حرائق الأمازون مرعبة، لكنها لا تؤثر على مخزون الأوكسجين على الأرض

حقوق الصورة : Stock/Getty Images Plus



حتى لو احترقت غابات الأمازون بأكملها، فسنكون بخير.

جذبت حرائق غابات الأمازون المطيرة الانتباه في جميع أنحاء العالم في الأسابيع الأخيرة. تعهد الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو Jair Bolsonaro، الذي تولى منصبه هذا العام، في حملته الانتخابية بالحد من حماية البيئة وزيادة التنمية الزراعية في منطقة الأمازون، ويبدو أنه قد أوفى بهذا الوعد.


تُثير عودة أنشطة إزالة الغابات في الأمازون، والتي انخفضت بأكثر من 80% بعد ذروتها عام 2004، القلق لعدة أسباب. تأوي هذه الغابات الاستوائية العديد من أنواع النباتات والحيوانات التي لا يوجد مثلها في أي مكانٍ آخر في العالم. كما أنها ملاجئ مهمة للسكان الأصليين، وتحتوي على مخازن هائلة من الكربون على شكل خشب ومواد عضوية أخرى التي من شأنها أن تساهم، في ظروفٍ أخرى، في أزمة المناخ.


اقترحت بعض وسائل الإعلام أنّ حرائق الأمازون تهدد أيضاً الأكسجين الموجود في الهواء الذي نتنفسه. قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون Emmanuel Macron يوم 22 أغسطس/آب بنشر تغريدةٍ على تويتر تنص على أن: "غابات الأمازون المطيرة - الرئتين التي تنتج 20% من أكسجين كوكبنا – تحترق".


إنّ الادعاء المتكرر في كثير من الأحيان بأن غابات الأمازون المطيرة تنتج 20% من أكسجين كوكبنا يستند على سوء فهم. في الواقع، نشأت جميع كميات الأكسجين تقريباً الموجود على الأرض التي نتنفسها في المحيطات، وهناك ما يكفي منها لملايين السنين. هناك العديد من العواقب المرعبة لحرائق الأمازون، لكن استنفاد مخزون الأكسجين الخاص بالأرض ليس أحدها.
الأكسجين من النباتات


يُركز معظم عمل علماء الغلاف الجوي على تبادل الغازات المختلفة بين سطح الأرض والغلاف الجوي. تنتقل العديد من العناصر، بما في ذلك الأكسجين، باستمرار في دورةٍ بين الأنظمة البيئية الأرضية، والمحيطات والغلاف الجوي بطرق يمكن قياسها وتحديد كميتها.


يُنتج كل الأكسجين الحر تقريباً الموجود في الهواء بواسطة النباتات من خلال عملية التمثيل الضوئي؛ يحدث ثلث عملية التمثيل الضوئي على اليابسة في الغابات الاستوائية، التي يُمثل حوض الأمازون أكبرها.


ولكن تستهلك الكائنات الحية والحرائق كل الأكسجين تقريباً الذي ينتج عن عملية التمثيل الضوئي كل عام. تسقط أوراق الأشجار الميتة وأغصانها وجذورها وغيرها من المواد العضوية، والتي تغذي نظاماً بيئياً غنياً من الكائنات الحية، معظمها حشرات وميكروبات. وعن طريق هذه العملية، تستهلك الميكروبات الأكسجين.


تنتج نباتات الغابات الكثير من الأكسجين، لكن تستهلك ميكروبات الغابات الكثير من الأكسجين هي الأخرى. ونتيجة لذلك، فإن الإنتاج الصافي للأكسجين بواسطة الغابات - وجميع النباتات البرية - يُقارب الصفر.


إنتاج الأكسجين في المحيطات


لكي يتراكم الأكسجين في الهواء، يجب إزالة بعض المواد العضوية التي تنتجها النباتات من خلال عملية التمثيل الضوئي من الدورة البيئية قبل أن تُستهلك. يحدث هذا عادة عندما تُدفن بسرعةٍ في أماكن خالية من الأكسجين - غالباً في طين البحر العميق، تحت المياه التي نضبت بالفعل من الأكسجين.


يحدث هذا في مناطق المحيطات حيث تساعد المستويات العالية من المواد الغذائية على انتشار الطحالب بكثرة؛ تغوص الطحالب الميتة وغيرها من مخلفات المواد العضوية في أعماق المحيطات، حيث تتغذى عليها الميكروبات. ومثل نظرائها على الأرض، فإنها تستهلك الأكسجين للقيام بذلك، وتستنزفه من الماء المحيط بها.


في أسفل أعماق المحيطات حيث استنزفت الميكروبات الأكسجين من المياه، تتساقط المواد العضوية المتبقية على قاع المحيط وتدفن هناك، وبالتالي يبقى الأكسجين الذي أنتجته الطحالب على السطح أثناء نموها في الهواء لعدم استهلاك الكائنات المحللة له.


هذه المادة النباتية المدفونة في قاع المحيط هي مصدر النفط والغاز. تُدفن كمية صغيرة من المواد النباتية في ظروف خالية من الأكسجين على اليابسة، معظمها في مستنقعات الخث peat bogs حيث يمنع منسوب المياه التحلل الميكروبي. هذا هو مصدر الفحم.


يُحوَّل جزءٌ صغير فقط - 0.0001% تقريباً – من الأكسجين الناتج عن التمثيل الضوئي العالمي عن طريق الدفن بهذه الطريقة، وبالتالي يضاف إلى الغلاف الجوي. ولكن على مدى ملايين السنين، تراكمت كميات الأكسجين المتبقية التي خلفها عدم التوازن الضئيل هذا بين النمو والتحلل لتشكيل خزان الأكسجين الذي تعتمد عليه كل الحيوانات للتنفس. وهذا شكل 21% تقريباً من حجم الغلاف الجوي لملايين السنين.


يعود بعض هذا الأكسجين إلى سطح الكوكب من خلال التفاعلات الكيميائية مع الفلزات والكبريت وغيرها من المركبات في قشرة الأرض. على سبيل المثال، عندما يتعرض الحديد للهواء بوجود الماء، حيث يتفاعل مع الأكسجين الموجود في الهواء لتكوين أكسيد الحديد، وهو مركب يعرف باسم الصدأ. تساعد هذه العملية، التي تُدعى الأكسدة، في تنظيم مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي.


لا تحبس أنفاسك


على الرغم من أنّ التمثيل الضوئي النباتي هو المسؤول في النهاية عن الأكسجين القابل للتنفس، إلا أن جزءاً صغيراً جداً من نمو النبات يزيد فعلياً من منسوب الأكسجين في الهواء. حتى لو حُرقت جميع المواد العضوية على الأرض في وقت واحد، سيُستهلَك أقل من 1% من الأكسجين العالمي.


باختصار، إنّ تراجع البرازيل عن حماية الأمازون لا يهدد فعلياً منسوب الأكسجين الموجود في الغلاف الجوي. حتى الزيادة الكبيرة في حرائق الغابات لن تحدث تغييرات في نسبة الأكسجين قابلة للقياس. هناك كمية كافية من الأكسجين في الهواء تكفي لملايين السنين، كما أنّ العمليات الجيولوجية هي التي تتحكم بنسبة الأكسجين بدلاً من الاستهلاك على اليابسة. ولكن، فإن حقيقة أنّ هذه الزيادة المفاجئة في إزالة الغابات تهدد أكثر المسطحات المتنوعة حيوياً وغنى بالكربون على الأرض هي سببٌ كافٍ لمعارضتها.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات