أعمارُ النّفاثات خارج المجرّة

 المجرة الراديوية السّاطعة "NGC 4261" كما تُشاهد في الضوء المرئي (الأبيض) والراديوي (البرتقالي)، وهي تظهر زوجاً من النفاثات المتعاكسة المنبعثة من النواة. حدد الفلكيون عمر الفصوص بحوالي ثلاثين مليون سنة، ونتجت عن عدة انفجارات من محيط نواة الثقب الأسود. حقوق الصورة: الكاميرا الكوكبية واسعة المجال لتلسكوب هابل الفضائي، والمرصد الفلكي الراديوي الوطني.




تعدّ النفاثات الضّيقة أطول البُنى المتوازية المعروفة في الكون، وتنبثق من جوار ثقوب سوداء عملاقة ضمن أنواع معيّنة من النوى المجرية، وتكون غالباً على شكل ثنائيات في اتجاهات متعاكسة، وقد تمتد عبر ملايين السنين الضوئية.

تنقُلُ النفاثات كميّات هائلة من الطاقة، وذلك من مناطق نشوئها ضمن نوى الثقوب السوداء إلى الفضاء بين المجرّي، وقد اكتُشِفَت عند الأطوال الموجيّة الراديوية، لكنها تَنبعث أيضاً عند الأطوال الموجية للأشعة السينية (X-ray)، لأن الإلكترونات فيها تتحرك بسرعةٍ تقارب سرعة الضوء.

تُعدّ هذه المجرات مناطق بحث نشطة، وذلك لكونها من أكثر الظواهر طاقةً في الكون، وهي الآلية الأساسية التي تَحقنُ الطاقةَ ضمن عناقيد المجرات، حيث توجد هذه الوحوش المشعة.

إن تطوّر وعُمر وسلوك هذه النفاثات غير مفهوم تماماً، ويعتقد علماء الفلك أن حياتها مكونة من ثلاث مراحل، تبدأ بالتضخم فوق الصوتي لفصوص غازية ساخنة حول نفاثات الجسيمات، وتستمر هذه المرحلة لفترة قصيرة في معظم المصادر. تتوسع بعد ذلك الفصوص تدريجياً، وتستمر بالتوسع وتنخفض حرارتها الداخلية وضغطها حتى يبلغا قيم حرارة وضغط الغاز المحيط بها. تنغلق آلية قذف النفاثات في المرحلة النهائية، وتصبح الفصوص المرتبطة غير قابلة للرصد، وهناك أمثلة عديدة عن مجرات في هذه المراحل المتعددة وفرت مرتكزاً لهذه الأفكار.

قام كلٌّ من علماء الفلك إيفان أوسوليفان Ewan O'Sullivan، و ديانا وورال Diana Worrall، و مارك بيركنشاو  Mark Birkinshaw، مع أربعة آخرين من زملائهم من مركز "هارفارد سميثونيان" للفيزياء الفلكية CFA، قاموا بمعاينة النفاثات الموجودة في المجرة الراديوية النشطة "3C270" والمعروفة أيضاً بـ (NGC 4261)، حيث تتشكّلُ الانبعاثات الراديوية الأكثر سطوعاً في هذه المجرة قرب نواة الثقب الأسود "بعكس النوع الآخر الشائع للمجرات الراديوية النفاثة، والتي تكون مناطقها الأكثر سطوعاً بعيدة جداً عن نواتها". 

يبلغ المدى الخطي المتوقع لفصوص هذا المصدر عند أقصى امتداد له حوالي 250 ألف سنة ضوئية. استخدم العلماء نتائج رصد راديوية للفصوص جديدةً وقديمةً أُخِذَت عند اثني عشر طول موجيّ مختلف، إضافة إلى نتائج رصد الأشعة السينية، بهدف نمذجة آليات الانبعاث عبر الفصوص بدقة أكبر من السابق، حيث تسمح لهم البيانات المأخوذة عند أطوال موجيّة متعددة بتخطيط كيفية اختلاف طبيعة الانبعاث "أي قوّته النسبية عند أطوالٍ موجيّة مختلفة"، ونمذجة تلك الاختلافات.

وقد خَلُصَ العلماءُ إلى أنّ عُمر الفصّين يبلغ حوالي 29 و37 مليون عاماً على التوالي، بخلاف المعلومة المألوفة الناتجة اعتماداً على نماذج ديناميكية، التي تقول أن عمرهما ضعف ذلك، كما وجدوا أن الفصّين تشكّلا نتيجة عدة نوبات نشطة في جوار الثقب الأسود، وأنّ الطاقة الكلية اللازمة لتسخينهما هائلة، وتعادل تقريباً نِتاج الشمس الكلي من الطاقة على مدى ملايين مليارات السنين والتي تفوق عمر الكون.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات