الكواركات

الكواركات (Quarks) واللبتونات (Leptons) هي لبنات البناء الأساسية للمادة، وتُشاهد على شكل "جسيمات عنصرية". في النموذج القياسي الحالي (standard model)، هناك ستة "نكهات" للكواركات، وتستطيع هذه النكهات الأخذ بعين الاعتبار جميع الميزونات (mesons) والباريونات (baryons) المعروفة والتي يزيد عددها عن 200.

 

من بين أكثر الباريونات شهرة هي البروتونات والنيوترونات، المبنية من كواركات سفلية (down) وعلوية (Up). يُمكن رصد الكواركات على شكل تجمعات مكونة من كواركين فقط (الميزونات)، أو مكونة من ثلاث (الباريونات). وهناك ادعاء بوجود رصد لجسيمات مكونة من خمس كواركات (البنتاكوارك pentaquark)، لكن لم تُثبت التجارب وجودها حتى الآن.

جدول خواص الكواركات
الكتلة العدد الباريوني الشحنة السبين الرمز الكوارك
1.7-3.3 Mev 1/3 +2/3 1/2 U العلوي
4.1-5.8 Mev 1/3 -1/3 1/2 D السفلي
1270 Mev 1/3 +2/3 1/2 C الساحر
101 Mev 1/3 -1/3 1/2 S الغريب
172 Gev 1/3 2/3 1/2 T القمي
4.19 Gev
4.67 Gev
1/3 -1/3 1/2 B القاعي

 

لا يجب أن تؤخذ كتل الكواركات على محمل الجد لأن العلم يُظهر حالياً أنه من المستحيل عزل الكوراكات لقياس كتلها بطريقة مباشرة. وتُقاس الكتل بشكلٍ غير مباشر عبر تجارب التشتت. تغيرت الأرقام في الجدول بشكلٍ كبير مقارنة مع الأرقام السابقة التي اعُتمدت في يوليو/حزيران عام 2010 في مجلة Physics G, Review of Particle Physics.يُمكن إيجاد ملخص بهذا الشأن في الموقع التالي. وباختصار فإن الكتل تعتمد على النموذج المقترح والمستخدم.

 

بإمكان كل نكهة من النكهات الست للكواركات أن تتمتع بثلاثة ألوان مختلفة. وقوى الكواركات جاذبة فقط في التجمعات عديمة اللون والمكونة من ثلاث كواركات (الباريونات)، وأزواج الكوارك-الكوارك المضاد (الميزونات)، ومن المحتمل أيضاً في تجمعات أكبر مثل البنتاكوارك الذي ربما يتمتع بظروف عديمة اللون. تُعاني الكواركات من تحولات عبر تبادل البوزونات W، وتُحدد تلك التحولات معدل وطبيعة تفكك الهادرونات بوساطة التفاعل الضعيف (weak interaction).

 

لماذا الكواركات؟

أخذ موراي جل-مان (Murray Gell-Mann) هذه التسمية من كتاب "Finnegan's Wake" لجيمس جويس (James Joyce)، وتحديداً من سطر "الكواركات الثلاث لموستر مارك...." وهو كتاب خيالي. وحصل جل-مان على جائزة نوبل عام 1969 عن عمله في تصنيف الجسيمات العنصرية.

 

  • الكواركين العلوي والسفلي

هي أكثر أنواع الكواركات شيوعاً وأقلها كتلةً؛ وتُؤلف كل من البروتونات والنيوترونات وبالتالي معظم المادة العادية (ordinary matter). ويُعتقد أن تفكك النيوترون الحر

\(\mathrm{n}\rightarrow\mathrm{p^++e^-}+\bar{\nu}_e \)

وتفكك النواة بوساطة تفكك بيتا وفقاً لعمليات مثل هذه:

\(P^{32}\rightarrow S^{32}+e^-+\bar v_e\)

ناتجة عن عملية أساسية تتضمن وجود كواركات، وهي:

\(d\rightarrow u+e^-+\bar v_e\)

 

  • الكوارك الغريب (Strange Quark)

في العام 1947 وأثناء دراسة تفاعلات الأشعة الكونية، اكتُشف أن أحد نواتج تصادمات البروتونات مع النوى يمتلك عمراً أطول من المتوقع: \(10^{-10}\)ثانية بدلاً من \(10^{-23}\) ثانية!

سُمي هذا الجسيم بجسيم \(\lambda\)، وأُعطيت الخاصية التي تتسبب في استمرار حياته لفترة أطول من المتوقع اسم "الغرابة"، وعلق ذلك الاسم بأحد الكواركات التي يتألف منها جسيم لمدا. جسيم لمدا هو باريون مؤلف من ثلاث كواركات: كوارك علوي، وسفلي، وكوارك غريب.

 

كان متوقعاً أن يكون عمر هذا الجسيم \(10^{-23}\) ثانية لأن جسيم\(\lambda\)، كونه باريون، يُشارك في التفاعل القوي (strong interaction)، ويقود ذلك الأمر عادةً إلى أعمار قصيرة جداً. ساعد العمر الطويل، الذي تمَّ رصده، في تطوير قانون انحفاظ جديد يُعرف بـ "انحفاظ الغرابة". ويُرمز لوجود الكوارك الغريب في جسيم ما بالعدد الكمومي S=-1. وأثناء التفاعلات الكهرومغناطيسية أو القوية يكون عدد الغرابة الكمومي محفوظاً. ولا بدَّ أن عملية تفكك جسيم \(\lambda\) انتهكت هذه القاعدة بسبب عدم وجود جسيم أخف يحتوي كوارك غريب؛ ولذلك لا بدَّ وأنَّ الكوارك الغريب قد تحول إلى كوارك آخر أثناء تلك العملية.


يُمكن أن يحصل ذلك في التفاعل الضعيف فقط، ويقود هذا الأمر إلى عمر أطول بكثير. وتوضح عملية التفكك عدم انحفاظ الغرابة:

\(\Lambda^0 \rightarrow P + \pi^-\)

تحولات الكواركات ضرورية من أجل إنجاز عمليات التفكك هذه، وبالتالي إمكانية توضيحها بالاعتماد على مخططات فاينمان (Feynmann diagrams).

 

أوميغا ماينوس (omega-minus)، وهو باريون مؤلف من ثلاث كواركات غريبة، عبارة عن مثال كلاسيكي عن الحاجة إلى وجود خاصية اللون من أجل وصف الجسيمات. وطالما أن الكواركات عبارة عن فيرميونات (fermions) لها سبين (لف ذاتي) مساوٍ لـ 0.5، فبالتالي على الخضوع إلى مبدأ الاستبعاد لباولي (Pauli exclusion principle)، أي لا تستطيع الوجود في حالات متطابقة. لذلك وبوجود ثلاث كواركات غريبة، يجب أن تكون الخاصية التي تُميزهم عن بعضهم قادرة على أخذ ثلاث قيم مختلفة على الأقل.

في الواقع، لا يُعتبر قانون انحفاظ الغرابة قانون انحفاظ مستقل، وإنما يجب النظر إليه على أنه جمع بين قانون انحفاظ الشحنة والسبين والعدد الباريوني. وغالباً ما يُعبر عن ذلك بدلالة الشحنة الفائقة (hypercharge)، أو اختصاراً Y، والمعرفة كالتالي:

\(Y= S+ B= 2(Q-I)\)

كل من الإيزوسبين (Isospin) والشحنة الفائقة (hypercharge) والغرابة (strangeness) عبارة عن أعداد كمومية، وغالباً ما تُستخدم لرسم مخططات الجسيمات بالنسبة للهادرونات.

 

  • الكوارك الساحر (Charm Quark)

في العام 1974، اكتُشف ميزون يُعرف بـ J/Psi particle. بكتلته البالغة 3100 ميغا الكترون فولط -أي أكثر من كتلة البروتون بثلاث مرات كان هذا الجسيم أول الامثلة على كوارك من نوعٍ آخر يُعرف بالكوارك الساحر. ويتألف هذا الميزون من زوج كوارك ساحر-كوارك ساحر مضاد.

 

ويُعرف أخف الميزونات التي تحتوي كواركات ساحرة بالميزون D. ويُقدم هذا الميزون أمثلةً مهمة على التفكك لأنه يجب على الكوارك الساحر التحول إلى كوارك غريب عبر التفاعل الضعيف حتى يحصل التفكك.

 

ويُمثل جسيم لمدا ذو الرمز \(Λ^+_c\) أحد الباريونات التي تمتلك كواركاً ساحراً. ويتكون تركيبه من udc، وبكتلة تصل إلى 2281 ميغا إلكترون فولط/مربع سرعة الضوء. 

 

  • الكوارك القمي (Top Quark)

ذُكرت أولى الأدلة المقنعة على اكتشاف الكوارك القمي في مختبر فيرمي بتاريخ أبريل/نيسان 1995. ووُجدت هذه الأدلة في منتجات تصادم حصلت بين بروتونات بطاقة وصلت إلى 0.9 تيرا إلكترون فولط وبروتونات مضادة داخل مصادم البروتونات-البروتونات المضادة.

 

وبعد حصول التصادم، وجدت منشأة كاشف المصادم 56 مرشحاً ليكون كوارك قمي وهي أكثر من تلك التي تمَّ التنبؤ بها (56)، في حين وجدت مجموعة D0 عدداً من الأحداث وصل إلى 17. ووصلت قيمة كتلة الكوارك القمي بعد الجمع بين بيانات المجموعتين إلى 174.3 جيغا إلكترون فولط وبارتياب +/-5.1 جيغا إلكترون فولط. وهذا أكبر بـ 180 مرة من كتلة البروتون، وأكبر بحوالي مرتين من كتلة أثقل الجسيمات العنصرية التي تمَّ اكتشافها لاحقاً، وهو بوزون Z0 الذي وصلت كتلته إلى 93 جيغا إلكترون فولط.

 

أما التفاعل الذي تمَّ تصوره فهو التالي:

\(q\bar{q} \rightarrow \bar{t}t\)

يُمكن أن يحصل ذلك في التفاعل الضعيف فقط، ويقود هذا الأمر إلى عمر أطول بكثير. وتوضح عملية التفكك عدم انحفاظ الغرابة:

\(t \rightarrow W^+ b\)

 

  • الكوارك القاعي (Bottom Quark)

في العام 1977، اكتشفت مجموعة تجريبية في مختبر فيرمي يقودها ليون ليدرمان حالة طنين جديدة عند 9.4 غيغا الكترون فولط/مربع سرعة الضوء. وفُسرت تلك الحالة على أنها زوج كوارك قاعي-كوارك قاعي مضاد وُعرفت بالميزون أبسيلون. ومن هذه التجربة، تم استنتاج أن كتلة الكوارك القاعي هي حوالي 5 جيغا إلكترون فولط/مربع سرعة الضوء. والتفاعل الذي أجريت دراسته حينها هو:

\(P+N \rightarrow \mu^-+\mu^++X\)

حيث N هو نواة النحاس أو البلاتينيوم. وسمح المطياف، الذي يمتلك دقة فصل كتلة تصل إلى 2%، للعلماء بقياس زيادة في الأحداث وصلت إلى 9.4 جيغا إلكترون فولط/مربع سرعة الضوء. وبعد ذلك، دُرس هذا الطنين في مسرعات أخرى، ودُرست حالات الترابط لميزون الكوارك القاعي-الكوارك القاعي المضاد بشكلٍ مفصل.

 

  • احتجاز الكواركات

كيف يُمكن للشخص أن يثق بنموذج الكواركات، خصوصاً أنه لا يُمكن لأي شخص أن يرى أياً منها منفردة؟ هناك أسباب جيدة للافتقار إلى وجود مراقبات مباشرة. ظاهرياً، لا تتناقص القوة اللونية (color force) مع المسافة مثل بقية القوى التي تمَّ رصدها.

 

وافترض العلماء أنها تزداد مع المسافة عند معدل يصل إلى 1 جيغا إلكترون فولط لكل فيرمي. ولا يستطيع أي شخص رصد كوارك حر لأنه في الوقت الذي يكون فيه ذلك الكوارك قابلاً للرصد، تكون الطاقة أكبر بكثير من طاقة إنتاج الأزواج (pair production) بالنسبة لأزواج الكوارك-الكوارك المضاد.

 

بالنسبة للكواركين السفلي والعلوي، تصل الكتلة إلى 0.1 ميغا إلكترون فولط، وبالتالي سيحصل إنتاج الأزواج عند مسافات أقل بكثير من فيرمي. ومن ثمّ ستخمن وجود الكثير من الميزونات (الكواركات-الكواركات المضادة) في تجارب التصادمات ذات الطاقة المرتفعة جداً، وهو ما تم رصده في الواقع.

 

بشكلٍ أساسي، لا يُمكنك عزل كوارك لأن القوة اللونية لا تسمح لها بذلك، والطاقة اللازمة لفصلها تُنتج أزواج كواركات-كواركات مضادة قبل أن تصبح موجودة عند بعدٍ كافٍ لرصدها. إحدى الطرق لتخيل احتجاز الكواركات هو نموذج الحقيبة (bag model). وتُمثَّل الكواركات هنا على أنها محصورة داخل حقيبة مرنة وتسمح للكواركات بالتحرك بحرية داخلها طالما أنها لا تُحاول تدميرها. لكن إذا ما حاولت سحب كوارك ما للخارج، ستتوسع الحقيبة وتقاوم ذلك.

 

ويُفسر العالم رولف (Rohlf) طريقة أخرى للنظر إلى احتجاز وحبس الكواركات: "عندما نحاول سحب الكواركات إلى خارج بروتون ما عبر صدم الكوارك بجسيم عالي الطاقة، يُعاني الكوارك من وجود حاجز طاقة كامنة قادمة من تفاعل قوي، وتُساعد هذه الطاقة في زيادة المسافة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات