من العواصف الرملية في الصحراء الكبرى إلى السحب الجليدية و الدخان على الجانب المقابل من القارة، توفر الصورة الأولى المأخوذة من أداة قياس السحب و الهباء الجوي الجديدة التابعة لناسا(CATS)، لمحة عن الغلاف الجوي فوق أفريقيا.
في العاشر من كانون الثاني/يناير أطلق ما يعرف بأداة "نظام انتقال السحب والهباء الجوي" أو (CATS) على متن مركبة دراغون الفضائية، و تم تركيب هذه الأداة على محطة الفضاء الدولية في الثاني و العشرين من نفس الشهر.
منذ رسوّها على المحطة، ترسل أداة (CATS) نبضات ليزرية باتجاه الأرض، وتكشف عن الفوتونات التي ترتد عن الجسيمات في الغلاف الجوي، من أجل قياس السحب والرماد البركاني والملوثات والغبار وغيرها من الهباء الجوي.
يقول الباحث النظري مات مكغيل (Matt McGill) من مركز غودارد للطيران الفضائي ": كل شيء يعمل، و نحن نحصل على البيانات خلال النهار و الليل. نستطيع رؤية الأرض والسحب الطبقية والسحب الرقيقة، وفوق قارة أفريقيا نستطيع رؤية الرمل الصحراوي. وتظهر طريقة الكشف عن عدد الفوتونات والمستخدمة في (CATS) أنها أكثر حساسية من حساسات LIDAR السابقة حساسات كشف الضوء و المسافة(Light Detection and Ranging).
تُظهر صورة (CATS) لمحة من الجسيمات في الغلاف الجوي فوق أفريقيا، من ثلاثين درجة شمالا و حتى ثلاثين درجة جنوبا، أثناء طيران محطة الفضاء الدولية صباح الحادي عشر من شباط/فبراير. فوق شمال أفريقيا، تصل الجسيمات- مثل الرمل المرتفع بسبب العواصف الصحراوية- لارتفاع 2.5 و حتى 3 ميل ( 4 إلى 5 كيلومتر )، كما قال جون يورك ( John Yorks ) المسؤول العلمي في أداة (CATS) في غودارد.
فيما تقترب المركبة الفضائية من خط الاستواء، التقطت الأداة جسيمات جوية أعلى-سحب جليدية رقيقة و خفيفة على ارتفاع 10 أميال فوق السطح (16 كيلومتر). جنوب المناطق الاستوائية الغائمة، يبدو الهباء الجوي أقرب إلى الأرض، من المرجح أنه دخان ناتج عن احتراق مخلفات الكتلة الحيوية.
يمكن أن تجمع النتائج من أداة (CATS) مع صور الأرض من أجهزة مثل مقياس الطيف التصويري المتوسط الدقة (Moderate Resolution Imaging Spectroradiometer)، الذي يطفو على قمري تيرا و أكوا الصناعيين (Terra and Aqua satellites ).
يقوم فريق (CATS) بمعايرة البيانات بالطولين الموجيين بالليزر الأساسي العامل حاليا – 532 نانومتر و 1064 نانومتر. يمتلك الليزر الاحتياطي على أداة (CATS) ثلاث أطوال موجية. تنعكس الأطوال الموجية بشكل مختلف عندما تصطدم بالهباء الجوي، وبذلك تسمح مقارنة النتائج من الأطوال الموجية المتعددة للعلماء بالتفريق بين الرمل والجليد، الدخان والجزيئات الهوائية الأخرى.
يقول يورك: "الفرق بين الأطوال الموجية غير ملحوظ، ولكن تشير نسبة شدة الانعكاسات عند أطوال موجية مختلفة إلى أنواع الهباء الجوي". سيلقي فريق (CATS) نظرة أيضا على ميزات أخرى لنبضات الليزر العائدة للمساعدة في التعرف على الجسيمات.
قبل تلقي البيانات كتلك التي فوق أفريقيا، عدَّل الفريق إشارة المنظار. فاستخدموا محركات لتعديل العدسات داخل الأداة خلال الليل إلى أن حصلوا على أقوى إشارة، مما يشير إلى أن حقل رؤية التلسكوب يتماشى مع فوتونات الليزر المنعكسة.
يقول يورك: "إنها عملية صعبة، استغرقنا عدة أيام لضبط التلسكوب، و لكن حالما قمنا بذلك، كنا قادرين على رؤية هذه السمات الصغيرة، مثل السحب الرقيقة و طبقات الهباء الرقيقة".
ستساعد البيانات المأخوذة من أداة (CATS) العلماء في نمذجة بنى أعمدة الرمل و السمات الجوية الأخرى، التي تستطيع الانتقال لمسافات بعيدة و التأثير على جودة الهواء. سيستخدم علماء المناخ بيانات (CATS) أيضا، مع بيانات من أدوات رصد الأرض الأخرى، لإلقاء نظرة على المناخ و التفاعلات في الغيوم و الهباء الجوية بمرور الوقت.
ليست أداة (CATS) أداة علمية فقط، و إنما إثبات لقدرة العلماء على استخدام محطة الفضاء كقاعدة لدراسات رصد الأرض.
يقول مكغيل: " إن محطة الفضاء الدولية هي منصة مثيرة للاهتمام و قلية التكلفة، لاستعراض القياسات العلمية الجديدة والتقنيات الخاصة بالأرض، على سبيل المثال، القدرة على ربط البيانات بشكل مستمر، في زمن حقيقي تقريبي هي فائدة هامة لاختبار تدفق البيانات إلى النماذج التنبئية. ومع ذلك توجد قيود عملية في محطة الفضاء الدولية. على سبيل المثال، يحدث توقف العمليات عند وصول ومغادرة المركبات الزائرة. عندما يتطلب عملك العلمي دورة تشغيل بنسبة مئة بالمئة، عندها لا تكون محطة الفضاء المكان الافضل".
يتقدم فريق (CATS) للأمام فيما يتعلَّق بالمعايرة و تحسين البرامج الحاسوبية لتمييز الهباء الجوي، وبحلول نيسان/أبريل يأمل الفريق أن يزود انتاجهُ من البيانات عبر مجموعات رصد الهباء الجوي بغضون ثلاث ساعات بعد جمعها، وتوفير هذه البيانات للعامة خلال اثنا عشر ساعة.
صممت وعملت أداة (CATS) من قبل فريق صغير في مركز غودارد، بتمويل من برنامج محطة الفضاء الدولية التابع لمكتب أبحاث ناسا، الذي وفر أيضاً موقعاً على المحطة. يأتي التمويل لمعالجة البيانات من فرع ناسا لأبحاث الأرض.
صممت الأداة لتعمل لفترة ستة أشهر على الأقل، مع الأمل أن تبقى لثلاث سنوات قادمة.