ما هو الكون؟

صورة للمجرة القريبة NGC 6744.

المصدر: European Southern Observatory


ما هو الكون؟

يشتمل معنى كلمة "الكون" (universe) على كل ما هو موجود، فهي تشمل المكان والزمان كله، وهذا الأمر يفرض علينا سؤالًا مضمونه "كيف يمكن أن يكون هناك أكثر من كون؟". من المؤكد أن كل كون آخر يجب أن يكون جزءًا من كل ما هو موجود، وبالتالي، فهو ينتمي إلى "الكون"! حسنًا، سنعود إلى هذا السؤال بعد لحظات.


الكون الذي نعيش فيه


في البداية، لنلق نظرة على ما نعتبره "كوننا". يعتقد العلماء أن بداية كوننا كانت في "الانفجار العظيم" (Big Bang) وذلك قبل حوالي 13.8 مليار سنة. في ذلك الوقت، كان الكون يتمتع بدرجة حرارة وكثافة مرتفعتين للغاية، وعندما بدأ الكون يبرد بعد الانفجار العظيم، بدأت المادة بالتشكل، وانتهى بها المطاف أن تتجمع مكونةً الكواكب، والنجوم، والمجرات التي نراها اليوم.

لا يمكننا رؤية الكون كله، وذلك لأن الضوء يستغرق وقتاً في سفره عبر الفضاء قادماً من المجرات أو النجوم البعيدة، حتى إن بعض هذا الضوء لم يتسنى له الوقت الكافي ليصل إلينا بعد. يتكوّن "الكون المرئي" من جميع مناطق الكون التي يمكن للضوء أن يصل منها، وذلك منذ حدوث الانفجار العظيم حتى اليوم. وهذا هو الجزء من الكون الذي يمكننا رؤيته بشكل أساسي إذا كانت لدينا المُعدّات المثالية لرصد ذلك الضوء.

تبلغ المسافة بيننا وبين حافة الكون المرئي في هذه اللحظة حوالي 41.4 مليار سنة ضوئية. قد يبدو الأمر غريباً في البداية، فإذا كان عمر الكون 13.8 مليار سنة ضوئية، فيجب أن تكون المسافة الممتدة حتى حافة الكون المرئي هي نفسها المسافة التي يستطيع الضوء أن يقطعها خلال 13.8 مليار سنة (والتي تبلغ بالطبع 13.8 مليار سنة ضوئية). ولكن الحقيقة هي أن الكون في توسع، حيث تتحرك النجوم والمجرات مبتعدة عن بعضها البعض، وقد كان إدوين هابل (Edwin Hubble) أول من لاحظ هذا التوسع في عشرينيات القرن العشرين، كما أظهرت الأرصاد التي أجريت في تسعينيات القرن العشرين أن المعدل الذي يتوسع به الكون في تسارع، وبسبب هذا التوسع، فإن المسافة القصوى التي يمكن للضوء أن يكون قد قطعها منذ الانفجار العظيم تتجاوز 13.8 مليار سنة ضوئية، حيث تظهر الحسابات أن هذه المسافة تبلغ 41.4 مليار سنة ضوئية تقريباً.

ما الذي يوجد وراء حافة الكون المرئي؟ وماذا حدث قبل الانفجار العظيم؟ الإجابة هي أنه لا أحد يعلم. من المحتمل أن الكون كان موجوداً قبل الانفجار العظيم، وربما كان في حالة انكماش وقتئذٍ، بدلاً من حالة التوسع. كما أننا لا نعلم الشكل الكلي للكون.

قد يكون امتداد الكون غير نهائي، كما أنه قد يكون منتهياً، ولا تعني الحالة الأخيرة هذه أن للكون حافةً يمكنك أن تسقط عنها، فهذا سيكون غريباً؛ ﻷنه لو كانت هناك حافة، فيتوجب أن يوجد مكانٌ ما بعد هذه الحافة، وهذا المكان يجب أن يكون بالتأكيد جزءاً من الكون، لكن الأمر المحتمل هو إمكانية أن يكون الكون منتهي الامتداد دون أن تكون له حافة، ويشبه ذلك سطح الكرة الذي يمتلك مساحةً منتهيةً (يمكنك طلاؤها بكمية منتهية من الطلاء)، ولكنك لن تقع أبداً عن حافةٍ ما بينما تتجول على هذا السطح.

أكوان أخرى


ماذا نعني إذاً بالأكوان "الأخرى"؟ هناك فكرتان رئيسيتان يجدر ذكرهما هنا. أولهما هي عن "الأكوان المتعددة" (multiverse). ﻷسباب مختلفة، فإن من المنطقي أن نعتبر الكون مؤلفًا من مناطقَ مختلفة كلٌ منها معزول عن الآخر، ولكن تحكمها قوانين فيزيائية مختلفة، وفي هذه الحالة، يكون كوننا مجرد منطقة واحدة من هذه المناطق، وهو يكبر كما تكبر فقاعة في حوضٍ من فقاعات الصابون.

أما الفكرة الأخرى فهي عن "الأكوان المتوازية" (parallel universes)، وهي مستوحاة من نظرية ميكانيكا الكم. وتقترح هذه النظرية ببساطة أن الأشياء قد تكون في حالتين أو أكثر في نفس الوقت، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون الإلكترون في أماكن متعددة في نفس الوقت، ويمكن أن تكون الذرة المشعّة متخامدة و غير متخامدة في نفس الوقت. والسؤال المطروح في هذه الحالة، لماذا لا نرى هذه التراكب في حياتنا أبدًا؟

قد يكون من الممكن الإجابة على هذا السؤال بالشكل الآتي: كلما تم رصد واحدة من هذه المنظومات الكونية المتراكبة على بعضها البعض من قبل شخصٍ ما، أو ربما أداة رصد ما، فإن الكون ينقسم إلى فروع متعددة. تكون المنظومة الكونية الموجودةُ في كل فرع موجودةً في إحدى الحالات التي كانت متواجدةً مع بعضها بشكل متزامن. ويحتوي كل فرع منها على الواقع كاملًا، ويمكن اعتباره بشكلٍ ما على أنه كون مستقل بذاته. إن هذا الأمر لساحرٌ للألباب حقًا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات