حَملة صاروخ ألاسكا السبري تَدرُس تَأثير الرياح الشمسِية عَلى الغِلاف الجَوي للأَرض والأَرصاد الجَوية

يُنتج تفاعل الرياح الشمسية مع الغلاف الجوي للأرض الأضواء الشمالية، أو الشفق، حيث تتراقص عبر سماء الليل وتُبهر المراقب العادي. ومع ذلك فهذا التفاعل أكثر من مجرد عرض للضوء بالنسبة للعلماء، إنه يطرح بضعة أسئلة حول الدور الذي تلعبه عمليات الأرصاد الجوية للأرض وتأثيرها على الغلاف الجوي للكوكب.

للمساعدة في الإجابة على بعض من هذه الأسئلة، سيتم إطلاق 5 صواريخ "تحت مدارية Suborbital " من ناسا لرصد الأحوال الجوية حاملة معها تجارب جامعية إلى منطقة الشفق بين 2 و6 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة من 13 حتى 27 كانون الثاني 2015، من منطقة إطلاق الصواريخ في الاسكا.


تستكشف كلا من تجربة اضطراب الغلاف الجوي الأوسط والسفلي MTeX، بالتزامن مع تجربة الإضطراب الطبقي لإنعكاس الطبقة الوسطى (MIST) تجاوب الغلاف الجوي للأرض مع الحزام الإشعاعي، والجسيمات الشمسية عالية الطاقة وما يرتبط بها من تأثيرات على أكسيد النتريك، والأوزون.

تتكون M-TEX من حمولتان متطابقتان تحلقان على صواريخ من نوع Terrier-Improved Malemute تفصل بينهما مدة 30 دقيقة تقريبا، سوف يتبع كل صاروخ من M-TEX خلال 2 ل 3 دقائق لاحقا صواريخ أوريون Terrier-Orion sounding rockets التي تحمل MIST.


قال ريتشارد كولينز (Richard Collins)، الباحث الرئيسي في M-TEX من المعهد الجيوفيزيائي في جامعة ألاسكا-فيربانكس: "أدت العواصف الشمسية الأخيرة إلى تغييرات كبيرة في تكوين الغلاف الجوي العلوي على ارتفاع 49 ميل أي ما يعادل 80 كم حيث تم العثور على تعزيزات في مركبات النتروجين. يمكن أن تنتقل هذه المركبات إلى الغلاف الجوي الأوسط حيث يمكنها الإسهام في تدمير الاوزون".

يضيف كولنز: " بالرغم من ذلك، لا تسمح الظروف الجوية دائما بنقل حدث كهذا، فتأثير النشاط الشمسي على الأرض لا يرتبط فقط بكون الشمس مصدراً للجسيمات عالية الطاقة، وإنما يرتبط أيضا بكيفية قيام الظروف الجوية للأرض بتحديد مصير هذه الجسيمات في الغلاف الجوي".

 

وحسب قول كولينز: "تُظهر نماذج الدوران الحالية أنه لايمكن تفسير الانتقال دون عمليات الاضطراب والانتشار الحاصلة على نطاق صغير، ولا تزال هذه العمليات توصف بشكل سيء ضمن تلك النماذج، وتُظهر عمليات الرصد الحالية تباين واسع في قياسات الاضطراب؛ يتم توليد الاضطراب عن طريق كسر الأمواج لها خصائصها التي تختلف اختلاف كبير مع ظروف الخلفية الجوية". 


وأضاف: "يحظى وصف مثل هذه العمليات في نماذج الدوران باهتمام واسع، لأن عمليات الاضطراب، والانتشار تساهم بنقل الحرارة والمكونات في كل أنحاء الغلاف الجوي مؤثرة على كل شئ بدءاً من دراسات التلوث على سطح الارض وحتى جر الأقمار الصناعية في الفضاء". تُدعم حمولات M-TEX أيضاً من قبل معهد لايبينز لفيزياء الغلاف الجوي في جامعة روستوك ألمانيا، مما سيسمح للعلماء بفهم التباين في الاضطرابات.

وأضاف كولينز: "نستخدم بعد ذلك هذه القياسات لتأطير محاكاة ديناميكية السوائل حيث يمكننا تقرير خصائص الأمواج، والاضطراب، وتحديد خصائص توليد الاضطراب، والتبديد، والانتشار في الغلاف الجوي الأوسط والعلوي". وقال ميغيل لارسن (Miguel Larsen)، الباحث الرئيسي في MIST من جامعة كليمسون في ساوث كالورينا: "ستدرس MIST خصائص اضطراب الغلاف الجوي في منطقة انتقالية بين الفضاء، والغلاف الجوي، وبالتالي دراسة الطريقة التي يتم فيها خلط خصائص الغلاف الجوي عموديا".


للمساعدة في تحقيق ذلك، سيكون على كل حمولة MIST نشر بخار ثلاثي ميثيل الالمنيوم، وتسييرها بين 50، و87 ميل فوق الارض، وسيتم تصوير السحب الضاربة للبياض والتي تشكلت من عدة محطات أرضية، وسيُمكن تحليل البيانات من الكشف عن الإضطرابات، علماً أنَّ راسمات البخار(Vapor tracers)، لا تشكل خطرا على البيئة أو الصحة. سيتم حمل هياكل المسبار الشفقي المكانية (ASSP) على (Talos-Terrier-Oriole-Nihka)، وهو صاروخ سبري شبه مداري لدراسة عملية التسخين في الغلاف الحراري أثناء نشاطات الشفق القطبي، وبالتالي يساهم في تطوير طريقة فهم أثر هذا التسخين على الأقمار الصناعية التي تدور حول الارض.

 

تُعرف عملية التسخين هذه بعملية تسخين جول المعروفة جيدا للجميع. وقال تشارلز سوينسون (Charles Swenson) الباحث الرئيسي في ASSP من مختبر ديناميكا الفضاء في جامعة ولاية يوتاه في لوغان: "إنها ببساطة العملية التي يزيد فيها التيار الكهربائي المتدفق خلال أجهزة مقاومة من درجة الحرارة، أو يرفع درجة حرارة الجهاز، والأمثلة على ذلك سلك محمصة الخبز الكهربائية، أو عامل التسخين في الموقد والفرن". ويقول: "توجد تيارات كهربائية مدفوعة من قبل الرياح الشمسية عند مواجهة الحقل المغناطيسي للأرض، وفي المنطقة التي يحدث فيها الشفق وحولها تُسخن هذه التيارات الخفية الهواء الرقيق الموجود في الغلاف الجوي للأرض من خلال عملية تسخين الجول".


وقال سوينسون: "هذه العملية مختلفة عن الإشعاع عالي الطاقة الذي يتسبب بتوهج مرئي مذهل من الأضواء الشمالية المتراقصة، ويحاول المجتمع العلمي أن يحدد الأهمية النسبية لكل منها".


إذن كيف يؤثر هذا التسخين على مدارات الأقمار الصناعية؟


أضاف سوينسون: "من الصعب جداً التنبؤ بانجراف الأقمار الصناعية دون فهم دقيق للحالة الحرارية، مما يحد من القدرة على التنبؤ بمسارات الأقمار الصناعية، وهذا صحيح خصوصاً عندما يتم تفريغ كميات كبيرة من الطاقة الكهرومغناطيسية إلى طاقة حرارية، ومن ثمَّ تبديدها عن طريق عملية تسخين جول".

ووفقا لسوينسون: "الغلاف الجوي الحراري المتوسع هو إحدى نتائج التسخين في الشفق وحوله. وقد يزيد هذا الغاز المتوسع من جر الأقمار الصناعية (ويتم تحت أو عند حوالي 260 ميل من الارتفاع)، بنسبة تصل إلى 1000 %، مما سيؤدي إلى تغير مدارات الأقمار بشكلٍ ملحوظ خلال بضعة أيام". 

 

ستكون هذه هي أول رحلة لـ ASSP التي تتضمن نشر 6 حمولات فرعية، حيث سيتم نشرها بسرعة عالية على طول خط الرحلة، وبشكل عمودي خلالها وبحسب سوينسون، ستُحلق الحمولات السبعة (6 حمولات فرعية بالاضافة الى حمولة رئيسية) بتعاقب سريع في نفس الحجم من الفضاء، وستقوم بعمليات رصد حساسة للمجالات الكهربائية، والمغناطيسية. وأضاف: "سيسمح التدفق المحسوب للطاقة للعلماء بفهم كيف وأين سيسخن الغلاف الحراري للأرض، ويتوسع بسبب عملية تسخين جول".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات