التحديث الكبير التالي لمصادم الهادرونات عبارة عن برمجية

برنامج متوافق ومستدام قد يحدث ثورة في البحث في الفيزياء عالية الطاقة.

ربما تكون شبكة الويب اختُرعت في سيرن، لكن تم صقلها في الخارج. يجري مجموعة من الفيزيائيين العاملين في مصادم الهادرونات الكبير بحوثًا خارج البيئة الأكاديمية بهدف التغلب على أكبر التحديات في الفيزياء - تطوير إطار برمجي متطور ومستدام ومتوافق مع باقي العالم.

يقول بيتر إلمر Peter Elmer وهو فيزيائي من جامعة برنستون Princeton: "البرنامج الذي اعتدنا استخدامه لبناء المصادم والتحليل عمره 20 عاماً، التكنولوجيا تتطور، لذا علينا أن نسأل، هل برامجنا ما زالت منطقية اليوم؟ هل ستستمر في فعل ما نريد بعد 20 أو 30 سنة من الآن؟

إلمر جزء من مبادرة جديدة تم تأسيسها من قبل مؤسسة العلوم الوطنية Science Foundation اسمها التحليل المكثف لبيانات الفيزياء عالية الطاقة Data Intensive Analysis for High Energy Physics أو اختصارًا مشروع DIANA/HEP. لدى مشروع DIANA هدف رئيسي واحد: تطوير برمجيات فيزياء الطاقة العالية عن طريق إشراك أفضل الخبرات والخوارزميات من التخصصات الأخرى.

يقول كايل كرنمر Kyle Cranmer وهو فيزيائي من جامعة نيويورك New York والمؤسس المشارك في مشروع DIANA: "نريد منع الفيزيائيين من إعادة اختراع ما قد اخترعوه مسبقًا" ويضيف: "حصل انفجار في إنتاج البرمجيات العلمية عالية الجودة في السنوات الأخيرة. نريد البدء بإشراك أفضل المنتجات في بحثنا لنتمكن من تأدية علم أفضل بكفاءة أكبر".

يعد DIANA أول مشروع ممول بشكل صريح للعمل على البرمجيات المستدامة، لكن ليس أولى المحاولات التي تهدف إلى تحسين الطريقة التي تُجري بها الفيزياء عالية الطاقة تحليلاتها. بدأ الفيزيائي "نويل دا" Noel Dawe في عام 2010 مشروع "روتباي" (rootpy)، وهو مبادرة مجتمعية هدفها تحسين السطح البيني (interface) بين أداة "روت" (ROOT) ولغة برمجة "بايثون" (Python).

يقول دا Dawe، والذي عندما بدأ "روتباي" كان طالب دراسات عليا سابق في جامعة سيمون فريزر Simon Fraser وهو الآن زميل في جامعة ملبورن Melbourne: "تعتبر روت أداة مركزية يستخدمها كل الفيزيائيين في مجالي" ويضيف: "لا بأس بها، لكن أحياناً أفضل أداة للعمل هي شيء آخر. بدأت "روتباي" كمشروع جانبي عندما كنت طالب دراسات عليا لأني أردت إيجاد طريقة لربط أكواد أداة "روت" مع أدوات أخرى".

بدأ الفيزيائيون بتطوير الأداة "روت" في تسعينات القرن الماضي باستخدام لغة البرمجة C++. تطورت هذه البرمجية كثيرًا منذ ذلك الحين، لكنها أصبحت بشكل تدريجي قديمة وثقيلة، وعملية ربطها مع الأدوات العلمية الجديدة المكتوبة بلغات مثل البايثون Python وجوليا Julia صعبة. تطورت لغة C++ على مدى العشرين سنة الماضية، لكن وجب على الفيزيائيين الحفاظ على مستوى من التوافق العكسي للحفاظ على بعض أكوادهم القديمة.

يقول غيلس لوب Gilles Louppe، وهو خبير في تعلم الآلة من مشروع DIANA: "إنها في فقاعة" ويضيف: "من الصعب الدخول ومن الصعب الخروج. إنها معزولة عن بقية العالم".

كان لوب يعمل مطوراً لمنصة تعلم الآلة المعروفة بإسم scikit-learn قبل المجيء إلى سيرن، وهي مكتبة مفتوحة المصدر لأدوات تحليل البيانات واستخراج البيانات متعددة الجوانب. الآن هو باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة نيويورك New York ويعمل مع الفيزيائيين لتحسين التشغيل البيني (interoperability) بين المنتجات البرمجية لمصادم الهادرونات الكبير ونظام بايثون البيئي. تحسين التشغيل البيني سيسهل الطريق أكثر للفيزيائيين للاستفادة من التقدم العالمي في مجال التعلم الآلي وتحليل البيانات.

يقول كرنمر: "تتغير التكنولوجيا والبرمجيات بشكل سريع، يمكننا جني ثمار الصناعة وكل شيء يخترعه العالم."

هناك توجه ينتشر بسرعة في مجتمع علم البيانات، وهو الدفاتر الحسابية: كود تحليل هجين، يسرد النص ويعمل على تحديد حبكته. يطور مشروع "جوبيتر" Jupyter التكنولوجيا التي ستمكننا من الحصول على هذه الدفاتر. زار مطوران من مشروع "جوبيتر" سيرن مؤخراً للعمل مع فريق "روت" ولتطوير الإصدار إلى "روت بوك" ROOTbook بشكل أكبر.

يقول كرنمر: "يمثل الروت بوك مجموعة مكونة من مجتمعيْن وتقنيتيْن".

 

أنماط الفيزياء
لتأدية المهام مثل وسم الجسيمات والتعرف عليها، يستخدم الفيزيائيون التعلم الآلي. يدربون برمجيات المصادم خاصتهم للتعرف على أنماط معينة للبيانات عن طريق تزويدها بالآلاف من عمليات المحاكاة. حسب إلمر، هذه المهمة مثل معضلة الإبرة في كومة القش.

تخيل كتاب "وير أز والدو" Where’s Waldo، لكن بدل البحث عن والدو واحد في الصورة هناك عدد كبير من الأنواع المختلفة من والدو و100000 صورة في كل ثانية يلزم تحليلها.

لكن ماذا لو أن هذه البرامج تستطيع تعلم الأنماط بنفسها بإرشاد خارجي قليل؟ خطوة واحدة صغيرة خارج LHC هي صناعة مزدهرة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات وهذا فقط ما تفعله.

يقول إلمر: "عندما أقوم بالتقاط صورة باستخدام الآيفون الخاص بي، يقوم لحظياً بتحويل آلاف البكسلات ليتعرف على وجود الناس". ويضيف: "منظمات مثل جوجل وفيسبوك ومحرك البحث الروسي ياندكس Yandex تعمل على إصدار المزيد والمزيد من التطبيقات مفتوحة المصدر". يعمل علماء من تخصصات أخرى، مثل علم الفلك، على استعمال هذه الأدوات للاستفادة منها في طريقة تأديتهم للعلم. يأمل كرنمر أن الفيزياء عالية الطاقة ستنتقل إلى نموذج يجعل الاستفادة من هذه العروض الجديدة أسهل أيضاً.

يقول كرنمر: "برمجية جديدة يمكن لها أن تزيد الأمور التي نستطيع أن نفعلها في مصادم الهادرونات الضخم"، ويضيف:"يصعب تقدير قدرته".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • معهد أبحاث الفضاء في روسيا، و هو تابع لأكاديمية العلوم الروسية. (IKI): معهد أبحاث الفضاء في روسيا، و هو تابع لأكاديمية العلوم الروسية.

اترك تعليقاً () تعليقات