قد يكون من المناسب لك أن تلقي باللوم على جيناتك في مسألة زيادة وزنك أو زيادة احتمالية إصابتك بالسمنة، ولكن، وبعد البحث المتكامل الذي سنعرض عليكم نتائجه، لن يكون بإمكانك إلقاء اللوم على الجينات حال عدم قدرتك على خسارة الوزن
من المعروف بحسب الدراسات أن الأشخاص الحاملين لجين الـFTO (وهو جين يرتبط بزيادة الوزن واحتمالية أكبر للإصابة بالسمنة – المترجم) يكون وزنهم أكبر بـ3 كيلوغرامات في المعدل، ولديهم احتمالية أعلى بـ70% من حيث الإصابة بالسمنة من غيرهم الذين لا يحملون هذا الجين.
ولكن، وصل الباحثون في جامعة نيوكاسل، والذين نشروا دراستهم في دورية British Medical Journal في العشرين من أيلول/سبتمبر 2016، إلى نتيجة مفادها أن امتلاك المرء لهذا الجين لا يمنعه من فقدان الوزن، وذلك بعد مراجعتهم لثمانية دراسات اشتملت على أكثر من 9,000 شخص.
قال جون ماذرز، وهو بروفيسور في التغذية البشرية في جامعة نيوكاسل، وهو الذي قاد الدراسة: " لا يمكنك أن تلوم جيناتك بعد الآن؛ فدراستنا تشير إلى أن تحسينك لنظامك الغذائي، والتزامك بالنشاط الجسدي يمكنه مساعدتك في خسارة الوزن، بصرف النظر عن تركيبتك الجينية".
التخلص من الوزن الزائد
تعتبر السمنة مشكلة صحية أساسية، وفي المملكة المتحدة بالتحديد فإن أكثر من 25% من البالغين مصابون بالسمنة. وبالنسبة لبعض الأشخاص، فإن امتلاكهم للنسخة الجالبة للخطورة من جين الـFTO قد تؤدي بهم إلى أن يكونوا أكثر وزنًا وإلى أن يكونوا معرضين أكثر من غيرهم للإصابة بالسمنة. وبالفعل، فإن جين الـFTO يمتلك نصيب الأسد في هذا المجال.
في دراسة تعاونية منهجية وتحليل تلوي للبيانات (والتحليل التلوي هو الذي يقوم فيه الباحث بجمع بيانات من عدة دراسات من مصادرها الأصلية، ويقوم بإنشاء تحليلات إحصائية تتعلق بها بحيث يحصل على نتائج أفضل وأدق من أية دراسة منفصلة – المترجم)، استخدم الفريق العالمي بيانات لـ9,563 بالغًا سبق وأن دخلوا في تجارب منظمة لخفض الوزن حول العالم، للبحث عن ما إذا كان امتلاك النسخة المعززة لخطر السمنة من جين الـFTO يؤثر على نسبة الوزن الذي يفقده الأشخاص.
وكانت النتيجة أن امتلاك النسخة المعززة للخطر من جين الـFTO لا يؤثر على فقدان الوزن، وبهذا الصدد يوضح البروفيسور ماذرز: "كنا مبتهجين عندما وجدنا أن الأشخاص الذي يمتلكون النسخة المعززة للخطر من جين الـFTO يستجيبون بشكل مماثل لاستجابة الأشخاص الآخرين عندما يجربون الطرق المتعددة لفقدان الوزن".
"هذه الأخبار مهمة للأشخاص الذين يحاولون فقدان الوزن؛ وذلك لأنها تعني أن النظام الغذائي، أو النشاط البدني، أو الخطط المعتمدة على الأدوية والتي تهدف لتقليل الوزن ستكون فاعلة عند الأشخاص الحاملين للنسخة المعززة من الخطر من هذا الجين بنفس نسبة فعاليتها عند الأشخاص الآخرين".
"أما بالنسبة للمختصين بالصحة العامة، فإن ذلك يعني أن الآثار الجانبية لنوع النمط الجيني من جين الـFTO على زيادة الوزن لا تقلل من فعالية التدخلات الهادفة إلى تقليل الوزن عند جميع الأشخاص".
الحاملون لجين الـFTO
من المهم أيضًا أن الفريق وجد أن استجابة الأشخاص للتدخلات الهادفة إلى تقليل الوزن للأشخاص الحاملين للنسخة المعززة للخطر من الجين المذكور كانت متشابهة بغض النظر عن الجنس، أو العمر، أو العرقية التي أتى منها المشتركون. ولكن، كان أغلب الأشخاص المشمولين في الدراسة من القوقازيين، وكانت نسب السود أو الأمريكيين الأفارقة ونسبة الهسبانيين أقل من نسبة القوقازيين؛ ولذلك يقول الفريق أننا نحتاج إلى أن تبحث البحوث المستقبلية في أثر جين الـFTO على فقدان الوزن في العرقيات التي لم تشملها هذه الدراسات. كما أن آثار الجينات الأخرى المتعلقة بفقدان الوزن هي مما لمّا يدرس بعد.
وفي افتتاحية أخرى في نفس الدورية، تقول د.أليسون تيدستون، وهي رئيسة اختصاصيّي التغذية في وكالة Public Health England، أن أسباب تفشي السمنة بشكل وبائي لهي متعددة ومعقدة، ولكن الدلائل الحالية تشير إلى أن هذا الانتشار يتعلق تعلقًا بسيطًا بالجينات.
كما تحاجج بقولها أننا لو كان لنا أن نعكس من تفشي السمنة ونتغلب عليها، فإننا يجب أن نعي أن تركيزنا على التدخلات المشخصنة، والمبنية على الجينوم لكل شخص "قد لا يؤتي نتائجه، أو على الأقل ليس في القريب العاجل. بل إن إعادة الموازنة في الأبحاث بحيث تتجه نحو الأنظمة ككل، وبحيث تشتمل على المحفزات البيئية، فإن ذلك من شأنه نفع البشر على المدى البعيد".