يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
كيف نصنع روبوتاً واعياً؟

حقوق الصورة: agsandrew/Shutterstock

من المرجح أنك قد سمعت بالفكر الواعي واللاواعي، لكن هناك دراسة جديدة تقترح إمكانية أن يمتلك البشر ثلاثة مستويات من الوعي، ويمكن لهذا المفهوم الجديد أن يساعد العلماء على تطوير ذكاء اصطناعي (Artificial Intelligence (AI ذي وعي حقيقي يوماً ما.

على الرغم من التطور السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، إلا أن الحواسيب ما زالت غير قادرة على مواكبة أداء الإنسان من نواحٍ عديدة. 

يقول هاكان لاو Hakan Lau عالم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا University of California في لوس انجلوس Los Angeles، والمشارك في كتابة الدراسة: "الوعي البشري لا يقتصر على التعرّف على الأنماط وتحليل الأرقام بسرعة". ويضيف قائلاً: "إن معرفة كيفية سد الفجوة بين الذكاء البشري والاصطناعي سيكون إنجازاً عظيماً".

للإجابة على السؤال المثير للجدل "هل ستتمكن الحواسيب من تطوير وعيٍ خاصٍ بها يوماً ما؟"، سعى الباحثون أولاً إلى اكتشاف آلية نشوء الوعي في الدماغ البشري، وحددوا أثناء قيامهم بذلك ثلاثة مستويات أساسية للوعي. يمكن لهذه المستويات أن تكون بمثابة خريطة عمل لتصميم ذكاءٍ اصطناعيٍّ واعٍ، ويقول لاو لموقع لايف ساينس Live Science: "إن كنت ترغب بجعل الروبوتات الخاصة بك واعية، هذا ما نقترح عليك أن تفكر به".

المستوى الأول هو سي صفر C0. تفيد الدراسة بأن هذا المستوى من الوعي يشير إلى العمليات اللاواعية التي تحدث في الدماغ البشري، كالتعرف على الوجوه والكلام. ويقول الباحثون أن معظم الحسابات التي يقوم بها الدماغ البشري تحدث في هذا المستوى، بمعنى أن الناس ليسوا على دراية بهذه الحسابات الجارية. ووفقاً للباحثين، فإنه بالرغم من التطورات الأخيرة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فإن الآلات ما زالت تعمل ضمن هذا المستوى من الوعي.

على سبيل المثال، يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي المعروفة باسم الشبكات العصبية التلفيفية convolutional neural networks أن تقوم بالعديد من حسابات المستوى C0 البشرية، بما في ذلك التعرف على الوجوه.

المستوى التالي للوعي هو سي واحد C1، والذي ينطوي على اتخاذ القرارات بعد الاعتماد على مرجع واسع من الأفكار والنظر في احتمالات متعددة. وقد اقترح الباحثون بأن قدرة فكرة أو سلسلة من الأفكار على أن تهيمن مؤقتاً على العقل قد تطورت لتساعد في توجيه مجموعة متنوعة وواسعة من السلوكيات.

يُلاحَظ المستوى C1 عند الأطفال والحيوانات على حد سواء. فعلى سبيل المثال، لاحظ العلماء أن الفيَلة العطشى تعرف كيفية تحديد موقع أقرب بركة ماء والتوجه مباشرةً نحوها، حتى لو كانت على بعد 30 ميلاً (أي ما يعادل 50 كيلومتراً). ويتطلّب هذا النوع من عمليات اتخاذ القرار بُنية معقدة من الدارات العصبية لجمع المعلومات من البيئة والذاكرة، تحديد أفضل خيار من بين مجموعة من الخيارات المتاحة، التمسك بهذا القرار على مر الزمن، وتنسيق مجموعة متنوعة من العمليات (كالتنقل عبر التضاريس) لتحقيق هذا الهدف.

بالنسبة للبشر والرئيسات الأخرى، تشكل القشرة الأمامية الجبهية للدماغ المركز الرئيسي لمعالجة المعلومات، حيث تتم العديد من الإجراءات الموصوفة في مستوى الوعي C1. ومن خلال تحليل الدارات العصبية في هذا الجزء من الدماغ، يمكن أن يستنتج العلماء المبادئ الحسابية الكامنة وراء عملياتها، ويقول لاو أن الخطوة التالية هي: "ترميزها داخل الحواسيب".

يتضمن المستوى النهائي سي اثنان C2، ما وراء الوعي metacognition، أو قدرة المرء على مراقبة أفكاره وحساباته العقلية الخاصة، وبعبارة أخرى: هي القدرة على أن تكون واعياً على نفسك. يؤدي مستوى الوعي C2 إلى توليد إحساس ذاتي بالصواب أو الخطأ، مما يساعد الناس على اكتشاف واستيعاب أخطائهم وتصحيحها. يساعد الوعي الذاتي الناس أيضاً على إدراك ما يعرفونه وما لا يعرفونه، مما يؤدي إلى الفضول، وهو الآلية التي تحث الناس على تعلم المزيد عن الأشياء التي يملكون معرفة محدودة أو معدومة عنها.

وأشار العلماء إلى أن بعض الروبوتات قد حققت جوانب من المستوى C2، حيث يمكن أن تراقب تقدمها في تعلم كيفية حل المشاكل. ولاحظ الباحثون أن دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic Resonance Imaging (MRI على البشر تربط ماوراء الوعي بالقشرة الأمامية الجبهية للدماغ.

في الختام، اقترح الباحثون أن الوعي البشري قد ينشأ من مجموعة من الحسابات المحددة، ويقول لاو: "إذا استطعنا أن نعبر بوضوح بواسطة التعابير الحسابية عن الفرق بين الوعي واللاوعي لدى البشر، فقد يكون ترميز ذلك على الحاسب ليس بغاية الصعوبة".

شرح العلماء تفاصيل هذا البحث في إصدار 27 أكتوبر/تشرين الأول لمجلة العلوم Science.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات