مميزة، وأدى هذا البحث إلى استخدام هذه الفئات الأربع لشرح الاستجابة الجنسية:

1- الشهوة أو الاستثارة:
خلال هذه المرحلة تمتلئ الأنسجة الموجودة في القضيب، والمهبل، والحوض، والفرج، والبظر بالدم، وهذا يزيد من حساسية الأعصاب في هذه المناطق من الجسم، ويؤدي تدفق الدم هذا أيضًا إلى تكوين سائل يُسمّى الرشح، والذي يعمل على تليين المهبل، ثم تبدأ العضلات في جميع أنحاء الجسم بالتقلص، ويُلاحظ أن بعض الأشخاص يتنفسون بسرعة أكبر أو يصابون باحمرار الجلد بسبب زيادة تدفق الدم.

2- العتبة:
خلال هذه المرحلة تستمر الإثارة في التزايد، إذ يصبح المهبل، والقضيب، والبظر أكثر حساسيةً، وقد يعاني الشخص من اختلافات في الحساسية والإثارة خلال هذه الفترة، كما قد تنقص الإثارة والاهتمام، وتشتد ثم تنخفض مرة أخرى.

3- النشوة:
خلال هذه المرحلة، ومع التحفيز الصحيح، والحالة العقلية الصحيحة، قد يصل الشخص إلى هزة الجماع، إذ يُعدّ تحفيز البظر بالنسبة لمعظم الإناث هو المسار الأسرع، والأكثر فاعليةً للوصول إلى النشوة الجنسية، وبالنسبة للبعض يكون هو السبيل الوحيد للوصول إلى النشوة الجنسية.

قد يحتاج الذكور إلى تحفيز مطول لجسم أو رأس القضيب، كما ويقذف معظم الذكور أثناء هزة الجماع، ولكن من الممكن أن تصل إلى هزة الجماع دون قذف.

تقذف بعض الإناث أيضًا أثناء النشوة الجنسية، على الرغم من أن محتوى هذا السائل يظل موضوعًا للنقاش العلمي.

يعاني كل من الذكور والإناث من تقلصات عضلية شديدة أثناء النشوة الجنسية، اذ يعاني الذكور من هذه الانقباضات في المستقيم والقضيب والحوض، بينما تختبرها الإناث في المهبل والرحم والمستقيم، كما يعاني بعض الأشخاص من تقلصات في جميع أنحاء الجسم.

4- الارتخاء:
بعد هزة الجماع تسترخي العضلات، ويعود الجسم ببطء إلى حالة ما قبل الإثارة، هذه العملية تختلف بين الذكور والإناث.

على الرغم من أن معظم الذكور لا يمكنهم الوصول إلى هزة الجماع مباشرةً بعد القذف، فإن العديد من الإناث يستطعن ذلك، خلال هذه المرحلة، يعاني معظم الذكور، والعديد من الإناث من فترة استشفاء، لا يستجيب الشخص خلالها للتحفيز الجنسي.

نماذج أخرى:
اقترح بعض الباحثين نماذج بديلة لطور الارتخاء، اذ يشير النموذج الدائري لكارين براش ماكجرير Karen Brash-McGreer وبيفرلي ويبل Beverly Whipple إلى أن تجربة جنسية مُرْضية للإناث يمكن أن تؤدي على الفور إلى تجربة أخرى.

وتقترح روزماري باسون نموذجًا غير خطي للاستجابة الجنسية للإناث، اذ يؤكد نموذجها أن الإناث يمارسن الجنس لأسباب عديدة، وأن استجابتهن الجنسية قد لا تستمر وفقًا لمراحل يمكن التنبؤ بها.

البظر، بالنسبة لمعظم الإناث هو منشأ المتعة الجنسية، إذ يحتوي على الآلاف من النهايات العصبية، ما يجعله شديد الحساسية، كما تمتد أجزاء من البظر إلى عمق المهبل، ما يسمح لبعض النساء بالحصول على تحفيز البظر غير المباشر من خلال التحفيز المهبلي.

وبالنسبة للذكور فإن رأس القضيب مشابه لبظر الإناث من ناحية كونه أكثر منطقة حساسيةً للتحفيز الجنسي.

آثار الجنس في الدماغ
لكي يكون الجنس ممتعًا يجب على الدماغ تفسير الأحاسيس الجنسية على أنها ممتعة.

ترسل الأعصاب في المناطق الجنسية من الجسم إشارات محددة إلى الدماغ، ويستخدم الدماغ هذه الإشارات لخلق أحاسيس جنسية مختلفة.

تُعتبر النواقل العصبية رسائل كيميائية تساعد الدماغ على التواصل مع مناطق أخرى من الجسم، إذ أن العديد من النواقل العصبية لها دور في المتعة الجنسية، وكما يلي:
•ترتفع مستويات البرولاكتين مباشرةً بعد النشوة الجنسية، وقد يكون هذا الهرمون مرتبطًا بانخفاض الاستجابة الجنسية، ما قد يفسر فترة الاستشفاء.
•الدوبامين هرمون مرتبط بالتحفيز والمكافأة، فهو يزيد من الإثارة الجنسية، ويفرزه الجسم أثناء مرحلة النشوة.
•يعزز الأوكسيتوسين المعروف أيضًا باسم هرمون الحب، مشاعر الحميمية والقرب، إذ يفرزها الجسم بعد هزة الجماع.
•يفرز الجسم مادة السيروتونين التي تدعم الشعور بالراحة والسعادة أثناء مرحلة الاستثارة.
•يُعدّ النوربينفرين مسؤولًا عن توسع الأوعية الدموية وتضيقها، ما يجعل الأعضاء التناسلية أكثر حساسيةً، ويطلق الجسم هذا الهرمون أثناء التحفيز الجنسي.

الأسباب التي تجعل الجنس غير ممتع:
الجنس ليس ممتعًا لدى الجميع، إذ يشعر بعض الناس بالألم أثناء ممارسة الجنس، وهذه الحالة أكثر انتشارًا عند الإناث، إذ أفادت نحو 75% من الإناث أنهن يعانين من الألم أثناء ممارسة الجنس في مرحلة ما خلال حياتهن.

وتعاني نحو 10-20% من الإناث في الولايات المتحدة من آلام جنسية منتظمة أو عسر الجماع dyspareunia.

تتضمن بعض الأسباب الشائعة للألم الجنسي عند الإناث ما يلي:
•التهاب الفرج، وهو حالة مزمنة تسبب الحكة، وكذلك ألم حارق أثناء وبعد ممارسة الجنس.
•الالتهابات المهبلية مثل عدوى الخميرة.
•إصابات العضلات أو الخلل الوظيفي وخاصة إصابات قاع الحوض بعد الولادة.
•التغيرات الهرمونية التي قد تسبب جفاف وألم المهبل.

يمكن أن يعاني الذكور أيضًا من الألم أثناء ممارسة الجنس، وتتضمن بعض الأسباب الشائعة ما يلي:
•التشوهات الهيكلية في القضيب ، مثل الشبم أو تَضَيُّقُ الفُوْهَة phimosis.
•الالتهابات.
•مشاكل في البروستات، مثل التهاب البروستات.

قد لا يرغب الأشخاص اللا جنسيون في ممارسة الجنس أو الاستمتاع به.

قد يشعر الأشخاص المعروفون بكونهم نصف جنسيين بالمتعة الجنسية في سياقات محدودة فقط، مثل عندما يشعرون بالحب مع شريك.

بعض العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على المتعة الجنسية لدى جميع الأجناس والتوجهات الجنسية تشمل ما يلي:
•التزليق غير الكافي، والذي يمكن أن يسبب ألمًا عند ممارسة الجنس.
•تاريخ من الصدمة أو الإساءة، والتي يمكن أن تجعل الجنس يُعطي شعورًا بالتهديد أو الألم.
•قلة الإثارة.
•الملل من الجنس، أو من الشريك.
•التفاعلات الجنسية التي لا تتوافق مع الرغبات، أو الاهتمامات الجنسية المحددة للشخص.
•الأمراض المنقولة بواسطة الجنس.

يجب مراجعة الطبيب بشأن الألم، أو الاستياء الجنسي في الحالات التالية:
•استمرار الألم مع مرور الوقت أو ازدياده سوءًا.
•استخدام المزيد من التزليق أو تغيير الوضعيات، ومع ذلك لا يوجد تحسن في العلاقة.
•حدوث الألم مع أعراض أخرى، مثل الألم عند التبول أو نزيف مهبلي غير طبيعي.
•الألم بعد إصابة، أو ولادة، أو إجراء طبي.

أفاد بعض الأشخاص، -خاصة الإناث- أن الأطباء يتجاهلون الألم الجنسي، أو يعتبرونه من وحي الخيال، لذلك يجب على الأشخاص الذين لا يتلقون رعاية حساسة وسريعة الاستجابة من مقدم الرعاية الصحية تغييره أو طلب رأي آخر.

عمومًا لا يجب أن يكون الجنس مؤذيًا، ويوجد حلول في معظم الأحيان.

نصائح لممارسة الجنس الممتع والآمن:
يمكن أن يصبح الجنس أكثر متعةً عند التواصل الواضح مع شريك تثق به الجنس، إذ إن ذلك يساعد الشركاء على مناقشة احتياجاتهم بشكل واضح.

كشفت دراسةٌ أُجريت عام 2018 عن وجود فجوة كبيرة في النشوة الجنسية بين الذكور والإناث، وحددت أيضًا استراتيجيات ترتبط بمزيد من هزات الجماع -وربما جنس أكثر متعةً- للإناث، تشمل هذه الاستراتيجيات:
•الجنس الفموي، والتحفيز اليدوي للأعضاء التناسلية.
•استمرار الجنس لفترة أطول.
•الرضا عن العلاقة.
•مناقشة التخيلات، والرغبات الجنسية.
•التعبير عن الحب أثناء ممارسة الجنس.

على الرغم من اختلاف تقديرات العدد الدقيق، فإن معظم الإناث لا يستطعن الوصول إلى النشوة الجنسية دون تحفيز البظر.

بالنسبة لبعض الإناث، يكون التحفيز غير المباشر من بعض الأوضاع الجنسية كافيًا، يحتاج البعض الآخر إلى تحفيز مباشر وطويل أثناء الجماع أو منفصل عنه، وهذا أمر طبيعي، ويجب ألا تشعر الإناث بالخجل من احتياجها أو طلب تحفيز البظر.

قد يستمتع الذكور بالجنس عندما يستمر لفترة أطول، لأن هذا يسمح ببناء المتعة بمرور الوقت، ولأنه يزيد من احتمالات حصول الشريكات على وقت للنشوة الجنسية.

قد يساعد التنفس العميق الذكر على تأخير القذف، كما يمكن أن يتباطأ عندما تصبح الأحاسيس شديدة للغاية.

بالنسبة للأشخاص الذين يجدون صعوبة في الانتصاب أو الحفاظ عليه، قد تؤدي التمارين الرياضية إلى زيادة تدفق الدم وتحسين الانتصاب والأداء الجنسي.

قد تكون أدوية ضعف الانتصاب مثل السيلدينافيل (الفياجرا) (sildenafil (Viagra مفيدة أيضًا، وقد يجد البعض أن استخدام المزلقات الجنسية يقلل الاحتكاك ويحسن العملية الجنسية.

تعمل تمارين قاع الحوض على تقوية العضلات التي تلعب دورًا في هزة الجماع، ما قد يساعد كل من الذكور والإناث في الحصول على هزات جماع أقوى، وتحكم أفضل في توقيت النشوة الجنسية.

لتدريب قاع الحوض، يمكن شد العضلات التي توقف تدفق البول، يمارس بعض الناس هذا بالتوقف والبدء من جديد عند استخدام الحمام، قم تدريجيًا بتكوين هذه الوضعية لمدة 10 ثوانٍ أو أكثر، وكررها طوال اليوم.

قد يحتاج بعض الأشخاص إلى مقابلة معالج فيزيائي، والذي يمكنه أن يقدم لهم النصائح حول كيفية تحسين الجنس والاستمتاع به بشكل كامل.

في الختام يمكن أن نقول لا توجد طريقة "صحيحة" للشعور بالجنس، ولا توجد طريقة صحيحة لممارسة الجنس، يمكن للناس تجربة المتعة الجنسية من خلال مجموعة واسعة من الوضعيات وأنواع الجنس، والتخيلات الجنسية.

التواصل المفتوح وقبول الذات والاستعداد لطلب المساعدة عندما مواجهة مشكلة ما يمكن أن يعزز المتعة الجنسية ويقلل من الشعور بالخجل.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات