رائد الفضاء إدفين "باز" ألدرين Edwin E. "Buzz" Aldrin, Jr طيار المركبة القمرية The Lunar Module او اختصاراً (LM) في بعثة أبولو 11، وهو ثاني من مشى على سطح القمر. نشاهد المركبة القمرية على اليسار وآثار أقدام رائدي الفضاء ظاهرة بوضوح على تربة القمر، ورائد الفضاء نيل آرمسترونغ Neil A. Armstrong قائد الرحلة هو من التقط الصورة بواسطة الكاميرا Hasselblad 70mm. حقوق الصورة: ناسا
لماذا تُعتبر العودة إلى القمر غايةً في الصعوبة؟
قبل 48 سنة من تاريخ اليوم، قام أمريكيان اثنان بالهبوط على سطح القمر. واليوم، تحاول ناسا معاودة الكرّة بواسطة مشروع طموح أطلقت عليه اسم كونستيليشن أو الكوكبة "Constellation" يهدف إلى إعادة الناس إلى القمر بحلول العام 2020.
ولكن بما أن ناسا قد قامت بالصعود إلى القمر مسبقاً وذلك في غضون ثمانية أعوام فقط 1961-1969 (1961 حين ألقى الرئيس الأميركي جون كينيدي John F. Kennedy خطابه الشهير الذي أدّى إلى قيام رحلة أبولو بأول هبوط على سطح القمر بتاريخ 20 تموز/يوليو من عام 1969)، يتساءل البعض عن سبب صعوبة العودة! بحلول العام 2020، سيكون قد مرّ 16 عاماً على قيام ناسا بإطلاق رؤيتها الجديدة المتعلقة بالقمر في العام 2004.
الهدف في هذه المرة أكبر بكثير منه في المرة الماضية، حيث قال جون أولسون John Olson مدير مكتب مديرية التكامل لبعثة نظم الاستكشاف Exploration Systems Mission Directorate Integration Office: "الأمر أكبر بكثير من مجرد أعلامٍ وآثار أقدام هذه المرة".
وبدلاً من زيارة القمر لساعات أو أيام على الأكثر، فإن رواد الفضاء في بعثة كونستيليشن (الكوكبة) سيقومون بمهمّة قد تطول عدة أشهر. ولذلك، فسيحتاجون معدّات وتقنيّات جديدة، كما سيتعيّن عليهم إنشاء مساكن شبه دائمة تمكّنهم من العيش على سطح القمر. وبالإضافة إلى التحدي الذي يواجه المختصّين في تصميم هذه الأنظمة، فإن ناسا بحاجة إلى بناء سفينة فضائية يمكنها نقل جميع الإمدادات الإضافية.
علم الصواريخ
إن الصواريخ والمكوكات الفضائية الحالية التابعة لناسا، ليست قادرةً على تجاوز المدار الأرضي المنخفض للوصول إلى القمر حاملةً جميع العتاد اللازم لبعثة مأهولة. يقول جيف هانلي Jeff Hanley مدير برنامج كونستيليشن في ناسا: "إن كمية الطاقة الصاروخية اللازمة لتسريع هذه الحمولات ودفعها بعيداً عن الأرض لم تعد موجودةً إلى الآن. لقد وُجدت في أيام بعثة أبولو Apollo في صاروخ ساتورن الخامس Saturn V، ولكننا توقفنا منذ ذلك الوقت عن إنتاجها".
هذا وتقوم ناسا الآن بتطوير صواريخ جديدة تدعى بـ "آريس الأول Ares I، وآريس الخامس Ares V من أجل العودة إلى القمر، حيث سيكونان أطول وأضخم من نظيريهما ساتورن Saturn اللذين استُخدما في بعثة أبولو. كما أنه سيكون بمقدورهما حمل أوزان أكبر بكثير.
وتقتضي خطة كونستيليشن على أن تتجاوز قدرة هذه الصواريخ الجديدة قدرة المركبة ساتورن، ولكن بميزانية محددة.
كما وضّح هانلي قائلاً لموقع سبيس دوت كوم Space.com: "إننا نريد أن تكون تكلفتها أقل، كما نريدها أن تكون أكثر أماناً. ويعد ذلك تحدياً صعباً للغاية وعلى ناسا مواجهته."
ولعلّ التحدي الأصعب الذي يحتل الصدارة هو خطة كونستيليشن بالذهاب أبعد من القمر، حيث أن الرحلات القمرية ستكون منصّة انطلاق لتجهيز البشر من أجل رحلتهم إلى المريخ. فقد أضاف فرانك بيري Frank Peri مدير برنامج تطوير تقنيات الاستكشاف في مركز أبحاث لانغلي Langley Research Center التابع لناسا: "نحن نعلم أن التعقيد يكمن في مغادرة مدار الأرض، لكن العودة إلى القمر ليست مسألةً بسيطة، ولا البقاء على سطح القمر أمر بسيط. أما السفر إلى المريخ فهو أكبر من ذلك حتماً."
التحديات المالية
في حين أن هندسة رحلة العودة إلى القمر لن تكون بسيطة، فإن بعض الخبراء يقولون بأن العائق الأكبر أمام برنامج كونستيليشن هو التمويل، حيث تنفق ناسا 35 مليار دولار لبناء كل من Orion أوريون وآريس الأول Ares 1.
ويوضّح هانلي: "إننا نمتلك معظم التقنيات التي نحتاجها، وفيما يتعلق بالتحدّيات، فإن أكبرها هو الماليّ، أي مقدار ما يمكن للدولة أن تنفق." فخلال سنوات العمل على رحلة أبولو، كانت ميزانية ناسا تعادل حوالي 5%من الميزانية الاتحادية، أما اليوم فإنها أقل من 1%.
وأضاف روجر لونيوس Roger Launius أمين تاريخ الفضاء في متحف سميثسونيان الوطني للطيران والفضاء Smithsonian's National Air and Space Museum: "إننا على دراية بالتقنيات المطلوبة، ولكننا بحاجة أغلى استثمارٍ لإتمامها، وهنا تكمن الصعوبة."
اعتبر العديد من الأمريكيين بأن التكاليف المرتفعة لرحلة أبولو كانت مبررةً نظراً لدورها الهام الذي لعبته في الأمن القومي خلال الحرب الباردة في الستينيات. ولكن البعض اليوم بات يضع قيمة الاستكشافات الفضائية التي نقوم بها نحن البشر قيد التساؤل. حيث أكمل لونيوس: "لا توجد أسباب علنية ملحّة للقيام بذلك، وبدون وجود منطق يمكن للجميع فهمه والاقتناع به، سيكون من الصعب جداً الحصول على التمويل."
وأضاف أولسون بأن ناسا تؤكد على أن هناك أسباب وجيهة تدعونا إلى العودة للقمر، فبالإضافة إلى دراسة القمر والإثارة المتعلقة بالاستكشافات البشرية، فإن العديد من تقنياتنا الجديدة يمكن استخدامها على أرض الواقع، نذكر منها التقدم الحاصل في البطاريات ذات الكفاءات العالية، وأنظمة حفظ الطاقة وأنظمة التحكم البيئي ودعم الحياة في الأنظمة المغلقة.
فجميعها يمكن أن تعود بالفائدة على الناس في الأرض. حيث قال: "على الرغم من التحدّيات والأوقات الصعبة التي نواجهها حالياً فنحن بحاجة للقيام بهذا بسبب فوائده الاقتصادية العائدة على الناس في مجتمعنا. إنه هدف يستحق العناء."