العاطفة بين الإنسان والروبوتات

نستخدم اليوم تكنولوجيا المعلومات، وغداً سنستخدم الروبوتات...
 

تُعتبر الآلات من جميع الأنواع جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومع ذلك، يمكن أن يكون التفاعل بيننا (كمستخدمين) وبين هذه الآلات أمرًا صعبًا في بعض الأحيان. فكيف يمكن للمرء التواصل بشكلٍ طبيعي مع روبوت أو حاسوب أو برامج تكنولوجيا المعلومات؟


من أجل التفاعل الناجح بين الإنسان والأجهزة الإلكترونية، فإن العناصر التخاطبية في هذه الأجهزة تحتاج إلى فهم المشاعر الإنسانية والاستجابة وفقًا لها.
 

العناصر التخاطبية العاطفية

تُقدَّر عاطفة المستخدمين من خلال التعبير النصي والصوتي والمرئي (من خلال تعابير الوجه أثناء المحادثة الشفهية)، بينما يُعبَّر عن عاطفة العناصر الإلكترونية الذكية عن طريق المحادثات وتعابير الوجه. حتى الآن، تصل دقة التعرف على سبع عواطف مختلفة من خلال تعابير الوجه إلى 61.6% تقريبًا. بعد عملية التعرف، يجمع مصنّف متعدد النماذج بين النص والصوت وفيديو الوجه للحصول على دقةٍ أفضل. كما يُعتمَد نظام تحويل النصوص إلى كلام Text-to-Speech (TTS) وذلك للتعبير عن المشاعر، حيث تتفاعل هذه العواطف مع بعضها البعض أثناء الحوار.
 

تتضمن العناصر التخاطبية أنماط الحديث اليومي البسيط Chitchat والأسئلة والأجوبة Q&A، وهي تستجيب بشكل مختلف للحالات العاطفية المختلفة في وضع الحديث اليومي. بالإضافة إلى ذلك، سيُبحَث في أخلاقيات العناصر ذكية من أجل تعزيز التفاعل بين الإنسان والآلة.
 

تناولت الدراسات الحديثة في علم النفس وعلم الأعصاب أهمية العواطف والحالات العاطفية الأخرى في العديد من العمليات الإدراكية الذكية مثل الذاكرة واتخاذ القرار والتعلم الشمولي. وقد لفتت هذه النتائج انتباه الباحثين العاملين في المدونة البحثية الحواسيب والتعليم Computers & Education فيما يتعلق بأهمية مراعاة عواطف الطلاب في بيئات التعلم الذكية (Intelligent Learning Environments (ILE.
 

من أجل التعبير عن العواطف، تُدمج بيئات التعلم الذكية مع العناصر التخاطبية المجسدة (Embodied Conversational Agents (ECA.
 

ماذا تعني العناصر التخاطبية المجسدة ECA؟


طوّرت كاثرين بيلاشو Catherine Pelachaud الباحثة في معهد تيليكوم باريس تيك Telecom Paris Tech عام 1999 أولَ عنصرٍ تخاطبي مجسَد يُعرف باسم غريتا Greta كجزءٍ من مشروع الماجستير الخاص بها. ووضحت: "الهدف من هذا المشروع هو اختراع شخصية قادرة على التحدث بطريقةٍ معقولة".
 

العناصر التخاطبية المجسدة هي شخصياتٌ مولَّدة حاسوبيًا قادرة على إظهار العديد الخصائص التي يظهرها البشر في التفاعل وجهًا لوجه، بما في ذلك القدرة على إنتاج والاستجابة للتواصل اللفظي وغير اللفظي. نظرًا لأن هذه العناصر قادرة على التفاعل مع المستخدم مع إظهار خصائص التواصل البشري، فقد حُصدت العديد من الفوائد عند تضمينها في بيئات التعلم الذكية، مثل إشراك الطلاب وتركيز انتباههم في جوانب مهمة من التعلم، ووصف المهام، وما إلى ذلك.


ولكي تكون على دراية بالآخرين بطريقة فعالة، ينبغي أن يكون لدى هذه العناصر آليات من أجل الدلالة على مشاعر منطقية والتعبير عنها.

 
المجال في نمو متزايد

تركز بيلاشو وفريقها المكون من خمسة عشر باحثًا حاليًا على مجالاتٍ متنوعة مثل الضحك والعواطف المرتبطة به والتفاعلات الاجتماعية وحتى التزامن مع المتحدث، وذلك في مجال أبحاث المجسدة التخاطبية المجسدة المتخصص في تطوير نموذج حاسوبي للاتصال غير اللفظي، والبناء على الأسس التي وضعها نظام جريتا لجعل ردود أفعال وسلوك العناصر الافتراضية قابلًا للتصديق على نحوٍ متزايد.
 

في حين أن التطبيقات الملموسة لا تزال نادرةً في الحياة اليومية، إلا أن التقدم يجري بخطىً سريعة. أصبحت جريتا الآن مفتوحة المصدر، مما يمكّن الفرق من أي مكان في العالم من إجراء تحسينات خاصة بها على العناصر التخاطبية المجسدة، وكل وحدة بحثية تضيف لبنة بناء على المفهوم، فهل يمكننا في يوم من الأيام أن نتصور التواصل الطبيعي مع شخصيةٍ افتراضية أو روبوت؟ 


في نهاية الحديث، تقول بيلاشو: "لا يزال الأمر معقدًا للغاية، حيث يتضمن ذلك فهم محتوى الكلام وتفسير السلوك وتذكر كل ما قيل. أنا متأكدة من أننا سنصل إلى هذه المرحلة في يومٍ ما.. لكنني لا أستطيع تحديد موعد". بعبارةٍ أخرى، لا تزال روبوتات أفلام الخيال العلمي المتحدثة بطلاقة بعيدةً بعض الشيء، وحاليًا لا تزال الآلات غير قادرة على مطابقة تعقيد التواصل البشري.

 
العناصر التخاطبية اليوم

أصبح لدى جميع الأنظمة اليوم القدرة على تنفيذ الأوامر المستقلة، مثل ضبط المؤقت أو إنشاء رقمٍ عشوائي أو استخراج وسيطات من استعلام مستخدم، أو مثلًا تحليل الاسم وإرساله ببريد إلكتروني، وكذلك إيجاد البراهين عن طريق طرح أسئلة المتابعة، أو الاستجابة إلى طلب (جدولة اجتماع) بأمر (متى تريد تعيينها؟).
 

من أهم التحسينات التي تقدمها العناصر التخاطبية اليوم، والتي تميزها عن سابقاتها، هو دعم المحادثات المتداخلة. على سبيل المثال، عندما يطرح عليك سؤال: (ما النموذج الذي ينبغي استخدامه؟) تكون الاستجابة بطلب يبدأ محادثة جديدة مثل: (أحضر نموذج الانحدار اللوجستي Logistic Regression Model). تنتقل بعدها نتيجة تلك المحادثة المتداخلة إلى الطلب الأول.

وهناك أنظمة أخرى لا تدعم هذه التفاعلات، أو تدعمها فقط عندما تكون مشفرة في العنصر التخاطبي عن طريق هيكلية الحوار الشجرية. على سبيل المثال، عندما يسأل: (ما هو تاريخ الحدث؟)، يمكن الرد بأمرٍ محدد مثل: (متى أعود من روسيا؟) بينما لا يمكن الرد بـ: (ماذا عن عيد ميلاد ناتاليا؟).


تدعم تلك العناصر أيضًا تفاعلات أخرى جديدة غير موجودة في العناصر السابقة، مثل الأوامر التي تنقل إشارات إلى أوامر أخرى كالوسائط (مماثلة لوظائف الدرجة الأولى في لغات البرمجة)، أو الأوامر التي تخلق أوامر جديدة (تشبه الدوال الجزئية Partial functions) على سبيل المثال، يمكن أن تجمع الأمر الحاوي على (البيانات) مع (كل قيمة مربعة)، حيث يُحصَّل الأمر الثاني كوسيطٍ للأول ويُطبَّق بشكلٍ متكرر على البيانات. وأخيرًا، فإنه يدعم أي تسلسل من الأوامر من خلال دقة الجناس Anaphora resolution.

 
باختصار، فإن معظم العناصر التخاطبية اليوم تدعم توليفة الأوامر من خلال منطقٍ مبرمجٍ فيها، وإن صعوبة التدريب الهائلة لأساليب تعلم الآلة التي تستنتج تكوين الأوامر تضع هذه الطرق بعيدًا عن متناول العديد من التطبيقات، ولكن آن الأوان لفتح أروقة المشاهير لنجمٍ قادمٍ من بعيد.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات