النجم تابي يعود إلى الساحة من جديد بسلوكه الغريب

توضيح فني لنجم بوياجيان الذي يُظهر تغيرات في سطوعه عصية على التفسير، تقول إحدى الفرضيات بوجود كوكب متحطم حول النجم، ويحجب حطام هذا الكوكب ضوء النجم.


حقوق الصورة: NASA/JPL/Caltech


يُظهر الجسم الكونى المحير والمعروف بـ "نجم بوياجيان" Boyajian's star (المشهور باسم النجم تابي Tabby) مرة أخرى نمطًا غامضًا من خفوت ضوئه ولمعانه، الأمر الذى حاول العلماء تفسيره بفرضيات عدّة، بدايةً من أسراب المذنبات التي تحجب ضوءه إلى البنى الفضائية العملاقة التي صنعها فضائيون.


وفي تاريخ 19 أيار/مايو، تلقى العديد من العلماء حول العالم اتصالًا عاجلًا لتوجيه أكبر عدد ممكن من التليسكوبات باتجاه النجم، في محاولة لتفسير الغموض الذي يحيط بسلوكه.


يقول الأستاذ المساعد في قسم علم الفلك في جامعة ولاية بنسلفانيا جيسون رايت Jason Wright، والذي يدير الدراسة القائمة على نجم بوياجيان خلال بث مباشر على الإنترنت يوم 19 أيار/ مايو الساعة السادسة مساءً بتوقيت جرينتش: "تلقيت اتصالًا هاتفيًا حوالي الساعة الرابعة صباحًا يقول إن مرصد فيربورن Fairborn فى أريزونا أكّد أن النجم كان أكثر خفوتًا بنسبة 3% من حالته الطبيعية"، ويضيف قائلًا "ويكفى أننا واثقون تمامًا أن مشاهدتنا هذه ليست صدفة؛ فقد أكدت لنا عدة مراصد هذا الأمر، هذا ما أعتقده".


حيث أظهر النجم KIC 8462852، أو نجم بوياجيان (النجم تابي)- المسمى بذلك تيمنًا بعالمة الفلك تابيثا بوياجيان Tabetha Boyajian، التي قادت الفريق الذي اكتشف تقلبات النجم لأول مرة- طورًا شاذًا من ازدياد خفوت ضوئه، ومن ثم عاد له سطوعه السابق؛ وقد رُصدت هذه التغيرات للمرة الأولى في أيلول/سبتمبر من عام 2015 باستخدام تليسكوب كبلر الفضائي التابع لوكالة ناسا، وقد بني كبلر لمراقبة مثل هذه الأنواع من الانخفاضات في سطوع النجوم، التي يمكن أن تكون نتيجة لحركة كوكب أمام النجم وفق ما يمكن أن يُرى من الأرض.


ولكن تغيرات السطوع التي يظهرها بوياجيان لا تُبدي ذلك النوع من الانتظام المعتاد لمدار كوكب حول نجمه، ولا يمكن للعلماء معرفة كيف يمكن تفسير هذه التغيرات لو افترضوا وجود نظام من الكواكب حول النجم.


ما افترضه العلماء هو أن التغيرات قد تكون بسبب سرب من المذنبات يعبر أمام النجم، أو أنها نتيجة لنشاط مغناطيسي قوي، أو هي بعض البنى الضخمة بناها الفضائيون، ولكن لم تخرج أي فرضية رائدة، لذلك كان العلماء توّاقين لالتقاط صورة بتفاصيل عالية الدقة للضوء القادم من النجم أثناء إحدى فترات خفوته، ويطلق العلماء عادةً على مثل هذه الصورةٍ ااتفصيلية اسم طيف الجسم؛ والتي بإمكانها مثلًا أن تكشف العناصر الكيميائية المحددة والموجودة في غاز ما، كما يمكن لها أن تبين إذا كان الجسم يتحرك مقتربًا أو مبتعدًا عن الراصد.


يقول رايت أثناء البث المباشر على الإنترنت من مختبر مبادرة Breakthrough Listen فى جامعة كاليفورنيا، بريكلي "أيّا كان السبب في جعل النجم أكثر خفوتًا فإنه سيترك بصمة طيفية وراءه، لذلك إذا كان هناك الكثير من الغبار بيننا وبين النجم فسوف يحجب ضوءًا أزرق أكثر من الضوء الأحمر، وإذا كان هناك غاز فى هذا الغبار، يجب أن يمتص هذا الغاز أطوالًا موجية محددة جدًا ويجب أن نتمكن من رؤية ذلك؛ ولذلك كنا توّاقين لرؤية إحدى هذه التغيرات في واحدة من انخفاضات ضوء النجم حتى نتمكن من أخذ صورة لبعض الأطياف"، ولكن لم يستطع العلماء أن يتنبؤوا بموعد خفوت الضوء التالي أو كم سيستمر (استمرت انخفاضات ضوء النجم التي رصدها كبلر بين يومين إلى سبعة أيام وفقًا لرايت). 


تحدد التليسكوبات المتقدمة عادة مواعيد الرصد قبل أسابيع أو أشهر، لذلك عرف رايت وزملاؤه أن عمليات رصدهم ستكون نزولًا عند رغبة زملاءٍ يستخدمون التليسكوبات في مشاريع أخرى.


يقول رايت "إننا بحاجة إلى شبكة من الناس فى جميع أنحاء العالم من المتشوقين والمستعدين لرصده، ولحسن الحظ، النجم تابي ليس خافتًا جدًا، لذا هناك الكثير من التلسكوبات والراصدين، الذين وافقوا بكرم أن يَهَبونا من وقت عملهم العلمي ليلتقطوا صورة الطيف من أجلنا هذه الليلة". 


يقول رايت أيضًا إن الدعوة وجهت لعلماء الفلك المحترفين وللهواة لمراقبة نجم بوياجيان خلال فترة خفوت ضوئه هذه؛ وأكبر وأقوى التليسكوبات التي ستلبي النداء هما التليسكوبان التوأمان البالغ طولهما 10 أمتار فى مرصد كيك Keck فى هاواي، ويعمل الفريق للحصول على وقت للمراقبة فى ثلاثة تليسكوبات كبيرة أخرى على الأقل فى الولايات المتحدة وفقًا لرايت.


ووفقًا لأندرو سيميون Andrew Siemion، مدير مركز بحوث بيركلي سيتي SETI، فى بث عبر الإنترنت أن مبادرة Breakthrough Listen التى تبحث عن علامات للحياة الذكية فى الكون، قد أصبحت مهتمة بالنجم وسوف تراقبه بواسطة تلسكوب Automated Planet Finder في مرصد ليك في كاليفورنيا؛ وعلى حد تعبيره فإن الوضع أشبه بـ "المباراة النهائية في دوري كرة القدم الأمريكية، فالتوتر الواضح هو سيد الموقف".


ويردف بأن مختبر Breakthrough Listen ومركز بيركلي يحاولان حاليًا الحصول على بعض من وقت الرصد باستخدام التليسكوب الراديوي "Green Bank" فى ولاية فرجينيا الغربية.


والجدير بالذكر أن بوياجيان، الفلكية من جامعة يال التي قادت الفريق الذي رصد تقلبات سطوع النجم لأول مرة، هي التي اتصلت برايت في الرابعة صباحًا لتؤكد له أن النجم في طور خفوت ضوءه.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات