التحكم بالروبوتات عن طريق إشارات الدماغ وإيماءات اليدين أصبح ممكناً

نظام جديد يعتمد على تقنيات علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي يسمح للناس بتصحيح أخطاء الروبوت أثناء أدائها للمهام متعددة الاحتمالات.  حقوق النشر Joseph DelPreto/MIT CSAIL
 

جعل الروبوتات تقوم بأعمال معينة ليس سهلاً، حيث يتوجب على العلماء إما برمجتها بشكل مباشر أو جعلها قادرة على فهم التواصل مع البشر عن طريق اللغة، ولكن هل من الممكن جعل تواصلنا حدسياً أكثر مع الروبوتات باستخدام موجات الدماغ أو إيماءات اليد؟؟


أنشأ باحثون في مخبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي CSAIL التابع لمعهد ماستشوستس للتكنولوجيا MIT نظاماً جديداً يهدف إلى تحقيق ذلك، حيث يسمح هذا النظام للمستخدمين بتصحيح أخطاء الروبوتات بشكل فوري ببساطة عن طريق إشارات الدماغ أوحتى حركات الأصابع، وقد بنِي على أساس نظام سابق أنشأه الفريق نفسه يقوم على أساس النشاطات ذات الاختيار الثنائي، حيث يوسع العمل الجديد النطاق ليشمل المهام متعددة الاحتمالات، ما يمهد الطريق لإمكانيات جديدة في إدارة العاملين البشريين لمجموعات من الروبوتات.

 
يمكن من خلال مراقبة نشاط الدماغ أن يتنبه النظام في الزمن الحقيقي في حال ملاحظة الشخص لحدوث خطأ أثناء أداء الروبوت لمهمة معينة. باستخدام واجهة تقيس نشاط العضلات، يمكن للشخص بعدها تصفح الخيارات المتوفرة واختيار الخيار المناسب لينفذه الروبوت وذلك من خلال إيماءات اليدين.

 

استعرض الفريق نظامهم من خلال أداء روبوت لمهمة تتمثل في نقل مثقاب كهربائي إلى واحد من ثلاثة أهداف ممكنة على هيكل طائرة مزيف. الأهم من ذلك أنهم أظهروا إمكانية عمل النظام مع أشخاص لم يرهم من قبل بمعنى أنه يمكن للمنظمات استخدامه في حالات مختلفة في العالم الحقيقي دون الحاجة إلى تدريبه مسبقاً على المستخدمين.

 
تقول دانييلا روس Daniela Rus المشرفة على العمل ورئيسة مختبر CSAIL التابع لمعهد MIT: "يجمع هذا المشروع بين تخطيط أمواج الدماغ (EEG) وتخطيط العضلات الكهربائي (EMG) ويوفر تفاعلاً طبيعياً بين الإنسان والروبوتات يؤدي إلى نطاق أوسع من التطبيقات الممكنة بالمقارنة مع ما كنا قادرين على القيام به سابقاً باستخدام البيانات الناتجة عن (EEG) فقط. من خلال إضافة البيانات الناتجة عن تخطيط العضلات (EMG) يصبح بإمكاننا استخدام الإيماءات لإعطاء الأوامر المكانية للروبوت بدقة أكبر بكثير".
 
جوزيف ديلبريتو Joseph DelPreto المرشح للدكتوراه هو المؤلف الرئيس لورقة البحث حول المشروع إلى جانب روس والدكتور أندري سالازار-غوميز Andres F. Salazar-Gomez والباحثة ستيفاني غيل Stephanie Gil والباحث رامين حساني Ramin M. Hasani والبروفيسور فرانك غونتر Frank H. Guenther، وقد قدموا البحث في مؤتمر علوم وأنظمة الروبوتات “Robotics: Science and Systems (RSS)” الذي انعقد في مدينة بيتستبرغ في حزيران/يونيو 2018.
 
في معظم الأعمال السابقة استطاعت الأنظمة تمييز الإشارات الدماغية فقط عندما يدرب الناس أنفسهم على التفكير بطرق محددة جداً ولكنها قد تبدو عشوائية، وعندما يُدرب النظام على هذه الإشارات. على سبيل المثال قد يضطر المشغل البشري إلى النظر إلى شاشات متعددة تتوافق مع مهام مختلفة للروبوت أثناء جلسة التدريب. من غير المستغرب أن مثل هذه المنهجيات من الصعب التعامل معها والاعتماد عليها لاسيما في حال العمل في مجالات تتطلب تركيزاً مكثفاً مثل البناء والملاحة.
 
من ناحية أخرى، سخّر فريق روس قوة الإشارة الكهربية لموجات الدماغ التي تدعى "الطاقة المرتبطة بالخطأ" ErrPs والتي وجد الباحثون أنها تتولد بشكل طبيعي عندما يلاحظ الناس حدوث خطأ، ففي حال وجود إشارة ErrP يتوقف النظام حتى يصحح المستخدم الخطأ، وفي حال عدم وجودها يستمر بعمله بشكل طبيعي. يقول ديلبريتو: "ما يميز هذه الطريقة هو عدم الحاجة إلى تدريب المستخدمين على التفكير بطريقة محددة مسبقاً، حيث إن الآلة تتكيف معك أنت، وليس العكس".
 
استخدم الفريق في بحثهم الروبوت باكستر Baxter من مختبرات ريثينك روبوتيكس Rethink Robotics، وقد ارتفعت نسبة صحة اختياره للهدف الصحيح من 70% حتى 97% وذلك بوجود مراقبة بشرية.
 
لإنشاء هذا النظام اعتمد الفريق على (EEG) لمراقبة نشاط الدماغ و (EMG) لمراقبة نشاط العضلات من خلال وضع مجموعة من الإلكترودات على فروة رأس المستخدم وذراعه. إلا أن كلاً من هذين المقياسين له نقاط ضعف معينة. بالنسبة لإشارات (EEG) فإن من غير المؤكد إمكانية الكشف عنها دائماً، أما إشارات (EMG) فمن الصعب أحياناً تخطيطها بالنسبة لحركات أكثر تعقيداً من (تحرك إلى اليمين وإلى اليسار). ومع ذلك فإن دمج هذين المقياسين مع بعضهما يسمح باستشعار بيولوجي أكثر متانة فيصبح النظام قادراً على العمل مع مستخدمين جدد دون الحاجة إلى تدريب.
 
يقول ديلبريتو: "من خلال النظر إلى كل من إشارات الدماغ والعضلات يصبح بإمكاننا تعقب الحركات والإيماءات الطبيعية للشخص والقرارات المفاجئة التي يتخذها حول شيء ما يجري بطريقة خاطئة. هذا يساعد في جعل التواصل مع الروبوت أشبه بالتواصل مع شخص ما". يرى الفريق أن هذا النظام يمكن أن يكون قادراً في يومٍ ما على مساعدة كبار السن أو العاملين الذين يعانون من عجز لغوي أو محدودية الحركة.
 
تقول روس: "إننا نرغب في الابتعاد عن فكرة عالمٍ يتوجب فيه على الناس التكيف مع محدوديات الآلات. يُظهر هذا النوع من التقنيات إمكانية عالية لتطوير نظم روبوتية تعد امتداداً أكثر طبيعيةً وحدسيةً لنا".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات