المعرض الفني المصاحب لمسح الطاقة المظلمة يظهر لمحات من كوننا المتوسع باستمرار.
تخيل ليلة صافية في الجبال، بعيداً عن أضواء المدن الصاخبة. في السماء، نقاط متوهجة من نجوم بعيدة منظمة في الجداول اللامعة لمجرة درب التبانة. كل ما تبصره العين هو تقريباً جزء من مجرتنا الأم.
بهدف توفير لمحة لما وراء مجرتنا وإلى داخل كوننا المتوسع، قام قسم الطاقة التابع لفيرميلاب Department of Energy’s Fermilab باستضافة فن الظلام "Art of Darkness"، وهو معرض مقام من قبل تعاونيات مسح الطاقة المظلمة. تم افتتاح المعرض في ١٩ فبراير\شباط في المعرض الفني لفيرميلاب، والصور المعروضة هي لأجرام سمائية التقطت بواسطة كاميرا الطاقة المظلمة التابعة لـ DES المسماة DECam.
يقول براين نورد Brian Nord: "لقد رأينا الكثير من المعلومات في الصور والتي انتهى بها الأمر لتكون جزءاً صغيراً من معالم DES". براين هو عالم فيزياء الفضاء وفرد تعاوني لمعرض DES الفني. ثم يضيف أيضاً: "هذا المعرض يلقي الضوء على عمق الكون الذي لا نراه كاملاً بالعين المجردة".
إن مشروع DES هو عبارة عن عملية مسح تمتد لخمس سنوات وتغطي ١/٨ السماء بهدف إعطاء وصف أفضل للطاقة المظلمةـ وهي القوة التي تقود توسع الكون المتسارع. تملك التعاونية ما يزيد عن ٤٠٠ عالم من حوالي ٣٠ معهداً. وتستخدم كاميرا الطاقة المظلمة ذات دقة تقدر ٥٧٠ ميغا بكسل، إحدى اكبر الكاميرات الرقمية في العالم والجاثمة فوق مرقاب بلانكو Blanco Telescope في مرصد أمريكا الوسطى سيررو تولولو في تشيلي.
تم اختيار بعض المجرات في المعرض من منطقة صغيرة من عملية مسح السماء. إن إنشاء هذه الصور تتطلب عملية معالجة صورية تدعى 'الأنابيب' pipeline وتستخدم هذه الطريقة لتنظيف الصور من الملوثات مثل الأقمار الصناعية أو الطائرات أو آثار الأشعة الكونية أو تلك الناتجة من عيوب في أجهزة الكاميرا، وفق ما قاله نيكولاي كيوروباتكن Nikolay Kuropatkin، وهو مطور برنامج الفيزياء الحاسوبية لـDES.
يضيف قائلاً: "نحن نستخدم طريقة الأنابيب لمسوحاتنا العلمية، لكن وكما اتضح إنها أداة جيدة للصور أيضاً ".
إن DECam هي كاميرا أحادية اللون. تتطلب إحدى عمليات المعرض وجود مارتي مورفي Marty Murphy، وهو مختص عمليات في قسم المسرعات التابع لفيرميلاب بالإضافة إلى نورد Nord لإضافة الألوان وإضافات أخرى إلى الصور التي تتطلب عيناً فنية.
تتموضع خمسة فلاتر بين التلسكوب وبين الكاميرا لجمع معلومات الضوء حول المجرة التي يتم رصدها.كل فلتر مخصص للون معين أو لمدى تردد معين من الطيف الإلكترومغناطيسي. تلك الصور المأخوذة من كل فلتر على حدى يتم دمجها لإنتاج صور كاملة ملونة.
يقول مورفي: "لقد ضاعت الكثير من المعلومات في الصور الابتدائية بسبب كثافة الضوء المنبعث من النهايات المرئية للطيف الإلكترومغناطيسي". ثم يضيف :"نحن نسعى لاستخراج الألوان من الطيف المرئي والتي تمثل بطريقة معينة ما يوجد هناك. كما نعمل على إصلاح أي تناقضات بين الواقع والصور".
يساعد هذا التمثيل القريب من الواقع العلماء على فهم خواص المجرات المستهدفة. على سبيل المثال، العناقيد الصغيرة التي تبدو حمراء أو أغمق تخبرنا أنها أكثر بعداً عنا بسبب توسع الكون، يقول براين ياني Brian Yanny، وهو عالم في مشروع إدارة بيانات الكاميرا DES.
ويضيف:"انطلاقاً من ذلك يمكننا فهم ضخامة الفضاء وكيفية تأثير الطاقة المظلمة بحجم الكون من خلال درجة احمرار الأشياء".
المعرض الفني هو عبارة عن أكثر من مجرد صور لمجرة. هناك نسخة ثلاثية الأبعاد للشبكة الكونية جاءت من محاكاة حاسوبية. توجد أيضاً خارطة ملونة للمادة المظلمة وهي نتيجة المسوحات الفعلية التي أجرتها DES للشبكة الكونية بواسطة التعديس الثقالي-وهو تشوه يرى عندما يأتي الضوء من مجرة في الخلفية حيث ينحني عندما يلاقي جسماً كبيراً في طريقه إلينا.
يضيف ياني: "عند معرفة التفسيرات المخبئة خلف طريقة عمل الكون، ندرك وجود قوى هناك وهي التي تجعل من الكون مكاناً جميلاً". ويضيف أيضاً: "لقد فهمنا أن المادة المظلمة تتحكم بشكل المجرات الحلزونية، والتي تلتف بشكل متكرر وغير مستقر. دون المادة المظلمة ربما لم نكن لنختبر الكون بالطريقة التي نختبره بها الآن".
إضافة إلى صور DECam هناك صور ومقاطع فيديو مأخوذة بطريقة الانقطاعات الزمنية مأخوذة من مرقاب بلانكو والتي تثبت وجهة نظر أخرى للكيفية التي سيساعد بها البحث الفني باستخراج جمال الكون.
الصور [في المعرض في فيرميلاب خلال شهر أبريل\نيسان] جاءت من ١١ تعاونية لــ DES وجمعت على مدى الثلاثة مواسم الأولى لعمليات الرصد، والتي انتهت في فبراير\شباط. وستجمع الكاميرا DES بيانات لسنتين إضافيتين ابتداءً من أغسطس\آب وإلى فبراير\شباط.
يضيف نورد: "أتمنى أن تشكل الصور المأخوذة من الكاميرا والصور المأخوذة من الموقع مزيجاً بين وجهتي النظر".
ثم يُعقب: "في الخلاصة، الإنسان يتطلع إلى الكون والكون يتطلع إلينا".
