إبيميثيوس (Epimetheus)

يشار لقمر جانوس وقمر إبيميثيوس المجاور له بالتوائم السيامية لزحل لأن هذان القمران يدوران حول زحل في نفس المدار تقريباً. وتُحير هذه الحالة المشتركة للمدار (المسمى أيضاً بالرنين 1: 1) علماء الفلك، الذين لم يصدقوا في البداية أنه يمكن لقمرين أن يشتركا بنفس المدار تقريباً دون حدوث تصادم بينهما.

 

يقع هذان القمران وسط حلقات زحل حيث يبعدان عن زحل ما يقارب 151500 كم. ويدور أحدها أعلى بـ 50 كيلومترا من الآخر وبالتالي يتحرك بسرعةٍ أبطأ قليلاً من الآخر. ويعني هذه الفرق الطفيف بالسرعة أن القمر الداخلي يلحق الآخر خلال أربع سنوات أرضية تقريباً. وفي ذلك الوقت، يسحب تفاعل الجاذبية بين القمرين القمر الداخلي بشكل أسرع إلى مدار أعلى. وفي نفس الوقت، يسحب القمر الداخلي القمر الخارجي للخلف بحيث ينتقل لمدارٍ أكثر انخفاضاً. والنتيجة هي أنهما يتبادلان الأمكنة بين بعضهما البعض، وتصبح المسافة الكائنة بينهما في أقرب نقطة حوالي 15000 كم.

 

خلال تبادلهما لمداريهما عام 2010، انخفض نصف قطر مدار إبيميثيوس حوالي 80 كيلومتراً، في حين زاد نصف قطر مدار جانوس بما يقارب 20 كيلومتر. علماً أن مدار جانوس يتغير بمقدار ربع تغير مدار إبيميثيوس لأن جانوس أضخم منه بأربع مرات.

 

ربما تشكل كلٌ من جانوس وإبيميثيوس جراء تفكك قمرٍ واحد. إذا كان الأمر كذلك، فإنه قد حصل أثناء وقتٍ مبكر من حياة نظام زحل لأن كلا القمرين يتمتعان بسطح قديم ومليء بالفوهات، وبحوافٍ ناعمة بسبب الغبار. ويوجد أيضاً بعض الأخاديد (بشكلٍ مشابه لأخاديد سطح قمر المريخ فوبوس)، مما يشير إلى بعض الاصطدامات العابرة من قبل أجسامٍ أخرى. ومعاً، يُقدم القمران ما يكفي من الجسيمات لتوليد حلقة باهتة. ومع ذلك وباستثناء التلسكوبات القوية جداً، تظهر منطقة مداريهما المشترك كفجوة بين حلقتي زحل G وF.

 

يحتل جانوس وإبيميثيوس المرتبة الخامسة والسادسة على التوالي ضمن نظام زحل. وكلاهما مرتبط على حد سواء مع زحل وبوجود جانبٍ واحدٍ يواجه زحل دائماً. وكونها قريبة جداً من الكوكب، فهي تُنجز دورة كاملة في أقل من 17 ساعة. ويُعتقد أن معظمها يتكون من جليد الماء، لكن كثافتهما أقل من 0.7 وهي أقل من الماء بكثير. وبالتالي، فهي على الارجح "أكوام من الأنقاض" -مجموعة من القطع الهشة المترابطة مع بعضها البعض بفعل الجاذبية.

صورة تم التقاطها لقمر إبيميثيوس من قبل المركبة الفضائية فوياجر1 في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1980. حقوق الصورة: ناسا
صورة تم التقاطها لقمر إبيميثيوس من قبل المركبة الفضائية فوياجر1 في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1980. حقوق الصورة: ناسا

 

يتمتع كلا القمرين بمناطق داكنة، وأكثر سلاسة، جنباً إلى جنب مع مناطق فاتحة اللون. والتفسير الوحيد لذلك هو أن المواد الداكنة تتحرك أسفل المنحدرات، تاركةً المواد الأفتح مثل جليد الماء على جدران الشقوق. تصل درجة حرارتهما إلى حوالي -195 درجة مئوية. وعامل انعكاسهما (albedo) يتراوح بين 0.7 و0.8 في المجال المرئي، مما يُشير إلى وجود الكثير من جليد الماء.

 

يصل القطر الوسطي لإبيميثيوس إلى حوالي 113 كيلومترا ويأخذ القمر شكل حبة بطاطا وبأبعاد تساوي (135- 108- 105 كيلومتر) على التوالي. تعكس هذه الأرقام تسطحاً واضحاً في القطب الجنوبي ومرتبطاً ببقايا فوهة كبيرة. يمتلك إبيميثيوس العديد من الفوهات ذات القطر الأكبر من 30 كم، بما في ذلك هيلاري وبولكس.

 

  • الاكتشاف

رصد Audouin Dollfus قمراً في 15 كانون الأول/ديسمبر عام 1966، واقترح اسم "جانوس". وفي 18 ديسمبر من السنة نفسها، قام Richard Walker بعملية رصدٍ مماثلة، والتي يُنسب لها اليوم اكتشاف إبيميثيوس. وفي ذلك الوقت، اعتقد علماء الفلك بوجود قمرٍ واحدٍ فقط، المعروف بشكل غير رسمي باسم "جانوس". بعد اثني عشر عاماً، وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 1978، أدرك Stephen M. Larson وJohn W Fountain أن عمليات رصد عام 1966 كان أفضل تفسيرٍ لها هو تلك الأجسام المميزة (جانوس وإبيميثيوس) اللذان يتشاركان بمدارٍ متشابهٍ جداً. وأكدت Voyager I ذلك في عام 1980. وبذلك تشارك Larson وFountain رسمياً اكتشاف إبيميثيوس مع Walker. قامت المركبة الفضائية كاسيني بعدة عمليات اقتراب وقدمت صوراً تفصيلية للقمر عندما أكمل مداره حول زحل عام 2004.

 

  • كيف حصل إبيميثيوس على اسمه

اقترح جون هيرتشيل (John Herschel) أن ترتبط أسماء أقمار زحل مع الإخوة والأخوات الأسطورية كرونوس. (ويُعادل كرونوس الإله الروماني زحل في الأساطير اليونانية). أما الآن فالاتحاد الفلكي الدولي هو من يتولى تسمية الاجرام الفلكية. جاء اسم إبيميثيوس من الإله اليوناني إبيميثيوس (أو الإدراك المتأخر)، الذي كان شقيق بروميثيوس (البصيرة). ومعاً، مَثلا الإنسانية. لابيتوس هو أب إبيميثيوس وبروميثيوس (وهو أحد أخوة كرونوس).    

 

من بين الفوهات الموجودة على إبيميثيوس نجد فوهة هيلاري (كاهنة أرتميس وأثينا) وبولكس (الذي كان محارباً في ملحمة "الإلياذة" والذي خطف هيلاري). ويُشير علماء الفلك إلى إبيميثيوس بزحل XI وبـ S / 1980 S3 أيضاً.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات