القمر: اقرأ المزيد

إن السلوك المنتظم اليومي والشهري للتابع الوحيد للأرض "القمر"، جعل منه مرشداً لمنظمي الوقت لآلاف السنين؛ وظهرت تأثيراته على الدورات الطبيعية الموجودة في الأرض، خصوصاً المد والجزر، وفي رسومات الكثير من الثقافات وفي مختلف العصور. ووجود القمر هو السبب في تعديل ميلان الأرض حول محورها، الأمر الذي أدى بدوره إلى مناخ معتدل استمر لمليارات الأعوام.  وهنا من الأرض، نقوم دوماً برؤية الجانب نفسه من القمر، لأن القمر يدور لمرة واحدة حول محوره خلال نفس الوقت الذي يحتاجه لإنجاز دورة واحدة حول الأرض (ويسمى هذا الأمر بالدوران التزامني).

  
تُعرف المناطق المضيئة من القمر بالمرتفعات؛ ويُطلق على المميزات الداكنة والموجودة على سطح القمر اسم ماريا (المرادف اللاتيني لكلمة البحار)؛ وتُشكل هذه المميزات أحواضاً تصادمية امتلأت بالحمم منذ حوالي 4.2 و 1.2 مليار سنة. وتُوجد على القمر مناطق مغناطيسية تمت المحافظة عليها في القشرة القمرية على الرغم من عدم امتلاكه لحقلٍ مغناطيسي داخلي، لكن كيفية حدوث هذا الأمر لايزال لغزاً غامضاً. لم تكن الظروف التي وجدت في المراحل الأولى من عمر القمر مناسبة لتطوير محرك داخلي له –وهي الآلية التي تؤدي إلى ظهور الحقول المغناطيسية الموجودة في الكواكب الصخرية الشبيهة بالأرض. 

 
كيف تشكل القمر؟  


تنص النظرية الأهم في هذا المجال على قيام جسمٍ بحجم المريخ بصدم الأرض قبل حوالي 4.5 مليار عام، وشَكل الحطام المتراكم، الناتج عن كل من الأرض والجسم الصادم، هذا التابع الطبيعي لنا. بدأ القمر المتشكل حديثا بالظهور في حالة مصهورة؛ وخلال حوالي 100 مليون عام، تبلورت معظم "محيطات الماغما" على شكل صخور أقل كثافة طفت إلى الأعلى وشكلت في النهاية القشرة القمرية.

  
ومنذ الزمن القديم للبراكين، فإن القمر القاحل والخالي من الحياة قد تُرك تقريبا من دون تغيير. وقد أدى عدم وجود غلاف جوي قمري يُمكنه حماية القمر من عمليات التصادم، إلى أمطارٍ مستمرة من الكويكبات والنيازك والمذنبات قامت بصدم سطح القمر. خلال مليارات الأعوام، تم طحن السطح القمري إلى أشكال عديدة امتدت من الصخور الضخمة وصولاً إلى أحجامٍ غبارية.

  
تقريباً، فإن كامل سطح القمر مغطى بكومةٍ من أنقاض الفحم –الرمادي، والغبار الناعم جدا والحطام الصخري الذي يدعى أيضا بالثرى القمري (القشرة القمرية). في الأسفل من الثرى القمري، توجد منطقة من الصخر المكسر يُشار إليها بالثرى الكبير أو الدثار (megaregolith). وتُستخدم أربع هياكل تصادمية من أجل التأريخ على القمر وهي: أحواض نيكتاريس (المرادف اللاتيني لكلمة الرحيق) وإمبريوم وفوهات إيراتوستينيس (Eratosthenes) وكوبرنيكوس (Copernicus).

  
تاريخ القمر مبني على أساس زمني يعتمد كل قسم منه على عمر كل من هذه الهياكل التصادمية. فعلى سبيل المثال، مَعلم كوبرنيكوس عبارة عن فوهة كوبرنيكوس التصادمية الشابة أو الأكثر شباباً، وتبلغ من العمر حوالي مليار عام أو أقل. تمت زيارة القمر للمرة الأولى من قبل المهمات Luna 1 وLuna 2 التابعتين للاتحاد السوفيتي في العام 1959. لحِق بهاتين المهمتين عدد من المركبات الفضائية الأمريكية والسوفيتية.  


أرسلت الولايات المتحدة إلى القمر ثلاثة أصناف من المهمات الروبوتية من أجل التحضير لإرسال المستكشفين البشر، وهذه المهمات هي: Rangers 1961-1965 وهي مهمة مجسات تصادمية، والمراصد المدارية القمرية Lunar Orbiters- 1966-1967، التي قامت برسم خرائط لسطح القمر بقصد إيجاد مواقع للهبوط ومهمة المساحين – Surveyors- خلال الفترة (1966-1968) وكانت عبارة عن روبوتات قامت بالهبوط السهل على القمر.

  
حصل أول هبوط للإنسان على القمر في 20-7-1969. وخلال بعثات أبولو بين العامين 1969-1972، قام 12 رائد فضاء أمريكي بالسير على القمر واستخدموا عربة التجول القمري من أجل التنقل على السطح وتوسيع دراستهم لميكانيك التربة، والنيازك، والمجالات القمرية، والحقول المغناطيسية والرياح الشمسية. وأحضر رواد الفضاء معهم حوالي 382 كيلوغرام (842 باوند) من الصخر والتربة إلى الأرض لدراستها.  


بعد انقطاعٍ كبير، استمرت عمليات الاستكشاف القمرية في العام 1990 من قبل المهمات الأمريكية الروبوتية كليمنتين (Clementine) والكشاف القمري (Lunar Prospectors). واقترحت النتائج القادمة من المهمتين إمكانية وجود جليد الماء في الأقطاب القمرية، لكن لم يكشف التصادم المتحكم به للمركبة الفضائية "الكشاف" مع القمر عن أي ماء ولم تتمكن المركبة من رصد الماء.

  
بدأ عصر جديد من الاستكشاف الدولي للقمر في وقت مبكر من الألفية الجديدة؛ حيث كان الاتحاد الأوروبي هو الأول عبر إطلاقه للمهمة SMART-1 في العام 2003، التي تبعها مهمات متنوعة من دول أخرى في الأعوام 2007 و2008: مهمة Kaguya من اليابان، وChang'e-1 من الصين، وChandrayaan-1 من الهند.  وبدأت الولايات المتحدة سلسلة جديدة من المهمات القمرية الروبوتية بإطلاق المهمتين المتصلتين المستكشف القمري المداري وLCROSS في العام 2009. ومن المتوقع التخطيط لإرسال مهمات مأهولة أخرى من أجل العودة مجدداً إلى القمر. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات