وسيلة لتحديد بدانة المراهقين أفضل وأكثر دقة من مشعر كتلة الجسم BMI

إن مشعر كتلة الجسم (Body Mass Index (BMI الذي اعتمده الأطباء لعقودٍ من الزمن قد لا يكون دقيقًا في تقييم دهون الجسم للمراهقين بين عمر 8 وَ17 سنة، حيث أظهرت دراسةٌ جديدةٌ نُشرت في مجلة الجمعية الأمريكية الطبية لطب الأطفال أن مشعر الوزن الثلاثي Tri-ponderal Index يقيّم السمنة بشكلٍ أكثر دقةً من مشعر كتلة الجسم للمراهقين.

تفيد هذه الموجودات الحديثة في تشخيص، ومعالجة، وتتبّع الأطفال والمراهقين الذين يعانون من السمنة، والتي هي أولويةٌ مهمّةٌ في الصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، ترسل العديد من المدارس وفي عدة مناطق بطاقات تقاريرٍ منزليةٍ تشير فيها إلى بعض الطلاب المراهقين على أنهم زائدو الوزن، هذا الأمر كان مثيرًا للجدل لأن الأطفال والمراهقين أكثر حساسيةً وهشاشةً من البالغين فيما يخص مشاكل الوزن والخجل بسبب السمنة.

تقول العالمة الرئيسية كورتني بيترسن Courtney Peterson، وهي بروفيسورة مساعدة في كلية المهن الصحية في جامعة ألاباما في بيرمنغهام: "إنّ معالجة السمنة لدى المراهقين تتطلب بدايةً تشخيصًا دقيقًا. وجدنا أن مشعر الوزن الثلاثي TMI أكثر دقّةً وسهولةً في الاستخدام من مشعر كتلة الجسم BMI. تملك هذه الموجودات الجديدة قدرةً كبيرةً على تغيير طريقة تشخيص السمنة عند الأطفال والمراهقين بين 8 و 17 عامًا".

إن مشعر كتلة الجسم هو المعيار المستخدم عالميًا لتحري البدانة لدى كلٍّ من الأطفال والبالغين، وذلك بالرغم من الدليل السابق على أنه ليس بنفس الفعالية بالنسبة للمراهقين. لتحري دقة مشعر كتلة الجسم لدى المراهقين، قام الباحثون بمقارنة بيانات مكونات الجسم عند 2285 فردًا قوقازيًا تتراوح أعمارهم بين 8 و29 ممّن شاركوا في دراسة فحص الصحة والتغذية الوطني في الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 1999 و 2004 (1999-2004U.S. National Health and Nutrition Examination Survey). موجودات هذه الدراسة طعنت في دقة مشعر كتلة الجسم BMI (الوزن بالكيلوغرام مقسومًا على مربع الطول بالمتر) عند المراهقين وأظهرت أن مشعر الوزن الثلاثي TMI (الوزن مقسومًا على مكعب الطول) يقدّر دهون الجسم بشكلٍ أكثر دقةً من مشعر كتلة الجسم عند الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و 17.

تقول بيترسن: "إن مشعر كتلة الجسم أداةٌ مفيدةٌ في تحديد فيما إذا كان البالغون زائدي الوزن أم بدينين، لكنّنا لطالما علمنا بطريقةٍ ما أنّه غير مفيدٍ فيما يخص الأطفال".

باستخدام ثلاثة حساباتٍ مختلفةٍ (الثبات مع العمر، والدقّة في تقدير النسبة المئوية لدهون الجسم، والدقّة في تصنيف البالغين كزائدي الوزن أو ذوي وزن طبيعي) قام الباحثون بمقارنة مشعر كتلة الجسم مع عدة مشعراتٍ أخرى للسمنة، ووجدوا أن مشعر الوزن الثلاثي هو المشعر الإجمالي الأفضل لتحديد السمنة عند المراهقين القوقازيين الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و 17.

وجد الباحثون أن مشعر الوزن الثلاثي يقدّر النسبة المئوية لدهون الجسم بشكلٍ أفضل، خصوصًا عند المراهقين الذكور الذين وُجد لديهم أن مشعر كتلة الجسم غير دقيقٍ بوضوحٍ. وأظهرت تحليلاتهم أيضًا أن مشعر الوزن الثلاثي أفضل من مشعر كتلة الجسم لتشخيص المراهقين زائدي الوزن. باستخدام مشعر كتلة الجسم، لاحظ الباحثون أنه يُشخَّص المراهقين خطأً كزائدي وزن وبنسبة 19.4 من المرات، مقابل 8.4 فقط من نسبة التشخيص الخاطئ لزيادة الوزن عند استخدام مشعر الوزن الثلاثي. أظهرت البيانات أن هذا الأمر صحيحٌ خصوصًا عند المراهقين النحيلين، والذين يُشخَّص جزءٌ ملحوظٌ منهم بشكلٍ خاطئٍ على أنهم زائدو الوزن.

كما استخدم الباحثون أيضًا استراتيجياتٍ رياضيةً لإظهار أنّ العلاقة بين وزن الجسم والطول أكثر تعقيدًا عند الأطفال والمراهقين من البالغين، خاصةً عند النمو السريع للمراهقين. وضح المؤلفون أن هذا التعقيد ولعدة عقودٍ جعل من إيجاد مشعرٍ مثاليٍّ لقياس دهون الجسم عند المراهقين تحديًا حقيقيًا.

أضاف الطبيب ستيفن هيمسفيلد Steven Heymsfield، وهو أحد علماء الفريق في المركز الحيوي الطبي للبحث في بيننغتون التابع لـ LSU، أنه ولجعل مشعر كتلة الجسم فعالًا عند الأطفال، طُوِّرت نسبٌ مئويةٍ معقدةٍ لمشعر كتلة الجسم تُدعى Z scores لتشخيص حالات زيادة الوزن والسمنة بالاعتماد على مستويات مشعر كتلة الجسم الخاصة بعمر الطفل وجنسه. ولكن وجد الباحثون أنّ استخدام هذه النسب المئوية لم يحل مشكلة مشعر كتلة الجسم فيما يتعلق بالدقة.

ذكرت بيترسن أن النسب المئوية غير ثابتةٍ لأنها تتغير بمرور الزمن ويمكن أن تصبح منتهية الصلاحية. بالرغم من ذلك، أكّدت أنه حتى لو حُدِّثت النسب المئوية لمشعر كتلة الجسم بحيث تصبح بدقة مشعر الوزن الثلاثي لتشخيص فيما إذا كان المراهقون نحيلين أم زائدي الوزن، يبقى مشعر الوزن الثلاثي قادرًا وبشكلٍ أساسيٍّ على تقدير نسبة دهون الجسم عند المراهقين بشكلٍ أكثر دقةً من مشعر كتلة الجسم، وفي الوقت ذاته يلغي الحاجة لنسبٍ مئويةٍ معقّدةٍ.

تقول بيترسن: "إن هذه الموجودات مهمةٌ، إذ ترسل العديد من المدارس في عدة مناطق بطاقات تقريرٍ للمنزل تشير فيها إلى بعض المراهقين بأنهم زائدو الوزن، ويميل الأطفال والمراهقون إلى أن يكونوا أكثر حساسيةً وهشاشةً من البالغين فيما يخص مشاكل الوزن والخجل بسبب السمنة".

تزيد السمنة من خطورة الإصابة بأمراضٍ مزمنةٍ عديدةٍ عند البالغين، بما فيها السكري، والأمراض القلبية الوعائية والسرطان. إن الأطفال زائدي الوزن معرّضون لخطرٍ أعلى من البالغين، ويوجد تقريبًا طفلٌ زائدٌ الوزن من كلّ 6 أطفالٍ في الولايات المتحدة الأمريكية. كما توجد عدة مبادراتٍ وطنيةٍ وعالميةٍ قيد الإنشاء لمسح وتشخيص الأطفال زائدي الوزن كخطوةٍ أولى في سبيل القضاء على ظاهرة السمنة والأمراض المزمنة التي تتبعها.

وفي هذا الصدد، يؤيد الباحثون أن هناك حاجةً لأبحاثٍ أخرى لتقييم فعالية مشعر الوزن الثلاثي TMI لدى جمهرةٍ أوسع، بما فيها طيفٌ عمريٌّ أكبر وأعراقٌ أكثر. تقول بيترسن: "نتطلع للتعاون مع منظمات صحةٍ وطنيةٍ وعالميةٍ أخرى لتحليل بياناتٍ إضافيةٍ لتشخيص حالة الوزن بين الأطفال والمراهقين. ختامًا، نأمل أن يكون هذا البحث حجر أساسٍ لتحسين صحة المراهقين، ونعتقد أن مشعر الوزن الثلاثي سيحل محل مشعر كتلة الجسم مستقبلًا بالنسبة للأطفال والمراهقين".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات