الثقوب السوداء لا تُدمر المعلومات، ومفارقة فقدان المعلومات غير موجودة

"مفارقة فقدان المعلومات" في الثقوب السوداء، تلك المشكلة التي عانت منها الفيزياء لما يقارب 40 عامًا، قد لا تكون موجودة!


إذا قمت بتمزيق ورقة، فأنت قادر على تجميع قطعها مرةً أخرى، كذلك، إذا أحرقت كتاباً، يمكنك نظرياً إعادته. لكن إذا أرسلت معلوماتٍ إلى ثقب أسود، فستفقدها للأبد.

الثقوب السوداء هي مدافن أعظمية، كياناتٌ تمتص المعلومات، وبعد ذلك تتبخّر دون أن تترك خلفها أية أدلة على ما احتوته يوماً ما. هذا ما تجادل به بعض الفيزيائيين لسنوات.
إلا أن بحثاً جديداً يؤكد أن وجهة النظر هذه قد لا تكون صحيحة.


يقول دكتور الفيزياء والأستاذ المساعد في جامعة بوفالو، ديجان ستويكوفيتش (Dejan Stojkovic): "وفقاً لما نقوم به، فإن المعلومات لا تضيع عندما تدخل إلى الثقب الأسود" ويقول: "إنها لا تختفي بهذه البساطة".

نُشرت دراسة ستويكوفيتش الجديدة تحت عنوان: "الإشعاع من الجسم المنهار يظهر موحّداً " في 17 آذار/مارس في مجلة (Physical Review Letters)، وشاركه في تأليفها طالب الدكتوراه أنشول سايني (Anshul Saini).


تحدد الورقة البحثية كيف يمكن للتفاعلات الحاصلة بين الجزيئات المنبعثة من الثقب الأسود أن تكشف معلومات عما يكمن داخله، كخصائص الجسم الذي شكّل الثقب الأسود بدايةً، وخصائص المادة والطاقة الموجودة داخله.


يقول ستويكوفيتش: "إنه اكتشاف هام، فحتى علماء الفيزياء المؤمنون بأن المعلومات لا تفقد في الثقوب السوداء بذلوا جهداً كبيراً ليظهروا كيفية حدوث هذا الأمر رياضياً." ويقول أن ورقته البحثية الجديدة تظهر حسابات واضحة تبرهن كيف يتم الحفاظ على المعلومات.

يمثل البحث خطوةً هامةً نحو حل "مفارقة فقدان المعلومات"، وهي مشكلة عانت منها الفيزياء لما يقارب 40 عاماً، منذ أن اقترح ستيفن هاوكنغ (Stephen Hawking) في البداية أن الثقوب السوداء يمكن أن تشع الطاقة وتتبخر مع مرور الوقت، حيث شكّلت معضلةً كبيرةً لحقل الفيزياء، كونها تعني إمكانية ضياع المعلومات داخل الثقب الأسود دوماً عندما يختفي هذا الثقب، وهذا انتهاك لميكانيك الكم، الذي ينص على وجوب حفظ المعلومات.

المعلومات كامنة في تفاعلات الجسيمات
في عام 1970م، اقترح هاوكينغ أن الثقوب السوداء قادرة على إشعاع الجسيمات، وأن الطاقة المفقودة خلال هذه العملية ستسبب تقلص الثقوب السوداء واختفائها في نهاية المطاف. كذلك خلص هاوكينغ إلى أن الجزيئات المقذوفة من الثقب الأسود لا يمكنها أن تقدّم أدلة حول ما يتوضع داخله، مما يعني أن أية معلومات محفوظة ضمن الثقب الأسود ستضيع بالكامل حالما يتبخر هذا الكيان.


بالرغم من أن هاوكنغ اعترف لاحقاً أنه كان مخطئاً وأن المعلومات يمكن أن تتحرر من الثقوب السوداء، إلا أن إمكانية وكيفية استرداد المعلومات من الثقب الأسود بقيتا موضع نقاش.
تساعد الورقة البحثية لستويكوفيتش وسايني في توضيح القصة.


تأخذ الدراسة بالاعتبار التفاعلات الدقيقة بين الجسيمات عوضاً عن النظر إلى الجسيمات التي يقذفها الثقب الأسود فقط، وبذلك، يخلص البحث إلى إمكانية أن يسترد الراصد الواقف خارج الثقب الأسود المعلوماتِ المتعلقةَ بما يكمن ضمنه.


يمكن أن تتفاوت التفاعلات بين الجسيمات، من التجاذب الثقالي حتى تبادل الوسطاء كالفوتونات الموجودة بينها، وبالرغم من أن وجود مثل هذه "الارتباطات" كان معروفاً منذ زمن بعيد، إلا أن العديد من العلماء في الماضي أسقطوها من حساباتهم واعتبروها أشياءَ غيرَ مهمة.


يقول ستويكوفيتش: "هذه الارتباطات تم تجاهلها غالباً في الحسابات المتعلقة، لاعتقادهم بأنها ضئيلة وغير قادرة على إحداث فرق هام". ويضيف: "تُظهر حساباتنا الدقيقة أنه بالرغم من أن الارتباطات تبدأ صغيرة جداً، إلا أنها تزداد مع الزمن وتصبح كبيرة كفاية كي تغير النتيجة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات