روبوبي الروبوت القادر على الطيران والسباحة في آن واحد

روبوبي RoboBee الروبوت الهجين على شكل نحلة قادر على الطيران والغطس في الماء والسباحة والاندفاع خارجًا من الماء، ومن ثم الهبوط بأمان. زوِّد روبوبي بأربع طوافات بالإضافة إلى حجرة تجميع غاز مركزية. بمجرد أن يسبح هذا الروبوت وصولًا إلى السطح يقوم الطبق الإلكتروليتي الموجود في الحجرة بتحويل الماء إلى أوكسي هايدروجين oxyhydrogen وهو وقود غازي قابل للاحتراقحقوق الصورة: يوفينغ تشين Yufeng Chen\كلية جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة هارفرد SEAS

النسخ الأولى من الروبوت النحلة "روبوبي RoboBee" كان بإمكانها الطيران والالتصاق بالجدران والغوص في الماء. أما الآن، فتستطيع النسخ الهجينة الجديدة منها القيام بتلك المهام السابقة جميعها بالإضافة إلى الاندفاع خارجةً من الماء ومن ثم الهبوط بأمان.

هناك أجهزة عومٍ جديدةٌ تسمح لهذا الروبوت الميكروي الهوائي-المائي متعدد المهام بالثبات على سطح الماء قبل أن يبدأ نظام الاحتراق الداخلي بالعمل من أجل دفع الروبوت وإعادته إلى الهواء. هذا الجيل الجديد من روبوبي يتميز بأنه أخف بألف مرةٍ من أيّ نوعٍ سابقٍ من الروبوتات الهوائية-المائية، مما يسمح باستخدامه في مجالاتٍ متعددة مثل عمليات البحث والإنقاذ ومراقبة البيئة والدراسات البيولوجية.

يوفينغ تشين
Yufeng Chen كان طالب دراساتٍ عليا في مخبر الروبوتات الميكروية في  SEAS أثناء إجراء البحث، وهو الكاتب الأول للورقة البحثية، حيث يوضح عمله بالقول: "هذا هو الميكروروبوت الأول من نوعه القادر على التحرك بشكلٍ مستمرٍ داخل بيئاتٍ معقدةٍ وبين هذه البيئات. لقد قمنا بتصميم آلياتٍ جديدةٍ تسمح له بالانتقال المباشر من الماء إلى الهواء، متجاوزًا الإمكانيات التي زودتها الطبيعة لعالم الحشرات".

يواجه تصميم مثل هذا الروبوت الذي لا يتعدى حجمه الميليمترات وبإمكانه التحرك داخل وخارج الماء الكثير من التحديات. أولًا، إن كثافة الماء أكبر بـ 1000 مرةٍ من كثافة الهواء، لذلك يجب أن تكون سرعة تحريك الجناح متباينةً إلى حدٍّ كبيرٍ بين هذين الوسطين المختلفين. فإذا كان تواتر الرفيف منخفضًا جدًّا لن يستطيع روبوبي الطيران، وإذا كان عاليًا جدًّا فسينكسر الجناح داخل الماء.

بالدمج بين النمذجة النظرية والبيانات التجريبية تمكن الباحثون من إيجاد المعادلة المثالية التي تربط بين حجم الجناح ومعدل الرفيف، فأعطوا التصميم المقاييس المناسبة التي تسمح بالعمل بشكلٍ متكررٍ في الماء والهواء على حدٍّ سواء. وبالاعتماد على استراتيجية الجسم المتحرك متعدد النماذج يحرك الروبوت جناحه بتواتر من 220 إلى 300 هرتز في الهواء، ومن 9 إلى 13 هرتز في الماء.

كما اعترضت الفريق مشكلةٌ كبيرةٌ أخرى تمثلت في الحجم المليمتري للروبوت، حيث أنه بالمقارنة مع هذا الحجم يبدو سطح الماء كجدارٍ قاسٍ جدًّا من القرميد. إن التوتر السطحي للماء أكبر بعشر مراتٍ من وزن الروبوت وأكبر بثلاث مراتٍ من درجة دفعه القصوى. أظهرت أبحاثٌ سابقةٌ كيف أن التصادم والحواف الحادة يمكنها أن تقلل التوتر السطحي عند دخول روبوبي إلى الماء، ولكن السؤال الأهم بقي: كيف يمكن إخراجه مرةً أخرى من الماء؟

من أجل حلّ هذه المشكلة قام العلماء بتزويد الروبوت بأربع معداتٍ خارجيةٍ للطفو على الماء (كالأكياس المملوءة بالهواء "الطوافات" التي يرتديها الأطفال عند السباحة) بالإضافة إلى حجرة تجميع الغاز المركزية. بمجرد أن يسبح روبوبي وصولًا إلى السطح يقوم الطبق الإلكتروليتي الموجود في الحجرة بتحويل الماء إلى  أوكسي هيدروجين
oxyhydrogen، وهو وقودٌ غازيٌّ قابلٌ للاحتراق.

تقول إليزابيث فاريل هيلبلينغ
Elizabeth Farrell Helbling، طالبة دراساتٍ عليا في مخبر الروبوتات الميكروية ومشاركةٌ في البحث: "إن روبوبي غير قادرٍ على حمل وقوده الخاص وذلك لأنه يمتلك سعة حمولةٍ محدودةٍ، لذلك كان لا بدّ من إيجاد حلولٍ مبتكرةٍ لاستغلال المصادر من البيئة. إن التوتر السطحي هو أحد الأمور التي يجب تجاوزها للخروج من الماء، ولكنه يُعتبر أيضًا أداةً يمكن استغلالها في عملية تجميع الغاز".

يزيد الغاز من قابلية الروبوت على الطوفان، حيث أنه يدفع الأجنحة فوق الماء ثم تقوم الطوافات بالتحكم باستقرار الروبوت على سطح الماء. بعد ذلك، يقوم قادحٌ متطورٌ متوضعٌ داخل الحجرة بإشعال الغاز، مما يؤدي إلى اندفاع روبوبي خارج الماء. في الهواء، يتمكن الروبوت من التوازن بفضل تصميمه الذي يضمن هبوط الروبوت على قدميه دائمًا.

يقول تشين: "بتعديل التصميم أصبح بإمكان روبوبي رفع حملٍ أكبر بثلاث مراتٍ من أحمال النسخ السابقة. كما سمحت سعة الحمولة الإضافية لهذه للروبوت بحمل الأجهزة الإضافية بما فيها حجرة الغاز والأطباق الإلكتروليتية والقادح بالإضافة إلى معدات الطفو الخارجية، وهذا ما جعل الوزن الكلي للروبوت
mg175 أي أكثر بـ 90mg من التصميم السابق. نتمنى أن يساهم بحثنا حول العلاقات العكسية بين عواملَ كالوزن والتوتر السطحي في تحفيز العمل على روبوتاتٍ ميكرويةٍ متعددة الوظائف بإمكانها التحرك في أوساطٍ معقدةٍ وتأدية مهام متنوعةٍ". وبسبب النقص في الحساسات المحمولة على الروبوت ومحدودية نظام تعقب الحركة الحالي، لا يستطيع روبوبي الطيران مباشرةً بعد اندفاعه من الماء، ولكن يأمل الفريق تغيير ذلك في أبحاثٍ مستقبليةٍ.

روبيرت وود
Robert Wood أستاذٌ في الهندسة والعلوم التطبيقية في هارفرد وعضوٌ أساسي في معهد Wyss والأستاذ المشرف على البحث، يقول: "يمثل روبوبي منصةً لقوىً مختلفةٍ عن القوى التي اعتدنا عليها في مقاييسنا البشرية. عند الطيران، يبدو الروبوت وكأنه يطفو على الماء، وعند السباحة، يبدو وكأنه يتحرك ضمن وسطٍ هلاميٍّ. الطاقة المولدة من التوتر السطحي شبيهةٌ بحائطٍ لا يمكن اختراقه. هذه الروبوتات الصغيرة منحتنا فرصة استكشاف هذه الظواهر الفريدة بطريقةٍ غنيةٍ ومبتكرةٍ".

نُشر هذا البحث في مجلة ساينس روبوتيكس Science Robotics، حيث قام به فريقٌ من العلماء في كلية جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية (John A. Paulson School of Engineering and Applied Sciences (SEAS في جامعة هارفرد Harvard ومعهد ويس للهندسة المستوحاة من البيولوجيا Wyss Institute for Biologically-Inspired Engineering في الجامعة نفسها.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الهيدروجين (hydrogen): أخف العناصر الكيميائية وأكثرها وفرةً. تتألف ذرة الهيدروجين من بروتون والكترون. يُؤلف الهيدروجين ما يصل إلى 75% من الكتلة الإجمالية للشمس، لكنه يُوجد على الأرض بنسبة ضئيلة جداً. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات