ذوبان الجليد في القطب الشمالي يؤثر في أنماط الطقس الحالية أينما كنت تسكن

أدى الاحتباس الحراري إلى فقدان نحو ثلاثة أرباع الغطاء الجليدي الشمالي حتى الآن.

 

حقوق الصورة: نيك كوبينغ Nick Cobbing لصالح منظمة غرينبيس Greenpeace.


يقول العلماء في أحدث بحث عن التغير المناخي أن ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي "مرتبط بقوة" بالظواهر الجوية الشديدة في الآونة الأخيرة.


وبحسب ما نقلته صحيفة الغارديان عن رواد علماء المناخ أن ذوبان الجليد الدراماتيكي في القطب الشمالي قد أدى بالفعل إلى ظروف جوية شديدة تؤثر على مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، وأوروبا، وآسيا.


ويقول الباحثون أن فصول الشتاء الشديدة ترتبط الآن بقوة بارتفاع درجات حرارة المنطقة القطبية، مع احتمالية ارتباطها أيضاً بموجات الحر القاتلة في الصيف والفيضانات الغزيرة. ويخشى العلماء الآن من أن ذوبان القطب الشمالي سيؤدي إلى إحداث تغيرات مفاجئة في الغلاف الجوي الدّوامي للكوكب، مؤدية إلى أحوال جوية سيئة في المناطق المكتظة بالسكان تصل إلى حدود قصوى.


بدأ الغطاء الجليدي الشمالي بالتقلص منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث أدى الاحتباس الحراري إلى خسارة نحو ثلاثة أرباع حجمه حتى الآن. ولكن موجة الحر الأخيرة في منطقة القطب الشمالي صدمت العلماء، فقد تجاوزت درجات الحرارة في أجزاء من القطب الشمالي الروسي معدلها بـ 33 درجة مئوية، وفي بعض الأماكن الأخرى بـ 20 درجة مئوية.


وقالت البروفيسورة جنيفر فرانسيس Jennifer Francis، خبيرة المناخ القطبي الشمالي من جامعة روتجرز Rutgers University في الولايات المتحدة، والتي اهتمت في بداية الأمر بالمنطقة أثناء رحلتها حول العالم في ثمانينيات القرن الماضي: "وصلت مستويات الجليد إلى مستوى متدن قياسي في نوفمبر/تشرين الثاني، ونحن الآن في "أرض مجهولة".


وأضافت قائلة: "هذه التغيّرات السريعة في منطقة القطب الشمالي تؤثر في أنماط الطقس حيث نعيش الآن. في الماضي حدثت تغيرات طبيعية مثل ظاهرة النينيو El Niño، ولكنها لم تحدث أبداً على نحو مترافق مع القطب المتجمد الشمالي الدافئ جداً، ولذلك فهذا حدث جديد كلياً. وتابعت قولها: "من غير المعقول عدم تأثير المنطقة القطبية الشمالية الدافئة على نحو مثير للسخرية على أنماط الطقس في مناطق خطوط العرض الوسطى إلى أقصى الجنوب، حيث يعيش الكثير من الناس."


وأضافت: "من الأسلم قولنا أن [القطب الشمالي الساخن] سوف يكون له تأثير كبير، ولكن من الصعب أن نقول بالضبط مقدار هذا التأثير في الوقت الراهن. ولكننا سنواجه طقساً مثيراً جداً للاهتمام– وسيتكرر ذلك أكثر من مرة ".

قلت المساحة التي يغطيها جليد بحر القطب الشمالي الذي لا يقل عمره عن أربع سنوات من 718000 ميل مربع في سبتمبر/أيلول 1984 إلى 42000 ميل مربع في سبتمبر/أيلول 2016. يميل الجليد الأقدم إلى أن يكون أقل عرضة للذوبان. ويشار إلى عمر الجليد من خلال الظلال التي تتراوح بين اللون الأزرق-الرمادي للجليد الأقل عمراً واللون الأبيض للأكثر عمراً. حقوق الصورة: ناسا)
قلت المساحة التي يغطيها جليد بحر القطب الشمالي الذي لا يقل عمره عن أربع سنوات من 718000 ميل مربع في سبتمبر/أيلول 1984 إلى 42000 ميل مربع في سبتمبر/أيلول 2016. يميل الجليد الأقدم إلى أن يكون أقل عرضة للذوبان. ويشار إلى عمر الجليد من خلال الظلال التي تتراوح بين اللون الأزرق-الرمادي للجليد الأقل عمراً واللون الأبيض للأكثر عمراً. حقوق الصورة: ناسا)


تبدأ سلسلة الظواهر التي تربط ذوبان القطب الشمالي بالطقس في الجنوب بارتفاع درجات الحرارة عالمياً مما يسبب ذوبان المزيد من الجليد البحري. وخلافاً للقارة القطبية الجنوبية، فإن ذوبان الجليد هنا يكشف قاع المحيط المظلم، والذي يمتص أشعة شمس بمقدار أكبر من الجليد وترتفع درجة حرارته أكثر منه. إن حلقة التغذية الاسترجاعية هذه هي السبب في ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بشكل أسرع بكثير من بقية الكوكب.


وهذا بدوره يقلل الفرق بين درجة حرارة القطب الشمالي ومناطق خطوط العرض الأدنى، وهو أمر حاسم نظراً لكون تدرج درجة الحرارة بين المنطقتين هو الدافع لتشكل رياح التيار النفاث، التي تندفع على شكل مسارات حول القطب بسرعة هائلة تصل إلى 250 ميل/ساعة مرتفعة عن السطح بحوالي 8 كيلومتر.


ويشكل التيار النفاث حداً بين الشمال البارد والجنوب الأكثر دفئاً، ولكن انخفاض الفرق في درجة الحرارة يعني أن الرياح الآن أصبحت أضعف. وهذا يعني أن التيار النفاث يتعرج أكثر، مع وجود حلقات كبيرة دافعة بهواء دافئ إلى الشمال المتجمد وبهواء بارد إلى المناخ الجنوبي الأكثر دفئاً. وعلاوة على ذلك، يقول الباحثون أن التغيرات تعني إمكانية بقاء الحلقات عالقة فوق المناطق لأسابيع، بدلاً من ذهابها غرباً كما هو الحال في الماضي. إن تأثير "المنع" هذا يعني ظهور الظواهر الشديدة.


قال ديم كومو Dim Coumou، من معهد بوتسدام لبحوث التأثيرات المناخية Potsdam Institute for Climate Impact Research في ألمانيا: "هناك دراسات حديثة تكشف عن آليات فيزيائية معقولة جداً تبين كيف يمكن للاحترار السريع في المنطقة القطبية الشمالية أن يؤثر في طقس منطقة خطوط العرض الوسطى، سواء في الصيف أو الشتاء". وكومو هو جيوفيزيائي صناعات بحرية سابق درس العلاقة بين الظواهر المناخية الشديدة وظاهرة الاحتباس الحراري منذ عام 2010.


وأضاف قائلاً: "منذ بضع سنوات مضت كان هذا هو الانتقاد الرئيسي لأي من هذه الصلات الرابطة، حيث لم تكن الفيزياء مفهومة جيداً، ولكن السؤال الكبير [الآن] هو، ما مدى أهمية هذه الآليات؟"


كيف يمكن لذوبان القطب الشمالي أن يؤدي إلى سوء الأحوال الجوية



يشكل التيار النفاث الحد الفاصل بين الشمال البارد والجنوب الأكثر دفئاً. إن الفرق في درجة الحرارة بين المنطقتين يمد التيار النفاث بقوة تجعله يصل إلى سرعة 250 ميل/ساعة عند ارتفاع يصل إلى حوالي 8 كيلومتر فوق السطح
يشكل التيار النفاث الحد الفاصل بين الشمال البارد والجنوب الأكثر دفئاً. إن الفرق في درجة الحرارة بين المنطقتين يمد التيار النفاث بقوة تجعله يصل إلى سرعة 250 ميل/ساعة عند ارتفاع يصل إلى حوالي 8 كيلومتر فوق السطح
 

إن درجة حرارة سطح البحر في المناطق المدارية هي المؤثر الرئيسي الآخر على التيار النفاث، والتي تزداد وتقل مع النينيو، بينما يكون للدورات الشمسية وحتى ثوران البراكين آثاراً أقل.


وتمثل ظروف الشتاء القاسية الرابط الأكثر وضوحاً حتى الآن بين ذوبان القطب الشمالي والطقس، مثل فصول الشتاء الشديدة التي ضربت أجزاء من أمريكا الشمالية وشمال أوروبا في الأعوام 2009-2010، 2010-2011 و 2013-2014، مما تسبب في تساقط الثلوج بأرقام قياسية وأضرار كلفت مليارات الدولارات.

وفي تلك السنوات، انحرف التيار النفاث بعمق جنوباً فوق هذه المناطق، مما أدى الى انخفاض الهواء البارد بشدة. وقال البروفيسور آدم سكيف Adam Scaife، خبير في نمذجة المناخ من مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة UK’s Met Office، موضحاً أن الدليل على وجود صلة لتقلص الجليد في القطب الشمالي أصبح جيداً الآن: "إن نقاط الإجماع على هذا لها تأثير حقيقي."

وبينما يمكن أن يسبب تراجع التيار النفاث حدوث فصول شتاء شديدة البرودة، تم ربط الموجات الصاعدة المرافقة له بتفاقم الجفاف في ولاية كاليفورنيا. وقالت فرانسيس: "إن هذه التقلبات للتيار النفاث شمالاً هي بالطبع السبب وراء تعرض كاليفورنيا لمثل هذا الجفاف الرهيب". وقد تم توقع هذا التأثير مسبقاً في بحث عام 2004، حيث يقول هؤلاء الباحثون:" إن الواقع يتحرك بشكل أسرع مما كنا نظنه أو نتمناه".
 
ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي يقلل الفرق في درجات الحرارة، مما يؤدي إلى تيار نفاث أبطأ وأكثر تعرجاً. تجلب الحلقات طقساً شديداً إلى مناطق خطوط العرض الدنيا. رسم تخطيطي للغارديان المصدر: ناسا
ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي يقلل الفرق في درجات الحرارة، مما يؤدي إلى تيار نفاث أبطأ وأكثر تعرجاً. تجلب الحلقات طقساً شديداً إلى مناطق خطوط العرض الدنيا. رسم تخطيطي للغارديان المصدر: ناسا

وقال البروفيسور إدوارد حنا Edward Hanna، من جامعة شيفيلد University of Sheffield في المملكة المتحدة أن فصول الشتاء الشديدة يمكنها أيضاً أن تتأرجح باتجاه آخر لنحصل على طقس معتدل ولكنه غزير، كما رأينا في فصلي الشتاء الماضيين في المملكة المتحدة، مما أدى إلى فيضانات شديدة.

وأشار حنا إلى تذبذب شمال الأطلسي (NAO)، حيث قد يتأثر الاختلاف الدوري في ضغط الهواء بعمليات الذوبان السريع لجليد القطب الشمالي. وأضاف قائلاً أن تقلب NAO قد تضاعف في القرن الماضي: "خلال العقد الماضي، كانت هناك تأرجحات بشكل كبير في القيم الحسابية لشهر ديسمبر/كانون الأول."

ووفقاً للعلماء فإن العلاقة بين تلاشي الجليد في القطب الشمالي وطقس الصيف الحار جداً في نصف الكرة الشمالي أمراً مرجحاً، ولكنه غير مؤكد تماماً كما هو الحال بالنسبة للشتاء.

وقد تم بشكل قاطع ربط أنماط المنع الناجمة عن التعرجات البطيئة للتيار النفاث ببعض الظواهر المدمرة، بما في ذلك فيضانات صيف عام 2010 في باكستان، التي قتل فيها 2000 شخص وأثرت على 20 مليون نسمة، وكذلك موجة الحر الحارقة في روسيا في العام نفسه، التي قتل فيها 50000 شخص وأتلفت ما قيمته 15 مليار دولار (12 مليار جنيه استرليني) من المحاصيل.

يقف القرويين خارج منازلهم خلال الفيضانات المفاجئة على مشارف بيشاور، باكستان، في نيسان/أبريل 2016. تصوير: محمد سجاد/لصالح أسوشيتد برس AP
يقف القرويين خارج منازلهم خلال الفيضانات المفاجئة على مشارف بيشاور، باكستان، في نيسان/أبريل 2016. تصوير: محمد سجاد/لصالح أسوشيتد برس AP
 
وأضاف كومو: "إننا نرى أيضاً مثل هذه الظواهر الصيفية كثيراً في السنوات الأخيرة" وتم أيضاً ربط ظواهر المنع أيضاً بفيضانات الصيف في المملكة المتحدة، التي أدت إلى حدوث فيضانات كارثية في العامين 2007 و2012 والتي تسببت في أضرار تقدر بمليارات الجنيهات الاسترلينية.

وكان عام 2012 عاماً صعباً أيضاً بالنسبة لغرينلاند، فقد سُجل ذوبان قياسي عبر مياهها أدى إلى اندفاع الماء إلى المحيط وتسريع ارتفاع مستوى سطح البحر. ويمكن أيضاً ربط الحلقة الحارة من الهواء التي تمركزت على غرينلاند تلك السنة بإحدى أكبر الكوارث المناخية في السنوات الأخيرة: إعصار ساندي، الذي أسفر عن مقتل 233 شخصاً وتسبب بأضرار قيمتها 75 مليار دولار.

ويعتقد العلماء أن ظاهرة المنع فوق غرينلاند، من المحتمل أن تكون مرتبطة بمستوى جليد القطب الشمالي القياسي المتدني هذا الصيف، مانعة الإعصار من الانحراف إلى الشمال الشرقي في المحيط الأطلسي مثل معظم العواصف. وعوضاً عن ذلك، تأرجح الاعصار ساندي، يعترضه الضغط العالي، تاركاً خلفه أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

الأضرار الناجمة عن إعصار ساندي في رودانث، ولاية كارولينا الشمالية، أكتوبر/تشرين أول 2012. تصوير: ستيف إيرلي Steve Earley/لصالح أسوشيتد برس AP
الأضرار الناجمة عن إعصار ساندي في رودانث، ولاية كارولينا الشمالية، أكتوبر/تشرين أول 2012. تصوير: ستيف إيرلي Steve Earley/لصالح أسوشيتد برس AP


وتثير نتيجة أخرى لذوبان القطب الشمالي بسرعة احتمالية أن الظروف الجوية القادمة قد تكون أقسى، فوفقاً لبعض العلماء: هناك عواصف عظمى وأعاصير في عملاق الأطلسي تنطلق عبر أوروبا.

إن ذوبان الجليد في غرينلاند يرفد حوالي 250 مليار طن سنوياً من المياه العذبة، الأقل كثافة من مياه البحر المالحة، إلى المحيط. ونتيجة لذلك، فإن الكتلة المائية تصبح أقل ويضعف التيار الذي يسحب الماء الدافئ إلى أعلى المحيط الأطلسي- فقد وجد العلماء بالفعل أن التيار في أضعف حالاته منذ ألف عام.

وهذا يعني أن منطقة شمال الأطلسي أصبحت باردة نسبياً مما يزيد فرق درجات الحرارة بينها وبين المياه الاستوائية في الجنوب، الأمر الذي يعتبر محركاً للعواصف. وفي أسوأ الحالات، حسب قول عالم المناخ الشهير البروفيسور جيمس هانسن James Hansen، أن هذا "سيدفع إلى تشكل عواصف عظمى، أقوى من أي عواصف حدثت في العصر الحديث-كل الأمور السيئة سوف تحدث في مناطق شمال الأطلسي والدول المجاورة".

وأشار هانسن -وهو من أوائل العلماء الذي قاموا بتنبيه العالم حول مخاطر تغير المناخ في عام 1988 واعتقل أكثر من مرة أثناء الاحتجاجات خارج البيت الأبيض على استثمارات الوقود الأحفوري- إلى السجل التاريخي بوصفه سابقة: فقبل 118000 سنة قذفت عاصفة عظمى 1000 طن من الصخور الضخمة إلى شواطئ جزر البهاما.

وقال كومو: "أنا بالتأكيد لا أصف مثل سيناريوهات [العاصفة العظمى] بالسخف، ولكنها تخمينية-ليس لدينا أدلة دامغة". ولكن مع المعلومات المتوفرة، هناك سبب للقلق من أن التفاعلات المعقدة تحوّل الاشتعال البطيء لارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى كوارث مناخية مفاجئة.
 
وأضاف كومو: "إن الجانب المثير للقلق هو أن هذه التغيرات الديناميكية يمكن أن تحدث على نحو مفاجئ أكثر من الارتفاع البسيط في درجة حرارة المناخ. إن التغيرات الديناميكية يمكن أن تتغير بسرعة أكبر وبالتالي يمكن أن تحدث المفاجآت وأعتقد أن هناك العديد من مثل هذه الاحتمالات في النظام."

دب قطبي يسبح في سفالبارد. تكون المضايق عادة مغطاة جزئياً بالجليد البحري، ولكن في الشتاء الماضي أحاطت المياه المفتوحة بمعظم الأرخبيل. تصوير: نيك كوبينغ Nick Cobbing/لصالح منظمة غرينبيس Greenpeace
دب قطبي يسبح في سفالبارد. تكون المضايق عادة مغطاة جزئياً بالجليد البحري، ولكن في الشتاء الماضي أحاطت المياه المفتوحة بمعظم الأرخبيل. تصوير: نيك كوبينغ Nick Cobbing/لصالح منظمة غرينبيس Greenpeace


ووسط التوقعات المتشائمة، هناك على الرغم من ذلك ما يدعو للأمل. وقالت فرانسيس: "لا يزال جزء كبير من الرأي العام الأمريكي لا يعتقد أن البشر هم من يؤثرون في النظام المناخي، لكن أحد الأمور الواضحة جداً هو أن
 
ما يحدث في القطب الشمالي هو تغير واضح وبارز، ويمكن لأي شخص أن يرى وقوعه. ليس هناك غموض على الإطلاق". ولكن تغيير العقول هذا يحتاج أن يحدث بسرعة فكما قال هانسن: "إذا انتظرنا للطبيعة أن تكشف عن نفسها بوضوح، فإن ذلك قد يكون متأخراً جداً."
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات