كم من البلاستيك يُعاد تدويره فعليًّا؟

صورة: بلاستيك، بلاستيك في كلّ مكانحقوق الصورة: © Shutterstock


 

لا تمنح إعادةُ التدوير قارورتك البلاستيكيّة حياةً جديدةً دومًا.

بحسب وكالة الحماية البيئيّة، فقد أنتجت الولايات المتّحدة في عام 2017 ما يقارب 35.4 مليون طن (أي 32 مليون طن متري) من المنتجات البلاستيكيّة، وإذا أردت أن تُقلّل من مساهمتك الخاصّة بمشاكل تلوّث البلاستيك فإنّ إعادة التدوير قد تبدو حلًّا يسيرًا لذلك.


لكن ما الذي يحدث حقًّا بعد أن تقوم بتنظيف العبوات البلاستيكيّة ورميها في سلّة خاصّة بإعادة التدوير؟

بحسب جون هوسيفار John Hocevar، عالم أحياء بحريّة لدى منظمة جرينبيس في الولايات التحدة Greenpeace USA، فإنّ ناتج عمليّة إعادة التدوير ليس مزدهرًا كما يظنّ معظم الناس للأسف، فمن غير المُرجّح أن تمنح هذه العمليّة حياةً جديدةً لعبوات البلاستيك، وبحسب وكالة الحماية البيئيّة فقد أُعيد تدوير 8.4% فقط من حصيلة فضلات عام 2017، وهي نسبةٌ ضئيلةٌ لا تحفّز المستهلكين على إعادة التدوير أو حتّى بذل الجهد للوصول لبرامج خاصّة بهذه العمليّة، إذ تفتقر الولايات المتّحدة للبنية التحتيّة الملائمة لتطبيق ذلك.


وقد أخبر هوسيفار موقع LiveScience أنّ أغلب أنواع البلاستيك المنتشرة في معظم البلاد هي أنواعٌ غير قابلةٍ لإعادة التدوير.


بحسب تقرير أصدرته Greenpeace مؤخّرًا يستند على إحصائيّات أُجرِيَت لمنشآت إعادة تدوير المواد التي تختصّ بفرز عمليّات إعادة التدوير في الولايات المتّحدة البالغ عددها 367، فإنّ نوع البلاستيك الوحيد الذي يُعاد تدويره هو بلاستيك القوارير، أمّا مصير الأنواع الأخرى ابتداءً من الأغطية وانتهاءً ببلاستيك التغليف فهو إمّا الحرق أو رميها في مكبّ النفايات.


وقد ذكر أيضًا أنّ أنواع البلاستيك العديدة لا تُصَنَّع بشكلٍ مماثلٍ، فإذا نظرت إلى عبوةٍ صافيةٍ كالتي تحتوي الكتشب أو مسحوق الغسيل، ستلاحظ الرقم 1 داخل رمز المثلّث الخاصّ بإعادة التدوير، ممّا يعني أنّ هذا البلاستيك مصنوع من مادّة تُدعى PET (بولي إيثيلين تيرثفالات) أمّا الأوعية نصف الشفّافة كعبوات الحليب، نلاحظ الرقم 2 داخل رمز إعادة التدوير الخاصّ بها وهذا يعني أنّها مصنوعة من مادّة تُدعى HDPE (بولي إيثيلين عالي الكثافة) ويُصنَّف البلاستيك في منشآت إعادة التدوير بناءً على الأرقام (والتي تصل حتّى الرقم 7) مُحدِّدةً بذلك إمكانية إعادة تدويرها.


بحسب كارا بوتشيرو Kara Pochiro، مديرة الاتصالات في جمعية "جمع النفايات البلاستيكيّة"، فإنّه يمكن إعادة تدوير النوعين 1 و2 نسبيًّا، حيث تُقطَّع هذه الموادّ ثمّ تُذاب إلى كرات وتُباع للمُصنّعين بغرض إعادة الاستعمال، ويمكن أن تدخل في تصنيع السجّاد، والأقمشة، وبلاستيك التغليف والعديد من المنتجات الأخرى. لكن كلّما ارتفع رقم النوع، أصبحت عمليّة إعادة التدوير أكثر تعقيدًا، وتُسمّى هذه الأنواع "البلاستيك المختلط" وتشكّل 69% من نفايات البلاستيك التي ننتجها، وهذا بحسب تقرير Greenpeace، حيث أنّ معالجتها أغلى بكثير ومستهلكة للطاقة بشكلٍ أكبر من النوعين 1 و2، ففي الماضي، كانت منشآت إعادة التدوير تصدّر هذه الأنواع، للصين غالبًا، ولكن منذ سنتين منعت الصين استيراد النفايات البلاستيكيّة الأجنبيّة.


وفقًا لتقرير أصدرته The Guardian العام الفائت فقد اضطّرت منشآت إعادة التدوير للتزاحم بالبحث عن سوق جديدة لتصدير نفاياتها، وقد فشلت معظمها بذلك، فعلى سبيل المثال، لا تزال هذه المنشآت في لوس أنجلوس غير قادرة على معالجة أنواع البلاستيك التي تفوق النوع 2 وعوضًا عن ذلك، فإنها ترميها في مكبّات النفايات أو المحارق.


وقد أضاف هوسيفار أنّه برغم سياسة الصين الجديدة هذه، فهي لم تحدث تغييرًا عظيمًا بمصير البلاستيك في الولايات المتّحدة.


فقد تلوّثت العديد من أكوام البلاستيك المشحونة للصين بفضلات غير قابلة لإعادة التدوير، ممّا أدّى لرميها في مكبّات النفايات والمحيط. فالذي حصل أنّ المشكلة لم تزدد سوءًا، وإنّما نُقِلت إلى الأراضي الأميركيّة وذلك بدل حشد رزم النفايات وشحنها للصين، أي أن ما جرى فعليًّا لم يكن اختفاءً للمشكلة. وعلى أي حال، بعد تلوّث تلك الرزم، لم يعد هنالك طريقة للتمييز بين ما يمكن أو لا يمكن إعادة دويره.


لكن بحسب رأي بوتشيرو فإنّ الولايات المتّحدة بحاجة لبنية تحتيّة مجهّزة بالقدرة على معالجة أنواع البلاستيك الأخرى.


كل ذلك يجعلنا نتساءل إذا ما كانت إعادة التدوير للصنفين 1 و2 تستحقّ كل هذا العناء؟


أجابت بوتشيرو: "نعم، تستحقّ". وقد أخبرتنا أيضًا بوجود سوق مرتفع للصنف 5، وهو نوع بلاستيك مرن كالذي نراه في عبوات اللبن الصغيرة، فهنالك نسبة متزايدة منه يُعاد تدويرها فعليًّا، وبالنسبة لأرقام الأنواع الأخرى، فيجب علينا التحقّق من تعليمات منشآت إعادة التدوير المحلّيّة بخصوصها.


أمّا إجابة هوسيفار على هذا التساؤل فقد كانت الرفض القاطع، وذلك بالنسبة للأصناف 3، و4، و5، و7. حيث يرى أنّها تشكّل عبئًا قذرًا على نظام إعادة التدوير المتأزّم أساسًا، فهي تعود بضرر أكبر من أي منفعة.


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات