يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
روبوتات المستقبل ستجري العمليات الجراحية وتتسوق وتعيد تدوير نفسها

حقوق الصورة CC0 Public Domain.

دانييلا روس Daniela Rus هي "مبشّرة" في عالم الروبوتات.

تحدِّت دانييلا روس الجماهير الغفيرة في مُجمَّع العلوم والهندسة متعددة التخصصات Interdisciplinary Science and Engineering Complex أن يتخيلوا عالماً تحررّنا فيه الروبوتات لنكون أكثر إبداعاً من خلال تأدية جميع مهامنا المادية، من اللعب مع حيواناتنا الأليفة إلى إجراء العمليات الجراحية بدون شق جراحيّ.

بصفتها مديرة مخبر علوم الحاسب والذكاء الاصطناعي Computer Science and Artificial Intelligence Laboratory في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology، ألقت روس المحاضرة الافتتاحية سلسلة المتحدثين البارزين الخاصة بجامعة نورث إيسترن Northeastern’s Distinguished Sparkers Series، حيث قالت: "تخيّل عالماً حيث يمكنك الوصول إلى منزلك بواسطة سيارتك ذاتيّة القيادة، وسيارتك موصولة بثلاجتك والتي ستخبرك بالمكونات التي تحتاج إليها للعشاء، هذه السيارة موصولة أيضاً بمتجر البقالة الذي تديره الروبوتات والتي تملأ أكياس البضائع الخاصة بك بحيث تكون جاهزة عندما تصل. ثم تحضر الطعام إلى روبوت الطهي في منزلك، وتسمح لأطفالك بالمساعدة في المطبخ دون قلق على الرغم من أنهم سيسببون الفوضى لأن هذه الفوضى سيهتم روبوت التنظيف. أعلم أن هذا يبدو كبرامج الأطفال التي تتخيل المستقبل، ولكنه ليس خيالياً كما تعتقدون".

في حين تسلّم روس بأن العديد من الابتكارات التي ناقشتها لا تزال في مراحلها التكوينية الأولى، إلا أنها أذهلت الجمهور بالعروض المبهرة للإصدارات المبكرة لمجموعة متنوعة من تطبيقات الروبوتات المستقبلية.
 

المكعبات الصغيرة ذاتية التجميع.


الروبوتات ذاتية التجميع 


إحدى طرق تسريع تطوير الروبوتات هي ابتكار روبوتات يمكنها بناء وإعادة تكوين نفسها بالشكل الأفضل لأداء المهمة المطلوبة.

وفي حين أن هذا قد يبدو أمراً مستبعداً، أشارت روس بأن هذه هي الطريقة التي تعمل بها الطبيعة بالفعل، حيث تعيد تشكيل وحدات بناء الحياة لتكون الضفادع والطيور والتماسيح... ماذا لو استطعنا صنع خلية روبوت مصغرة بإمكانها تجميع نفسها لتشكيل مجموعة واسعة من الأدوات؟ ليس هذا ممكناً فحسب، بل إن ذلك قد تم بالفعل. 

وأظهرت روس شريط فيديو لخلايا روبوت صُنعت في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بإمكانها تجميع نفسها بأشكال مختلفة، صحيح أن هذه المكعبات التي أبعادها سنتيمتر واحد ليست صغيرة بما يكفي بعد، ولكنها تقدم إثباتاً على صحة المفهوم.

بدون أي تحكم بشري، هذه المكعبات التي حجمها كحجم مكعبات النرد تستطيع التدحرج على الطاولة والتسلق فوق بعضها مُجَمِّعة نفسها في مختلف الأنماط المحددة مسبقاً.

وتوقعت روس أننا قريباً سنكون قادرين على صنع خلايا أصغر وأكثر تعقيداً وبإمكانها تجميع نفسها لتشكل روبوتاً شبيهاً بالأفعى يمكنه الانزلاق من خلال الأماكن الصغيرة، ثم إعادة تجميع نفسها لتشكل زنبركاً يمكنه صعود السلالم.

روبوت الأوريغامي القابل للهضم.


الروبوت الجراحي


تضيف روس: "ماذا لو أخبرتكم بأننا سنستطيع استخدام الروبوتات لإجراء العمليات الجراحية بلا شق جراحيّ، بلا خطر الإصابة بالعدوى، وبلا ألم؟".

وقد أوضحت هذا المفهوم من خلال مقطع فيديو لعملية جراحية بسيطة للمعدة أجراها روبوت صغير داخل معدة اصطناعية.

المهمة: يبتلع كل عام نحو 3,500 شخص البطاريات الزِرّيّة (بطاريات فضية على شكل أقراص صغيرة تستخدم لإمداد ساعات اليد وأجهزة ضبط نبضات القلب والأجهزة المساعدة للسمع بالطاقة)، هذه البطاريّات غالباً ما تستقر في المعدة، وإذا لم يتم تمريرها بسرعة من خلال الجسد ستندمج مع بطانة المعدة وستحتاج إلى عملية جراحية لإزالتها، ولإجراء هذه العملية يتم تغليف روبوت بحجم ظفر إصبعك الصغير في حبة دواء مصنوعة من الثلج، حيث تُبلع هذه الحبة وتذوب في المعدة ليتم تحرير الروبوت، ومن ثم يدفع الروبوت نفسه عبر المعدة ويحدد موقع البطارية ويسحبها من بطانة المعدة، بعدها يبتلع المريض حبة ثانية تحتوي على الروبوت الذي يحمل الدواء للمساعدة في شفاء الجرح.

الروبوت الأوريغامي (القابل للطيّ)


أحد أكثر الطرق الواعدة للحد من تكلفة تصنيع الروبوت هي تطوير الروبوتات الأوريغامي (القابلة للطيّ) والتي تُطبع في صفائح مسطحة ومن ثم تُطوَى بشكل معقد لتشكل روبوتات بإمكانها تأدية مهام محددة.

الروبوت الأوريغامي القابل للطي: روبوت يطوي نفسه بشكل ذاتي ويتحرك ويكمل المهام.


عملية تصنيع هذه الروبوتات غير مكلفة لكونها مطبوعة بشكل ثلاثي الأبعاد، حيث إنّ التكلفة الأكبر تتمثل في الوقت المستغرق لطيّ التصاميم المعقدة يدويّاً لتُشَكِّل روبوتاً فعّالاً، ولكن ماذا لو كانت هذه الروبوتات قادرة على طيّ نفسها؟

ومرّة ثانية تؤكد روس أن هذا يتمّ بالفعل. 

بدلاً من تصنيع قالب للطي من صفيحة واحدة، فإنه يتم إنتاجها على شكل صفيحة من طبقتين حيث تكون إحدى الطبقات مصنوعة من مادة جامدة مثل المعدن والأخرى مصنوعة من مادة تتقلص عندما يتم تسخينها مثل لعبة الأطفال شرينكي دينكس (Shrinky Dinks)، ولتحديد المكان الذي ستكون فيه الطيّات، تترك ثغرات صغيرة في المادة المعدنية حيثما تريد أن تطوي الصفيحة ذات الطبقتين ويتم تحديد زاوية الطية بعرض الفجوة في المعدن. كل ما عليك القيام به بمجرد الانتهاء من تصميم وطباعة الصفيحة ذات الطبقتين، هو وضع الصفيحة على سطح ساخن، وتركها لتطوي نفسها. 

العديد من التطورات الجارية


أظهرت روس نماذج روبوتية لسيارات طائرة، روبوتات بإمكانها إعادة تدوير نفسها، وعضلات روبوتية خفيفة الوزن مصنوعة من أكياس هواء صغيرة تمتلئ بالهواء وتفرغ منه لتحاكي تقلص العضلات، هذه العضلات التي مازالت في مراحلها الأولية يمكنها أن ترفع ثلاث مرات وزنها، وقالت روس إنه عندما تُربط بنظام عظمي ذي مفاصل، فإنّ الاحتمالات الممكنة لا حصر لها.

ووضحت روس أن المطوّرين يجعلون الروبوتات أكثر تنوعاً من خلال تطوير هياكل خارجية مُصمَّمة لأداء مهام محددة، حيث قالت: "يمكن للروبوتات أن ترتدي أو تخلع هذه الهياكل الخارجية مثلما يرتدي الإنسان معطفه"، فيمكن لأحد الهياكل الخارجية أن يسمح للروبوت بتسلق المناطق الوعرة في حين يمكن أن تكون وظيفة الهياكل الأخرى تأمين البراعة في القدرات التحركية أو حمل الأشياء بكفاءة.

كما وصفت الجهود المبذولة لصنع روبوتات بإمكانها التعلّم من إنسان لا يعرف شيئاً حول برمجة الحاسب، حيث قالت: "اليوم، تستطيع قيادة السيارة دون معرفة أي شيء عن كيفية عمل المحرك، وقريباً ستكون قادراً على برمجة الروبوت بالسهولة نفسها".

ووصفت أيضاً آلية برمجة الروبوتات للتعلم من خلال "مشاهدة" إنسان يؤدي مهمة معقدة، حيث يرتدي الإنسان نظاماً من الحساسات على يديه وذراعيه وجذعه وساقيه وتوصل هذه الحساسات بالروبوت. بينما يؤدي الإنسان المهمة، تُنقل حركاته إلى الروبوت الذي سبق وتمت برمجته لحفظ كيفية أداء هذه الأعمال، وليس هناك حاجة إلى أكواد إضافية.

وأضافت روس قائلة: "إن الاحتمالات لا حصر لها، وعالم مليء بالروبوتات هو عالم فيه الكثير من المرح".

الرابط هنــا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات