المجرات النشطة

يمتلك معظم المجرات (galaxies) الكبيرة نجوماً تُعادل كتلتها 10^11 ضعف كتلة الشمس (أو M0 وهو رمز يُشير إلى كتلة الشمس)؛ وغازاً بين-نجمي تقع كتلته بين 10^9 و10^10 ضعف كتلة الشمس، ومادة مظلمة تبلغ كتلتها 10^12 ضعف كتلة الشمس. لكن لدى 5% من المجرات على الأقل شيء يُقيم داخلها -–على الرغم من وجود اعتقاد بأنها جميعها لديها هذا الشيء: وحشٌ في الوسط. 


هذا الوحش عبارة عن ثقب أسود فائق الكتلة (black hole)؛ يقوم هذا الوحش بإطلاق كميات هائلة من الطاقة عبر التدفقات الموجودة أعلاه وأسفله. إذاً، كيف يُمكن شرح مثل هذه الأجسام الاستثنائية؟ 


قبل وقتٍ طويل وعندما كانت المجرات شابة جداً، كانت كثافة النجوم، الموجودة في المناطق المركزية من المجرات، كبيرة جداً. حصلت عمليات تصادم واندماج نجمي بينها، مما أدى إلى ظهور ثقب أسود ضخم ووحيد (MBH)؛ إذ وصلت كتلته إلى قيمة بين 10^6 و10^9 ضعف كتلة الشمس. 


سقط الغاز، الموجود في الوسط بين-النجمي للمجرة، أو في مجرة تم ابتلاعها، أو في نجم حلق عند مسافة قريبة، في الثقب الأسود MBH. وكما هي الحالة مع أنظمة الأشعة السينية النجمية الثنائية، يتشكل قرص تعاظم ويقوم بإصدار كميات كبيرة من الضوء على كامل الطيف الكهرومغناطيسي (امتداداً من الأشعة تحت الحمراء ووصولاً إلى أشعة غاما). يُنتج كل من MBH وقرص التعاظم ظاهرة تُشاهد في النوى المجرية النشطة (AGN). 


في أسفل هذه الفقرة، نُشاهد صورة راديوية وأخرى بصرية للمجرة النشطة NGC 4261؛ وكل من الجسم المركزي، وقرص التعاظم، والفصوص مرئي في الصور. 


قد يمتلك العديد من المجرات MBH هادئ داخلها ولا يُقوم حالياً بالتهام الغاز. تُعاني مجرات سيفيرت (Seyfert) من عملية تراكم مستمرة على MBH متوسط الكتلة، في حين تُعاني الأجسام شبه النجمية الأكثر لمعاناً، مثل الكوازارات (quasars)، من عملية تراكم على MBH مرتفع الكتلة. 

تقريباً داخل حوالي 10% من النوى المجرية النشطة، يقوم ثقب أسود ضخم وقرص تعاظم بطريقة ما بإصدار أشعة ضيقة ومكونة من جسيمات عالية الطاقة وحقول مغناطيسية يُطلقها الثقب الأسود نحو الخارج وفي اتجاهات متعاكسة بالنسبة للقرص؛ وهذه هي التدفقات الراديوية، التي تُولد عند سرعة الضوء تقريباً. 


المجرات الراديوية (Radio galaxies)، والكوازارات، والبلازارات (blazars) كلها عبارة عن نوى مجرية نشطة تمتلك تدفقات قوية جداً ويُمكنها التحرك نحو الخارج وعلى امتداد مناطق كبيرة من الوسط بين-المجري. 

ينتج العديد من الاختلافات الظاهرية بين الأنواع المختلفة من النوى المجرية النشطة عن امتلاكها لتوجهات مختلفة بالنسبة للقرص. ففي حالة الكوازارات والبلازارات: نقوم نحن بالنظر مباشرة إلى التدفق. أما في حالة مجرات سيفيرت، فإننا نشاهد التدفقات من الجانب. 


يستمر ارتياب معتبر بالوجود في هذه الحالات؛ خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأسئلة التالية: كيف يتم بالضبط إنتاج هذه التدفقات وتسريعها؟ من أين جاءت السحب التي تُنتج خطوط إصدارية واسعة؟ هل يُمكننا تأكيد الوجود الفعلي لـ MBH تجريبياً؟ 

 

 

  • مجرات سيفيرت 

لنأخذ بعين الاعتبار المجرة NGC 4151، وهي مجرة حلزونية تبعد عنا 15 Mpc. بينت الصور، التي قام بالتقاطها كارل سيفيرت في أربعينات القرن الماضي، وجود نوى لامعة مشابهة للنقطة. وكان طيف تلك النوى استثنائي: بالإضافة إلى وجود خطوط امتصاص مستمرة قادمة من النجوم العادية، تمتلك مجرة سيفيرت نواة تتمتع بخطوط إصدار قوية جداً. 


يُوجد في بعض تلك المجرات خطوط إصدار شائعة، مثل الهيدروجين (خطوط سلسلة بالمر H-alpha وH-beta). ومن ناحية أخرى، تُوجد خطوط إصدار غير شائعة –بل ونادرة أحياناً –مثل خطوط الأكسجين ثنائي التأيين، وفي هذا النوع من الأكسجين تكون ذرة المادة قد فقدت اثنين من الكتروناتها، ويتطلب تشكل هذه الذرات وجود غاز فائق السخونة. 


الخطوط الإصدارية واسعة جداً، ما يعني أن الغاز قد تعرض لانزياح دوبلر في كل الاتجاهات وبسرعة وصلت إلى 20000 كيلومتر في الثانية. يتغير لمعان النواة في هذا النوع من المجرات عند أزمنة تصل إلى أشهر، ويتطلب هذا الأمر أن تمتلك نوى المجرات عرضاً أقل من 1 parsec؛ ويُمكن أن يصل اللمعان الإجمالي إلى حوالي 10^10 ضعف لمعان القمر (أو Lo وهو رمز يُشير إلى كتلة القمر).

 

  • ما هو الجسم الغامض الموجود في مركز المجرات الحلزونية من نوع سيفيرت؟ 

في وقتٍ متأخر من أربعينات القرن الماضي، بدأ علماء الفلك مسح السماء باستخدام التلسكوبات الراديوية، ووجدوا هياكل راديوية غريبة في الجانبين المتعاكسين من المجرات الراديوية، بالإضافة إلى مصدر صغير للإصدار الراديوي موجود في النواة. تقوم نوى المجرات الراديوية بإطلاق أشعة ضيقة ومكونة من الكترونات عالية الطاقة وحقول مغناطيسية هائلة، مما يُؤدي إلى إنتاج إشعاع سنكروتروني. 

تتضمن المكونات الراديوية في تلك المجرات القلب المضغوط في نواة المجرة، والتدفقات، والفصوص، وبقعة ساخنة حيث تتصادم التدفقات مع الوسط بين-النجمي. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الكوازارات أو أشباه النجوم (quasars): هي عبارة عن مجرات لامعة جداً وبعيدة جداً، ويُعتقد ان لمعانها ناجم عن قيام ثقب أسود فائق الكتلة وموجود في مركزها بابتلاع المادة.
  • البلازار (Blazar): لبلازار Blazar هو أحد أشكال النوى المجرية النشطة Active Galactic Nuclei: AGN (والتي تضم أيضاً الكوازارات Quasars)، ويتميز البلازار بإظهاره لانبعاثاتٍ إشعاعية متغيرة المجال، حيث تتغير من مجال الأشعة الراديوية وصولاً لمجال أشعة غاما. تعتبر البلازارات أحد أكثر الظواهر الكونية حيويةً ونشاطاً، ويعتقد أيضاً أنها أحد الأشكال المدمجة للكوازارات التي من المفترض أنها ترافق الثقوب السوداء فائقة الكتلة Supermassive Black Holes، ضمن مركز مجرة نشطة.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات