علماء الفلك يكتشفون جرماً ساطعاً للغاية لم يرصد من قبل

صورة فنية لنجم مغنطيسي بطيء الدوران قد يكون مصدر الإشارة الغامضة. حقوق الصورة: ICRAR


 

اكتشف علماء الفلك جسماً غامضاً يومض في مجرتنا درب التبانة، ويبعث كميات هائلة من الطاقة نحو الأرض ثلاث مرات كل الساعة.

 

كتب الباحثون في بيان أن هذا الجرم القوي الغريب - الذي يقع على بعد نحو 4000 سنة ضوئية من الشمس - لا يشبه أي بنية كونية رُصدت على الإطلاق.

 

يُسمى هذا الجرم جليم (GLEAM-X J162759.5 523504.3) ويبدو أنه ظهر من العدم بعد إجراء مسح لموجات الراديو في درب التبانة. وفقاً للباحثين، زاد سطوع جليم بسرعة على مدار نحو 60 ثانية، وأصبح لفترة وجيزة أحد أكثر الأجرام سطوعاً في السماء بأكملها، ثم اختفى فجأة في الظلام مرةً أخرى. بعد نحو 20 دقيقة، ظهر الجرم مرةً أخرى، وزاد سطوعه بثبات مرةً أخرى، قبل أن يخفت بشكل كامل بعد دقيقة.

 

تُعرف هذه الأجرام، التي تظهر وتختفي بسرعة أثناء رصدها، باسم الأجرام العابرة. عادةً ما تمثل الأجرام العابرة إما نجماً محتضراً، أو مستعراً عظيماً، أو نجماً ميتاً غريباً سريع الدوران، يُعرف باسم النجم النيوتروني. مع ذلك، كتب الباحثون في الدراسة الجديدة أن هذه التفسيرات لا تناسب تماماً سلوك هذا الجرم المكتشف حديثاً.

 

من المحتمل أن يكون جليم دليلاً على نوع جديد من الأجرام النجمية التي اقترح العلماء وجودها - أو قد يكون جرماً لم يحلم به علماء الفلك.

 

قالت كاتاشا هيرلي ووكر Natasha Hurley-Walker، الباحثة الرئيسية في الدراسة وعالمة فلك راديوي في جامعة كيرتن في بنتلي، أستراليا: "كان هذا الجرم يظهر ويختفي خلال ساعات قليلة أثناء رصدنا. هذا غير متوقع أبداً. كان أمراً مدهشاً لعلماء الفلك لأن لا شيء معروف في السماء يفعل ذلك".

 

موقع الجرم الوامض الغامض في مجرة درب التبانة. حقوق الصورة: ICRAR / Curtin
موقع الجرم الوامض الغامض في مجرة درب التبانة. حقوق الصورة: ICRAR / Curtin

 

الضوء الأخير لنجم محتضر


هناك نوعان من الأجرام العابرة: الأجرام العابرة البطيئة التي تظهر على مدار بضعة أيام، ثم تختفي بعد عدة أشهر. يشمل هذا النوع المستعرات العظمى - التي تتوهج بشدة عندما تطرح النجوم المحتضرة غلافها الخارجي في انفجارات عنيفة، ثم تخفت تدريجياً مع انخفاض درجة حرارة البقايا النجمية.

 

ثم هناك الأجرام العابرة السريعة، التي تومض وتخفت كل بضعة أجزاء من الألف من الثانية. يشمل هذا النوع النجوم النابضة – أي النجوم النيوترونية التي تدور بسرعة مذهلة أثناء إصدارها انبعاثات راديوية ساطعة ناتجة عن الحقل المغناطيسي للنجم الميت.

 

كان مؤلفو الدراسة الجديدة يبحثون عن أجرام عابرة مثل هذه باستخدام تلسكوب مصفوفة مورشيسون وايدفيلد في أستراليا، عندما اكتشفوا جليم. يُعتبر الوميض المتقطع لجليم سريعاً جداً، أي أنه ليس مستعراً أعظم، وبطيئاً جداً، وبالتالي ليس نجماً نابضاً؛ قال الباحثون أن معدل وميض جليم، الذي يستمر لدقيقة واحدة، لا تفسير له حتى الآن.

 

أظهر تحليل ضوء جليم أنه كان ساطعاً بدرجة كبيرة، ولكنه أصغر من الشمس. كانت الانبعاثات الراديوية لجليم شديدة الاستقطاب أيضاً (أي أن موجات الضوء تتذبذب فقط في مستوى واحد)، ما يشير إلى أنها نتجت عن مجال مغناطيسي قوي للغاية، وفقاً لمؤلفي الدراسة.

 

تتطابق هذه الخصائص نوعاً من الأجرام النظرية يُعرف باسم "النجم المغناطيسي ذي الفترة الطويلة جداً"، الذي هو في الأساس نجم نيوتروني ذي مجال قوي للغاية يدور ببطء شديد. لكن لم يُرصد هذه النوع من قبل.

 

قالت هيرلي ووكر: "لم يتوقع أحد أن يُكتشف هذا الجرم بشكل مباشر لأننا لم نتوقع أن يكون شديد السطوع. بطريقة ما، يحول هذا الجرم الطاقة المغناطيسية إلى موجات راديو بشكل أكثر فاعلية من أي شيء رصدناه من قبل".

 

قد تكون هناك تفسيرات أخرى لجليم الغامض. يمكن أن يكون نوعاً نادراً من النجوم القزمة البيضاء، والتي تستطيع في بعض الأحيان النادرة إصدار انبعاثات راديوية عن طريق امتصاص مواد نجم قريب. قال الفريق أن هذا النوع من النجوم قد يتصرف مثل جليم، إذا كان يدور بالسرعة المناسبة.

 

يجب إجراء المزيد من عمليات الرصد في نطاقات أخرى من الطيف الكهرومغناطيسي لحل هذا اللغز النجمي. الآن، وبعد اكتشاف جليم، يبحث الفريق في أرشيف تلسكوب مصفوفة مورشيسون وايدفيلد لمعرفة ما إذا كان هذا النوع من الأجرام قد رُصد من قبل.

 

نُشرت الدراسة الأصلية في 26 يناير في مجلة Nature.


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات