كيف يمكنُ لهرمونٍ أن يساعد على إنقاص الوزن في حالات السمنة؟

حقوق الصورة: Guido Mieth / Getty Images


تشير الأبحاث التي أُجريت على الفئران والقردة إلى أن هرمون ليبوكالين (LCN2) يلعب دورًا مهمًا بالشعور بالشبع بعد تناول وجبةٍ ما، فقد يكون قادرًا على مساعدة الناس على إنقاص أوزانهم.

أشارت الدراسات إلى أنه عندما تلقت الفئران ذلك الهرمون لمدةٍ زمنيةٍ معينةٍ، قلّ وزنها وشهيتها أيضًا، وتحسّنت وظائف استقلاب السكريات لديها، وبالتالي ازداد استهلاكها للطاقة.

تشير ورقةٌ بحثيةٌ جديدةٌ نُشرت في مجلة eLife، أن للهرمون تأثيرًا مماثلًا على الرئيسيات مثل القرود والبشر. قد يعني هذا أن هرمون LCN2 يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من السمنة على إنقاص وزنهم.

فالمشاكل الصحية للسمنة خطِرةٌ، وهي بازدياد في جميع أنحاء العالم، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يموت ما لا يقل عن 2.8 مليون شخص كل عام نتيجة السمنة أو زيادة الوزن.

ترتبط هذه المشاكل أيضًا بمخاوف صحيةٍ مزمنةٍ أخرى، مثل مرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب التاجية، والسكتة الدماغية، والسرطان، والاكتئاب.

يصنف الأطباء عادةً الأشخاص على أنهم يعانون من زيادة الوزن عندما يكون مؤشر كتلة الجسم (BMI) لديهم 25 فما فوق، ويميلون إلى تصنيف الأشخاص على أنهم يعانون من السمنة إذا كان مؤشر كتلة الجسم لديهم 30 فأعلى.

في الوقت الحالي، من الصعب تقليل السمنة بسبب محدودية فهم الباحثين لآليات عمل الجسم التي تحافظ على التوازن بين الوزن وإنتاج الطاقة واستهلاكها.

على سبيل المثال، عندما يفقد الأشخاص الذين يعانون من السمنة لفترةٍ طويلةٍ الوزنَ، تستجيب أجسامهم عن طريق إبطاء عملية التمثيل الغذائي، ما قد يؤدي في النهاية إلى استعادة الوزن.

بشكلٍ عام، تميل برامج إنقاص الوزن القائمة على النظام الغذائي والتمارين الرياضية بالعمل على المدى القصير، بينما تثير العلاجات الدوائية ذات التأثير البسيط في حال استخدامها مخاوف متعلقة بالصحة العامة.

تعتقد مشرفة هذه الدراسة الدكتورة بيريستيرا إيوانا بيتروبولو Dr. Peristera-Ioanna Petropoulou وزملاؤها أن إجراء المزيد من الأبحاث حول هرمون LCN2 قد يقودنا لإيجاد وسيلة جديدة للحد من السمنة.

كيف يعمل هرمون LCN2؟

حلّل الباحثون بيانات أربع دراساتٍ سابقةٍ شملت أشخاصًا بوزن طبيعي، و أشخاصًا يعانون من زيادة الوزن، وأشخاصًا يعانون من السمنة، وأشخاصًا يعانون من السمنة المفرطة، وقد أظهرت هذه الدراسات أن تركيز هرمون LCN2 في دم الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي يرتفع بعد تناول الطعام.

ويصل إلى أعلى المستويات بعد نحو 45-60 دقيقةً من تناول الوجبة، وخلال هذه الفترة، تميل مستويات الجوع لديهم إلى الانخفاض.

كان لدى بعض الذين يعانون من زيادة الوزن ارتفاعٌ أوليٌّ أقل في تركيز هرمون LCN2 متبوعًا بانخفاضه، وكان إحساسهم بالامتلاء والشبع بعد تناول الوجبة أضعف.

كما وانخفضت مستويات هرمون LCN2 لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة بعد تناول الطعام، وبناءً على ذلك، يعتقد الباحثون أنّ تنظيم مستويات هرمون LCN2 قد يكون مفتاحًا لفهم السمنة والحدّ منها.


هرمون LCN2 في الفئران والقرود:


أشارت الأبحاث السابقة إلى أن حقن هرمون LCN2 في الفئران الخالية من الدهون وأولئك الذين يعانون من السمنة يقلل من شهيّتهم، وذلك عن طريق تنشيط مستقبلات عصبية معينة في منطقة تحت المهاد الدماغية، وهي جزءٌ من الدماغ مسؤولٌ عن الشعور بالجوع والشبع.

يعمل هرمون LCN2 في الفئران عن طريق عبور الحاجز الدموي الدماغي.

تقترح الدراسة الجديدة أن هرمون LCN2 قادرٌ على عبور الحاجز الدموي الدماغي والارتباط بمستقبلاتٍ عصبيةٍ معينةٍ في المنطقة تحت المهاد الدماغية في القرود أيضًا، وقد يعني هذا أنه يعمل بنفس الطريقة عند البشر.

يقول البروفيسور ستافرولا كوستيني Prof. Stavroula Kousteni، وهو أحد مشرفي الدراسة: "استطعنا التأكد أن هرمون LCN2 قادرٌ على العبور إلى الدماغ، ويشق طريقه إلى منطقة تحت المهاد، ويثبط الرغبة في تناول الطعام في فصيلة الرئيسيات غير البشرية".

كما تلقت مجموعة من القرود هرمون LCN2، وتلقت مجموعةٌ أخرى محلولًا ملحيًّا لمدة أسبوع. في الأسبوع التالي، بدّل الباحثون مجموعات العلاج.

في نهاية كل من تلك الأسابيع، كان لدى القردة التي تلقت هرمون LCN2 تدني كبير في كمية الطعام المتناولة.

بالنظر إلى البيانات المجمّعة من الأسبوعين الأول والثاني، رأى الباحثون أن استهلاك القرود المعالجة بـ LCN2 للطعام قد انخفض بنسبة 28% بالمستوى الأساسي، وبنسبة 21% مقارنةً بالقرود التي تلقت المحلول الملحي.

ولاحظ الباحثون أيضًا ان القرود فقدت الوزن حتى خلال فترةٍ قصيرةٍ من الزمن. ومع ذلك، لم تتغير المعايير الأيضية (الاستقلابية) الأخرى المراقبة بأي شكل من الأشكال.

ولكن، بسبب قلة القردة المشاركة في الدراسة، ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث لإثبات النتائج بشكلٍ قاطعٍ.

هل لهذا الهرمون تأثيراتٌ جانبيةٌ خطيرةٌ؟

كان أحد الأسئلة المهمة في الدراسة إذا ما كان إعطاء هرمون LCN2 للقرود أي آثار جانبية خطيرة أم لا.

جمع الباحثون وحلّلوا عينات الدم من القرود بانتظام، بحثًا عن المؤشرات المعتادة لإصابة الكبد والكلى بالسُّميّة، لكنهم لم يجدوا أي تغييرات كبيرة في تلك العلامات.

يشير هذا إلى أن هرمون LCN2 بالفعل قد يكون وسيلةً طبيةً آمنةً للحدّ من الإحساس بالجوع وإنقاص الوزن للحد من السمنة.

ومع ذلك، تشير هذه النتائج الأولية إلى إمكانية تطوير إجراء طبي قائم على هرمون LCN2 في المستقبل لتقليل الوزن الزائد والسمنة بأمان.

كما ويعتقد مؤلفو هذه الدراسة أنه لا بد من إجراء المزيد من الأبحاث على نطاقٍ واسعٍ حول كيفية تأثير مؤشر كتلة الجسم وتكوين الطعام وعوامل أخرى على الاستجابة لهرمون LCN2 لدى البشر.

يقول البروفيسور كوستيني ملخصًا نتائج البحث: "تُظهر نتائجنا أنه يمكن لهذا الهرمون أن يحدّ من الشهية من غير وجود آثارٍ جانبية، كما ويمهد لنا الطريق لاختباره واستخدامه السريري في المستقبل".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات